• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

العمر الثاني

محمد صادق عبدالعال


تاريخ الإضافة: 7/1/2012 ميلادي - 12/2/1433 هجري

الزيارات: 6023

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أوى الجد الكبير إلى أريكته المفضَّلة من جانب البيت الفسيح، الُمطل على حديقته الغنَّاء، فوقَعت عيناه على صِبْيَة - هم لحفيده أقرانٌ وأصحاب - يُلقون الحجارة في الماء، فتُصدر صوتًا، وتُشكِّل دوائرَ، وهالات، وموجات.

 

قال كبيرهم: أُلْقِيتم في الحياة كهذا الحجر، أحْدَثتم ضجةً في الحضور، وشغَلتم مَن حولكم بها، ثم صِرتُم كالهلام والموجات، سَرعان ما تختفي بمجرَّد أن يستقرَّ الحجر في الأعماق، وتصفو صفحة الماء لغيركم، ويُنسى ذِكركم، وهكذا الحياة دواليك، دواليك.

 

قال أصغرهم بسخرية: لا، لقد أزعَجنا ساكن الماء في راحته، وألْحَقنا بسماهم الضَّرر، وعكَّرنا صفو البحيرة، إذا قدَّمنا عملاً، وطَفِقوا يضحكون.

 

دعاهم الجد الأكبر للحضور، فقَبِلوا في صفاء وحُبور، وقال لهم:

هلاَّ سَمِعتم مني يا فَلذات الأكباد قصةً قصيرةً، غير طويلة، مَفادها جميل، ربما يكون العمل بها غيرَ يسير، لكنه ليس بالعسير أبدًا على النشيط الرامي لرَفع الذِّكر وعظيم الشأن، إضافة إلى كونها لُغزًا جميلاً، مَن يعرفه، فله مني هَديَّة.

 

الصِّبية: فلنسمع يا جد، فراح الجد يقول:

"منذ أن شبَّ عودها واستقام، وارتقَت هودَجها الأخضر السُّندسي الرائع، وأثارَت حفيظة الكفار من الصبر عليها، كمثيلاتها وأترابها في القصر المنيف ذي اللون الواحد، المُطل على النهر الجاري - وهي تتوق لنَيْل "وسام الشمس الذهبي"، كانت دومًا تصوِّب الأهداب ناحية الشمس، وكم داعَبت (الرياح الطيِّبة)؛ لكي تُهيِّئ لها النظر في قرص الشمس لفترات طويلة؛ لنَيْل وسام الاستحقاق، تعرَّفت إليها (الرياح الطيبة)، وأوْلَتها عنايةً ورعايةً كبيرتين، أَلِف كلٌّ منهما الآخر، فكم أيقظَتْها الرياح؛ لتراها الشمس في مقدمة مَن يصلون صلاة الإشراق، ناهيك عن مصاحبة مَن يودِّع قرص الشمس الذهبي حين يوشك أن يقعَ في الطفل، وما استدامَ حال لعظيم، حتى يظفرَ به حقير.

 

حتى إذا جاء يوم الفراق، سكَنت (الرياح الطيبة)؛ جزعًا للرحيل، بينما ظلَّت صديقتُها -صاحبة الهودج والوسام الذهبي - تُحاول وتحاول، وأرْسَلت إليها تطلب النجدة، لكن دون جَدْوى، حُملت المسكينة كباقي أترابها - بعد أن خُلِع عنها وسام الشمس الذهبي - وأُخرِجت من هودجها إخراجًا.

 

وظلَّت تُدافع وتدفع الأُخريات عنها؛ حتى ارتقَت قمة المحمل، وناشَدت الرياح الصديقة، فسَمِعت بها الرياح الطيِّبة.

 

وقالت لها: صديقتي الغالية، لَم أكن لأتحمَّل ألَمَ الفِراق وقسوة الكفار عليكِ، فآثَرت البُعد عنكِ.

 

قالت لها صديقتها: رجاءً لو تُسدين إليّ خدمة.

 

الرياح الطيِّبة: تأمريني، أُطِعْ - بإذن الله.

 

الصديقة: سَلِي الريح العاتية تَدفعني إلى الحقل ثانية.

 

الرياح الطيبة: هل تخشين المصير؟!

 

الصديقة: لا تُسيئِي الظنَّ بي، فكلنا إلى زوال، لكني رأيت أني من الممكن أن أُقدِّم الكثير ما دُمت أقدر عليه، والله موفِّقُني إليه.

 

الرياح الطيِّبة: وهل ستتحمَّلين ثانيةً ألَمَ المناجل وعبَث الكفار.

 

الصديقة صاحبة الهودج مقاطعةً لها: لا عليك، لتَكن هِمَّتك عالية.

 

الرياح الطيبة: لك ذلك صديقتي الحميمة، أمرَت الرياح الطيبة الريحَ العاتية، فألْقَت بها في حقل من الحقول، فاستكانَت؛ حتى يأتي موسم خروجها مرة أخرى، وكانت الرياح تنقلها تارة، وتُقِلُّها تارة أخرى من وادٍ إلى وادٍ، وتذود عنها الأعداء، وتُجَنِّبها الأَوْباء، حتى جاء الموعد ومنَحَتها الشمس الوسام الذهبي مرات عديدة، سُرَّت صاحبة الهودج برؤية زَرَاريِّها تتكاثر وتَنمو من حولها، وهكذا دواليك.

 

حتى نَسِيتها (الرياح الطيبة) مرة لشُغلٍ شغَلها، فوقَعت الصديقة تحت حجر الطاحونة، فحالَت من حالٍ إلى حال.

 

رأى الجد في وجه الصِّبية تأثُّرًا، فابتسَم، فقال أوسطهم للرِّفاق: لا عليكم، ما هي إلاَّ حَبَّة قمحٍ، بيد أنها علَت هِمَّةً فوق هِمَّة حجرٍ ألْقَيْتموه آنفًا في الماء.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة