• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

كنَّ هنا... رمضان أقبل

أمنية محمد السيد


تاريخ الإضافة: 11/8/2010 ميلادي - 1/9/1431 هجري

الزيارات: 14651

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58].


في ليلة من هذه الليالي الحارَّة، قُبَيل رمضان، أتعَبَت الكروبُ البناتِ، فجمَعْنَ أنفسهَنَّ وقرَّرنَ أن يزُرْن أمَّهن؛ يطْرَحن همومهنَّ في صدْرها، ويستظْلِلْنَ ببركة حُبِّها، ويَنَلْنَ أجْر برِّها ووصْلها.


هنَّ: راشدات متزوِّجات، انْفصَلْن من سنين عن البيت الكبير، كلٌّ في حياتها، ولكنَّ اللفْظَة - البنات - هي التعبير الدَّارِج في عُرْفِ بلْدَتِهن؛ لتثبيت الفاصل الفارق بينهنَّ وبين الذكور.


رأَيْنَها فبَكَين محتَضِناتٍ إياها؛ فقد طال أمَدُهنَّ بعيدًا عن حنانها، وفرِحَت هي بقدومهنَّ، فأعتدتْ لهنَّ متَّكَأً باردًا وشرابًا، ولَمَّا كانت الأنوار مفقودة، شأْنَ ليالي البلدة الرَّطْبة، فقد أسْرَجَت لهنَّ سراجًا، فتحلَّقْنَ حولَها، تمدَّدَت النظرات بينهن متفحِّصة، وتجمَّعت في وجْه الأم، فعَجِبْنَ لها؛ كيف بدَتْ هذه الملامح المُتَغَضِّنة بهذا الجلال السَّامي، وكأنَّما هذه الأنْثى الوحيدةُ تَعِيش وقد جَدَلَت ضفائِرَها المجثوثة لِجَامًا تشدُّ به عُرَى الأيَّام، وقد رحَل الرَّجل.


اقْترَبْن منها حتَّى تشابكَتْ شُعورهن، وتداخَلَتْ رِيحُهنَّ، وهي - الأمُّ - تَعرف كلَّ واحدة، وإن طالَتْ بعيدًا عنها بها الأيام.


تحدَّثَت أُولاَهنَّ فقالت: لم أَعُد أجِد ما أنتمي إليه، بل إنِّي يومًا لم أَجِد مَن أنتمي إليه، ترَكَني الجميع ووَلَّوْا، ظلَمَني الكبير، وعقَّني الصغير، حتَّى جسدي تفَتَّت عَضُده، وذاب حُسْنه، وبهتَتْ قَسماتُه، لم يَعُد عندي غيْرُ قلبي أعْصِر به قلْبي، ويَدِي أضَمُّها إلى يَدِي، وأنغِضُ رأسي، وأسأل: يا ربِّي، متَى الفَرَج؟


تبَسَّمت الثانية في مرَارة وقالت: أمَّا أنا؛ فلا أعرف الفقد، بَيْدَ أنِّي دومًا أنتظر، رغم أنَّه ليس لي أحَد، ليس لي غائب فيعود!


قالت أختْها: أمَّا أنَا فعَضَّتني الوحْدة، وقتَلَتني الوَحْشة، وغلَبَني الظَّلام! كان بين يديَّ صاحبي، فأَوْقَد بين جَنباتِي شَمْعة، ثم تحوَّل مَدارُه، فانْفتَل فلَكُه عنِّي وارْتحل، عَمدْتُ إلى شَمْعته أُطْفِئها، لكنَّها كانت قد كشَفَت ظلال العنكبوت، وأَعْشَاشًا من قديم وخيوطًا، فخِفْت وما عرَفْتُ لحالي أن أعود.


وقالت الأخيرة: أمَّا أنا فأَسيرةٌ أَجِيرة! حرَمَني الجمال والعيال، هو يَملك الوَقْت والمال، ويعطيني بملْكِه وقتًا مستعارًا أعيش فيه، ومالاً منقرضًا أتقَوَّت به، وظَنَّ بذلك أنَّه يملك من قلبي كما ملَك زِمَام أمْري!!


بَكَين مجدَّدًا حتى تقاطَرَت آلامُهن مع الصَّمت، وظنَّت الأمُّ أنْ أجْدَبت نفُوسُهن، فرجف قلْبُها، وتوجَّسَت في نفْسِها خِيفةً، ثم استعانت بربِّها، واستعاذَتْ من الشيطان واستغاثت بذِي الشَّان، فجاء النُّور، وطَفِقَت تَقُول:

أيْ بنَاتي، وإنَّما هي صُروف الدُّنيا، وهي بلوات القدَر، تزلزل الحكيمَ الرَّزايا، ولكن العِبْرة لمن اعْتَبر، أرَى شدَّة وظلامَ بأْس، لكنَّه رسول بين يَدَي ميلاد الفجر ابْتَدَر.


اصْبِرن واجتهِدْنَ، وارْتَقِين، وارْجون اليقين في جنَّات ونهَر، وما كان لِوَجه الله الكريم ارْتَقى، وما كان لِغَير العزيز اللَّطِيف اندَثَر.


اسْمَعن هذا الدَّاعي ينادي من مكان قريب: رمَضان أَقْبل، هيَّا استَنِر.


أقْبِلْن؛ فهَذِي ليالي رمَضان تزيَّنَت، وزُفَّت لمن غيض ماؤه، واسْتَوَت على جُودِيِّه ذات ألواح ودُسُر، فيها جزَاء، فيها وفاء، فيها نعيمٌ لِمُؤمنٍ حظُّه من الدنيا ابتسر، أَصْغِين وعِينَ! فإنِّي أشَمُّ رِيح الجِنَان هَبَّت مبشِّرات، داعيات إلى مَقْعد صِدْق عند مليك مقْتَدِر، ربِّ أنْزِلني مُنْزَلاً مبارَكًا وأنت خير المنْزِلين.


الحمد لله ربِّ العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
6- شكرا لك
أحمد 17-12-2010 07:54 PM

جزاك الله خيرا يا أ. أمنية ونفع المسلمين بعلمك.

5- روحي تسبح بين الكمات الغضة
asmer - Palestine 16-09-2010 08:23 PM

روحي تسبح بين هذه الكلمات الغضّة.. تفتش بين ثناياها عن حسن البريق.. محاولة اكتشاف سرّ شموخها.. ونضارة حسنها.. وأريج بلسمها المنمّق.. لا عين ترمقها فلا ترنو إليه.. ولا قلب يدركها فلا تؤوي إليه.. ماذا أسائلها وقد ابتسم الغياب.. وأدبر الصّمت خجولاً وعلى مقلتيه عبير... ماذا أقول إذا ما هزّني وقع الخطاب.. أني أسامر فرحتي من ناظري بريقها وعطرها.. فتراني أكرّرها فأعود أسردها ثم أكرّرها وأعود أسردها.. حتى يهلّ الياسمين إلى جيوب البائسين.. وينحني اليباب خجلاً.. فتفترش الأرض لون الخضرة والرياحين..

4- بارك الله فيكِ
أماني 17-08-2010 01:33 AM

حفظك الله دكتورة أمنية , حرف راقي وفكر متميز بارك الله فيكم وأعلى قدركم

3- بارك الله فيك
أم الزهراء - مصر 13-08-2010 12:21 PM

بارك الله فيك أختى الكريمة وجعل الله لنا ولك فى قربه الأنس والسلوان ورزقنا وإياك الفرج القريب وبارك لنا فى رمضان وكتب لنا برحمته العتق من النيران.

2- تسجيل إعجاب
حارسة الفضيلة - السعودية 13-08-2010 05:15 AM

أسعدك الباري , مقال لا يُمل من قراءته, يمتاز بكونه ذو طابعٍ أدبي راقٍ مع توجيه ديني فريد .

1- ماشاء الله
وليد 11-08-2010 11:49 PM

بارك الله بعلمك أختي الكريمة

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة