• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

لست وحدي (قصة قصيرة)

عزة أحمد إسماعيل


تاريخ الإضافة: 12/12/2011 ميلادي - 16/1/1433 هجري

الزيارات: 9637

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لـست وحـدي

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)

 

وانتفضتُ من شرودي على صوتِ دقَّاتٍ على الباب، فأسرعتُ وصورتها في رأسي؛ تقف مبتسمةً، فاتحةً ذراعيها لتحتضنني بخفةٍ، وتدخل لتملأ البيتَ صخبًا ينقشعُ معه بردُ الشتاء وكآبة الوحدة، خجلت من خيالاتي عندما رأيتُ حارسَ البيت يقفُ مبتسمًا: (ألف مبروك يا حاجة، هتعوزي حاجة واللا أقفل الباب)، لا أدري بما أجبته وأغلقتُ الباب سريعًا لأنكر دمعةً ساخنة فرَّت رغمًا عني؛ هل احترفتُ الحزن؟ إنه اليوم الذي طالما حلمت به منذ اللحظةِ الأولى التي وقعت عيناي عليها، كانت طفلةً جميلة تشيعُ البهجة أينما ذهبتُ حتى وفاة والدِها المبكرة، لم تخصم من بهجتِها؛ وكأنها ترفضُ الحزنَ وتتحدَّى ألم اليُتم بطريقتِها الطُّفولية العفوية.

 

كبرتْ وازدادت جمالاً وإشراقًا، لكنَّها اليوم كانت أجمل عروسٍ بشهادةِ الجميع، تخيلتُ نفسي في يوم عرسِها كثيرًا أستقبل المدعوين؛ أرحب بهم، أتحرَّكُ في كلِّ اتجاه بفرحةٍ وزهو، ولكن يا للعجب لم يحدث أيٌّ مما تخيلتُ! وجدتني أقفُ طوالَ الوقت في مكانٍ يتيح لي أن أراها ولا تراني، كأنني أستعدُّ لدوري الجديد في حياتِها في الظِّلِّ استعدادًا لنسيانِ قاتل، ولكنه لا محالة قادم.

 

دقَّ جرسُ الهاتف ليخرجني من شرودي، إنها أختي تطمئنُّ علي، أشعر بنبرةِ الخوف في صوتِها، إنها تطمئنُّ أنني ما زلتُ على قيدِ الحياة، أجبتها باقتضابٍ حتى لا يجرنا الحديثُ إلى تفاصيل تفضحني فيها دموعي ويزداد قلقها.

 

دخلت غرفتها، ما زالت رائحتها هنا، وثيابها ملقاة على الفراش، لأولِ مرَّةٍ لن أعنفَها على عدم ترتيبِ غرفتها، ولأولِ مرة أرى جمالَ إهمالها، فكلُّ شيء هنا مثلها متمردٌ على التنظيمِ والترتيب والإعداد المسبق.

 

كيف سأنام الليلة؟ دعوتُ الله أن يعينني لأنام، توضأتُ وصليتُ لله شكرًا، حمدت الله أن وفقني في تربيتِها وحدي، وأنعم عليها بزوجٍ رائعٍ، يشهد له الجميعُ بحسن الخلق، يحبها ويعاملها بحنانٍ يعوضها فقدانَ الأب، مسكينة حبيبتي فليس لها في الدُّنيا سواي، في الحقيقة أنا المسكينة، لم يعد لي أحد، أصبحتُ كممثلِ المسرح بعد انتهاءِ العرض؛ يصفِّقُ له الجميع ثم تُطفأ الأضواء!

 

لا بأس من العيشِ في الظل فقد مللتُ الكَدَّ، وسئمت صخبَ الحياة فلأستعد للهدوءِ، وأقبع هنا أنتظر أن تتذكرني ابنتي كلَّ حين، وأحلم بأحفادٍ يعيدون إليَّ صخبَ الحياة من جديد، راقتني الفكرةُ، وهممت أن أثبتَ بوصلة هواجسي على صورة ابنتي ووزجها وأحفادي يملؤون دنياي صخبًا وبهجة، ولكن تأبى الليلةُ أن تمرَّ بسلام.

 

(حبيبتي ماما، نفسي آكل محشي من إيديكي، يللا استعدي، ما تفتكريش خلصتي مني)، رسالة منها زينتها بالقلوبِ والورود، ودستها تحتَ وسادتي لتعيدني إلى نقطةِ البداية، انفرطت دموعي الحبيسة، وفقدتُ كلَّ أملٍ في ليلةٍ هادئة أو نوم هانئ!

 

قررتُ أن أكفَّ عن استدعاء النوم، أنا امرأة قوية لن أستسلمَ لأفكارٍ كئيبة تفسد فرحتي با بنتي الوحيدة، أعرفُ أنها لن تنساني وسأسعدُ بزياراتِها، وأستعدُّ لها بكلِّ ما تحب من حلوى وأطعمةٍ وورودٍ، وسأثبت لنفسي أنني قويةٌ، سأقتحم غرفتَها لأرتبَها وأعدها لتستقبلَ العروسين فيما بعد.

 

بدأتُ ألملم ملابسَها المتناثرة، وأفتح الشباك، وأرتب الفراشَ، واستسلمت لضعفٍ مُلحٍّ في أن أتركَ ملابسَها معلقةً بعض الوقت؛ لأشمَّ رائحتها في الغرفة، قليل من الضعف لن يضر، نظَّمْتُ مكتبَها، وأعدت الكتب إلى المكتبة، ما هذا؟ رسالة أخرى في ورقةٍ ملونةٍ على شكل قلب: (بحبك يا ماما)، وعودة إلى نقطةِ الصفر، وانهمرت دموعي مرةً ثانية، وفقدت كلَّ رغبةٍ في المقاومة، أغلقتُ الشباكَ، وتقوقعتُ في فراشِها أستجدي النَّومَ من جديد.

 

أفقتُ على صوتِ جرس الباب يدقُّ بإلحاحٍ، لقد انتصف نهارُ اليوم الأول لوحدتي، وقمتُ أجر نفسي جرًّا لأفتحَ الباب، فركت عيني غير مصدقة؛ إنَّها هي! فاتحة ذراعيها وزوجها من خلفِها يعتذرُ بخجلٍ عن الزيارةِ المفاجئة، احتضنتني بحبٍّ جارف أطلقَ العنانَ لدموعٍ لم تكد تجفّ، وها هي من جديدٍ تملأ البيتَ صخبًا وحياة، ليست وحدها ولست وحدي!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- مبدعة
سحر - الإمارات 13-12-2011 08:09 AM

و الله إنك أجريتي دموعي أنا الأخرى قصة مؤثرة و حساسة

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة