في دمشق تفوح روائح الشهداء

(في دمشق تفوح روائح الشهداء)

في دمشق صرخةُ المستغيث

كهلٌ نضح جبينهُ عرقاً

غيرَ العرق..

واغتسلتْ يداه من همومِ البيت

ومِن فقره

من مدارس الأولاد

من ثمَن الدواء

وقماشٌ أبيض

يلفُّ جسدَ صبيٍّ

أو شابٍّ بسيط طلَّق الدنيا

مكتوب عليه:

قربانُ الحرية

دمُ البسَطاء

في دمشق بنتٌ تطاردها الضباع

من شارعٍ لشارع

تستعطف جلاَّدها

وجلاَّدُها موغلٌ في حقده

يقلِّب سكينه الجبان

المليءَ بالدماء

في دمشق عجوزٌ مستند إلى الجدار

يضرب كفًّا على كفٍّ

كُشفت وجوه الغدر..

لا وطن، لا جولان

لا حربَ على بني صهيون

كلُّه أفيون...

ما من سلاحٍ غيرُ سبحةٍ وابتهال

ودمعةٍ عتيقة ودعاء

في دمشق أمُّ الشهيد:

يا إخوتي، قتلوا ابني

سرقوا من ابنتي شبابها

فستانُها الأبيض في خزانتي

وخاتمٌ ووردة يا إخوتي

.. في دمشق تُقتل النساء

في دمشق مسجدٌ قديم

حوصرَ شيوخه

وهدِّمت صروحُه

ودُنِّس المقدَّسُ فيه

وكبِّل الخطباء

في دمشق هدمتْ جوامع

وقُصفت صوامع...

وصوتٌ يعلو من بينِ الدخان

تزاوجَ النداءُ للصلاة بالبكاء

في دمشق على العرش

قوم أهدروا دماءنا

وروَّعوا نساءنا

فخلَّفوا العزاء فالعزاء فالعزاء

في دمشق قرَّر الرجال

والنساءُ والأطفال والرضَّع

والحجارة والطرقات

والمحرابُ والمسراب:

يا طاغوت، ولَّى عهدك

يا طاغوت، أنعِم بالشقاء!

في دمشق دمعتانِ وضَحكتان:

دمعة الفراق والعناق

وبعد الموت هناك حورٌ عين

وماء مَعينٌ وجنتان

وملائك وأنبياء

في دمشق شعبٌ بصبرِ أيوب

في دمشق تفوح روائح الشُّهداء.