• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

فرحة أم

فارس عبدالله سلمون


تاريخ الإضافة: 18/8/2008 ميلادي - 15/8/1429 هجري

الزيارات: 10535

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
في يوم من أيام الصيف الجميلة, حيث كانت الشمس تظهر في كبد السماء كالملك على عرشه, تلقي بخيوطها الذهبية على الأرض؛ لترصع بها جبينها وتزين بها جيدها, فتبدو كأنها العروس ليلة زفافها, وحيث كانت الأنهار تغني نشيدها فينساب خريرًا عذبًا تطرب له القلوب وتشنف له الآذان, وكانت الأطيار تعزف نشيد الحرية فينطلق زغاريد حب وأمل وتفاؤل..

كان يلوح للناظر هناك في عرض الأفق خيالُ بيت بعيد, اقتربت منه العين لترمقه من كَثَب فإذا هو منزل جميل في تواضعه, متواضع في جماله, وأصغت إليه الأذن لتسمع صوت صبي تلاعبه أمه وتغني له في حب وعطف وحنان, فيضحك لتضحك الدنيا في عينها, وإذا بكى فالكون كله يبكي معه فتنسكب عبراتها..

وفجأةً.. إذا بصوت يرتفع ليشق صمت الكون, ويخترق سمع الزمان, ليدوي في الآفاق, ويملأ جنبات الفضاء, إنه صوت الأم الحنون علا واشتد لما أغضبها ولدها الذي تحب, وفلذة كبدها التي تعشق, وإذا بها لمَّا آسَفَها تفتح باب دارها ليخرج الولد طريدًا من حجرها..

خرج الصغير بجسمه النحيل تخط قدماه الصغيرتان على الأرض قصةَ حزنه وأسفه, انطلق المسكين يجوب شوارع المدينة غير مكترث لما حصل, فهو لا يعي سوءَ فعلته وظلمةَ شقوته, كيف وقد اتخذ قراره جازمًا أن لا يعود إلى بيت أمه وأن لا يرجع إليه بعد أن أفلت من قبضتها, وتحرر من أسرها..

حتى إذا دقت ساعة رحيل النهار وأخذ يلملم ضياءه المنثور, وأوشكت شمس النهار على الأفول فنهضت هي أيضًا لتسحب شعاعها الذهبي المنشور, وبدأ الليل يسدل ستاره الأسود الداكن شيئًا فشيئًا, أخذ الطفل يقلب عينيه الصغيرتين في المكان الذي لفه السواد وغطته الظلمة أو تكاد, ليصحو على حقيقة سافرة مفادها "أنْ لا مأوى له سوى بيت أمه".. أيقن ذلك وتشربت به أفكاره فتشبعت به جوانحه, لتحمل رجلاه النحيلتان ذلك الجسد الضئيل الذي أنهكه بُعْدُ يومٍ عن أمه وكأنه سنة..

بلغ بيت أمه فوجد الباب موصدًا دونه, رفع يده الصغيرة وأمسك حلقة الباب بيده ليقعقعها فاستحيا خجلاً من سوء صنيعته.. فما كان منه إلا أن توسد عتبة الباب وغطَّ في نوم عميق...

تحرك قلب الأم وتسارعت ضرباته لمّا رأت الليل قد أرخى سدوله, والظلامَ قد اشتدت حُلكتُه.. فدارت الدنيا في عينيها مختصرةً في رأسها العمر كله في لحظة..

يا ترى ماذا حلَّ بولدي؟

أين هو الساعة؟

ماذا أكل؟

كيف هو الآن؟

وتوالت التساؤلات.. فقامت مسرعةً وأخذت جلبابها وغطت رأسها لتنطلق بحثًا عن زينة الدنيا وفرحة العمر, هرولت مسرعةً نحو باب الدار، أخذت المقبض وأدارت الحلقة وفتحت الباب لتجد فلذةَ كبدها وقطعة قلبها مفترشًا الأرض متوسدًا العتبة وملتحفًا السماء غارقًا في نومه, فرحت به، بل طارت به فرحًا, أكبّت عليه، حملته، حضنته، سكبت عبرة الفرح على وجنتيه الصغيرتين وهي تمسح شعره, وهو يُجيل الطرف في وجهها المحبب إليه, ثم يدفن وجهه الصغير في صدرها الدافئ ولسان حاله يقول: "أمي أرجوك سامحيني", ولسان حالها يقول: "أي بني من يرعاك غيري؟ ومن يحنو عليك سواي؟"..

يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لَلّهُ أفرح بتوبة العبد من رجل نزل منزلاً وبه مهلكة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه، فوضع رأسه فنام نومةً، فاستيقظ وقد ذهبت راحلته حتى اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله قال: أرجع إلى مكاني، فرجع فنام نومة ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده))؛ [أخرجه البخاري: 5949].

والسؤال الآن: من لنا غير الله تعالى إذا ادلهمت الخطوب, واجتمعت الكروب, وأثقلت كواهلَنا الذنوب؟..

مهما ابتعدت - أيها العبد - فلن تجد غير الله جل جلاله يؤويك, ولن تجد سوى الله سبحانه يمنعك ويعطيك.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
25- بطاقة شكر
فارس عبد الله سلمون - الإمارات 09-05-2009 06:32 PM
إلى أخي الحبيب أبي البراء المصري لك شكري وتقديري
فقد بالغت في ثنائك علي يا صاحب البحر الخضم


وإلى أخي الحبيب صفوان أقول : بارك الله فيك , ورفع قدرك
وأعلى مقامك , وزادك من فضله , فقد أثلجت صدري كلماتك
ونفحت قلبي بعبيرها كلماتك ...
24- وفاء وعهد
صفوان سليمان الابراهيم - سورية الحبيبة 23-04-2009 06:49 AM

بسم الله ما شاء الله عليك يا شيخي
عندما قرات هذه الكلمات المنطوية تحتها كنوز عجيبة ورقائق فريدة تأثر قلبي واقشعر بدني
وتذكرت أيام كنت طالبا وأنت مدرسي كيف كانت تغمرنا السعادة في درسك ونشعر بلذة العلم وثمرته وطيب نفحاته

أرجو أن لاتنساني من الدعاء يا استاذي

23- قربت إلي بعضا معاني الرحمة الإلهية
يحيى المصري أبو البراء - الكويت 13-12-2008 09:42 AM
يتفاوت الناس في مدى إدراكهم حقيقة رحمة الله عزوجل بعباده ، ويختلفون في مقدار استشعارهم هذه الحقيقة، لكنهم لايختلفون في إدراك رحمة أمهاتهم .
فجاءت قطعتك الأدبية لتقرب إلى أفهامنا وعقولنا الباردة معاني رحمة الله عزوجل
22- شكراً لك
فارس عبد الله سلمون - الإمارات 30-11-2008 10:24 AM
أخي الحبيب الأستاذ بلال أشكرك جزيل الشكر

على تعليقك الطيب , وعلى دعائك لوالدي رحمه الله

ووالدتي التي أسأل الله تعالى أن يمن عليها بالشفاء التام
21- زادك الله
بلال صطوف - دبي 29-11-2008 08:55 AM
جزاك الله كل خير على هذه القصة الهادفة
أسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتك
وأن يغفر لوالدك ويشفي والدتك ويعافيها
20- شكراً لكم
فارس عبد الله سلمون - الإمارات 27-11-2008 11:22 PM
الأخوة الكرام والأخوات الكريمات
أرجو المعذرة منكم جميعاً فقد تأخرت في رد جميلكم
ولكن سعة صدركم أوسع من اعتذاري إليكم
فشكراً لك يا سيدتي أم عبد الله وبارك الله فيك ..
وشكراً لك أخي الحبيب الأستاذ محمد أيوب ..
والشكر كل الشكر بعد الله جل وعلا لوالدتي الحبيبة أسأل الله تعالى أن يشفيها وأن يبارك في عمرها ..
وأشكر أخي الحبيب الأديب أبا محمود وأقول ولك بمثله ..
والشكر موصول لكل الإخوة والأخوات .. ممن قرأ أو علق أو عقب أو دعا ..
19- بعد دعاء أمك لك ماذا أقول؟؟
أبو محمود - الكويت 11-11-2008 09:25 PM
هنيئاً لك برضى أمك بل برضى والديك
حفظك الله وثبتك وأجرى الخير على يديك ولسانك وقلمك
18- دعوة أم
أم فارس - حمص 29-08-2008 11:29 PM
ما أجمل أن ترى الأم ابنها يكبر مع الكبار ويصبح فارسا مقداما مع الفوارس ، رب احفظ ولدي يارب العالمين من كل عين ....
17- بارك الله بك
محمد أيوب - سوريا 29-08-2008 05:10 PM
السلام عليكم

بارك الله بك شيخ فارس وجزاك الله خيرا

قصة جميلة ومعبرة ولها مغازي عميقة جدا

قال تعالى : وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه

الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم)

نسأل الله عزوجل أن يفيض علينا من رحمته وخصوصا مع قدوم شهر رمضان المبارك


والسلام عليكم
16- رب يعبد
أم عبد الله - الإمارات 29-08-2008 02:04 PM
لاإله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
يجيب الدعاء ويغفر الذنوب ويمحو السئيات لا بل يبدلهاحسنات إذا لزم العبد الاستغفار إنه رب عظيم رب كريم رب كبير
رحماك ربي
وجزاك الله خيرا شيخنا الفارس
1 2 3 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة