• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية


علامة باركود

العدمية

قحطان بيرقدار


تاريخ الإضافة: 4/11/2010 ميلادي - 27/11/1431 هجري

الزيارات: 14899

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العدمية: مذهب أدبي وفلسفي، اهتم بالعدم باعتباره الوجه الآخر للوجود، بل هو نهاية الوجود، وبه تُعْرَفُ حقيقةُ الحياة بعيداً عن النظرة المثالية والنظرة الواقعية السطحية.


وينفي العدميُّ شديدُ التطرف وجود أي شيء. بينما يقول الاعتقاد العدمي الأقل تطرفاً، والذي يدعى الشكوكية: إن معرفة الأشياء غير مؤكدة. ويقوم الاعتقاد الشائع غالباً للعدمية على أنها الرأي الخاص بعدم وجود قيمة مطلقة.


وقد ظهرت لفظة (عدمي) لأول مرة، بوصفها استخداماً شائعاً في أواسط القرن التاسع عشر الميلادي في روسيا. وكانت تُطلق على المتطرفين المناوئين للقيصر، الذين ارتكبوا أعمالاً تخريبية ضد الحكومة. واستخدمت العدمية بصورة أكثر اتساعاً لتشير إلى كل تحد للسلطة.


ووصف (إيفان تورجنيف) أحد العدميين في روايته (الآباءوالأبناء) قائلاً إن تلك الشخصية تؤمن بالعقل وبتصور علمي للكون، لكنها ترفض المعتقدات الدينية والقيم الأخلاقية التقليدية. وقد انتشرت العدمية في فرنسا وإنكلترا بشكل خاص، وفي العالم الغربي عامة.


من أهم الشخصيات العدمية في مجال الأدب: (ديستوفسكي) الروائي الروسي، وفي مجال الفلسفة (نيتشه) صاحب مقولة (موت الإله).


والعدمية ترى أن الوجود الإلهي وعدمه سواء، ولا يحسن أن يجهد الناس أنفسهم في هذا الموضوع. والمؤرخون يفرقون بين الإلحاد والعدمية من حيث أن الملحد يختار جانب الإلحاد الصريح، أما العدمي فيرى أن المسألة سواء: يستوي الوجود الإلهي وعدمه، وهذا المذهب مرفوض إسلاميّاً لأننا مطالبون أولاً بتقرير الوجود الإلهي والتوحيد الخالص، وثانياً بتقرير ارتباط قيام الأخلاق على التشريع الإسلامي في مصدرية الأساسيين.


برزت العدمية في روايات الواقعية النقدية لـ (غوستاف فلوبير:1821م – 1880م)، و(بلزاك: 1799م – 1850م)، وفي روايات الواقعية الطبيعية لـ (إيميل زولا:1840م – 1902م) في القرن التاسع عشر. إلا أن الأديب الفرنسي (غوستاف فلوبير) هو المعبِّر الأولُ عن العدمية في رواياته، ثم أصبحت مذهباً أدبياً لعدد كبير من الأدباء في القرن التاسع عشر.


ويُعد الشاعر والناقد (جوتفريد بن: 1886 – 1956م) من أبرز العدميين الذين أوضحوا معنى العدمية كمذهب أدبي، إذ قال بأن العدمية ليست مجردَ بَثِّ اليأس والخضوع في نفوس الناس بل مواجهة شجاعة وصريحة لحقائق الوجود!


وقد رحب هذا الشاعر بالحكومة النازية عندما قامت في الثلاثينيات من القرن العشرين على أساس أنها مواجهة حاسمة للوجود الراكد. إلا أنه عُدَّ عدواً للنازية لأنه قال بأن البشر متساوون أمام العدم والفناء وليس هناك جنس مفضل على غيره. وقد صودرت جميع أعماله الأدبية عام 1937م.


ترجع العدمية في أفكارها إلى مسرحيات الإغريق القدامى التي تصور الإنسان وصراعه مع الأقدار وكأنه صراع ضد فكرة العدم، إلا أن العدمية لم تبلور العقيدة الدينية في الحياة والموت.. في الإيمان الذي يبعث على عمل الخير والجد والاجتهاد من أجل إعمار الأرض لتكون الحياة عليها سعيدة مطمئنة، وإنما اقتصرت على تصوير معاني العدم والجانب السلبي في الحياة، على نحو يوحي بأن العدم هو الوجود الخالد. وطالما كان الأمر كذلك فإن الإلحاد يحيط بالعدمية من كل جانب.


ويرى العدميون أن الإنسان خُلق وله إمكانات محدودة، وعليه لكي يثبت وجوده، أن يتصرف في حدود هذه الإمكانات، بحيث لا يتحول إلى يائس متقاعس أو حالم مجنون. فالبشر يتصارعون، وهم يدركون جيداً أن العدم في انتظارهم، وهذا الصراع فوق طاقتهم البشرية، لذلك يتحول صراعهم إلى عبث لا معنى له.


يهدف الالتزام الأدبي في نظر العدمية إلى النضوج الفكري للإنسان ورفعه من مرتبة الحيوان الذي لا يدرك معنى العدم. فالتزام العدمي ينحصر في تذكير الإنسان بحدوده حتى يتمكن من استغلال حياته على أحسن وجه.


والعمل الأدبي عند العدميين يثبت أن لكل شيء نهاية، ومعنى العمل الأدبي يتركز في نهايته التي تمنح الدلالة للوجود، ولا يوجد عمل أدبي عظيم من دون نهاية وإلا فقد معناه، وكذلك الحياة تفقد معناها إذا لم تكن لها نهاية. والرومانسية المثالية في نظر الأديب العدمي مجرد هروب مؤقت لا يلبث أن يصدم الإنسان بقسوة الواقع وبالعدم الذي ينتظره، وقد يكون في هذا الاصطدام انهياره أو انحرافه.


وتهدف العدمية إلى إلغاء الفواصل المصطنعة بين العلم والفن، لأن المعرفة الإنسانية لا تتجزأ في مواجهة قدر الإنسان، وإذا اختلف طريق العلم عن طريق الفن فإن الهدف يبقى واحداً وهو المزيد من المعرفة عن الإنسان وعلاقته بالعالم، فاتهام العدمية بالسلبية وإشاعة روح اليأس، يرجع إلى الخوف من لفظ العدم ذاته وهذه نظرة قاصرة، لأن تجاهل العدم لا يلغي وجوده من حياتنا، فالعدمية - وَفْقَ رؤيتهم - ليست مجرَّد إبراز الموت والبشاعة والعنف والقبح، ولكن الأديب العدميّ هو الذي ينفذ من خلال ذلك إلى معنى الحياة، وبذلك يوضح أن العدم هو الوجه الآخر للوجود، ولا يمكن الفصل بينهما لأن معنى كل منهما يكمن في الآخر.


إن العدمية مذهب أدبي فلسفي يَعدُّ العدمَ نهايةَ الوجود، ووَفقاً لهذا المذهب ينحصر التزام العدمي في تذكير الإنسان بحدوده حتى يستغل حياته استغلالاً عدميّاً، ينضج معه فكر الإنسان، حسب زعم هذا المذهب، نضجاً يرفعه من مرتبة الحيوان الذي لا يدرك معنى العدم إلى مرتبة الأديب المدرك له والذي يلغي الفواصل المصطنعة بين العلم والفن، فالأديب العدمي هو الذي ينفذ من خلال الموت والبشاعة والعنف والقبح إلى معنى الحياة العدمية، فالعدم هو الوجه الآخر للوجود.. ولا شك في أن هذه الأفكار لا تخدم أيَّ فكرة أخلاقية أو دينية، بل إنها تتنافى كلِّية معهما.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة