• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

أنين الذكريات (قصة قصيرة)

أنين الذكريات (قصة قصيرة)
د. طارق محمد حامد


تاريخ الإضافة: 10/3/2012 ميلادي - 16/4/1433 هجري

الزيارات: 15517

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أنين الذكريات

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة)

 

يَتسلَّل الغُروب شيئًا فشيئًا، جاثِمًا بِظُلمته على الصُّدور، يُخالِط بِظُلمته الذِّكريات تئنُّ بأنينه، ومِنْهما يتَعالَى مدٌّ هادرٌ مِن الذِّكريات، كأنَّهما معًا طوفان يَقْتلع في سيله الجارف كلَّ الجذور من على وجه الأرض، يَقْتلع الماضي، ويُشوِّه الحاضر، ويَمْسخ الهُويَّة، صرخات تَميد من هَولِها الجبالُ كأنَّها صيحة الموت، كلُّ شيء يَسْمعها إلاَّ الغارقون في لَهْوهم وملذَّاتهم، واللاَّهثون وراء نزواتِهم، يركلون بأرجُلهم كلَّ شيء جميل في حياتنا، وعلى عكَّازه يتوكَّأ رجلٌ تُوحي قسماتُ وجهه بالمُعاناة والمكابَدة في دنياه، ويرسم صورةً بائسة لأبناء جيله وجلدته، يَمَّم وجهه تِلْقاء مسجده الأسير، وجهه الَّذي خطَّ فيه الزمنُ خطوطًا من الأَسى والألَم، ممزوجًا بذكريات الطُّفولة الحالمة والشَّباب المتوثِّب، والتي تحطَّمَت على آلة الصَّلف والغُرور من عدوٍّ لا تتَّضِح مَعالِمُه، يتشكَّل ويتلوَّن كالحية الرَّقطاء، تتخفَّى خلف الغُصون، وتلدغ في مقتل، وعدوٍّ آخَر هو في الأصل أخٌ وصديق، يتلوَّن هو الآخر كقوس قزح، يُمْطِرنا أحيانًا بِنَوء، وأمطارٍ حمضيَّة تحمل في قطراتها المرضَ الخبيث، سرطان يتسلَّل كالليل، ينشر المرض في كلِّ جزءٍ من الأمة كلها، يجعل الأصدقاء فُرَقاء، والإخوانَ أعداء، بأسُهم بينهم شديد، يَصْنع جدارًا فولاذيًّا بين كلِّ أخٍ وأخيه؛ كالسجَّان بين كلِّ زنزانة وأخرى قضبانٌ حديديَّة، تحبس خلفها كلَّ قيمة، تحبس خلفها كلَّ رابطةٍ وذكرى، وتَتْركها صرعى كأنَّها أعجازُ نخلٍ خاوية، تتركها للأنين والحنين.

 

ظلَّ العجوز يتوكَّأ طيلة الليل، يَنْكفئ أحيانًا، ويقوم ويسقط في حفرةٍ أحيانًا أخرى، يصرخ ويستغيث ولا مُجيب، تتَكالب عليه الهوام؛ لِتَفتك به، وهو يَصْطرع وينكفئ، تتقاذَفُه رقاق الظُّلمة وغِلاظُها، مَن يراه يتصوَّره مسًّا من الشيطان، وفي خِضَمِّ هذه النَّوبات المتلاحقة من التخبُّط الممزوجة بأنين الذِّكريات، طفل وطفلة يَحْملان شمعةً تَحْمل في طيَّاتِها الحلم والعِلم، تحمل في ضوئها الأملَ والعمل، تحمل في نعومة شحمها الرِّقة والشفقة، أضاءا الطريق، اهتَدى بهم العجوز، تآخَى عليهم الفُرَقاء، وحادي الدَّرب إيمانٌ ويقين، وتِرْياق في الضمير، زحفَ الجميع تلقاء مسجدِهم الأسير، أزالوا الغشاوة من على العيون، أزالوا حواجزَ وتُرَّهات السُّكون، زحَفوا في هدوء، وصلَّى بهم طفلُ الأمس الذي أضاء الطَّريق، صلَّى بهم صلاةَ شُكرٍ ورجوع، وتحطَّمَت على آهات الشَّوق أنَّاتُ الذِّكريات، وفاضَت العبَرات، وخفَقَت القلوب، واحتضنَ الجميعُ الجميعَ، واحتَوانا المسجد، والكلُّ لله يَسْجد ويُسبِّح.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- نبراس الهدى
محمود صالح - مصر 23-12-2012 12:54 AM

ما شاء الله تبارك الله فيك دكتور طارق أرشدك الى طريق الهدى و سدد خطاك إلى طريق الحق وجعل أعمالك هذه نبراسا يسير على ضوئه كل من عتمت عيناه بضلال وسدت أذناه ببغي وجعله في ميزان حسناتكم إن شاء الله

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة