• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

ثلاثية قصيرة (صغائر المعروف)

ثلاثية قصيرة (صغائر المعروف)
محمد صادق عبدالعال


تاريخ الإضافة: 5/2/2013 ميلادي - 24/3/1434 هجري

الزيارات: 5557

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ثلاثية قصيرة

(صغائر المعروف)


(1)

اجتياز

تعثَّر كهل في عبور الطريق، فلبِث مليًّا ينتظر قدوم ذلك المظفَّر المكلَّل بتاج الجرأة على اجتياز ذلك الممر الذي تكرُّ فيه السيارات كرًّا، وتفر فرًّا؛ لا ترى مدبرةً كانت أو مقبلة من رعونة سائقيها، ناهيك عن الفوضى وثقافة القوي مَن يغلب!

 

فجأة يجد يدًا تجاوز به الطريق، وتدفعه للمرور دفعًا، فيسرُّ لها، ثم ما أن انتقل للمقابل الذي كان يبتغيه أراد أن يشكرَ صاحب المثوبة من الله الذي فعل هذا من بين الكثير، الذين أنكروا المعروف إنكارًا، فوجده ضريرًا فتعجَّب وقال:

يا بني، ألا تدري حالك؟!

الرجل: يا شيخنا، إن لم يرحمِ الناسُ ضعفك وكهولتك، فليَرْحموا فقْدي نعمة الإبصار!

الشيخ الكهل: وإن لم يرحموا هذه ولا تلك؟

الضرير: فالقبر أَولى بنا.

الضرير: صدقتَ يا بني!

(2)

اعتزال

جمع الملك المخضرم صفوةَ مستشاريه، ومن هم أولو النُّهى بديوانه، وجعل الجلسة مغلقةً، والأبواب موصدة.

 

ثم أسرَّ إليهم قائلاً:

والله إني لأعلم بلوغي من الكبر عتيًّا، ومارست شهوة المُلك دهورًا وعصورًا، تعاقب عليَّ رعايا كثيرة، وإن لكل شيء نهاية، ولكل نبأ مستقرًّا، فما وجدت أنفعَ لنفسي من عملٍ يخلِّده لي الدهرُ ويحمَدُه لي الناس، فماذا تقولون؟

 

وقعت عيونُ الحضور على أكبر مستشاريه مقامًا وعُمرًا، فقال: والله إن ما دار بخَلَدك كان برأسي منذ زمنٍ بعيد، ولدي فكرة أرجو أن أكونَ قد أَصبت بها نفعًا.

 

الملك وقد أعاره انتباهًا: هاتِها ولا تضنَّ بها علينا.

 

المستشار الأكبر: نبني لك هرمًا عظيمًا، يُكنى باسمك، ثم يكون في طريق يتقاطع في المقبل والمدبر، والرائح والغادي، فيصير الهرم مَعلَمًا يهدي الناسَ لأي السبل يبغونها.

الملك: فكرة جميلة، لكنها ليست بمبتكرة، قديمة هي، فعَلها قوم آخرون.

 

يأتي دور الثاني، أوسطهم، يشير إليه الملك بالكلام:

الثاني: سيدي أتمنى لو تبني دارًا كبيرة في نفس المكان الذي اقترح علينا مستشارك ببناء الهرم المكنى باسمك فيه، ثم نعمد لمهرة الصنَّاع والبنائين، فيجعلونه غُرفًا تختص بحاجات الأيتام والأرامل والمساكين وعابري الطريق ممن انقطعت بهم وسائلُ السفر والزاد، وبهذا تكون مفخرة لِمَن يليك، وأسوة لمن يأتون بعدك في العطاء، وصدقة جارية لا تنقطع لك متى جحد الولد، وضاع العلم.

 

امتعض وجهُ الملك ثم واراه بابتسامة خفيفة وقال: مطروقة من قبلُ، مكلِّفة مجهدة لاقتصاد البلاد، فسكتوا جميعًا، ثم رفع رأسه ناحية الأخير، وقال:

بقي أنت، وإني لآخذ بمشورتِك أيًّا كانت.

الأخير: هلا أعطيتني الأمان!

الملك بترقُّبٍ: أعطيتك إياه.

 

الأخير: سيدي، إن الصيفَ لو طال بالناس ملُّوه وكرِهوا بقاءه، وتاقوا لرياح الخريف، حتى ولو أتت على يانعِ الأغصان وعتاة الأشجار، وما لها سوى أن تنالَ إلا من عقيم الشجر وقديم الغصون وباليها، وكذلك الشتاء لو سام الناسَ بقارص برده وشديد مطره لتمنى الناس فسحة الأمل في ربيعٍ تزهو له الأفنان، وشمس تخترق الأيك والآجام، ترعى جديد النبات، وأجنة الثمار، حتى تستمرَّ الحياة، وتلك خصيصة التغيُّر والثبات.

 

الملك: إذًا ماذا تبغي؟

المستشار الأخير بجرأة: اترك منصة الحُكم؛ فإنها معروفٌ سيحمَده لك التاريخ، ويذكره لك أولو الفضل، ويقطع على مُبغضيك فكرةَ إبرامِ الكيد بك، والله المستعان.

 

(3)

صغائر

دخلوا من باب واحد، فلم يلتفت أبوهم لتلك التي وصَّى بها يعقوبُ - عليه السلام - بنيه؛ جلسوا بين يديه فقال:

فليقصُصْ كلٌّ منكم ما أنجز هذا النهارَ من خير:

الأكبر: لم أفعل شيئًا يذكر؛ غير أني أمسكت بيد شيخ عبرتُ به الطريق، فدعا لي بالصحةِ والعافية، وتمنيت في نفسي لو كان في تلك الصغيرة من مثقال حسنة، فليقبلها ربِّي في ميزان حسنات أمي الراحلة.

 

الأوسط: ما أشبه الأوسط بالأكبر!

 

الأب: لكن، قل لي، أود أن أعلم.

 

الأوسط: أبصرت رضيعًا على صدر أمه يتأوه ويرمق قطعة حلوى في يدي يتمناها، لكنه لم يستطعْ أن يفصح، فهممتُ بها وأودعتها راحة يده، فكف عن البكاء، وتبسَّم، ودعت لي أمُّه بالستر؛ فتمنيت في نفسي لو كان في تلك الصغيرة من مثقال حسنة، فليقبلها ربي في ميزان حسنات أمي الراحلة.

 

ثم جاء دور الثالث الأصغر، فلما التفت إليه الأب راح يضحك، فقال الوالد: علامَ الضحك يا أصغر إخوانك؟

الأصغر: لأني لا أدري إن كان خيرًا قدَّمتُ أم شرًّا اقترفت!

 

الأب: إذًا قل لي ولنَحْكُم.

الأصغر: رأيت ولدًا عاصيًا يعنِّف أمَّه حتى أبكاها؛ فتذكرت على الفور أمي، فلطمتُه على وجهِه فخرَّ على الأرض، فانطلقت أمُّه تضمُّه إليها، ثم التفتت لي قائلة: حرام عليك.

 

فقل لي: خيرًا أنجزتُ أم شرًّا يا أبتِ؟

نام من ليلته الوالد فرأى زوجه وأمَّ بنيه في أسعد حال، فقال لها مبتسمًا: أرأيتِ صنيعَ الأولاد يا أم الأولاد؟

الأم مسرورة: صغيراتٌ، صدقت نواياهم بها، فتعاظم على اللهِ ألا يسعدَني بها.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- رائع
أحمد أبواليزيد - مصر 02-04-2014 12:46 AM

بارك الله في قلمك.

1- روعه
محمود الشامي - مصر 05-02-2013 03:09 PM

روعه
ما شاء الله

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة