• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر


علامة باركود

قلب نقي ومطر

سعد عبدالرحمن صالح الراوي


تاريخ الإضافة: 8/4/2012 ميلادي - 17/5/1433 هجري

الزيارات: 4804

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وبزغَ فجرُ يوم جديد، على القريةِ الصغيرةِ السَّاكنةِ المُجْدِبة، وبدأَتْ حركةُ الناسِ في شوارِعِها الضيِّقة، فهذا عبدُالرحمن، وذاك عليٌّ، وأولئك: حسَن وعُمر وقاسم، وهم يَمْشون بخطًى ثَقيلة متَّجِهين إلى مَزارِعِهم التي بذَروها منذُ فترةٍ ويَنتظرونَ سقوطَ المطَر، ولكن لا مطَر، على رغم تضرُّعهم ودُعائهم إلى الله - سبحانه وتعالى - واجتماعهم خارج القرية، وأدائهم صلاةَ الاستِسْقاء مع شيخِ مسجد القرية، وتوَسُّلهم وتضرُّعهم إلى اللهِ تَعالى بالأعمَالِ الصَّالِحة، ولا مطر.

 

في عصرِ ذلك اليومِ جاءَ الطفلُ محمد، اليتيم ذو السبعِ السنوات راكضًا إلى أمهِ الجالسةِ على (ماكينةِ) الخياطةِ القديمةِ، وهي تخيط لبعضِ نساءِ القرية، وقفَ أمامها وهو يلهث:

 

• أُمِّي، أمي، لقد رأيتُ عند أبي على صاحب الدُّكان الصغير مظلةً صغيرةً ذات ألوانٍ زاهية، أريد أن تَشْتريها لي؛ لأتباهى بِها أمام أصدقائي في المدرسةِ والقرية.

 

رفعَتْ أمُّ محمدٍ رأسها وصاحتْ وهي غاضبة:

• كيف أشتريها لك وأنت تَعْرف أنَّ المالَ الذي أَكْسبه لا يَكاد يكفيني وإيَّاك لشراءِ طَعامنا وملبَسِنا، والأهَمُّ من ذلك: أين المطَرُ وأنتَ ترى جميع أفراد القَرْية - رِجالهم ونِسائهم، شيبهم وشَبابهم - يتضَرَّعونَ إلى اللهِ - سبحانهُ وتعالى - بأن يُنْزِلَ المطرَ، ولا مطَر.

 

هنا بدأَتْ دموعُ محمد تَسْقط من عينَيْه الزَّرقاوَيْن، وأخذَ يتوسَّلُ بأُمِّهِ كي تشتري له المظلَّةَ، وأمامَ توسُّلاتهِ ودموعهِ الغالية، احتضنَتْ الأمُّ ولدَها الوحيد، وقالتْ:

 

• أمري إلى اللهِ، سَوْف أشتريها لك مِن المالِ الذي ادَّخرته؛ لأشتري لك حذاءً جديدًا.

 

أخذَتْ أمُّ محمدٍ بيدِ ولدها، وسَارا معًا إلى دكَّانِ أبى علي، وفي الطَّريق قالت له: سوف أشتري لك المظلَّةَ؛ على أن تَعِدَني بألا تستخدمها إلاَّ عند سقوطِ المطَر، وبدون تردُّدٍ ولا تفكيرٍ، وعدَها بذلك، وهكذا عادا، وبِيَد محمد المظلَّة التي حلم بها.

 

انتظَر محمَّد يومًا، يومين، أسبوعًا... ولا مطَر؛ فلا مظلَّة كما وعدَ أمَّه، أراد محمدٌ من أمِّه أن تعفيه من وعدِه، إلاَّ أنَّها أصرَّتْ وطلبَتْ منه الالتزامَ بالوعدِ، فخضعَ على مضضٍ.

 

في يومٍ كانت الأمُّ منهمكةً في أعمالِ المنزلِ، جاءَ محمدٌ يركضُ وينادي أمَّه ويقول:

• أمي سوفَ تمطر، سوفَ تُمطر.

 

نظرَتْ الأمُّ إلى ولدِها مشدوهةً، هل أصابَ ولدَها مسٌّ من الجنون؟ هل بدأ يَقْرأ الغيبَ؟ ولا يعلمُ الغيبَ إلاَّ الله، وقبل هذا وذاك لا توجد غيومٌ في ذلك اليوم!

 

• كيف ستُمْطر يا محمد؟!

 

ردَّ محمدٌ وبكل ثقةٍ:

• نعم سوف تمطر.

 

• كيف يا محمد؟!

 

• اليوم وفي درسِ التربية الدينيَّةِ علَّمَنا الأستاذُ عبدُاللهِ صلاةَ الاستسقاءِ، وسوف أُؤدِّيها وسترَيْنَ يا أمِّي؛ فإنَّ الله لا يَخْذلني وسوفَ تمطر، وأستخدمُ المظلةَ.

 

هنا ضحكت الأمُّ من كلِّ قلبها، ضحكةً لم تضحَكْها منذ وفاةِ زوجها، وتركها وحيدةً مع محمدٍ تُكابدُ صعوبةَ الحياة.

 

لاحظَ محمدٌ ضحكةَ أمِّهِ، فردَّ وبإصرار:

• سوفَ ترين، سوفَ ترَيْن.

 

أخذت الأمُّ تراقبُ ابنَها وهو يتوضَّأ، يفرشُ السجَّادةَ، ويصلِّي صلاةَ الاستسقاءِ بقلبِ مؤمنٍ خاشعٍ نقي، ويقول: "اللهُ أكبر"، وكأنَ الملائكة تقولُ معه: "الله أكبر"، ولم يُكمِلْ محمدٌ صلاته، إلاَّ وقدْ نزل المطَر!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة