• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

لست ابنتنا (قصة قصيرة)

أم حسان الحلو


تاريخ الإضافة: 23/5/2010 ميلادي - 9/6/1431 هجري

الزيارات: 7115

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفضلي يا سيدتي، هذه ابنتك متسمرَّة أمامك، تنظر إلى البعيد المبهم، سليها عن الأسباب التي وراء تصرفاتها!


هكذا ابتدأ السيد شكواه من "رنا" زوجته، ثم استطرد قائلاً: تأكدي يا عمة أنني لَم أخبر أمي أو أختي بما تفعله حرَمي المَصُون؛ لثقتي العظيمة بكم، ولعلمي الأكيد أنني سأجد حلاًّ لديكم.


نظرت السيدةُ بسمة إلى ابنتها العروس (رنا) نظرات عتاب، وقالت باستغراب وضيق:

♦ أكاد أُجَن من تصرُّفاتك هذه، أم إن هذه الاتهامات قيلت افتراءً عليكِ؟

♦ فأومأت رنا برأسها مشيرة إلى صحة ما يخبرُ به سامي زوجها.

♦ ثم أكمل سامي حديثه قائلاً: إن مواقف رنا تنبع منها وتعود عليها، فأنا لا أكاد أصدِّق إصرارها على هذه المواقف، رغم قناعتها الأكيدة بعدم صحتها إطلاقًا، كان يمكن أن أتوقع مواقف أسوأ من ذلك من فتاةٍ أخرى، أما أن تتصرَّف كريمتكم هكذا، هذا الذي لا أكاد أصدقه!

♦ أقبل والد رنا وبصوته المدوي قال: كريمتنا التي لَم تحفظ كرامتنا، أنا أريد أن أعرف: بمَ تفكر ابنتي، وماذا تريد بالضبط؟!

♦ فقال السيد سامي بلهجة حادَّة: إن ابنتكم لم تطلب مني أمرًا عابرًا خاطئًا؛ إذ قد أغفر لها ذلك، فأحاول إفهامها والتفاهُم معها، لكن إلحاحها الغريب عليَّ لتحقيق رغباتها، وجَرِّي أو الجري بي إلى الهاوية يجعلني أتساءل: هل هذه حقًّا ابنتكم؟! ربما تكون كذلك في الحسَب والنسب، لكنها حتمًا ليست ابنتكم في الفكر والخلُق والروح.

♦ لم يستطع والد رنا إخفاء توتُّره واضطرابه، ولَم تستطع أمُّها إخفاء أحاسيس الخزْي والخجَل من تصرُّفات ابنتها تجاه زوجها الذي تكِنُّ له أسرة رنا جميعها كلَّ احترام وتقدير.


♦ أما رنا، فقد ارتدتْ أثواب الاضطراب، فأخذت تُرَدِّد عبارة:

♦ أمسكوا به قبل أن يفلت منكم، ويذرني معلَّقة، دعوه يُطلقني، لا أريده، قلتُ لكم ألف مرة: لا أريده، وغطت وجهها الأصفر الشاحب بكفيها المرتجفتين.

♦ فردَّت أمها عليها: اسكتي أيتها الحمقاء، التي لا تعرف مصلحة نفسها، وتجهل درب سعادتها، ثم التفتت نحو سامي قائلة: أكمل يا بني.

♦ فأكمل سامي حديثه، وقال بصوت خفيض: يؤلمني أن أقف هذا الموقف، ويؤسفني أن أقول: إن ابنتكم تدرك تمامًا ما هي (الممنوعات الشرعية)، وتريدني أن آتي بواحدة على الأقل، فتكرر: يمكنك التلاعُب بحسابات الكمبيوتر، وإعطائي ما تحصل عليه بهذه الشطارة!

♦ رفع والد رنا صوته مقاطعًا: ابنتي أنا، تريد ذلك؟! مستحيل، لا أصدق! ثم التفت نحو زوجته قائلاً: قومي يا امرأة، واستجوبي ابنتك.

♦ ضرب والد رنا كفًّا بكف، وهو يُحَوْقل ويرتجف، وسأل سامي: لكن لِمَ تتصرَّف ابنتي رنا هكذا؟

فأجاب سامي: بالتأكيد أنا لست أقلَّ منك حيرة، لكن ربما خمنت احتمالين لتفسير هذا السلوك الغريب:

♦ أحدهما: أنها تريد الخلاص مني أنا شخصيًّا، ولَم يشجعها أحدٌ على ذلك، ففكرت بافتعال حيلة وأسلوب ماكر؛ لضبطي في قضية أخلاقية، فتلتمس المبررات لدى الآخرين للخلاص مني.

♦ فسأل والدها: وهل تكرهك إلى هذه الدرجة؟

♦ أعتقد ذلك؛ فقد كانت تكرر على مسامعي عبارات: أنا لا أحبك، ولا تعجبني شخصيتك، ولا حتى شكلك، لَم أكن لأريدك؛ لكن أهلي أجبروني على هذا الزواج، كنتُ أحلم بـ.... - وتنظر إلى البعيد، ثم تكمل: المشكلة أنك تسير على صراط مستقيم، يا سيدي (تلحلح) قليلاً.


♦ فأطرق والد رنا رأسه خجلاً، كاتمًا مشاعره الخانقة، مفتعلاً هدوء الأعصاب واتزانها، وسأل: وما هو الاحتمال الثاني؟

♦ أن تكون رنا قد صهرتْ، ثم أعيد تشكيلها ثانية بتأثير موجات التغريب، والتي تعرضتْ لنفخها ونفثها الساعات تلو الساعات على مدى سنوات طوال، حتى غدتْ إنسانة شكلاً فقط، أشعر أحيانًا أنها مريضة، تعرضتْ لعمليات استئصال للقيَم والمبادئ، ولجراحات فكرية عميقة.

♦ وفي الغرفة المجاورة، بدأ صوت رنا وأمها يرتفع تدريجيًّا، حتى غدا بدرجة "الخطاب الجماهيري"؛ فسهل سماعه جيدًا حين قالت الأم: كنت أظن أن الشكوى التي قُدِّمت ضدك من قِبَل مديرة مدرستك محضُ كذب وافتراء، أيتها الخبيثة، كيف تجرُئين على تقليد قوم خسفهم الله، وجعلهم عبرة العصور والدهور؛ لتلاعُبهم بالكيل والميزان.


فأجابت رنا بكبرياء وتعجرف:

♦ اسمعي يا أمي، أنا لَم أولد خبيثة، وأنتم لم تعلِّموني الخبث؛ لكنكم تركتم الأبوابَ مشرعةً أمام الخبيثين والخبيثات، وجعلتم الأبواب موصدة أمام المصلحين والمصلحات، أنت التي سخرت من مديرة مدرستي يوم أن قالت للأمهات: "بين الأسرة المنحلَّة والأسرة التي تتبع منهاجًا تربويًّا، والتي تسمونها (الأسرة العادية) - خطوة انزلاق واحدة، هي الخطوة الأولى فقط، وأي تيار رديء - مهما كان ضعيفًا - يستطيع أن يُسبِّب انزلاقًا للواقف على السفح".

♦ وأنت التي ضحكتِ ملء شدقيك عندما قرأتِ أبياتًا من الشعر كانت مكتوبة على لوحة، مستهلها:

وَمَنْ رَعَى غَنَمًا فِي أَرْضِ مَضْيَعَةٍ
وَنَامَ عَنْهَا تَوَلَّى رَعْيَهَا الأَسَدُ

♦ فقلتِ معلِّقة: ما لنا وللراعي المحنكِ هذا؟! الحَمْقى المغفَّلُون كانوا وما زالوا هم المصلحين حسب اعتقادك.

♦ أطرقت الأم، وجلست وهي تزفر زفرات حرَّى.

♦ بينما أكملت رنا: تفاعلي كيفما شئتِ، سأكمل لكِ مشواري مع الحقيقة أو الوهم، لا أدري، فأنا يا أمي لَم أجد نفسي في الهاوية بين عشية وضحاها؛ لأنني كنتُ أنزلق عكس القوانين، كانت خطوات انزلاقي بطيئة؛ لأنني ابنة أسرة محافظة محترمة؛ لكن هذه الخطوات كانت تخضع لمؤثرات دائمة مستمرة، لا تهدأ، ولا تنام.

♦ والمهم أن صورة سامي لم تعجبني، ولم أتفاعل معها، وأنا المعجبة (بشارل) المغني، (وكاتس) الممثل القدير، ألحانهم وأصواتهم ووجوههم الجميلة، هي التي تملأ دنياي وعالمي الجميل المحلق.

♦ الرجل الصامت الذي تصفونه بالاتزان والوقار، لا يمكنه منحي السعادة بتقطيب جبينه، وإسماعي زفراته وأنينه، والذي يحمل لي ورودَ سعادتي هم شخصياتُ التمثيليات الساخرة، وأصحاب النِّكات الحاضرة، والقفشات الطائرة.

♦ أنا أكره سامي وأمقته؛ بل وأحقد عليه، فليذهب هو وأمثاله إلى الجحيم ويتركني، أريد أن أنفصل عنه، وعن عالمه الجاد الكئيب، وأعود إلى غرفتي هذه، وشاشتي هذه، وكُتُبي وقصصي، ومجلاتي وأشرطتي.


كانت تسير بغرفتها وتتحدث بنشوة الثمل، ثم أمسكتْ وسادتها وقالت مخاطبة: أريد أن أعود إليكِ؛ فأنتِ التي تعرفين أسراري وآمالي وأحلامي.


♦ أقبل والد رنا صوبها، مطأطِئ الرأس، مكفهر الوجه، محمرَّ العينين، منتفخ الأوداج، نظر إلى أم رنا نظرات قاسية متحجرة متفجِّرة بالمعاني، ثم اقترب من رنا ووجَّه إليها صفعة مدوية، وباليد الأخرى رمى لها ورقة طلاقها من سامي، فقالتْ أمها والدموع تخنقها: "أنتِ لستِ ابنتَنا".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- فعلا أمر محير
أم محتارة ! - السعودية 23-05-2010 11:50 AM

أختي العزيزة أم حسان :

جزاك الله خيرا على طرح هذا الأمر المهم والذي لأول مرة أرى من يتناول مشكلة عميقة من هذا الجانب ..

ولكن ما العلاج ؟ و كيف السبيل إلى الخروج من هذه المعضلة ؟

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة