• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

الماء الراكد (قصة قصيرة)

الماء الراكد
ثناء خليل الهواري


تاريخ الإضافة: 12/10/2011 ميلادي - 14/11/1432 هجري

الزيارات: 10999

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المـاء الـراكد

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)

 

ما قبل التجربة

قالت لي صَديقتي في الجامِعة: دائمًا أرَى أسنانَكِ ظاهِرة!

 

كانتْ تتعجَّب مِن ابتسامتي الدائِمة؛ لأنَّ ابتسامتي كانتْ تسبق أي كَلِمة أنطقها، أو أي نَظْرة أوجِّهها!

 

وحتى هذا الوقت لم تكُن الدنيا قد أرتْني شيئًا مِن جحودها وتقلُّبها وإعراضها.

 

مَرَّتِ السنوات سريعةً وأنا في بداية العِقد الخامس مِن عمري، وقد سبَق لي تجرِبة زواجٍ فاشلة.

 

هل السبب تأخري في الزواج حتى تبلوَّرتْ شخصيتي، فلم تَعُدْ تَقبلُ الخضوعَ والتأقلم؟

 

أم السبب أنَّ الرجل يجبر من حوله على التغير، دون أن يتغيَّر؟

 

أم أنَّ الحظَّ العاثِرَ يفرض ذاتَه حتى ينقضيَ العمرُ وينتهي السَّفَر؟

 

نصيحة لكل فتاة

في دِراستي الإعداديَّة والثانويَّة كانتْ دائمًا تُطرَح علينا فِكرة المساواة بيْن المرأة والرَّجُل، وعمَل المرأة، وتَحرُّرها، وظُلم الرجل الشَّرْقي، وغير ذلك مِن هذه المغالَطات.

 

كنَّا مراهقات، وكانتْ تستهوينا فكرةُ التحرُّر، ولو كنَّا مِن بيئة محافِظة، بل كانتْ كثيرًا ما تُثير لنا المشكلاتِ إذا حاولْنا تحدِّي العائلة أو الجانبَ المذكَّرَ منها.

 

جرَّتني هذه الأفكارُ إلى رفْض الظهور أمامَ الخاطبين: أنا لستُ جارية، أريد أن أُنهي دِراستي.

 

أُريد أن أعْمَل.

 

وبعد أن أنهيتُ دِراستي، وعَملت، وصار عُمري ثلاثين، أدركتُ أنَّني أُنثى، وأنَّ أهمَّ شيءٍ في حياتي أُسرة وأولاد، وبيت مستقل أُتوَّج فيه ملِكة.

 

لكن هل فات الأوان؟ إخوتي وأخواتي تَزوَّجوا، والدي تُوفِّي، ووالدتي تُريد أن تطمئنَّ على مُستقبلي، فشَهادتي وعملي ليسَا مستقبلي في نظرِها.

 

كنتُ أحيانًا أصِف نفْسي بالغباء، ما كان يَمنعني أن أتزوَّج وأدرس معًا، ففُرَصُ الفتاةِ في الزواج تتناسب عكسًا مع عمرِها.

 

لا أُريد لابنتي وكلِّ البنات أن يَفعلْنَ مثلي؛ لأنَّ أقْدسَ عمل تقوم به المرأةُ تربية براعمها، والسَّهَر على راحةِ زوجها؛ لتكسبَ رِضا ربِّها.

 

العملُ هو العمل، سواء كان داخلَ البيت أم خارجَه، المهم أن يكونَ مثمرًا ومفيدًا.

 

زواج بلا فرحة

بيْن اليأسِ والانتظار ظهَر الخاطبُ الراغِب، كان يَكبُرني بسَنةٍ واحدة فقط.

 

لم يكُن يجمع بيننا شيءٌ سوى العزوبةِ والرغبة في الزَّواج.

 

هو مِن أقصى الشمال، وأنا مِن أقصى الجنوب.

 

هو بالكاد يقرأ، وأنا خرِّيجة جامعيَّة!

 

هو يَكره اللقاءات الاجتماعيَّة، ولا يُجيد الكلام، وأنا اجتماعيَّة، يقال: إنَّ حديثي مشوِّق وجذَّاب.

 

لكنَّه أعزب، لم يسبقْ له زواج، وذو أخلاقٍ حسَنة، مدَحَه جميعُ مَن يعرفه.

 

وافقت، وكلما جمعتْني به الأيام أسأل في سرِّي: ماذا لو أتمَّ تعليمَه، وترَك جهله؟ ماذا لو كان مِن مَدينتي، وتغيَّرتْ لهجتُه؟ وكنتُ أقنع نفسي أنَّه ليس في الإمكان أفضلُ مما كان.

 

وطبعًا لبُعدِ المسافة لم يحضرْ زواجنا أحدٌ مِن أهله، واعتبروا أنَّهم فَقَدوه بزواجِه مني، رغم أنَّه كان يُقيمُ في مدينتي منذُ مدَّة طويلة، ولستُ سببًا في بُعدِه عنهم.

 

شاء الله العليُّ القديرُ أن يجمعنا.. وجمَعَنا بزواجٍ ليس ككلِّ زواج، وبعُرسٍ ليس ككلِّ الأعراس.

 

بيتنا الجديد

نَقَلني إلى بيتِنا الجديد، أقول: بيتنا لأنِّي شاركتُه في الشِّراء والتأثيث.

 

حَرَصتُ أن يكونَ واحةً جميلةً في صحراءَ قاحلةٍ، كان بيتُنا نائيًا في إحدى مناطقِ المخالفاتِ السَّكنيَّة، قليل الماء والكهرباء، طريقُه يَشتهي التَّعبيدَ، بعيد عنِ المواصلات، بَعيد عن منزلِ أهلي، بعيد عن منازلِ إخوتي، بعيد عن الأسواق، بعيد عن مكانِ عملي، بعيد عن أحلامي.

 

أثَّثتُه بفرْشٍ لطيف هادئ معتدِل الثمن، حَرَصتُ على أن يكون عشًّا نظيفًا مريحًا، أنجبتُ فيه أفراخي، حلوين، مرحين، أصحاء، كانت سعادتنا بهم كبيرة، وكان يحسُّ بالفرق بين حياتِه السابِقة وحياته معي.

 

وهناك شيءٌ مهم بالنِّسبةِ للمرأة عندَما تتزوَّج، فزواجها يَزيد مِن ثقتها بنفسِها وجمالِها، وتنسَى أمر السِّنين والأعوام، فلا تُلقِي لها بالاً، ما ضرَّني لو كَبِرتُ، أنا في بيتِ زوْجي، وحولي أطفالي يكبرون، والأيَّام القادمة أجملُ ممَّا مضى.

 

عندما يتلاشى الحب

عندَ زواجنا لم يكُن يجمعنا الحبُّ، بل جمعتْنا أقدارُنا، ومع مرورِ الوقت ووجودِ الأطفال أحسستُ أنَّه صار بيننا حبٌّ أُسريٌّ لطيف.

 

سافرتُ معه إلى مَدينته، اجتمعتُ بأهله، كنتُ غريبةً بينهم، لكن عاملتُهم وعاملوني بلُطْفٍ، وبعد عودتِنا عاودَه الحنينُ إلى مسقطِ رأسه، وكانتْ قدْ بدأتِ الخلافاتُ تدبُّ بيننا، يَزيد في اشتعالها سوءُ فَهْمِه لكلامي، وسوء فَهْمي لدوافِعه، بالإضافةِ إلى تَعَبي في التوفيقِ بيْن العمل وتربيةِ أطفالي، يُحاسبني بطريقةٍ لا تَرحَم، ويُكثر الشكوَى منِّي كلما اجتمَع بشخصٍ يمتُّ لي بصِلة، حتى لو كان صديقةً غريبةً، فصِرْنا كثيرًا ما يبيتُ كلُّ واحد منا بزاويةٍ من السرير، يشيح بوجهه عني، وأشيح بوجهي عنه!

 

وسرعانَ ما بدأ الحبُّ يتلاشَى في خِضَمِّ الخِلافات الفارغة والمهاترات.

 

لا أذكُر الآن لماذا كانتْ تقوم بيننا المنازعات؟ لماذا كنتُ أبيتُ باكيةً؟ لماذا صار يرغَبُ في السفر إلى مدينته بدوني؟ ما أَذكُره أنَّ أيامنا تَمضِي في خِصام، لا يتنازل، ولا أتنازل.

 

المرأة تقول في نفسها: غدًا يَشتاق لي، ويتغيَّر إلى الأفضل.

 

والرجل يقول في نفسه: لم تَعُدْ تصلُح لي، سأبحثُ عن زوجةٍ أفضل.

 

العلاقات الأسرية في أيامنا

يقول المَثل: كلُّ الأهْل بعدَ الأمِّ والأب جِيران.

 

بعدَ الأم والأب: الإخوة والأخوات والأعمام والعمات، وقبل أن أبتعدَ أكثرَ في درجاتِ القرابة، لنقف عندَ الأخ والأخت.

 

الأخت تتزوَّج، ولا تملك مِن العون إلا السلامَ والاطمئنان والدُّعاء، والأخ يُفتَرض إذا احتاجتْه أختُه رَعاها، وإنْ طلبته لبَّاها، ولكن اليوم...

 

الأخ اليوم رَهينٌ بزوجتِه وأولادِه، ولا يوجد في دائرةِ الضوء إلا أسرته الصغيرة، أمَّا واجِب الأُخوَّة فقد اقتصَر على زيارةٍ قصيرة في الأعياد، ووليمة في رمضان، وهاتِف سريع مِن العمل للاطمئنان.

 

بيْتي على وشك أن يتهدَّم، فمَن يلعب دَوْرَ الولي؟

 

الوليُّ سيترُك دائرةَ ضوئه؛ ليقول لزوجي: أمْسِكْ زوجكَ واتقِ الله.

 

• أُريد أن أعيش حياتي، حياتي أَوْلى.

 

• تريد الطلاق؟

 

• نعم.

 

• لسنا مسؤولين عن أولادكَ، نحن مسؤولون عن أُختِنا.

 

ليقل ما شاء، أولادي عالَمي، أنا أتحمَّل مسؤوليتَهم، أنا موظَّفة، وهنا انتهَى دَوْرُ أهلي.

 

أمَّا أهله فكنتُ أظنُّ أنَّ مِن الواجب أن يكونوا حريصين على أُسرة ابنِهم وأولاده، إنْ لم يكونوا حريصين على زوجته، يمنعونه مِن الإقدامِ على هَدْمِ بيت يضمُّ براعمَ غضَّة، لم تستعدَّ بعدُ لترى الدنيا على حقيقتها، رغمَ عدمِ وجود أي مشكلةٍ بيْني وبينهم، ورغمَ ما يَفصِل بيننا مِن مسافاتٍ شاسعةٍ شجَّعوه على الطلاق، فطَلَّق، وخَطَبوا له فتاةً مِن عائلتهم تَصغُرني بكثير، حازتْ رِضاه ورِضاهم في البداية طبعًا إلى أن يَقضِيَ الله أمرًا كان مفعولاً.

 

نهاية أم بداية محنة؟!

لا أَدْري هل كان طَلاقي نهايةً أم بداية مِحنتي؟ خَلَتْ حياتي من الشِّجار والنِّزاع، وحلَّ محلهما همُّ الجمْع بين واجبِ الأمِّ والأب، وحَسْرَة لا يعرفها إلا مَن عرَف الطلاق.

 

ربَّما كان وجودُ الرجلِ في حياةِ المرأة رحْمَة، لكنَّها رحمةٌ تدفَع ثمنها غاليًا، إنْ بقِي معها أو ترَكها، إنْ كان ممن يُوصَف بالرجولة، وليس له منها إلاَّ الاسم.

 

أختي الظالمة

استحوذتْ عليه زوجتُه الجديدة، منعتْه مِن رؤية أولاده أو الاتِّصال بهم، اشترطتْ عليه عدمَ العودةِ لزوجتِه القديمة، ومَحَتْ من ذاكرتِه كلَّ سنوات جمعتْنا به.

 

وإذا أدرَكَه شيءٌ مِن الندم أو الحنين كانتْ تسارع إلى أهلها، مهدِّدةً له بتركِه حتى يتوبَ مِن زلَّته!

 

لا يحقُّ له أن يقِفَ إلى جانبنا في غَدرات الزَّمانِ وعثراتِه، لا يحقُّ له أن يستضيفَ أولادَه في بيتِه الذي صار بيتَها، لا يحقُّ له أن يُنفِقَ عليهم، فمالُه لها ولأولادِه منها، أمَّا أولادي فأمُّهم موظَّفة، وهذا يَكفيهم بنظرها.

 

كثيرًا ما أذكُر الحديث الشريف: ((لا تسألِ المرأةُ طلاقَ أُختِها لتكفأَ ما في إنائها))؛ فهل أسمِّيها أختًا أم ضرَّة؟

 

بل هي أختٌ ظالمة.

 

هذه حياتي

مرَّتِ السنوات، وكبر الأولاد، وصار لكلٍّ منهم حياته وطريقه، تُفرِّقنا نهارات الأُسبوع؛ لتجمعنا الأُمسياتُ والعطل، وأنا كخيطِ العقد، لا يؤثِّر في جماله، ولكن يمنع حبَّاتِه مِن التبعثُر.

 

ينادونني: ماما، ماذا طبختِ اليوم؟

 

• ماما، تعبتُ في عمَلي كثيرًا، أُريد العَشاء.

 

• ماما، أُريد الشاي، سأفتَح النتَ لأرَى نتائجي.

 

لا أحدَ يغرس يدَه في شَعري، ليقول: كم أنتِ جميلة! أو يقول: كلَّما كَبرتِ كَبِر حبُّكِ في قلْبي.

 

صحيحٌ أنَّ الماء الراكدَ لا يَجري ليصبَّ في هاوية

 

وصحيح أنَّ الماء الراكدَ لا يختلط بمياهِ البحر المالِحة

 

وقد يُعرِّج عليه بعضُ المسافرين المتعَبِين

 

وتنتشر حولَه بعضُ الأزهار والرياحين

 

قد يَعيش فيه بعضُ الأسماك السابِحة

 

أو تَعكِس صفحتُه لألأة نجومٍ زاهية

 

لكنَّه لا يَجري في رِياض مفرِحة

 

ولا تُعَرْبِدُ مياهه برقرقةٍ حانية

 

وقد يَأسَنُ، ويتعكَّر، فلا منظرَ ولا رائِحة.

 

هذه حياتي، حياة أمٍّ موظَّفة مطلَّقَة.

 

تمـت





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
3- أزمة المرأة المتعلمة في زمن الجهل عفوا ..العلم
آسيا - الجزائر 19-12-2014 04:04 PM

إن قصتك أصبحت وضع عام وسائد في هذا الزمن حيث تتراكم فيها الأخطاء بدءا بتربية الفتاة المتعلمة على إظهار القوة وإخفاء الأنوثة .الابتعاد عن الدين.وعدم احتساب الأجر في العلاقات الزوجية وهضم الحقوق.الدنيا ليست كل شيء وسيوفى كل حسابه.وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم

2- روعة
آيه أحمد - مصر 15-10-2011 04:45 AM

رائعة بحق وأكثر من واقعية، وفقك الله في أعمالك، وإلى الأفضل دائما إن شاء الله

1- عبره لمن تعتبر
عبد الناصر - سوريا 12-10-2011 09:44 PM

هناك مثل عامي بيقولو فيه (الواحد ما بيتعلم إلا من كيسو) المشكله بالموضوع أنه يوجد قصص كثيره بحياتنا تضرب لنا بها الأمثال ولكي نعتبر بها ويقولوا أيضا بالمثل الدارج بالعاميه (اللي مالو كبير مالو تدبير ) ومشكلتنا وقت كنا شباب لم تكن لنا تجارب بالحياة ولم نكن نتعظ بكلام الأكبر منا ومن تجاربهم ونؤكد لأنفسنا بأننا الأفهم منهم وهذا لم نكن لنعرفه إلا بعد أن مرت بنا السنون وأصبحنا بدور الأهل الواعظين وأصبحنا نرى أنفسنا بأولادنا حينما كبرو ونسرُ كثيرا حينما نجدهم متفهمين لنصائحنا وننزعج كثيرا حينما يضربوا بها بالحائط وأرجو من الله العلي القدير أن يقرأها غالب الصبايا والشباب لكي تكون لهم درسا في الحياة المقبيلن عليها وأرجو من الله لهم التوفيق

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة