• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

الفرصة

نبيل الحاج


تاريخ الإضافة: 7/12/2010 ميلادي - 30/12/1431 هجري

الزيارات: 5986

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خرَج عبدالصمد من بيته تاركًا أُمَّه في حَيرة بعد مكالَمة هاتفيَّة غيَّرتْ ملامحَ وجهِه ونَبرات صوته، فخرج والسرور والسرعة تُرافقانه، لا يلوي على أحد مُتَّجِهًا صوب بيت صديقه وزميل دراسته، ورَفيق هَمِّه وأخي دعوته، فوصَل يحمل الخبر السارَّ، والذي لَم يرضَ بنقله تليفونيًّا؛ فهو أجَلُّ من أن تغيبَ الوجوه عند الفرح به، وصَل إلى بيت صديق العُمر "عبدالقَيُّوم"، وما أن فتحَ له الباب، حتى فتَحَ فمَه بنقْل الخبر السارِّ مباشرة، وتعانقتِ الأبدان وطَرِبَتِ القلوب؛ فقد جاءَه اتصال من الجامعة الإسلاميَّة في المدينة النبويَّة يخبره بقَبول ملفِّه، وعليه أن يقومَ بالإجراءات اللازمة؛ ليبدأ الدراسة في العام القادم، وفي أثناء تلك الفرحة الغامرة إذا برنَّات تليفون عبدالقيوم ترتفع، وكاد فرحهما بفوز عبدالصمد يحولُ بينهما وبين الردِّ على التليفون، لكنَّ توالي الرنَّات أجبرهما، وما أن أخَذَ عبدالقَيُّوم التليفون وبدأ يتفحَّص الرقْم لعلَّه لا يستحقُّ أن يقطعَ فرحتهما، إذ به يرى رقْمًا دوليًّا، فبدأت الفرحة تتعاظَم والمحبَّة تتدفَّق، والشوق إلى سَماع المكالَمة يعمُّ، فقد أرسلا ملفَّيهما مع بعض المعتمرين إلى الجامعة الإسلاميَّة معًا، واكتملتِ الفرحة وجاء الخبر بقَبول عبدالقَيُّوم أيضًا، وها هي رحلة رُفقاء العمر تستمرُّ بهم سويًّا.

 

انتشرَ الخبر بين الأهل والمحبِّين والمحيطين، وخاصة جماعة المسجد الذين يؤمِّلون في عبدالصمد وعبدالقيوم الكثيرَ والكثيرَ، وبدأ الحديثُ عن الشيخين الجليلين بعد عودتهما، وقد تَلقَّيا العلم في مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم جاءا ليعلِّما الناسَ، ويجدِّدا الدِّين، ويَهْدِما البِدَعَ، ويُعيدا الناس إلى الدِّين الصحيح بعد عقود الشيوعيَّة المظْلِمة، والتي لَم تُبْقِ من الدِّين إلا بِدَعًا وأسماءً ما أنزَلَ الله بها من سلطان.

 

بدأ الجميع يَحْلُم بيوم العودة ليبدأ عهْد جديدٌ، ومرَّت الأيام سريعًا، وجاء موعد السفر المبارَك، وفي ليلة السفر أُقيمَ حفلُ توديعٍ متواضع في المسجد، وتبادَل الجميع الفرحةَ، ووزَّعوا الآمال، وخَطَّطوا وتبادلوا الأحلام بعودة الشَّيْخَين.

 

وفي الصباح الباكر - وقبل التوجُّه إلى المطار - توجَّهَا إلى بيت أستاذهم الذي حبَّب إليهم العلمَ واعتنى بتربيتهم تربية إسلاميَّة، بيت إمام المسجد، فقام مودِّعًا لهما داعيًا لهما بالتوفيق، فَرِحًا بثمرته التي اعتنى بها عناية خاصة، وقبل الانصراف الأخير قال لهما: يا بَنِي، إنَّ الدراسة في الجامعة الإسلاميَّة والسكنى في مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرصة لنْ تتكرَّر؛ فأوصيكم باستغلال كلِّ دقيقة فيها بما يحقِّق هدفَ ذهابكم إليها، ثم قاوَم دمعة كادتْ تخرج، وأخفى عَبْرَةً، وعانقهما مُبتسمًا مُستمرًّا في دعائه.

 

انطلقَا نحو المطار، وما هو إلا يومٌ وليلة، وإذا بهما في موقف لَم يتمالَكَا القُدرة على منْع الدموع وهما يدخلان المسجد النبوي، ويُصَلِّيان ركعتين في الروضة الشريفة، ويقفان أمام القبر الشريف - على صاحبه أفضل الصلاة وأتمُّ التسليم، وصاحبيه رضي الله عنهما - فيسلِّمان ويُعْلِنان بدايةَ حياةٍ جديدة.

 

بدأت الدراسة وانطلق عبدالصمد وعبدالقَيُّوم بِهمَّة ونشاط؛ عملاً بوصيَّة أستاذهم إمام المسجد، فقد اتَّفَقَا على أنْ يجعلاها أمام أعينهم دائمًا، كان عبدالصمد مُحِبًّا للفِقه، فاختار كلية الشريعة، وأمَّا عبدالقَيُّوم، فاختار كلية الدعوة، وهنا افترقا في الكليَّة، لكنَّهما لَم يَفْتَرِقا في الْهَمِّ والْحِرْص، ومرَّتِ الأيام مُشبَعة بالْحِرْص والتحصيل والْهِمَّة العالية، حتى عُرِفا بين زملائهما بذلك.

 

تعرَّف كلٌّ منهما على أصدقاء وزملاء جُدُد ومِن جنسيَّات مختلفة، وكان من حظِّ عبدالقَيُّوم أن تعرَّف على "بدر الدين" وتطوَّرتِ العلاقة بينهما، حتى أصبحتْ صَدَاقة، وفي لحظة تحوُّل، كان عبدالقَيُّوم ما زال على العَهْد من الْحِرْص والتحصيل، أوْقَفَه صديقُه الجديد قائلاً: لماذا تجتهد هكذا؟ فأجاب عبدالقيوم بكلِّ ثِقة: إنَّ وجودي في المدينة والجامعة فرصة يجبُ أن أستغلَّ كلَّ دقيقة فيها في تحقيق هدفي.

 

فقال له ناصحًا - وليتَه لَم -: صدقتَ؛ إنَّ وجودَك هنا فرصة ويجب أن تستغلَّها، ولكن بالبقاء أطول فترة مُمكنة؛ لتُحَقِّق أهدافًا وليس هدفًا، وبدأ يقنعه بأفضليَّة البقاء في المدينة عمدًا، وأسهل طريقة أن يدْرسَ السَّنة في سنتين، ولا يستعجل النجاح، وبدا يزيِّن له البقاء بحُجج ظاهرها السلامة والصحة، وخلفها خورٌ وعجزٌ وحُبٌّ للدنيا، وكل يوم يُلْقِي في روعه شيئًا من ذلك؛ حتى تمكَّن منه وأثَّر عليه، شعر زميله الذي ما زال على العهْد بتغيُّره، حاوَل معه ولكن الناصح الخائن كان كلَّ يومٍ يَلتَقِي به في الكليَّة، ويزرع فيه تلك الأوهام، لَم يتغيَّرْ ولَم يستسلمْ عبدالصمد، استمرَّ في اجتهاده واستغلاله لفرصة وجوده في المدينة بطلب العلم، وظهرتْ نتيجة السَّنة الأولى بتفوق عبدالصمد ورسوب عبدالقَيُّوم، طارت السنون كالرياح، وها هي السَّنة الرابعة تنتهي ويتخرَّج عبدالصمد بتفوُّقٍ أيضًا كما بدأَ، وانتقلَ بضَعفٍ عبدالقيوم إلى السَّنة الثالثة.

 

عاد عبدالصمد إلى بلده؛ ليباشرَ مُهمَّته الرئيسة: الدعوة إلى الله وتعليم المسلمين دينَهم، وانتشر خبرُه وخرَج إلى باقي الأحياء، فالمدن، فالبلاد كلِّها، وارتقى، وما هي إلا سنتان، وإذا به يُعَيَّن مديرًا لشؤون المسلمين في بلدِه، واستطاع أن يواصِل دراسته العُليا في إحدى الجامعات العالميَّة.

 

بعد سنين من التأخُّر واستغلال خاطئ للفرصة، عاد عبدالقَيُّوم إلى بلده، وبينما هو في المطار يستعدُّ لدخول بلده، يسمع صوتًا مدوِّيًا، لكنَّه ليس بغريب على سَمْعه؛ مما شدَّه نحوه، ومما شدَّ انتباهه أيضًا أن هذا الصوت يجيبُ على أسئلة المستفتين من المسلمين بلغة البلد، ركَّز فوجَد أن الصوت ينبعث من تلفزيون وُضِع في الصالة، اقتربَ منه، فالصوت يعرفه جيدًا، وجَدَ مكتوبًا على شريط الشاشة: الشيخ والداعية الإسلامي: عبدالصمد، مدير شؤون المسلمين.

 

تسمَّر في مكانه، ولولا تنبيهُ ابنته لَمَا تحرَّك، خَرَج وهو لا يدري: أين يذهب؟ وماذا يقول؟ تذكَّر الأهل والأصحاب، لكنَّ أشدَّ ما كان يخافه أن يراه إمامُ المسجد، فماذا سيقول له؟ تمنَّى ولاتَ حينَ ..، تمنَّى لو لَم يأتِ، عَرَف مرارة الفراق بينه وبين صديق حياته.

 

كان لا بد له أن يصِلَ، وصَلَ ليلاً، واختفى أيَّامًا، بدأ يبحث عن عمل، أيّ عملٍ؛ فلا بدَّ له من عمل، بلغه خبر عن حاجةٍ لإمام مسجد، قدَّم ملفَّه المتواضع، وصَل ملفُّه إلى المسؤول عن شؤون المسلمين في وزارة الأديان، إلى الشيخ عبدالصمد.

 

استدعاه، فذهب فرحًا بالْخَلاص من الهمِّ، فوجَدَ زميله - شيخه - يرِّحب به، على جَمْرٍ جَلَس، ووقَع في حَرَجٍ، تمنَّى الموت، أخذتِ الْجلسة وقتًا مرَّتْ فيها ذكريات ودمعات وآهات، عَرَف فيها الشيخ عبدالصمد أنَّ صديقَه خَسِر ما جَمَع من مال في تجارة مع صديقه الآخر، وخَرَج عبدالقيوم بتعيينه إمامًا لمسجدٍ في حَيٍّ من أحياء المدينة وتحت التجربة، فعبدالصمد صديقٌ قديم، لكنَّه لا يرضى أن يضعَ مَن لا يستحق في منصب الإمامة، فأعطاه فرصة؛ ليُثبتَ صلاحيَّته، وإلاَّ سيضطر لفَصْلِه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة