• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

قرطا أم عطية (قصة قصيرة)

قرطا أم عطية
مروة شيخ مصطفى


تاريخ الإضافة: 15/10/2011 ميلادي - 17/11/1432 هجري

الزيارات: 9901

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قرطا أم عطية

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية )


تَحسَّستْ ببراءةِ أُذنها فما وجدتْ فيها ما تَراه في آذان شقيقاتها، انتقلتْ إلى الأُخرى، فلمْ تجِد شيئًا، لكنَّها أبصرتْ أقراطًا في آذانِ شقيقاتها، فأصابتْها الدَّهشةُ.

• أين أقْراطي؟!


توجَّهتْ إلى أمِّها:

• متى تبزُغ أقراط آذاني؟

• ومَن قال لك: إنَّها تبزُغ؟!

• ألاَ ترين آذانِ شَقيقاتي؟

• بَلَى أرَى ذلك، ولكن الأقراط تُشترَى يا ابنتي ولا تبزغ كالأسنان.

 

• ومِن أين تُشترَى يا أمَّاه؟ دُلِّيني مِن فضلك.

• مِن محلاَّت الصَّاغة..

 

شكَّل الحوار مع الأمِّ أمنية وحلمًا للصَّغيرة، فهي تحلُم بقرطين يزينان أُذنيها، فأصبحتْ تتحرَّكُ وتتشوَّق لامتلاكهما، تريد أن تَنظرَ إلى المِرآة، وقد تدليَا مِن أذنيها بسلاسلهما البرَّاقة، فتضفيان على ملامحها بَهْجةً ومسرة، تُريد أن تقِف بجوار شقيقاتها، وقد أصبحت مثلهنَّ.

 

عاد الأبُ مِن عمله يحمِل همومَ أُسرته أينما توجَّه وحيثما حلَّ وأقام، فقدْ أثْقَل الغلاءُ كاهلَه، وما إنْ جلَس يستريح مِن عناءِ يوم مُضنٍ، حتى تحلَّقتِ الأسرة حولَه تنهال بطلباتِها عليه كسهامٍ لا تُخطئ، بعضها لا يرفُّ له جَفْن، فهي طلباتٌ خفيفة، وبعضُها يُصيبه بالوجومِ، فهذا طلَب يحتاجُ لميزانية ولتمحيصٍ وتقديم وتأخير.

 

مِن بيْن جمع الأبناء وقفتِ الفتاة الصغيرة لتواجهَ والدها.

 

• وأنا.. وأنا.. وأنا..

وبكَت، لكن دُموع الصغيرة استجرتْ دُموع والدها، فتعاطَف مع حالها قبلَ أن يَسمعَ منها وشَعر بالحَيْرة.

 

• وما يُبكيكِ يا غالية؟ وماذا تُريدين؟ كَفْكِفي دُموعَك ولكِ ما تُريدين.

كان بريقُ السُّرورِ الذي تشكَّل على الدموع المنحدِرة مِن عينَي الفتاة إثرَ سماع كلامِ أبيها صورةً نادرةً مميزة، لا يزال يتذكَّرها والدها، لقدْ شكَّلت في ذاكرته أخاديدَ لا تُمحَى.

 

تَوجَّهتْ إلى شقيقتها وجذبتْها لتزرعَها في مواجهة أبيها.

 

رفعتْ يدَها إلى أُذن أختها.

 

• أُريد مثلَ هذا.

لكنَّها انفجرتْ باكيةً؛ لأنَّها لم تبصرْ قرطًا في أُذن أُختها التي خلعتْه قبلَ قليل.

 

انتقلتْ إلى شقيقتها الأخرى وقَبضتْ بيدها على قُرطِها وكادتْ أن تنزعَه مِن أذنها: أُريد مِثل هذا، مثل هذا يا أبي.

• حسنًا سنرَى ما نَفعَل.

• اليومَ يا أبي؟!

• لا يا بُنيَّتي بعدَ أيام..

 

كَبِرتِ الفتاةُ وهي تشعُر أنَّ أعزَّ عطيةٍ حصلتْ عليها قُرطانِ، كل قُرط بثلاثِ سلاسلَ تتدلَّى مِن كلِّ سلسلة كُرة صغيرة، وكلُّها مِن الذَّهب الخالِص.

• يا إلهي ما أجملَها!!


كَبِرت الفتاةُ وكَبِرت تطلُّعاتها.

أبصرتُ في يدِ شقيقاتها سوارَينِ مِن ذهب، لكلِّ أخت سوار.

• كيف حصلتُم عليهما؟

• إنَّها جائزةٌ جعَلها الوالِد لنا إنْ حَفِظْنا القرآنَ الكريم، وقد أنْعَم الله علينا بحفظِه.

• وأنا إنْ حفظتُه أيجلب لي الوالدُ سوارًا؟

• اسأليه..

 

ذرعتِ المنزل جيئةً وذَهابًا تنتظرُ قدومَ الوالد، مضتْ ساعة انتظار الوالِد دهرًا في مخيلتها..

تنهَّدتْ وقالت: متَى يأتي أبي يا أمَّاه؟

• قَريبًا..

 

سمعتْ هديرَ السَّيَّارة، فانطلقت مسرعةً إلى الخارج تستقبله..

• أبي، أبي..

• ما بك يا بُنيَّة؟!

• أتجلب لي سوارًا أُسوةً بشقيقاتي إنْ حفظتُ القرآن؟

• بالتأكيد يا بُنيَّة..

 

عادتْ والسرور يطفَح على وجهها ويطلُّ بأشعتِه على كلِّ مَن يحيط بها، سُرور لا يُمكن إلاَّ أنْ يظهَر، عادتْ وهي تقفِز: سيكون لي سِوار مِن ذهَب..

• ولكن إنْ لم يكُن كاملاً فليس لك شيءٌ، المؤمنون عندَ شروطهم يا بينَّة.

• المؤمنون عندَ شروطهم يا أبي، اتَّفقْنا..

• على بركةِ الله..

 

توجهتْ لشقيقتها الكُبْرى لترَى سِوارها، عدَّتْ حلقاتِ السوار..

• أُريد مساعدتَك، أريد أن أحفظَ القُرآن..

 

وبدأبٍ منقطِع النظير وصفحة إثْر أخرى وجزءًا إثرَ آخَر كانت تشعُر أنَّها كلما حفِظت جزءًا حصلتْ على حلقةٍ أو حلقتين مِن السِّوار المنتظَر، فهو مؤلَّف مِن حلقات تقارب الستِّين حلقة..

 

توجَّهتْ إلى معهدٍ لتحفيظ القرآن في حيِّها وواظبتْ على الدَّوام ولم يمضِ كثيرٌ مِن الوقتِ حتى خطَتْ خُطواتٍ واضحةً بمسيرتها في حِفظ كتابِ الله..

 

عمَدتِ الفتاةُ إلى كتابِ الله فلازمتْه، فلا تجِدها في بيتِها إلا وهو في يدِها، وقدْ يسَّر الله لها حفظَه، وكان لها ما أرادتْ، وملأتْ بيتَ أهلها سرورًا بالحدَث، وجلَب لها والدُها سِوارها، فزيَّن مِعصمها وفرِحت له كيوم فرحِها بقرطيها وأكْثَر..

 

ثمَّ إنَّ معهدَ التحفيظ قدَّم لها ولكلِّ واحدة مِن رفيقاتها مِن حَفَظةِ كتاب الله سلسلةً مِن الذَّهب تتَّصل بقلادةٍ على شكلِ صفيحة كُتِب على كلِّ واحدة منها اسم الحافظة واسم المعهَد، فكانتِ الجائزة تاجًا وإنْ لم يكُن على الرأس..

 

لم يمضِ وقتٌ طويلٌ على فرحِها بسِوارِها وقلادتها وسلسلتها حتى قامَ اليهودُ بقصْف غَزَّة.. شاهدتِ الفتاة ما نُقِل على الرائي، ولكن ما عساها تفْعَل..

 

البيوتُ مُدمَّرة والأطفال أيتام، والنِّساء أرامل..

 

بدَأ جمعُ المال لأهل غَزَّة في بلدِها وفي حيِّها، سمعتْ إمامَ المسجد يحضُّ النَّاسَ على التَّبرُّع..

 

عمدتْ إلى حصَّالةِ نقودِها وكانتْ مِن الآجُرِّ تضَع فيها ما يفيض عن مصروفِها، وما يتوفَّر مِن مالٍ يُعطَى لها في الأعياد ومواسِم النجاح وما تكسبه مِن بيْع نَباتات الزِّينة التي كانتْ تستنبتُها وتَعتني بها ثُم تبيعها.

 

عمدتْ إلى حصَّالتها فكسرتْها وأفرغتْ محتواها في كيسٍ صغير، ونزعَتْ قِلادتها مِن رقبتِها ونزعت سِوارها من مِعصمِها، وعمدتْ إلى قرطيها فنزعتْهما ووضعتْ كلَّ ذلك في الكِيس، وصاحتْ بأخٍ صغيرٍ لها:

• أحمد! خذْ هذا الكيس إلى المسجدِ وأعطِه للشيخ، إنَّهم يجمعون لأهلِ غَزَّة..

دخَل والدُها إلى البيت..

• اسمعْ إلى ابنتِكِ تُريد أن تتبرَّع بقلادتها وسوارها وقُرطيها إلى أهل غَزَّة.

 

• وماذا في ذلك؟!

• قلتُ لها: أن تبقيَ قُرطيها.

 

• دعِي أمَّ عطية يا امرأة، فالمال مالُها، وعند الله يُلتمَس الثوابُ.

• مَن أمُّ عطيَّة؟!

 

• ابنتُنا، دعِيها تفعَل ما تشاء.

• أخرج الوالد ورقةً نقديَّةً ودفعَها إلى الفتاة.

 

وطار الصغيرُ بذهبِها وما في حصَّالتها إلى المسجدِ فدفَعَه إلى رئيس اللجنة.

• ما هذا يا فتى؟ ماذا يحوي هذا الكِيس؟

• بعضَ الذَّهب وبعضَ المال.

 

تَهلَّل وجه الرَّجل، ونفرَت الدَّمعةُ مِن عينيه فرَحًا.

أمَّا الفتاة فاشترتْ حصَّالة أُخْرَى ووضعتِ الورقة النَّقدية التي أعطاها الوالدُ فيها.

 

مضَتْ أيامٌ وشهور وغصَّت الحصَّالة بما فيها، كسرتْها وأخرجتْ محتواها ودفعتْه إلى أمها لتشتريَ لها قرطين.

استدانتْ مِن شقيقاتها وأشقائها وأكملتْ ثمنَ القرطين.

 

وبعدَ شهور عِدَّة زارهم خالُهم فتوجَّه إليها:

• وأنت، ألاَ تُعطيني قُرطَيك دَينًا يا فتاة.

• لا يا خالي.

 

• ولِمَ؟

• لأنَّهما ليسَا لي.

 

• تُريدين أن تدفعي بي إلى الجنون، كيف ليسَا لك وقد تَدليَا مِن أذنيك؟!

• اعفِني مِن الجواب يا خالي.

• لن أعفيك.

• لقد تبرعتُ بِهما.

• تبرعتِ بهما وهما في أُذنيك.

• نعم.

• تبرَّعتُ بهما منذُ أشهر.

• كيف ذلك؟

• أما سمعتَ أنَّ إخواننا في الصُّومال يموتون جوعًا؟!

• بلى سمعتُ، ولكنَّهم لا يَتبرَّعون للصُّومال في بلدِنا.

• هذا صحيح يا خالي، ولكنَّ أُختي في جدَّة، وهناك يجمعون ويتبرَّعون لأهلنا في الصُّومال، منذُ فترة اتَّصلتُ بأُختي وسألتها إنْ كانت تَنوي قضاءَ الإجازة بيننا هذا الصَّيف، فأجابتْ بأنَّها ستفعَل، سألتْني عن الأمْر وماذا أُريد، فأجبتُها بأن تتبرَّع لي بستةِ آلاف إلى الصُّومال، وعندما تأتي في الصَّيف أَبيع قرطي وأدفع لها المبلَغ، فأجابت لي طلبي واتفقْنا على ذلك!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- إبداع هادف
ناصر السنة - المغرب 25-12-2015 06:59 PM

جزاك الله خيرا إبداع هادف

1- لله درك يا أم عطية
الياسمين - فلسطين /غزة 15-10-2011 11:34 PM

قرأتها منذ البداية ولم أتوقع نهايتها فوجئت أن القصة تتحدث عن غزة والتبرع لها
أقول بداية للأنامل التي خطت القصة بارك الله فيك وجزاك الرحمن كل الخير
وأقول لأم عطية كثر الله من أمثالك بقرطيك كففت دمعة يتيم
وفي الختام أقول يالله يالله يالله

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة