• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

رجل اسمه زينة

خالد الطبلاوي


تاريخ الإضافة: 8/1/2013 ميلادي - 25/2/1434 هجري

الزيارات: 4745

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رجل اسمه زينة


سكون رهيب أحاط بجِلسة الإفطار الجماعية في الصباح الباكر، قبل أن تُطِل الشمس بوجهها الجميل، وتقبِّل رؤوسهم بأشعَّتها، هي طقوس متَّبعة في عائلة "سماره" التي تجمَّعت وتقوقَعت فيما يُشبه القرية الصغيرة أو القبيلة، وما ألجأها إلى هذا المكان البعيد عن قريتهم الأصلية إلا نظرات الاستهجان والاحتقار، التي تنبَعث كالسهام من أعين أهل القرية، تتَّهِمهم بالتقصير في الأخذ بثأر أخيهم، الذي ضاعت دماؤه هدرًا بسبب اكتفائهم بالحكم الصادر ضد القاتل، وهو السجن لعدة سنوات؛ حيث استطاع محامي القاتل أن يُثبِت بكفاءته أن القتيل مات أثناء مشاجرة مع القاتل.

 

مشاجرة مع القاتل!

يا حزنك يا زينة! ومشهد قتْل زوجك لا يُفارق عينيك؛ بل كِيانك كله، كيف تنسين منظر الثلاثة الذين قتلوه على مدار الساقية حين قام اثنان منهم بشد وَثاقه، وأخذ الثالث يطعنه في صدره حتى فارَق الحياة؟!

 

صوت من أعماق النفس كان لا يُغادِر مسامع قلبها ليلاً ولا نهارًا، وتحوَّل إلى همٍّ وكابوس وهاجِس لا تستطيع طرْده؛ رُغم صمتها الطويل من أجل صغارها.

 

ولكن ماذا يفعل الصمت، وقد بدأت الأسئلة تُطارِد الصغار ليُطارِدوا بها أمهم؟!

 

♦ الأولاد يقولون لنا في المدرسة: صحيح عائلتكم الكبيرة ليس بها رجل ليأخذ بثأر أبيكم؟

 

سؤالٌ مرٌّ زادت مرارته بقرار الكبير بيع الديار والأراضي، وشراء أراضٍ أخرى في الأطراف للسكن والزراعة، هو مكان جديد وجميل في أعين الجميع إلا هي وأولادها الذين أحسُّوا بالضياع، كان حوار الصمت بينها وبين رجال العائلة ينتهي بأن يخفض الواحد منهم رأسه ويمضي من أمامها.

 

الآن استقرَّت حالة العائلة الكبيرة في المكان الجديد، وتوسَّعت في شراء المزيد من الأراضي بعد أن أفرغوا جميعًا هَمهم وغمَّهم في العمل والاجتهاد حتى صاروا من أكبر العائلات امتلاكًا للأراضي.

 

مازال السكون يُخيم على جِلسة الإفطار ذات المنظر الرهيب، أكثر من مائة نفس يجتمعون على الإفطار في "الوسعاية" الكبيرة التي تتوسَّط منازلهم تحت تكعيبة العنب، الكل في انتظار إذن الكبير للبَدء، والكبير لا يبدأ حتى يطمئن إلى حضور الجميع:

♦ محمد وعياله.

♦ حاضرين.

♦ عبد الصمد وعياله.

♦ حاضرين.

♦ شوقي وعياله

♦ حاضرين.

♦ أولاد المرحوم وأمهم.

 

لا شيء غير الصمت يُجيب، الكل ينظر إلى باب بيت زينة وأولادها، يَستطلِعون رؤيتهم وهم لا يَدرون ما عاقِبة بكائها طوال الليلة الماضية، وترديدها لأهازيج حزينة تُنادي بها زوجها الفقيد:

♦ يا حزني يا مقتول

♦ من راح (يجيب) حقك

♦ الكل خاف (م الغول)

♦ وتنازلوا عن دمك

 

ذكَّرهم هذا العويل بتهديدها الذي ردَّدته منذ سنوات قبل أن تدخل في صمتها المريب بعد الانتقال إلى الأراضي الجديدة، البعيدة عن أهل القاتل وأهالي القرية؛ حتى إنهم منعوها من نزول السوق؛ لأنها كانت تُرسِل الرسائل الشفهية مع بعض نساء القرية إلى نساء عائلة "أبي حيف":

♦ اطمئنُّوا الدم لا يسوس أبدًا، ودم زوجي فائر حتى يأخذ حقَّه.

 

فقد كان يَعقُب مِثل هذا التهديد اجتماع لجنة الصُّلح التي تدخَّلت لمنع تجدُّد الفتنة، وحضورهم إلى عائلة "سماره" للتحقيق في هذا التهديد، ثم ينتهي الأمر بعد أيمان مغلَّظة من الكبير أنه مجرد كلام نسوان، وأنه لم يعلم بشيء من ذلك.

 

طال الانتظار الممزوج بالصمت حتى قطعه صوت فتح الباب كأنه بكاء وعويل؛ ليخرج الأولاد ثم تعلو شهقة جماعية حين رأوا من ظنوه رجلاً يخرج في أعقابهم يحمل على كتفه بندقية، ويلبس ثيابًا عليها آثار دماءٍ قديمة، وقد حلق شعر رأسه وصبغ وجهه بالسواد .

 

ثم لم تأتِ الظهيرة إلا وقد شاعت أخبار مقتل ثلاثة من عائلة "أبي حيف" واثنين من عائلة "سمارة" خلال تَبادُل لإطلاق النار.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
3- أكيد
ندى الريحان - الجزائر 10-01-2013 05:40 PM

السلام عليكم
أكيد أخي الكريم فالقصاص يبدأ صغيرا على مستوى الأفراد لينطلق كبيرا على مستوى الجماعات والدول
والأحرى بنا نحن المسلمون أن نسعى لترسيخه
ولعلك سمعت مؤخرا أخي خالد عن قصة الفتاة الجزائرية ذات ال8 سنوات التي اختطفت من امام بيتهم ثم عذبت واعتٌدي عليها وتركت مرمية على حافة الطريق بلا حياة
بالله عليك هل تقنعني أن نترك قاتلها حيا
كل الشعب الجزائري اليوم يطالب بإعدامه ولكن للأسف توقف تطبيق الإعدام في بلادنا منذ 1994
والله إني أنا من لا تعرفها البتة كلما ذكرت قصتها تنتابني قشعريرة وأتمنى لو أعدم قاتلها في ساحة عمومية على مرأى العالم أجمع وليقل متفيقهو جماعات حقوق البطيخ ما يقولون

بارك الله فيك على تناولك للموضوع

2- نعم القصاص على مستوى الدول والأفراد
خالد الطبلاوي - مصر 09-01-2013 12:53 PM

نعم أختي الكريمة ندى الريحان
وهذا ما يحدث أيضاً على مستوى الدول ، حين تعتدي دولة مثل أمريكا أو إسرائيل على دولة مثل أفغانستان أو فلسطين، وتهضم الحقوق وتُقتل الملايين، وتخرب البلاد، ثم لا شيء بعد ذلك.
وحين يقوم الأحرار من هذه الدول بالجهاد المشروع يسمونهم الإرهابيين
أليس ذلك ما يحدث على المستوى الدولي؟!

لقد خسر العالم كثيراً بانحطاط المسلمين وتركهم الدفة لمن لا يعرفون الله
بارك الله فيك

1- ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب
ندى الريحان - الجزائر 08-01-2013 06:53 PM

منذ أن ابتعدنا عن تطبيق شريعنا الإسلامية وحدودها العادلة في حق كل مجرم سولت له نفسه قتل النفس التي حرم الله, كثرت النفوس المريضة التي نهشتها نار الانتقام وهي ترى يديها مكبلتين وقاتل عزيزها يصول ويجول
من أين أتوا بهذه القوانين الوضعية التي تكتفي بكم سنة سجن يقضيها القاتل واكل شارب نايم ثم يخرج وكأن شيئا لم يكن ويمكن حتى أن يقول أنه تاب إلى رشده واستغفر ربه
لا وألف لا القصاص القصاص

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة