• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

بين غيوم الثلج السوداء وأكفان الموت البيضاء (قصة)

رغدة صالح أبو عمر


تاريخ الإضافة: 21/9/2008 ميلادي - 20/9/1429 هجري

الزيارات: 8859

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
 
ويتوالى سُقوطُ حبّاتِ الثلج و البرَد بين خطواتي الخاشعةِ, يتوالى ويرسمُ مع كلِّ خطوةٍ أثراً ثابتاً في قلب الأرض, محفوظاً في ذاكرة الطُّرقات...

يتتابَعُ مشابهاً خطواتٍ كانتْ لي هنا قبلَ عامٍ, هُنا قد ودّعت آخر ورقةٍ من أوراق شجرة اللّوز بعدما امتلأتْ أغصانُها المحتضِنةُ للقمرِ بالثلوج, وهُنا عادتْ بي الذكرياتُ لآخر ورقةٍ من أوراق عُمرِ "سَلمى"...

وها هُو صفيرُ الرياحِ الباردةِ ودقات الثلجِ على الأبواب يغرني, حتى أكاد أسمعُ دقّاتي لبابِ غُرفتها الموحِشة...

- هل أنتِ بخير؟.. سألْتُها بعدما تعالى صوتُ أنينها عمّا اعتادت عليه نفسي, لم تُجِبني.. فشعرتُ حينَها بأنّ رائحةَ الموت أخذتْ تتسلّلُ إلى حواسّي، وشعرتُ بقصوري كطبيبٍ جاء ليُنقذَ مَنِ استطاعَ مِن ضحايا الحَرب الغاشمةِ...

عجزتُ عنِ الحراكِ وتراختْ خيوط قلبي وهي تضع بين يديّ أنفاسَها الأخيرةَ, وتنثرها في هواءِ الغرفةِ التي خيّم عليها شبحُ الموتِ بقبضته الجبّارة, وأخذ يغرسُ سيوفَهُ بغلظةٍ في جسدِها المثخَنِ بالجِراح, ولم يزل على هذا حتى ودعَتْ "سلمى" الحياة بابتسامةٍ تتحدّى فيها الألمَ، وأسدلتْ أجفانَها عن أعينٍ سوداءَ لمْ أرَ لها قَبْلُ مَثيلاً, ونامتْ نومَتَها الأبديّة بسلامٍ...

خرجتُ مُسرعاً أجري ولا أدري إلى أين سأذهب, حتّى قادَتْني قدمايَ إلى منزلي..

أمسكتُ بقبضةِ الباب، وأخذَتِ الأفكارُ والذكرياتُ تتجسّدُ أمام عيني. وأخذتْ أصداءُ كلماتِ "سلمى" تتردّدُ على مسمعي:
- هل أنت وحيدةٌ في هذا العالم؟

لا فأنا أعيشُ بجوار عصافير الحرّية التي تبني أعشاشَها على أغصانِ شجرةِ اللّوز في وطني. تعزفُ لي مع حفيفِ الأوراقِ في كلّ فصلٍ أغنيةً، وتهديني وروداً بيضاءَ ناعمةً كفستانِ عروسٍ حسناءَ، بل أجمل...

- ألا يوجدُ مَن يهتمُّ لأمركِ، يبكي عليكِ إذا ما ودّعتْ روحُكِ الحياة؟؟

لا، فدموع الأحبابِ تشبِّثُ المسافرَ بالدُّنيا، وتشقُّ عليه الرحيل, فلكَم عذبتُ ببكائي أرواح أهلي, وأجسادُهم تواريها أرضٌ لَطالما عشقتْهم وعشقوها...

فأمسكتُ عليّ دموعي إلى محاجرها, ونأيتُ بحُزني، جامعاً وجنتي إلى نافذةِ غرفتي الباردة..

وأمسيتُ أعيدُ على نفسي كلماتٍ حفرتْها في قلبي بأسفارٍ أبقى من الورقِ، ودمٍ أبقى من المِداد...

- أنتظرُ عائلتي كل يوم في الحُلم.. فهو جسرٌ يلتقي فيه الأحبّة بين الموتِ والحياة، الواقعِ والخيال، فالأرضُ التي ضحّى الأهلُ لأجلها تحتضنُ أجسادَهم. ولا تأسرُ أرواحَهم فتبقى ترفُّ بيننا كالرّياح: لا نراها لكنْ نشعرُ بها...

وخلدتُ في نوم عميق...

لم تغادرني في تلك الليلة روحُ سلمى, ولم أَعجَبْ لقولها حين قالت:

ابحث عنّي في كلّ بسمةٍ لثغرِ طفلٍ على أرضِ وطني..

ابحث عني في كل بذرةٍ أو شجرةٍ نمَتْ على أرض وطني..

فأرضُنا تُحْييها أجسادُنا..

بعدما اعتَدْنا اللجوءَ مِنها إليها.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- أكثر من رائعة
محمود سمير محمد - مصر 17-03-2009 10:37 AM
أريد أن أعرف الجو النفسي الذي كتبت فيه هذه القصة التي لم تشعرني وطأتها أنها قصيرة فعلا أكثر من رائعة.
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة