الشيخ والهرة (قصيدة)

الشيخُ والهرةُ[1]

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية )

رَقَدَ الشَّيْخُ عَلَى رُكْنٍ صَغِيرِ

جَاعِلاً مِنْ رُكْبَتَيْهِ كَالسَّرِيرِ

يَغْمُرُ الْجِسْمَ بِبَرْدٍ حَائِلٍ

تَحْتَ حَرِّ الشَّمْسِ فِي وَضْعٍ خَطِيرِ

وَعَلَى الْجَانِبِ تَجْثُو هِرَّةٌ

تَرْمُقُ الغَادِينَ فِي صَمْتٍ كَسِيرِ

هِيَ كَالْحَارِسِ فِي نَظْرَتِهَا

تَحْرُسُ الشَّيْخَ بِتَصْمِيمٍ كَبِيرِ

تَرْفَعُ الرَّأْسَ عَلَى طُولِ الْمَدَى

تَفْتَحُ العَيْنَيْنِ كَالنَّسْرِ الْخَبِيرِ

يَا تُرَى إِنْ جَاعَ تَصْطَادُ لَهُ

أَرْنَبًا مِنْ أَيْكَةِ الْحَقْلِ النَّضِيرِ

أَمْ عَصَافِيرًا مِنَ الدَّوْحِ الَّذِي

مِنْهُ أَرْضُ الشَّامِ تَحْظَى بِالكَثِيرِ

أَمْ طَعَامًا مِنْ نِفَايَاتٍ رَمَى

بِهِ لَيْلاً مُوسِرُ الْحَيِّ الفَقِيرِ

لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ سَارَتْ مَعَهُ

خَيْرُ خِلٍّ فِي مَتَاهَاتِ الْمَسِيرِ

مَا الَّتِي بَيْنَهُمَا قَدْ جَمَعَتْ

ظُلْمَةُ الأَيَّامِ أَمْ ظُلْمُ الدُّهُورِ

مَظْهَرُ البُؤْسِ عَلَيْهِ بَادِيًا

وَعَنَاءُ العَيْشِ وَالقَهْرِ الْمَرِيرِ

وَسِقَامٌ يَمْتَطِي جَبْهَتَهُ

وَهُزَالٌ بِهِ يَمْضِي لِلثُّبُورِ

فَإِلامَ الصَّبْرُ وَالعُمْرُ مَضَى

وَغُرُوبُ الشَّمْسِ فِي وَقْتٍ قَصِيرِ

عَجَبًا كَيْفَ يَشِيخُ الْمَرْءُ فِي

شَرْقِنَا مِنْ دُونِ تَأْمِينِ الْمَصِيرِ

إِنَّنَا أَوَّلُ مَنْ أَعْطَى لَهُ

مِنْحَةً تَحْمِيهِ مِنْ بُؤْسٍ عَسِيرِ

كُرِّمَ الشَّيْخُ بِحَقٍّ لَهُ فِي

بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ الْمُسْتَنِيرِ

حِينَ كَانَ الغَرْبُ فِي بَأْسَائِهِ

فَاقِدًا لِلأَمْنِ وَالعَيْشِ اليَسِيرِ

[1] كان الشّيخُ نائمًا على ركن رصيف بشارع المنصورة في مخيم اليرموك بدمشق، وقد شاهدته عدة أيام والهرّة تجلس بجانبه، لا تخشى المارَّة.

أضف تعليقك:	إعلام عبر البريد الإلكتروني عند نشر تعليق جديد
الاسم
البريد الإلكتروني	(لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق	رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي