• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

أم وكفن (قصة قصيرة)

فارس عبدالله سلمون


تاريخ الإضافة: 17/11/2008 ميلادي - 18/11/1429 هجري

الزيارات: 9829

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
إلى الذين قضوا شهداءً لنحيا حياة الكرماء...
 إلى كل المجاهِدات المرابِطات الباسلات....
 إلى كل مَنْ قدَّموا الأرواح رخيصةً في سبيل (حي على الفلاح).

هناك؛ في وسط القرية الجميلة، كان يقبع بيت صغير متهالك، أتعبه الفقر، وأثقَلَتْه الهموم، وصدَّعت جدرانه الأحزان، وأضعفت أركانه الوحدة، ولكن ذلك كله لم يكن ليمنع الجمال من حوله؛ حيث الجدولُ ينساب رقراقًا كأنه الفضة، وأشجار الزيتون يفوح عبيرُ أزاهيرها، وشجر التين يظلِّل المكانَ كما الغيمة في كبد السماء. كانت العصافير تحلِّق في جوِّ الفضاء مزقزقةً، والبلابل تتراقص على الأغصان مغرِّدةً، والورود ترصِّع البساط العشبي الأخضر كالياقوت في التاج.

هناك؛ حيث تفوح رائحة التنانير صباحَ مساءَ، لتفوح معها رائحة الأمل والرجاء من بيت أم جهاد، رائحة الأمل في أن يكبر ولدها جهاد، الذي ربَّته كأحسن ما تربِّي أمُّ ولدَها، ورائحة الرجاء في أن يغيِّر وحيدها حياتها من البؤس والشقاء إلى الراحة والرخاء.

أم جهاد، تَيْكُم المرأة التي طالت يدُ الغدر زوجها يوم حاصر اليهود الصهاينة قريتهم، فقتلوا مَنْ قتلوا، وأسروا مَنْ أسروا، وصوَّبوا بنادقهم الغاشمة إلى شباب القرية، لتخرج الرصاصة مسرعةً، باحثةً عن هدفها، لتستقرَّ في رأس زوجها نضال؛ فتعصف بحياته، وتقطف زهرة شبابه، وتقضي على مستقبل زوجِهِ أم جهاد، التي خلفها وراءه حاملاً بولدها جهاد.

وتوالت الأيام كأنها السنون، وتعاقبت السنينُ كأنها القرون، وشبَّ الفتى وشبَّت معه الحياة، وعادت بشبابه الرُّوح إلى الأم البائسة المسكينة، وكبر معه الأمل في أن يثأر الولد لمقتل أبيه وذَوِيه.

وأفضت الأمُّ إلى الولد بسرِّ مقتل أبيه، وأخذت تُزيد جرعةَ الكراهية والحقد في نفس شِبْلِها وقلبه على اليهود الأشرار.

وجعلت تترصَّد الفرصة لتنتقم لمقتل زوجها الشهيد نضال، ودقَّت ساعة الانتقام، وتسارعت عقاربها التي ما كان لتتحرك منذ عشرين سنة إلا على استحياء..

علمت الأم الحنون من بعض المجاهدين في القرية أن شِرْذِمَةً من أبناء القِرَدة والخنازير ستجتمع في إحدى صالات الأفراح، فتَتَبَّعَتِ الخبرَ لتتعرَّف الزمان والمكان، وبدأت تهيِّئُ نفسيَّة وَلدها، وتمهِّد للحَدَث الجَلَل الذي كانت تخطِّط له وتنتظره منذ عشرين سنة.

كانت تِلْكُم الأم العظيمة تنظر إلى ولدها في كلِّ لحظةٍ وهو يثب أمامها كأنه الليث الضَّروس نظرةَ وداع، والألم يعتصر قلبها، والأمل يشدُّ من عَزْمِها؛ فاليوم هو يوم تنفيذ العملية...

طلبت الأمُّ من جهاد أن يغتسل ويلبس أحسن حُلَلِهِ وأجملها، وبعد قليل مَثَلَ جهاد بين يَدَيْ أمِّه كما أمرت على أحسن ما يكون الشباب، أخرجَتْ طِيبها فطيَّبت وجهه وكفَّيه وركبتَيْه وقدمَيْه كأنه الحُنوط، وسرَّحت شَعرَه بيدها، ثم شدَّت على خصره الحزام بيمينها، وجَبَذَتْهُ بقوَّةٍ إلى صدرها، شمَّتْهُ، ضمَّتْهُ، عانَقَتْهُ، ولكنها لم تُظهِر ضعفًا، ولم تُرِقْ دمعًا، ثم قالت له: انطلق بنيَّ على بركة الله، فلا ألقاك إلا في الجنة.

قبَّل جهاد يديها ورأسها، وطَلب منها الدعاء، ومضى لا يلتفت وراءه؛ خشية أن يرى عينَيْ أمِّه فيضعف، وراح إلى هدفه لا يأبه بالموت الذي يتربَّص به..

مضت السُّوَيْعات - والأم تنتظر الخبر - كأنها الأعوام في طولها، وفجأة دوَّى الانفجار، وذاعت الأخبار بأن جهادًا قد قَتَلَ خمسةً من يهود، وجرح منهم الكثير، وقَلَبَ الفرحَ إلى أحزان، ومضى إلى ربِّه شهيدًا يُزَفُّ إلى الجِنان...

وقتئذٍ؛ انفرجت أساريرها، وانطلقت زغاريدها، ودَعَتْ ربَّها أن يتقبَّله في الشهداء...  
صَاغَتِ الأَشْعَارُ لَحْنًا        فَجَّرَتْهُ       الانْتِفَاضَهْ
لا تَقُلْ: مَاتَ  الصَّغِيرُ        إِنَّهُ     سِرُّ     الْوِلادَهْ
شَعْبُنَا  الْمِغْوَارُ  مَاضٍ        لَيْسَ    تُثْنِيهِ     إِرَادَهْ
بُورِكَتْ    أُمٌّ    تُقَدِّمْ        كَلَّ  طَفْلٍ   لِلشَّهَادَهْ





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
41- وطابت أنفاسكم
فارس عبد الله سلمون - الإمارات 05-02-2010 01:12 PM
إلى الأخت ساحرة القلوب
شوق الله نفسك إلى الجنة
وشكر لك وأعظم عليك المنة


إلى أخي أبي عبيدة بوركت وبوركت أيامك
وطبت وطابت أنفاسك
وجمعني الله بك تحت لواء الحبيب الأعظم
صلى الله عليه وسلم
40- طيب الله الأنفاس
أبو عبادة - الكويت 04-02-2010 05:01 PM
بارك الله بك يا أبا عبد الله
39- سبحان الله
ساحرة القلوب - عمان 02-11-2009 05:27 PM
ياسبحان الله
أنه هو الحي القيوم الذي يحي و يميت
إنها قصه من شكلها مشوقه
أسأل الله التوفيق.
38- شكراً أم عسير
فارس عبد الله سلمون - الإمارات 10-09-2009 06:40 PM
إلى أختي المكرمة أم عسير
جعل الله تعالى أمرك إلى تيسير
وحشرك وإيانا مع البشير النذير
أشكرك أختي الكريمة على تعليقك الطيب
وأسأل الله تعالى أن يرزقني وإياك ما سألتي
إنه ولي ذلك والقادر عليه
37- قصة رائعة
أم عسير - الإمارات 12-08-2009 06:14 AM

ما شاء الله والله إنها قصة عجيبة
نسأل الله أن يرزقنا الشهادة في سبيله

36- شكراً أبا أحمد
فارس عبد الله سلمون - الإمارات 02-06-2009 12:57 PM

بداية أعتذر إلى الأخ أبي أحمد الحمصي فإني لم أقرأ تعليقه القيم إلا الساعة
ثانياً أشكره شكراً جزيلاً على هذا التعليق القيم الذي أفادني كثيراً
ثالثاً أشكر كل من قرأ هذه القصة من الأخوة والأخوات سواء منهم من أكرمني بتعليقه أو من نحلني دعوة في ظهر الغيب ..
وأقول لهم جميعاً ما هذه القصة والتي قبلها الموسومة بـ (فرحة أم) إلا محاولة قلم من كاتب مبتدء
لكم شكري وحبي وتقديري ودعواتي

35- بارك الله فيك لغتك رائعة
أبو أحمد الحمصي - حمص 07-01-2009 07:25 PM
لغتك يا أخي رائعة جدا تنم عن تذوق رفيع للغة الضاد وعندك صور جميلة
وقد أجاد الإخوة قبلي وأفادوا وإن كنت أعتب على المبالغة في المديح
وأرغب بتغيير الموجة قليلا لأنني أعتبر الكلمة مسؤولية
أرجو مراعات الحبكة ((فالقصة من بدايتها أظهرت نهايتها ))ففقدت عنصر التشويق فجمال القصة بتشويقها وشدها للقارئ إلى آخر كلمة في القصة
((وكبر معه الأمل في أن يثأر الولد لمقتل أبيه وذَوِيه))
شعرك رائع وأجمل بيت أعجبني معناه العميق:
لا تَقُلْ: مَاتَ الصَّغِيرُ إِنَّهُ سِرُّ الْوِلادَهْ
أرجوك يا اخي ان تتحفنا بالمزيد مما يخطه يراعك
34- بطاقة حب
فارس عبد الله سلمون - الإمارات 06-12-2008 12:14 PM
إلى أخي الحبيب أبي الخطاب الحمصي
بارك الله فيك , وجزيت الجنة..
صدقني أخي الحبيب أني لم ألحظ الأخطاء وأنا أقرأ التعليق ؛
لأني لم أكن أقرأ تعليقكم بعين رأسي , بل بعيون قلبي ..
شكراً لك حبيبنا
وإلى لقاء قريب
33- أسف
أبو الخطاب الحمصي - الإمارات 05-12-2008 11:32 PM
أسف على تلك الأخطاء أخي الحبيب بسبب السرعة وعدم التدقيق قصتك أشغلتني وفقك الله
32- الخنساء
أبو الخطاب الحمصي - الإمارات 02-12-2008 02:23 PM
هي بكل صراحه،خنساء العصر أم الإراده
ربت وعلمت وقطفت ثمار حبها من غير نياحه
كبرنا ولكن أمنا غائبة عن الساحه
ليتنا وثبنا أمامها وليتها رأت فينا العزم والإراده
أماه لا تحزني فنحن ليوث ولكن الزمان كسر أنيبنا
فغدونا كما تشاهديننا ليوث تحت الرماد بيوتنا ...................................
سدد الله خطاك وإلى الأمام دائما
ونفع الله بك وأنا بانتظار الجديد منك
1 2 3 4 5 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة