• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

وردة حمراء في ميدان الموت (قصة قصيرة)

مصطفى شيخ مصطفى


تاريخ الإضافة: 28/2/2011 ميلادي - 24/3/1432 هجري

الزيارات: 9607

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مرَّ على صديقِه أبي سامر، وكانَا تواعدَا على الذَّهاب إلى السوق لقضاءِ بعض الحاجيات، قرَع الباب فاستقبلتْه الصغيرة أمل: أهلاً أهلاً يا عمَّاه، تريدون الذهاب إلى السوق؟

 

• نعم يا بُنيَّة.

 

• أوصيتُ أبي أن يجلبَ لي وردة حمراء اللون، طيِّبة الرائحة، أنا أحبُّ الورد يا عمِّي، ذكِّرْه بها رجاءً.

 

• حبًّا وكرامة، لن ننساها، وكيف ننسى أمرًا للغالية؟! سنجلب لك مجموعةً مِن الورد.

 

• لا، لا يا عماه، أُريد واحدةً فقط.

 

• وما تفعلين بوردة واحدة؟

 

• بَيني وبينك، أُريد أن أُقدِّمها لأبي! آه يا عمِّ كم يتْعَبُ مِن أجْلنا!

 

• حسنًا، لك ما ترغبين.

 

دخَل إلى غرفة الضيوف ليجدَ صديقَه بانتظاره، خرجَا إلى السوق ومِن محل لآخر جلبَا ما يلزم مِن حاجيات.

 

• أبقِي لنا حاجة؟

 

• نعم، بقيت وردةٌ حمراء للغالية أمَل، أوصتْني أن أذكِّرك بها.

 

• شكرًا يا صديقي، لقدْ كنت ناسيًا.

 

• لا تهتمُّ؛ على الناصية القريبة محلٌّ لبيع الورود.

 

اختار أبو سامر وردةً مِن بين مجموعة مِن الورود، دفَع إلى البائع ثمنها، مضَى ورفيقه أبو علاء يريدانِ العودة.

 

• فلنبعد عن الدوَّار.

 

• لا يا أبا علاء، بل نجتازه؛ فنختصر الطريق.

 

• كما تشاء يا عزيزي.

 

عادَ إلى منزله بعدَ أن جرَف التيار واحدًا من أحبِّ أصدقائه إلى طاحونة لا تُشبِه طواحين الزمن الماضي في شيءٍ، فهي تقضم بأسنانها البشَر، ولا يعترض طريقَها شابٌّ، ولا يقف في "زورها" كبير ولا صغير، ولا تقول لأحدٍ: لا، تُرحِّب بالقادمين إليها أو دونما ترحيب تعصِف بأحدهم وتلفُّه في دياجيرها، كانا في الموعد، لم يكونَا "عينًا تقاوم مخرزًا"، وهمٌ قديم حذَّرَ منه مَن خبَر الحياةَ قبلهما، اخترقا الجموعَ الهادرة المنددة، هو أسماها: طاحونة الموت، تجذب إليها جموعَ الشباب المحتبس بقوَّته وقُدرته؛ ليرى أمامه المجال رحبًا لتفريغِ هذه القوة، فقدْ غادر ماردُ الشباب قُمْقُمَه، وألْقى بنفسه في المصبِّ المؤدِّي إلى هذه الطاحونة، طاحونة المياه التي أبدعها الإنسان لخدمة ذاته، يستطيع الطحَّان أن يُوقِفها فيحول المياه عنها، أما طاحونة الموت، فلا يقف في وجهها أحد.

 

كان أبو سامر صاحبه الأقرب إلى نفْسه وإلى قلبه، تماثُل في التوجُّهات، وطِيبة في القلب ظاهرة، وصديق قلَّ مثله، وندر نظيرُه، خطفتْه طاحونة الموت، وكان يمسك بيدِه يسيران معًا ظِلَّين متوافقين.

 

التفتَ أبو علاء إلى صديق عمرِه أبي سامر، وقد دهستْه سيارة الأمن، يا إلهي، سيَّارة الأمْن تدهَس الناس؟! لم يكن الحادثُ عرضًا، وإنما كان عن سبْق قصْد وتصميم، لكنَّه وصديقه لم يكونَا يرفعانِ لافتة، ولا يُندِّدان بنظام، ولا يطلبان أمرًا، وإنما يَعْبُرانِ الطريق إلى منزلهما الكائن بالقُرْب من دوار الموت.

 

اختلطتِ المفاهيم في ذِهنه، وعصفتِ الحادثة بفِكره وعقله، لكن صديقه الوحيد كان كتلةً من لحم تنزف دمًا، ولم يعد يتحرَّك، وكان ولم يعد يتكلَّم، وكان ولم ينهض وكان... ملأ الصياح والهتاف المكانَ، وتوجَّهت الجموعُ الهادرة إلى صديقه تحمله؛ علَّها تصِل به إلى مشْفًى، برز من بينها شابٌّ بهيُّ الطلعة، موفور الجمال يتوجَّه إلى أبي سامر، وقد صاحتِ الجموع: وسِّعوا للطبيب ليفحصه، وضع إصبعَه على رقبته، نظَر في عينيه، ثم قبَض بأنامله على يدِه، لا شيءَ يوحي بالحياة، ثم أطلق حُكْمه: لقدْ فارق الحياة.

 

سُجِّي أبو سامر بما توفَّر مِن ثياب، وقد أشعل الطواغيت نارًا طالتْ حياتَه، كان يريد العودةَ إلى البيت حاملاً طعامًا إلى أهله وذويه، لكن فأس الموت أصابه.

 

تسمَّرَ أبو علاء في مكانه، وغصَّتِ الكلمات في حلقومه، وتلبَّد لسانه، وبقي واجمًا على ضفاف الموت، رحَل صديقه أبو سامر ولا عودةَ، ولكن مَن لسامر وإخوته وأخواته؟! كانتِ القضية أكبرَ مِن أن تُوصَف، وكانت الدموع غزيرةً تسير سادرةً منحدرة كأنها حبَّاتُ المطر.

 

توجَّهتِ الجموع الهادرة إلى أبي سامر تحمِله، وكان بطلاً مِن أبطال الميدان، لفَّتْ به الساحة، وهتفت وهتفت، لكنَّ أبا سامر لم يكن كذلك في عيون السلطان ومناصريه، كان أحدَ المخرِّبين الخارجين عن السلطان، شعر أبو علاء أنَّ صديقه أبا سامر عُملةٌ رآها كلُّ فريق من وجه، أما هو فقد قرأ أبا سامر ورآه وخبَره عملةً نادرة ضاعتْ وبُدِّدت في أوْج الخِصام، وذروة الصراع، سمع أبو علاء صوتًا مِن داخل سيارة الخوف: نجَحْنا؛ لقد أصبْنا أحد الخارجين عن القانون، هذا مصيرُ كل إرهابي!

 

ذهَب المحتجُّون بجثَّةِ صديقه، ولم يجد أبو علاء أمامَه إلا حاجياتِ أبي سامر، لمح فيها الوردةَ التي أوصتْه بها أمل، لملم حاجياتِ صديقه، ومضَى بها إلى ذويه، دفَعَها مع أحد أبناء الجيران ليوصلَها إلى منزل صديقه، واختفى ليحضِّر ما يلزم للدفن، استعان ببعض الأصدقاء، صُلِّي على أبي سامر، ووُضِع في قبره ووُرِّي التراب، لكن أمل الصغيرة برزتْ مِن بين الجموع، واتَّجهتْ إلى القبر تحمِل وردةً وضعتْها على قبر أبيها، وهي تبكي، بكَى أبو علاء وبكَى الجميع.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة