• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

همس الخواطر (16)

محمد أحمد عبدالله بن علي جابر


تاريخ الإضافة: 12/5/2010 ميلادي - 28/5/1431 هجري

الزيارات: 9137

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

(فلسفة في بحر الكلمة)

 

الشجاعة تغلب الكثرة، السلاح يخيف العدُوّ، النار تذيب الحديد، الماء يطفئ النار، وحرارة الشمس تبخر الماء، والليل يمحو صفحة النهار، والصبح يحطم قيود الليل.. ودوران وتعاقب وكل شيء يطغى على شيء آخر..

 

وماذا عن (الكلمة)؟!

للتوضيح لا بد من التوقف في محطة الاستقبال لها.

 

الذبذبات الناتجة عن الكلمة تتصل مباشرة بجهاز المستشعر لها.

 

هذا الجهاز كغيره من الأجهزة قابل لأعراض مختلفة، كالأعطاب وفقدان قوة الجاذبية، وفقدان توازنه في حالات كثيرة. ولكن الميزة هنا أن مصدر الكلمة، والمصدرة إليه، من جنس واحد، من طينة واحدة. بخلاف الظواهر الآنفة الذكر، حيث لكل واحد منها مجاله الخاص.

 

ورغم هذا كله فإن "الكلمة" لها من قوة التأثير والفاعلية أكثر من أي شيء آخر، بشرط أن يتوافر من يجيد صياغتها أولاً، وأن تجد الاستقبال الحسَن لها ثانياً. فإذا ما توافر الاثنان يحدث التفاعل والاندماج بحيث يصعب فصل أحدهما عن الآخر، أو إحداث شرخ فيما بينهما نظراً للانسجام التام بينهما.

 

الكلمة لا تخلو من ناطق ومستمع، والناطق بها إما أن يخرجها طيبة حلوة جميلة، وإما العكس. وفي المقابل: المستمع أسير سماع ما يجود به الناطق، سواء كذا أو كذا.

 

وفي كلا الحالين، فإن مفعولها يظل متذبذباً بحسب المصدر وبحسب الجهاز المستقبل. وقد يبقى مفعولها سرمدياً لدى البعض من كلا الطرفين..

 

الطرف الأول:

إذا كانت الكلمة التي أطلقها طيبة فإنه يكون راضياً سعيداً بها إلى أمد بعيد. وإذا كانت عكس ذلك ربما يعض على إصبعه ندماً نحواً من الزمن نتيجة لتسرعه واندفاعه.

 

أما الطرف الثاني (المستمع):

فهو مرهون بما يسمعه فقط، فإن تلقَّى زهرةً يفوح منها العطر الطيب لا يفارقه عبيرها على المدى البعيد. وإذا ما تلقى قذيفة جارحة يظل أثرها عالقاً في ذهنه يتألم ويتلوى من مفعولها السام والمؤثر على نفسه زمناً قد يصل إلى عمره كله.

 

هذه هي الكلمة ومحتوياتها وهي تعمل عمل أي مؤثر، إلا أن تأثيرها قاصر على الإنسان فقط ولا تصدر إلا من الإنسان.

 

وبذلك تختلف قوة التأثير التي تحدثه بحسب قوتها هي، ومن الملاحظ أنها ذات شقين:

الشق الأول، وهو المستحسن، وعليه يجب أن تكون الكلمة طيبة وحسنة.

والشق الثاني هو غير الحسن، وفيه تكون الكلمة ممرغة بطلاء القبح والرداءة، ومع هذا يبقى مفعولها من خلال هذين الشقين ثابتاً في الكم والكيف، مختلفاً في النوع والصورة.

 

فالشق الأول يترك أثراً طيباً والآخر يترك غصة في النفس. ومن هنا يبقى دور الإنسان مصدِّراً ومستقبِلاً. ويتبقى دوره في: كيف يتحرى ويختار الأصلح والأصح، وكيف يتجنب منازل الكلمات غير اللائقة دون هوادة. وما دام الأمر كذلك، لماذا لا نحول كل الكؤوس إلى قوالب من العلاقات الحسنة والكلمات الطيبة فيما بيننا؟ فهل يضرنا شيء لو فعلنا ذلك؟! أعتقد أن الإجابة على لسان كل واحد منكم دون أدنى شك. وحتى لو زللنا في غفلة من أمرنا، فلا بد وأن تأتي ساعة نقف فيها أمام أنفسنا ونراجع حساباتنا.

 

عندئذ علينا اغتنام الفرصة، وأن نعود إلى مسالك الطيبين، والعَود أحمد، ولا ندع الشيطان والعناد يفتكان بإنسانيتنا وأخوَّتنا ومحبتنا وهي - الكلمة - جسر التواصل والتفاهم.

 

والأوامر العسكرية تبدأ بالكلمة، الأستاذ شرح الدرس لطلابه بالكلمة، الحوار الذي يدور مهما كان نوعه ومستواه يكون بالكلمة، بالكلمة تستطيع أن تسيء إلى الآخرين وبإمكانك الإحسان إليهم.

 

بالكلمة أيضاً نستطيع أن نكسب قلوب الناس، وبها أيضاً نجني البغض منهم.

 

وإذا كانت - الكلمة - بهذه الدرجة من الأهمية يجب علينا إعدادها وإبعادها عن الرذائل قبل إلقائها من ناحية، ومن ناحية أخرى التوقيت والتأكد من الجهاز المستقبِل لها، فربما كان الجهاز في وضع لا يسمح بالاستقبال، أو يقوم بتغيير المعنى المقصود به إلى معنى معاكس له، وهذا ما يفقد الكلمة رونقها الجمالي.. لذلك التوقيت عاملٌ هام، ويكون اختيار الكلمة حسب الموقف.

 

 

(رسالة محترقة)

عزيزتي، كلما حاولت الكتابة إليك، وهيأت فكري لذلك، وأصدرت أوامري للقلم بالكتابة..

 

توقف إرسال فكري، وتعطلت أحاسيسي، وتحجرت الكلمات في داخلي. وكأني صخرة صمَّاء في ليلة ظلماء على أرضٍ سوداء، لا تحركها رياح ولا تؤثر فيها عواصف.

 

أسرح في خيالك متأملاً إياك بكامل صورتك.

 

والحديث جارٍ بيني وبينك، وكأنك أمامي لا يفصل بيني وبينك مسافة. ويمضي الوقت.. الدقيقة تتبعها الدقيقة، والساعة تليها الساعة.. وكأن الساعاتِ الطوالَ ثوانٍ معدودات.

 

يمضي الوقت دُون أن أكتب إليك حرفاً واحداً أو أكتب حتى اسمك.

 

وفي كل مرةٍ أختم كل رسالة.. والتي ليس لها بداية.. أختمها كما في البداية: أسرح في خيالك راجياً أن ألقاك في رسالة قادمة.

 

وهذه إحدى محاولاتي للكتابة إليك. ولعلي أكتب رسالة أعبر لك فيها عن مشاعري وما يدور بخاطري ويتأرجح في داخل كياني.

 

لعلي أكتب إليك ولو سطراً واحداً..

لعل هذه الرسالة تختلف عن رسالة سابقة.

 

ها أنا قد أصدرت أوامري للقلم، وأخذت أتحايل عليه لبدء الكتابة، ولكنه، حسب عادته، أعلن العصيان وهو يحاول الإفلات من قبضتي..

 

يعاند أناملي ولا يتحرك.

 

هذا هو حال القلم معي كلما حاولت الكتابة إليك.

 

وها هي سماء فكري تلبدت بالغيوم.. غيومِ طيفك الساحر.

 

وقد ترسمت صورتك أمامي كما هي الحالة إذا ما شرعت في الكتابة إليك، وأخذ الحديث ينساب بيننا مثل كل مرة وكأنك أمامي.

 

وقد سقط القلم من يدي.

 

معذرة يا عزيزتي لن أستطيع مواصلة الكتابة إليك، فالإرسال انقطع عني، وضل طريقه قلمي، وبدأت السماء تمطر بغزارة على صفحتي.

 

عفواً إنها ليست سماء الدنيا، ولكنها سماء عيني.

 

وأملي في أن ألقاك في رسالة قادمة..

انتهت.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة