• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

من أحاديثهن

سعيدة بشار


تاريخ الإضافة: 18/3/2012 ميلادي - 24/4/1433 هجري

الزيارات: 4896

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اتَّفقتا على القول: "علينا أن ننسى؛ لكي نمضي، إنَّنا نُحمِّل ذاكرتنا أكثر مما تُطيق، علينا أن نتخلَّص من الكثير من الذِّكريات؛ لكي نعيش".

 

أتساءل: هل هذه النَّظرية صحيحة، أو أنَّها عذرٌ نقدِّمه لأنفسنا؛ لنخفِّف عنها وطأة الخيبة التي تصيبها بعد كلِّ كبوة، أو فشلٍ أمام تحدٍّ كان عليها أن تطير فوقه؟ لا أدري... أحتفظ في خزانتي بكرَّاس الذِّكريات الَّذي تحمل أوراقُه بين طيَّاتها مشاعرَ من أحببتهم وتمنياتهم، وسمحت لهم أن يضعوا بصمتهم في ذاكرتي، أحتفظ في هاتفي برسائل كثيرة أثَّرت فيَّ يومًا إيجابًا أو سلبًا، وتحمل مُذكراتي تفاصيلَ كثيرة لأيَّام وأعوام مضت، أحتفظ بها لتُسعفني يومًا تفاصيلُها المسجلة بما أُسقط من ذاكرتي عمدًا أو سهوًا... هل صحيحٌ أنَّ ذاكرتنا المحمَّلة أفراحًا ومآسي وتفاهاتٍ أخرى تعوق حركتنا نحو المستقبل؟!...

 

أنْ أحذفَ رسالةً من هاتفي، أو ورقةً من مُذكراتي يعني لي أنِّي قتلت أصحابَها بشكلٍ من الأشكال، أو أنِّي أزحتهم إلى الهوامش؛ ليصبحوا لا شيء، قالتا: "ما يؤثِّر فينا فعلاً نحتفظ به في قلوبنا، ولا نحتاج لتدوينه لنذكره"... ربما!

 

"نحن لا نُشفى من ذاكرتنا، ولهذا نحن نرسِم، ولهذا نحن نكتُب، ولهذا يَموت بعضنا أيضًا"[1].

 

ويبقى التَّساؤل: ماذا يبقى من أعمارنا الَّتي سنقضيها إن نحن تعوَّدنا أن نمحوَ من ورائنا كلَّ عبق الماضي بكلِّ هالاته؟ وماذا عسانا نُقَدِّمه لمستقبلنا إن نحن أسقطنا كُلَّ ما فات من تجاربنا... وإن نحن لم نشفق على ماضي ذواتنا، فكيف سنرحم تاريخنا؟... سننساه يقينًا، ومعه الأندلس، وفلسطين، والعراق، وأفغانستان، وكلّ أمجادنا، فكلُّها على أيَّة حال جزءٌ من ذاكرتنا الماضية.

 

قالت وهي تُحاول أن تقنع نفسها: "سأتصالح مع ذاتي، ولن أكلِّفها فوق طاقتها، حمَّلتها من الكآبة ما يكفيها وزيادة، لن أقارنها مع غيرها، ولن أعذِّبَها بإنجازات منافسيها... ما عادت تحتمل، وما عدت أطيق".

 

أتساءل: كيف سنتصالح مع ذواتنا، ولم نتصالح بعدُ مع خالقنا؟!

 

جمعتهن الخيبة بعد عمرٍ طويل؛ ليكتشفن بعد أن فات الأوانُ مرارةَ الحقيقة، نشرتها إحداهن على بساط الوجع:

• لم يتركوا لنا مجالاً لنفرح بخلقة ربِّنا، جعلونا نكره جنسنا رغمًا عنَّا، لنكن ما شئنا، ولنبلغ أي فضاء يستهوينا نظلُّ رغم عدالة الخالق جنسًا من الدَّرجة الثَّانية، وأحيانًا أخرى من الدَّرجة الثَّالثة!

 

لماذا؟ ما أوجعه من ظلم!

• تُقبر الأحلامُ فينا وأْدًا عند الميلاد، فإذا نجت من الوأد تلقتها خناجر الأعراف الفاسدة؛ لتكتم أنفاسها غصبًا، والنَّاجيات القلائل يدفعن ضريبةَ البقاء إلى نهاية العمر عذابًا واستغلالاً وإرهاقًا ومرضًا وحسدًا وهجرانًا.

 

ما أعظمها... عدالة البشر!

لم يكن للقائهن تلك المرَّة أيُّ ذوقٍ للفرح، ولا عبقٍ للأمل... كان نشرة للألم، ومتاهة للحيرة والسَّأم... كان من الممكن أن يكون غير ذلك، لكن تضافرت المآسي لترسم لوحةً متعالية عنوانها: "الانكسار والألم".

 

كم هو مؤلِمٌ اكتشاف الحقائق بعد فوات الأوان!!

 

نابت إحداهن عن الأخريات لتُعبِّر عن الهمِّ المشترك:

• لم تشفع كل الأعذار لإخماد العواصف العابثة، استمر هديرها؛ ليقتلع بقيَّة الجذور العالقة... حين تسقط النَّار على بحرٍ من الماء تخمد على فورها، وينتهي اشتعالها، أمَّا إذا سقطت على حريقٍ مشتعل، فإنَّها تستعر أكثر فأكثر، ويزداد لهيبُها لتلتهم كلَّ ما تقابله في طريقها، وكثيرًا ما لا تتوقَّف حتَّى لا تجد ما تحرقه، وتُخلِّف وراءها أطلالاً متفحمة، وقلوبًا مذبوحة لا يُرجى انبعاثها... ما أشدَّ وقْع الكلمات القاتلة!

 

أعلنت دون سابق مقدِّمات:

• يترك فينا كلُّ موتٍ مشاعِرَ للحزن، وأخرى للدَّهشة والحيرة، فنتساءل عنه، ودون شعور منَّا نقيسه على ذواتنا... ماذا عنَّا؟ ماذا لو أنَّ الأمر كان يعنينا؟ ماذا قدَّمنا؟ وماذا تركنا؟ وبأيِّ وجه سنلقى ربَّنا؟

 

وتعصف بنا كلُّ الأفكار حينًا إلى أن يغمرنا النِّسيان كعادته، ونَمضي في دوَّامة ما كنَّا فيه إلى أن يحين دورنا... أيضًا، ونُصبح مثارًا لتساؤلات غيرنا!

 

ولكن أعلنت أخرى:

• أحيانًا تصبح الحياة كابوسًا مرعبًا، ويصبح الموتُ هو الخلاصَ المنتظر.

يا لها من مفارقات عجيبة!

 

• "الجميلة والوحش"... كم هو عنوانٌ مناسب لذواتنا! في عُمق كل واحد منا جميلةٌ ووحش لا يُحبُّ أحدُهما الآخر بالضرورة، يتصارعان كثيرًا، ويتصالحان أحيانًا، ودون أن يعلنا ذلك... يخطط كل واحد منهما للقضاء على الآخر.

 

• جمعت شتات شجاعتها المبعثرة، وتحاملت على نفسها لتصدق كلماتها: لولا الشجاعةُ ما عشنا، وما تحركنا وما تقدَّمنا، مضطرون لأن نحيا، مجبرون على الحياة... إجبارًا لا بطولة.

 

• مبرمجات نحن منذ الميلاد على الهوان، على قبول أية حياة، على التضحية في سبيل الآخرين، وقبول خيانتهم مهما عظمت، والصَّمت ذلاًّ وعن طواعية... ثم يتساءل مَن لا تزال فيه بقية عقل وعدل: ما بالُ الأمة العزيزة ذليلة؟ ما بال الهوان يسكن أرجاءها؟ ما بال خير أمة أخرجت للناس تتقاذفها الأرجل؟... يا بقية العقل والعدل... هذا من ذاك!

 

• صحيح أن الله لا يكلف نفسًا إلا وُسعها... أما ما فوق الوُسع، فقد تكَفَّل به ظُلم البشر.

 

• علمونا منذ الميلاد وقبل الشهادة أنْ لا حياةَ دون الكتب والأوراق والأقلام... أقررنا... وشهدنا على ذلك سرًّا وعلانية... وضعونا في مضمار السباق معهم، وأشعلوا فينا فتيلَ السباق... سباق ما كان عادلاً، ولا نزيهًا... كان لهم كل شيء باسم الرجولة، باسم الأعراف، باسم الدين...

وحرمنا من كل ذاك الكل... وطال بنا الطريق، وحُمِّلنا فوق الطاقة بكثير...

وخسرنا السباق... وما من ملام غيرهن.

يا بقية العقل والعدل... رفقًا بالقوارير.


[1] أحلام مستغانمي، ذاكرة الجسد.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- حقيقة
صفية - الجزائر 16-05-2013 01:25 PM

أثرت فيَّ بحق.. كتابة في المستوى.. أسلوب وبلاغة وتعبير ودقة وصف وأخلاق.. رفقا بالقوارير.. تحدينا .. تألمنا .. تعبنا

1- راق لي : )
مريم مطر الشِّلوي - المملكة العربية السعودية 06-04-2012 02:07 AM

رائع اختيارك..ولاسيما كلمات ^ أحلام ^ يلامس شغاف القلب..والعقل !
وهذه أحاديثهن..وماتحتمله صدورهن..من منغصات تضيق بنبضاتهن!
ينقصهن بعض الأمل..والتفاؤل..
أشكرك أستاذة : سعيدة : على حسن اختيارك الذي راق لي..
دمت بوداد..

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة