• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / مع الكُتاب


علامة باركود

يا نجد يا حبيبتي!

آمنة بنت عبدالله بن محمد


تاريخ الإضافة: 16/8/2010 ميلادي - 6/9/1431 هجري

الزيارات: 7078

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لمْ أرَ لترابكِ على سائر بلاد المسلمين فضلاً، ولا لسمائكِ على سمائهم رمزًا؛ إلاَّ أني فتحت عيني فيكِ، ونشأ قلبي عندكِ بين يديكِ، فأسمعتِه صوتَ العربية صدَّاحًا شجيًّا، وعِزَّ الفصحى شعورًا قويًّا.

 

نشأت بين قوم لم يتعلموا الفُصحى إلاَّ من قريب، بيد أنَّ قلوبهم تنطق بالغَيْرة على المحبوب، والتعظيم للغة اختارها - من بين لغات الأرض - علامُ الغيوب.

 

تشعر أنَّهم مستعدون أنْ يتنازلوا عن لسانِهم إلى لغة قرآنهم؛ بيد أنَّك ترى فيهم انتفاضة السبُع إن انتقص لغتهم مغتاظٌ.

 

ترى تقلبَ وجوههم، وتردُّد نظراتهم عليه وبينهم؛ غيرة وحبًّا، وفطرةً تنطق بها قلوبهم.

 

بيد أنَّ الزمنَ يا لغتي العزيزة الحبيبة الجميلة تقلَّب.

 

وأولئك اندثروا، أو اندثر زمانهم؛ فلم تَرَ للفصحى تلك الفطرة التي تحرك القلب غيرة عليها، وحبًّا لها، وحمدًا لله على تفضله عليهم بها.

 

بل يرى أحدُهم أنَّ لسان جده ولسان ذيّاك الأعجمي سواء.

 

ولسان النبي العربي وذاك الذي لا يكاد يبينُ سيّان.

 

يا ويلتا، ولم لا يشيب شعر رأسي حزنًا وغمًّا وهمًّا وكمدًا؟!

أفي حصن العربية، وقبلة الفصاحة يتباهون بالعجمة على العربية؟!

وما ذنب العربية سواكم يا قومها؟!

أبعدَ أن كنتِ قِبْلة الأصمعي وأبي عمرٍو الشيباني، ورواة اللغة وطلاب الفصاحة، تعلَّق في سمائك العجمة؟!

وبأي حجة ضاموكِ يا بلد الفصحى الحبيبة؟!

 

قالوا: لغة العصر، وكذبوا والله، ما لغةٌ اختارها الله للدهر إلاَّ هذه، شابَّة أبِيَّة لا ينحتها تقادم الزَّمن، ولا تحيلها صروف الدهر.

 

(أوّه)، (أوه)!

 

وإنَّها لصرخة حرَّى من جوف غَيور نطقت قبلُ في صدور الغيارى؛ ثُمَّ لَم تعد بعدُ تلك الصرخة في أجوافنا تتردد.

 

سمعنا صوتَ حافظ أنطقها[1]، وفقيه الأدباء[2]ردَّدها؛ فعلامَ لا أسمع لتلك الصرخة فينا منتفضًا، بل واعٍ سامع؟!

 

أتراكِ يا لغة الضاد عَلوتِ، فتداركتِ ما أضاعه أبناؤك من مجدكِ؟!

أترى الزمن عاد يُنطِق بكِ أصقاع الدُّنيا؟!

فعلام إذًا يحارب اليهود صوت الفصحى في فلسطين ويسكتونه؟!

وعلام دعاة الشر في أصقاع الدنيا ينتقصونه؟!

أم ترى مات أولئك العرب الأغيار الأحرار؟!

أتراهم ماتت فيهم فطرة حُبِّ الفُصحى؛ كما أمات المجوسي في ابنه فطرةَ التوحيد؟!

ومن الجاني يا مَن ترى؟!

 

يا لغة نجد[3]!

 

كم رأيتِ من أبنائك العقوق، فلا تزالين صبورًا على أذاهم!

 

يوقنون أن كثيرًا مما نطق به آباؤهم الأميون فصيح قريب مِن نُطق سكانها الأقدمين؛ فلم يتحرجون وينزعجون؟!

لِمَ - يا قومي - نسيتم نونَ النسوة تلك التي كانت تصدح بها عاميّتكم؟!

أمن الفصاحة أن تكلم جمع الإناث بجمع الذكور أو تتحدث به عنهن؟!

 

(أوه) يا حبيبتي الضاد، كم آذاني من آذاكِ!

يا قوميَ العرب، يا أبناء العرب، يا أبناء عدنان وقحطان، ما لي أرى سوق العربية لديكم كاسدًا؟!

يا طلاب الضاد في نجد، ما لي أرى الناس تشتد هممهم لتعلُّم لغة آبائهم، ولغة قرآنكم تشتكي ضعف هممكم وتكاسلَكم؟!

يا أبناء نجد، لِمَ يحرص الناس في مشارق الأرض ومغاربها على أن يزرعوا في أبنائهم لغتهم ولغة آبائهم، وبعضكم يشربونهم منذ الصِّغر كؤوس العجمة؟!

 

لا والله، إنَّ الله لم يظلمكم أيُّها العرب، ولكنَّكم أنتم الظالمون.

 

قال الله لكم: ﴿ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ [الشعراء: 195]، وأعطاكم وعدًا: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، وأعطاكم تاجًا: ﴿ قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ ﴾ [الزمر: 28]، فمن أين أيُّها الشرفاء أُتينا؟!

 

أمَّا التاريخ فقد صدَّق الله فيه من صدَق؛ فاسألوه: هل كانت عامة بلاد العُرْب اليومَ عربية قبل بضع عشرة وأربعمائة وألف سنة من الهجرة؟!

اسألوه: هل كان لسان دعوة النبي الهاشمي - صلَّى الله عليه وسلَّم -  أعجمِيًّا؟!

اسألوه: هل بدل الصحبُ الكرام ألسنتَهم لما فتحوا الدُّنيا، أو عَلَّموا الناس لسانهم حتى ملؤوا البر والبحرَ فصاحةً وخيرًا؟

اسألوه: هل كانت علة العربية أنَّها ناقصة، فاحتوت ثقافات الأرض إذْ ذاك، أو ما علتها؟!

اسألوه، فلن يجيبكم إلا بالصدق؛ فالتاريخ لا يكذب.

 

إنَّهم قوم قدروا هذا الكنز العظيم، فنمَّوه ورعوه وأحبوه، ولم يبدلوا لسانًا - وكيف وقد ارتضاه الله لغة كلامه؟! - ولم يروا في الدنيا شرفًا أعظمَ من أن يحمدوا الله على نعمة الإبانة والفَصاحة؛ حتى أقبل العجم على العربية يتدارسونها ويُحِبُّونها، وأصبح فيها منهم أئمةٌ ومبرّزون.

 

أيها العرب، إنَّما الأيام دول، وإن دولةَ العربية قادمة؛ فانظروا - يا قومي - في أيِّ رَكْبٍ ستسيرون.



[1] حافظ إبراهيم شاعر النيل، ومُنطِق العربية في قصيدته الشهيرة "رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي"، من أحسنها:

وَسِعْتُ كِتَابَ اللَّهِ لَفظًا وَغَايَةً
وَمَا ضِقْتُ عَنْ آيٍ بِهِ وَعِظَاتِ
أَنَا الْبَحْرُ فِي أَحْشَائِهِ الدُّرُّ كَامِنٌ
فَهَلْ سَاءَلُوا الْغَوَّاصَ عَنْ صَدَفَاتِي
أَيَهْجُرُنِي قَوْمِي - عَفَا اللَّهُ عَنْهُمُ
إِلَى لُغَةٍ لَمْ تَتَّصِلِ بِرُوَاةِ
سَرَتْ لُوثَةُ الْإِفْرنْجِ فِيهَا كَمَا سَرَى
لُعَابُ الْأَفَاعِي فِي مَسِيلِ فُرَاتِ
فَجَاءَتْ كَثَوْبٍ ضَمَّ سَبْعِينَ رُقْعةً
مُشَكَّلَةَ الْأَلْوَانِ مُخْتَلَفَاتِ

[2] حاز لقب "فقيه الأدباء، وأديب الفقهاء": الشيخ علي الطنطاوي - رحمه الله.

[3] نسبت إلى نجد، باعتبار كونها قبلةَ الفصاحة إلى عهد قريب.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- شكر
آمنة بنت عبد الله بن محمد - المملكة العربية السعودية 27-09-2010 07:24 AM

رنيـــــــــم - سوريا

جزاكِ الله خيرًا .

أسأل الله أن يهيئ لهذه اللغة من الغيارى من يحبها ويذود عنها ، ويصون جنابها ، ويسعى لعلوها .

1- ...~
رنيـــــــــم - سوريا 25-08-2010 04:17 PM

سطور شدتني بشغف لاقف مليا على شواطئ لغتي ..,,

ما شاء الله ..,, فلتسكت الأقلام أمام قلم كهذا ...!

دمت غاليتي مبدعة ..~

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة