• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

هو (قصة قصيرة)

هو
أسامة عبدالرؤوف محمد مصطفى


تاريخ الإضافة: 1/11/2011 ميلادي - 4/12/1432 هجري

الزيارات: 7188

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

هـــــــــو

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية )

 

حين كنتُ صغيرًا ألعب مع الرِّفاق، كان يَنْتابني فجأةً شعورٌ غريب، فأسمع إيقاعات هي أقربُ إلى ضَرَبات القِدر، تَعلو شيئًا فشيئًا، فأنسحِب مِن بينهم وأنزوي أُحدِّق في الظلام، فأرَى رِداءَه الأسود الطويل ذا التجاعيد الرماديَّة يُصافِح النجومَ فيحجب القمَر، وينقبض قلبي، وأختنِق فأَشَمُّ له رائحةً مميزة... ثم يختفي!

 

أعود للرِّفاق، أحس بالألفة، تنتظمُ ضرباتُ قلبي، أعاود اللعبَ، تتعالَى ضحكاتُنا، يقطعها الصراخُ، ويتبعه صوتُ الناعي! أُعوِّلُ ذلك إلى زِياراته التي ليس لها مِيعاد.

 

وحين انزلقت قدمي في بِئر الساقية، تلقتْني يداه وراحتْ تغمس رأسي في الماءِ، وراح يُحرِّك الطينَ أسفلَ قدَمي، فأغوص، ثم أعْلو ويرتفع صراخي، أنظُر إلى أعلى فأجِده واقفًا على البِئر، ينظُر إليَّ ويتلفَّح برِدائه وينصرِف؛ فيُدلي إلى والدي الحبلَ فأربطه على وسطي وأخْرُج.

 

وعندما كنتُ أُعين والدي في تكسيرِ حِجارة جبلِ (أبو فوده) على النيل، فأرْفَع عليه الحجرَ تِلوَ الحجر؛ ليضعَه في (وابور) البَحْر، رأيتُه بأعْلى الجبلِ يُدحْرِج صخرةً عظيمةً تَتناثر إلى أجزاءٍ صغيرة فتُصيب الآخرين، ثم يُمسِك بحجرٍ آخر، ويُلقِيه عليَّ فأَجري مبتعدًا عن مسارِه، فيسقط في الماء يُحدِث ضجةً عظيمةً ألْتَفِت إليه فلا أجِده!

 

أسألُ دائمًا عن أوصافِه فلا أَهتدي إليه، ولكن قيل لي: إنَّ له عِدَّة وجوه، تلمَع في عيني، مَن حان دورُه، يجوب البلادَ والأمصار، يَعرف طريقَه، لا يحتاج دليلاً، لا يسأل، يؤدِّي مهمَّته، مأمور هو، له في كلِّ بيت عودةٌ ثم عوْدة.

 

ولكن هذه المرة كان على مقربةٍ مني وأنا داخلَ السيَّارة، لمحتُه يجري أمامَها، وتارةً مِن خلفها ورِداؤه يُغطي نوافذَها، تختلُّ عجلةُ القيادة مِن السائِق، فتسقُط في المصرف العميق، أتحسَّس الآخرين في ظلامِ الماء فألْمَح عينيه تُضيئان، تجذبان إليهما الغرقَى فتقودهما إلى المجهول، ينظر إليَّ، تكاد عيناه تخدعاني، ولكنَّ يدًا تمسك بي فأصْعَد وأصْعَد فأرَى صفحةَ الماء وأخْرُج إلى الشط، وتمضي حكاياتي حولَه ويمضي العُمر.

 

الآن ألْمَحه يقِف على بابِ حُجرتي، أمعن النظرَ إليه فأرَى وجهَه كأنَّه لوحة باهتة، أصابَها الماءُ والعطَب، تقترِب صورتُه منِّي، أتبيَّن ملامحَه، تَعْلو ضرباتُ القدر تُعانِقها ضرباتُ قلبي، رِداؤه يلفُّ مرقدي، يحجُب عني الهواء، يسقط السقفُ على صدري، أتنفَّس مِن سَمِّ الخِياط، تنسحِب دِمائي تدريجيًّا تخور قُواي يُريني صُورًا مِن الماضي، يكشِف حُجبًا، أرَى ما لم أكُن أراه، تتساقط منِّي حبَّاتُ العرَق، ترتعِد فرائصي وأطرافي، شهقة إثر شهقة، أجِده فوقَ رأسي بيدِه خُيوطٌ دقيقة قد بدأتْ مِن أطراف أصابِع القدَم يجذبها إليه في بُطْء، يُتمتِم بكلماتٍ.. علمتُ منها أنَّه لم يَعُدْ هناك نصيبٌ في لُقمة أو شَرْبة أو نَفَس! سألتُه مَن أنتَ، فعرفتُه.. الآن عرفتُه!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة