• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / قصص ومسرحيات للأطفال


علامة باركود

القوة الكامنة (قصة لللأطفال)

القوة الكامنة
إكرام محمود أحمد


تاريخ الإضافة: 17/12/2011 ميلادي - 21/1/1433 هجري

الزيارات: 11316

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بسم الله الرحمن الرحيم

القـوة الكـامنة

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية )

 

دقَّ جرس الفُسحة بعد حصَّة الجغرافيا مباشرةً، كان اليومَ الأول لي في هذه المدرسة في المدينة المُنوَّرة بعد أن انتقَلْنا إليها من الرِّياض، وَعَدَنا والدي بزيارة قباء اليومَ بعد العصر، شاهدتُ بعض زملاءِ فَصْلي، وقد تجمَّعوا مع زملاء أكبر من الصَّف الخامس والسادس، أردتُ الانضمام إليهم؛ تقدَّمت وعرَّفتُهم بنفسي؛ قلت:

- إنِّي أرغب في صداقتهم.

 

نظر إليَّ الأولادُ الأكبر من أعلى لأسفل، ثم قال أحدهم:

- انظروا إلى جسده الهزيل، إنَّه يبدو في الصفِّ الثاني لا الرابع!

 

ضحكوا جميعًا، ثم نظر إليَّ وقال ساخرًا:

- نحن لا نقبل صداقة الضُّعفاء.

 

انصرَفوا، وتركوني على وشك البُكاء، لكنِّي حين عدتُ للبيت، لَم أُظهِر شيئًا لوالدي، الَّذي استقبلَني بابتسامته الواسعة أنا وإخوتي قائلاً:

- ها، هل أنتم مستعدون لزيارة قباء بعد العصر؟

 

في قباء، كنتُ سعيدًا بدخول أوَّل مسجدٍ أُسِّس على التَّقوى، وضَع حجرَ بنائه الرَّسولُ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بيديه الشريفتَيْن، صلَّيت فيه، كما أخبَرَنا والدي أنَّ مَن صلَّى فيه ركعتين فأكثَر، كان له أجْرُ عمرة، خرَجْنا بعدها، وافترشنا الأرض الخلاء قريبًا منه، أخذَ إخوتي يَلعبون، أمسكتُ أنا بيدي قبضةَ تراب، وسألتُ نفسي: هل بقيَتْ فيها ذرَّة لامسَتْ أقدام رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - اعتقدتُ فجأةً أنَّني جُنِنت؛ فقد سمعتُ صوتًا للحصى! ثم:

- هِاي أنت تخنقنا!

 

يا إلهي! هل جُننتُ فعلاً أم أن ذرَّات التراب خاطبَتْني؟ فتَحتُ يدي، ونظرت إلى التراب، قلت:

- ظننتُ أني ضعيف!

 

وقفَتْ ذرَّة، وقالت:

- ما يزعجك هكذا؟!

 

حين رويتُ لهم، أخذوا في الضحك! قلت:

- أنتم أيضًا تَسخرون!

 

قالت نفس الذرَّة:

- لا، تعالَ معي.

 

فجأة وجدتُها أمسكت يدي، قلت:

- ياه؛ لقد أصبحتِ كبيرةً جدًّا!

 

قالت: لا يا عزيزي، لقد صغُرَ حجمك أنت! انتظر الريح...

 

فجأة، هبَّت الريحُ بشدَّة، وجدتُني محمولاً معها في الهواء، يا إلهي! كلُّ المدينةِ تظهر من أعلى! هدأَت الرِّيح ونزَلْنا على هضبةٍ ضخمةٍ شديدة الوعورة، قالت لي:

- مرحبًا بك في حرَّة واقم.

 

قلت: ما هذه؟

قالت: إنَّها الهضَبة الضخمة التي تُحيط بالمدينة من الشَّرق، و"واقم" يعني حاجزًا، وهو اسم الحِصن الذي سُمِّيت باسمه، تعالَ معي.

 

جرَت بي قليلاً، ثمّ قالت:

- انتظر الريح!

 

حملَتْنا الرِّيح نحو الشمال، وتركَتْنا فوق جبلٍ ضخم، قالت الذرَّة:

- مرحبًا بك فوق أُحُد.

 

قلت: نعم أعرفه؛ إنَّه الجبَل الذي سُمِّيَت باسمه غزوة أحُد.

 

قالت: نعم، إنَّه كبير، وممتدٌّ، ويحمي المدينة من الشمال، انظُر هناك!

 

قلتُ: جبلٌ أصغر!

 

قالت: هذا جبل الرُّماة، إنَّه الجبل الذي وقف عليه الرُّماة المسلمون في نفس الغزوة؛ لكنَّهم خالَفوا أوامر الرَّسول - عليه الصَّلاة والسَّلام - ونزَلوا عنه، فخسِرَ المسلمون تلك الغزوة.

 

قلت: الحربُ دائمًا سِجال؛ والحقُّ ينتصرُ في النِّهاية، هذا ما تعلمتُهُ في المدرسة.

 

أخذَتْ يدي، وجرَتْ بي، ثم قالت:

- انتظِر الريح.

 

أنزلتنا الرِّيحُ هذه المرة على هضبةٍ أُخرى أقلَّ وعورةً، قالت لي:

- هذه الحرَّة الغربية؛ تحمي المدينة من الغرب.

 

قلت: لماذا تُريني حدود المدينة؟

 

قالت: أنا ذَرَّة ترابٍ حديثة، أتت بي عوامل التَّعرية من سنين قليلة، هل تعرِف ماذا حكَتْ لي ذرَّة ترابٍ قديمةٌ قابلتُها حيثُ كنَّا؟

 

قلتُ: لا.

 

قالت: حكَت لي قصةً قديمة، قالت:

"يوم دخلَ الرَّسول - عليه الصَّلاة والسَّلام - المدينة؛ فرِح جنوبُ المدينة؛ لأنَّه الطريق الذي دخلَ منه الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - المدينة، اغتاظَت الحرَّتان والجبال وقالوا له: أنتَ طريقٌ مفتوح، يدخل منك إلى المدينة كلُّ الناس؛ جاء الرَّسول إلى المدينة وأهل مكَّة يريدون حرْبَه؛ ونحن نحمي المدينة منهم من الشَّرق والغرب والشمال، أمَّا أنت؛ فالسبيل الوحيد الذي سيأتي منه الأعداء، نحن الصَّعب، وأنت السَّهل، نحن نعطي المدينة الأمن والأمان، ومِن ذرَّاتنا تحمل الرِّياحُ ما يُخْصِبُ أرض المدينة؛ نحن نوفِّر تراب الزَّرع والوديان التي تجمع المطر، نحن نكفيهم عن مَن سِواهم، ونحميهم مِمَّن يأتي من دربك؛ أنت نقطةُ ضعف المدينة الوحيدة؛ أنتَ نقطة الضعف".

 

قلت: يا إلهي! كم هم قُساة!

 

قالت: إنَّهم حجارة.

 

قلتُ: وبماذا ردَّ طريقُ الجنوب؟

 

قالت: حَزِنَ كثيرًا، لكنَّ الرد لم يأتِ منه؛ بل من الأحداث!

 

قلت: كيف؟ لم أفهم!

 

قالت: لم تكن غزوة أُحد من نصيب المسلمين - رغم تفاخر أُحدٍ بنفْسه!

 

ثم أمسكت يدي وقالت: هل تجيد الدَّوران؟ دُرْ في عكس اتِّجاه عقارب الساعة.

 

أخذَت تدور بي، وتدور، وتدور: "ألفٌ وأَربَعمائة وستٌّ وعشرون دورة"؛ هكذا نطقَتْ حين توقَّفنا فجأة.

 

قالت: مرحبًا بك في العام السَّادس من الهجرة، انتظر الرِّيح!

 

هبَطْنا حيثُ أُناسٌ كثيرون يرتَدُون عباءات، لم أتبيَّن وجه أحَد - فقد أوقفتني على بُعد - قلتُ:

- مَن كلُّ هؤلاء؟ وما كل هذه الذرَّات في الهواء؟ لمَ لا نقترب ونتعرَّف بهم مثلك؟

 

قالت: لا، نحن هنا للمشاهدة فقط دون التدخُّل.

 

قلت: هنا أين؟

 

قالت: جَنوب المدينة؛ والأحزاب على وصول، والرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - وجميع أهل المدينة يحفرون الخندق.

 

قلت: الخندق! غزوة الخندق؟ الأحزاب؟ جميع العرب المشركين حين اجتمعوا في أحزابٍ وجاؤوا لمحاربة المسلمين وحصار المدينة؟

 

قالت: نعم، ولأنَّ المدينة محميةٌ من الشمال والشرق والغرب، فقد جاؤوا من الجنوب.

 

لقد عايَرت الحرَّتان والجبلُ الجنوبَ بذلك من قَبل، وها هو يحدث، لكنَّ الجنوب اليوم لا أسعدَ منه! هل تعرِف لماذا؟

 

قلت: لماذا؟

 

قالت: بدلاً من كونه أضعفَ نقطةٍ في المدينة أصبحَ أقواها؛ فكلُّ الصحابة هنا يحفرون الخندق، ولن يتجاوزَه الأعداء، والرَّسول - عليه الصَّلاة والسَّلام - يحفِرُهُ بيده الشريفة.

 

قلت: يا إلهي! أريد أن أرى رسول الله - عليه الصَّلاة والسَّلام - اقتربي بنا؛ أُريد أن أراه!

 

قالت: لا زال أمامك الكثير لتفعله حتَّى تراه.

 

صِحْتُ أنا: لا، أريد أن أراه الآن! أريد ذلك، أريد ذلك، أريد ذلك.

 

صحَوْتُ على ابتسامة والدي الحنونة، ويدَيْه الدَّافئتين يقول لي:

- اهدأ؛ لقد نمتَ على التُّراب، وحان وقت العودة.. ماذا كنت تريد؟ سأُحضِرُهُ لك.

 

قلت: أريد أن أشترك في نادٍ رياضيّ يا أبي!

 

في نهاية العام الدِّراسي، كنتُ قد أتقنتُ شيئًا جيدًا من الكاراتيه وفنون الدِّفاع عن النَّفس، ولقَّنتُ أحد الصِّبيةِ الكبار في الحيِّ درسًا؛ لأنَّه أراد ضربَ أخي الأصغر، وحين تناقل الجميعُ الخبر؛ ووصل المدرسةَ وجاءَني كلُّ مَن سخِروا مني سابقًا راغبين في صداقتي، قلتُ لهم:

 

- لا، لن أُصادق سوى مَن صادَقَني لِنَفْسي، وليس لأنَّني أصبحتُ قويًّا.

 

انصرَفوا منكسرين، وأنا رفعتُ نظري عاليًا وتساءلتُ:

- تُرى هل سأُغمِضُ عيني وأراهُ يومًا؟





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة