• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

حرزم وحرازم (قصة قصيرة)

ضياء محمد فتحي


تاريخ الإضافة: 27/10/2010 ميلادي - 19/11/1431 هجري

الزيارات: 5965

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

في مكان ما داخل القرية، تلاصَقَ منزلان ببعضهما، الأوَّل يطلُّ مباشرة على النهر، ويسكن فيه "مهران" وزوجته "مهر" وهو بسيط، ولا يَليق إلا برجلٍ رقيق الحال، أمَّا البيت الآخر، فموضعه في ظَهر البيت الأوَّل، ويبعد مسافة عن النهر، ويسكنه "حرازم" وزوجته "حرزم"، وهو كبير وله حديقة واسعة.

 

كان "مهران" له قطعة أرض على ضفَّة النهر يزرعها وينفقُ على نفسه من حصادها، وفي أيَّام يذهب للناس ويَقضي لهم حاجاتهم، ويؤجرونه على ذلك، كان لا يتحدَّث إلا قليلاً، ويعمل أكثر مما يتكلَّم، وأحبَّه الناس في القرية؛ لحُسن خُلقه، وبعد عمل شاقٍّ يعود إلى زوجته "مهر" أجمل فتيات القرية كما يجب أن يُقال، وأفضلهم خُلقًا، فتُطْرِبه بأحسن الكلمات الممزوجة بالصِّدْق والرِّقَّة.

 

أما "حرازم"، فكان رجلاً أنيقًا، يرتدي أفضل الثياب وأغلاها ثمنًا؛ فقد حصَدَ من تجارته نفقات تَكفيه ألف عام، وكانتْ زوجته "حرزم" أقوى منه في الرأْي، فغالبًا هي التي تُسيطر على كلِّ الأمور، وتبقى كلمتُها هي العُليا.

 

كانتْ "حرزم" عندما تنظر من شُرْفتها العالية وترى "مهر" جارتها الفقيرة، تشعر بالغَيرة الشديدة؛ لأنها ليستْ في جمالها، فكانتْ تتمنَّى أن يُؤخَذَ منها أيُّ شيءٍ وتحظى ببعضٍ من ذلك الجمال الساحر، ومع الأيَّام ازدادت الغَيرة، وأصبح الوضْعُ أصعبَ من أيِّ وقتٍ مضَى، فأخذتْ "حرزم" تفكِّر في حلٍّ يخرجُها من تلك الحالة السيِّئة، ولم يتبادَرْ إلى ذِهْنها في تلك اللحظة سوى الشَّرِّ بعينه، وقرَّرتْ أن تبعدَ تلك الفاتنة من هذا المكان، فلا تجد ما يذكِّرها بأنَّها ليستْ على قَدْرٍ من الجمال، أو بأنها بَدِينَة إلى درجة مُقززة، أو حتى بصوتها الذي يُشبه صوت الرجال في خشونته، وبعد جُهْدٍ ووقتٍ كثير استقرَّ في ذِهْنها فكرة تُحقِّق بها مُرادها، ولَمَّا ذهبتْ لزوجها "حرازم" وعَرَضتْ عليه الأمر رفَضَ، ونَعَتَها بالحَقُود، والواضح أنَّه أخلفَ عادته؛ لأنه دائمًا كان ينعتها بالمجنونة، عمومًا الفرقُ ليس كبيرًا، لكن تلك المرأة بما تتمتَّع به من مَقْدرة على الإقناع بحُكم ما يميِّزها من صفات تَفْصلها عن عالم الأنوثة، استطاعتْ أن تزحزحَه عن رأْيه، وكانتْ فِكرتها أن يذهبَ زوجُها لتاجر اسمه "راشد"، ويتَّفق معه إذا أتاه "مهران" يطلب بيعَ منزله فيشتريه منه، ومِن ثَمَّ يشتريه "حرازم" من التاجر، وبعد ذلك يَستدعي زوجها "مهران" الفقير إلى منزله بحجَّة أنَّ لديه متاعًا يَوَدُّ نقْلَه لمكان آخرَ خارج القرية، ويتحدَّث "حرازم" وزوجته "حرزم" بصوتٍ عالٍ مسموع عن فيضان قريب سوف يَجْلب الهلاك للقرية، وأنَّ البيوت القريبة من النهر سوف تَغرق كلُّها، وأنَّ "راشدًا" التاجر يشتري البيوت، وحتى تكتمل الخُدْعة، يُظْهران اندهاشَهم من ذلك التاجر الذي يشتري البيوت بأسعارها، على الرغم من أنَّه يعلم أنَّ الفيضان سوف يُدَمِّرها تدميرًا، وبالفعل قامَ الزوجان الماكران بتنفيذ مَكيدتهم، وأوهَمَا "مهران" المسكين بالفيضان، فعادَ إلى زوجته مهرولاً، يحكي لها ما سَمِع، وتوجَّه "مهران" على الفور إلى "راشد" التاجر، وباعَ له بيته وأرضه، ثم أتَى "حرازم" التاجر وأكمل معه الاتِّفاق، واشترى منه الأرض أيضًا بسعرٍ أعلى، كما نعرف أنَّ "مهران" رجلٌ طيِّب القلب، ولم يرضَ أن يذهبَ ويترك الناس خَلفه يغرقون، فراح يدعوهم بأنْ يهجروا القرية، ويفعلوا مثله، لكنَّ الشيء الذي أثارَ دهْشتَه أنْ لا أحدَ داخلَ القرية يعلمُ بأمر الفيضان على الإطلاق، وأنَّ أناسًا من القرية أكَّدوا له أنَّ مَن قال له ذلك قد كَذب عليه، وحينها ملأ الغضب قلبَه، وذهب إلى التاجر؛ ليردَّ له نقودَه، ويردَّ الأخيرُ البيت،  لكنَّ التاجر رفَضَ، ولَمَّا أصرَّ "مهران"، حَكَى له "راشد" التاجر كلَّ ما كان من جاره "حرازم" وزوجته، وكانتْ كل كلمة يقولها التاجر تسقطُ على رأْس صاحبنا المضحوك عليه، وكأنَّها حجرٌ ثقيل، وذهَب "مهران" ومعه زوجته "مهر" لجاره، لكنَّ الأخير استقبله ببرودٍ شديد، ونظرتْ "حرزم" في وجْه "مهر" نظرة يحتويها التشفِّي، وتحدَّثتا لكن بلا فائدة.

 

رحَلَ "مهران" إلى مكان بعيدٍ خارج القرية بين جَبَلين، وشيَّدَ بيتًا له، وفي يومٍ مرَّ به رجلٌ كان على سفر، فأكرمه وأنزله في جانبٍ من منزله، ولَمَّا عرَفَ المسافر أنَّ "مهران" مزارع، قدَّم له نوعًا من البذور جاء به من بلاد بعيدة، وغير موجود في هذه الأرض، ودعاه إلى أن يقومَ بزراعته، فاشترى قطعة أرض وقام بزراعتها، ولَمَّا حصَدَ ما زرع، باعَه للمسافرين وأصبح من التجَّار، ومع مرور الأيَّام ذاعَ صيتُه، وعُرِف بين القوافل والرَّحَّالة، وصارَ من الأغنياء، وبعد سنة أنجبتْ زوجتُه ولدًا، ومرَّت بعدها سنتان، وفي يوم أراد "مهران" توسيع تجارته، فنزل إلى القُرَى المجاورة له، بموكبٍ يليق به هو وزوجته وابنه، ومِن ثَمَّ وصَل لمكان قريته القديمة، وهنا كانت المفاجئة، كان الناس غير الناس، والبيوت ليستْ كما ترَكَها، ولاحَظَ أنَّ هناك شيئًا غير طبيعي قد حَدَث، ولَمَّا سَأل رجلاً من أهْلها، عَرَف أنَّه من ثلاث سنوات أغْرَقَ المدينة فيضانٌ، ولم يبقَ شيءٌ على حاله، ومات الكثير من الناس، ولَمَّا سأل عن "حرزم وحرازم"، قالوا: إنَّ الفيضان أغرقَهم أوَّل ما أغْرَقَ، فبكتْ "مهر" عند سماعها، وكان بكاؤها على الناس الطيبين الذين فَقدوا حياتهم.

قال "مهران": "لا تبكي؛ إن الله انتقمَ لنا".

قالتْ "مهر": "لكن هناك مَن لم يقترفْ ذنبًا".

قال "مهران": "لا يستوون".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- جزيتم الخير
يوسف محمود - مصر 11-11-2010 12:03 AM

هنا في الألوكة أجد أن متعة التصفح لا تفوقها متعة.. قصة محبوكة بشكل عجيب ما شاء الله رائعة

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة