• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

هدايا الشتاء المرضية!

هدايا الشتاء المرضية!
زكريا الفاخري


تاريخ الإضافة: 3/3/2013 ميلادي - 20/4/1434 هجري

الزيارات: 6602

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

هدايا الشتاء المرضية

سأحدِّثكم - اليومَ - بخبري خلال الأيام الماضيةِ، وعن سؤالٍ طرحتُه على نفسي وأزعـمُ أني انتفعتُ به في حينهِ، ولعلَّ الله ينفعُ به من هم خيرٌ مني؛ ((فربَّ حامل فقهٍ لمنْ هوَ أفقهُ منه)).

 

إني - يا معاشر القراء - رجلٌ شتويٌ بطبعي؛ ففصل الشتاء يحتل مكانته الرفيعة في قلبي، وأخبِّئ له من الأشواق طيلة العام ما تحسُده عليه بقيةُ فصولِ السنةِ الأخرى، ولكن - للأسف - وكحال المُحبِّين مع أحبابهم - لا يـكاد يأتيك الوجع إلا منهم - فلا يأتي هذا الشتاء، إلا ويجرُّ معه من هداياه المرَضيَّة ما شاء الله أن يجرَّ؛ ولذا كنتُ كلما أَقبل الشتاءُ، أَدخُلُ في تحدٍّ مع نفسي، وأكتبُ وثيقة عهد ومبايعةٍ مع ملابسِه الثقيلة قبل قدومه، فصار حالي كحال العجائز؛ أوّل مَن يُشتِّي، وآخر مَن يُصيِّف، وعلى الرغم من كل تلك التحوطات لا يكاد يُغادر هذا الشتاء إلا وقد طَبعَ قُبلةً على جبيني! وأصابني من أدوائه ما أصابني!

 

قبل أيام أصابني مرضٌ خفيفٌ - وأؤكِّد أنه كان مرضًا خفيفـًا - ارتفاع قليل في درجة الحرارة، مغص في المعدة، بُحّة خفيفة في الصوت - فقط لا غير! ومع ذلك فقد أصابني من الهمِّ والغم ما أصابني، وكأن النَّفس كانت تتحيَّن هذا المرض حتى تلجأ للسكون والركون إلى مجريات الحياة!

 

أغلقتُ هاتفي، لزِمتُ فراشي، لا أكل ولا شرب ولا حتى قهوة، مع شعور نكديٍّ بعدم الرغبة في ممارسة أي شيء؛ فلا قراءة ولا كتابة - مع أن اليدين والعينين لم يُصبْهما مكروه - ولكنه الهم والغم الذي جرَّهُ مرضُ الشتاء قد عطـّل حاسة الاستمتاع بمجريات الحياةِ اليومية!

 

انقطعتِ الرغبة عن كل مرغوب، ولا يدور في ذهني سوى سؤالٍ وحيدٍ - وهذا بيتُ القصيد -: ماذا لو لم يكن من عذاب الآخرة سوى أن يُصيبني هذا الهم والغم الذي جرّهُ هذا المرض الخفيف خلال هذين اليومين، ولكن أبد الآباد؟!

 

ياااه! ما أتعسني ساعتئذٍ والله!

أقولُ هذا في مرضٍ خفيفٍ، فكيف لو كانت العقوبة في الآخرة ويوم القيامة بمرض خفيفٍ - أيضًا - ولكن أشد قليلاً؛ كألم ضرسٍ مُوجِع، أو أكثر وجعًا؛ ككسرٍ في عظْم يد - فقط - ولكن يكون الألم أبد الآباد؟!

 

إنه - والله - لعذابٌ شديد جدًّا، لو لم يكن إلا هذا!

 

على كل حالٍ سأعترفُ لكم: أني مُذ طرحتُ هذا السؤال المَرضيَّ على نفسي، فقد أصبحتِ الصلاةُ أكثر خشوعًا، وأن الاستغفار أضحى له طعمٌ لم يَسبِق لي أنْ تذوقته من قبل، وأن التسبيحة الواحدة أمست ثمينة كلما نَطَق بها لساني، وأن التهليل أصبحتِ النفس تستمتِع بتلفظه وتستحضر ما فيه من معانٍ.

 

هذا الألم المَرضيّ الشتوي خلَّف في نفسي هذا السؤال الراعب، وأنا أحمدُ ربي كثيرًا؛ أني لا زلتُ في زمن الإمهال على قيد الحياةِ؛ لعلي أتذكّرُ أو أخشى!

 

وماذا حالنا وحقيقة الأمر في الآخرة أنها جهنّم وما فيها من ويلاتٍ لا تساوي أمراضُ الدنيا مجتمعة منها شيئًا، مع انقضاء زمن الإمهال والرجوع؟ وليسَ يومئذٍ إلا عينُ اليقين أمام العبد ولا تنفع ﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا ﴾ [المؤمنون: 99، 100].

 

اللهم لا تعذِّبنا بذنوبنا، وتوفنا وأنت راضٍ عنا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة