• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

كنيس في القدس الشرقية (قصة قصيرة)

مصطفى شيخ مصطفى


تاريخ الإضافة: 25/3/2010 ميلادي - 9/4/1431 هجري

الزيارات: 6351

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عاد إلى سِرْبه يحمد اللهَ على العافية، بعدَ أن أمضى يومًا لا يختلف عن سابقِه في قليلٍ ولا كثير، وهو يُصارع فيه تقلُّباتِ دهره، دَفْع يتبع دفعًا، وحساب إثر حساب، دَفَع فاتورة الهاتف الثابت، والجوال، ودَفَع فاتورة الكهرباء والماء، وأناخ بسيارته أمامَ محلٍّ للفواكه والخضراوات، ملأ صندوقَها الخلفي.

عاد ليجدَ نفسه بعد أن تناول طعامَه وبدَّل ثيابه ملقًى في سريره، وقد بدَا له سَطحُ غرفته لوحةً مكرَّرة، كان يراها فقط عندما يخلُد إلى نومه، ثم يُعرِض عنها، بدتِ الرتوش التي أحدثتْها المياه في تلك اللوحة، والتي تزداد باستمرار كأنَّها نقش فنَّان، كان تعب النهار قد أدْناه إلى النوم، فولَج عوالمَه حالمًا.

لم تكنِ الصورةُ غامضةً، ولم تكن المعالِم ضبابيَّة، كل شيء بدَا حقيقيًّا، يا إلهي!! محطة فضائية.

اقترب أكثر وأكثر.. سأل أحدَهم: ما هذه؟

• لا بدَّ أنَّك غريب، أو أنَّك وافدٌ جديد، إنها محطَّة فضائيَّة.

• ولكن إلى أين؟

• إلى السماء، إلى الكواكب، إلى النجوم.

• هل تعني أنَّها سياحيَّة؟

• بالتأكيد.

• أهناك محطَّات توقف؟

• نعم، على الغلاف الجوي للأرْض محطَّة توقف لِمَن يريد أن يرى الأرض مِن السَّماء.

• وتبدو الأرْض مِن السماء؟!

• إنَّ شركتنا جهَّزتْ لروَّادها مكوكًا مجهزًا بمناظيرَ عديدة، يمكن أن يُرى من خلالها أدقُّ التفاصيل على الأرض، يمكنك أن ترى تماسيحَ أستراليا وإفريقيا، بل يمكنك أن تشاهدَ مباراةً لكرة القدم بين البرازيل وإيطاليا في منافسات كأس العالَم.

مواكب النُّمور من الحكام، موكب السيِّدة الأولى، مواكب الملوك والأمراء، صالات الديسكو التي انتشرتْ في كلِّ مكان من أرجاء المعمورة، ويمكنك أن تشاهدَ سِباق العُراة في أمريكا، ويمكنك أن ترى رُوَّادَ السواحل.


أنهى أبو الفضل إجراءاتِ السفر، ودخل إلى المكوك المعدِّ داخل سفينة الفضاء، والذي سيوضع في المدار الأقرب، المُطِلِّ على الأرْض، بجواره في المكوك فتىً أسْند ظهرَه لفتاة بدتْ عليهما ملامحُ الخِصام، فهي الأخرى أدارتْ ظهرها إلى الفتى، فشعر بحيرة وتمنَّى لو أنه عرف سبب الخِصام، لكان سعى في إصلاح ذات بينهما.

عندما دخل أبو الفضل المكوك حيَّا رِفاقَ رحلته، استدارتِ الفتاة لتردَّ التحية، وعادت إلى موقعها.

في لوحة قبالتَه كانتْ هناك ساعة رقميَّة ليستْ كالساعات، تحدِّد صفر الانطلاق، دقيقة وعشر ثوان، دقيقة وثانيتان، ثلاثون ثانية، عشرون، عشرة، ثانية، انطلاق.

خَرَج قَلْب أبي الفضل لحظةَ الانطلاق، وشعر بالخوف، وتملكتْه الهواجس، لكن مُعْظم رِفاق الرِّحلة كانوا بحالة عاديَّة.

بدَا الجميع كأنَّهم اعتادوا ذلك وأَلِفوه، في العرف الفاصِل بين جو الأرض وامتداد السماء، ألْقَتْ سفينتهم بمكوكهم ليأخذَ مداره حولَ الأرض، توجَّه كلُّ فرد إلى منظاره.

أطلَّ على الأرض من موقعه، بدا العالم كخريطة مِن خرائط الجغرافيا التي كان يدرسها في الثانوية، هذه أوربا، هذه أمريكا الشمالية، هذه أمريكا الجنوبية، هذه آسيا، هذه إفريقيا.

ركَّز على المنطقة الفاصِلة بيْن آسيا وإفريقيا، بدتْ سيناء كقطعة مِن ذهب مضلَّعة، وهذه العريش، وهذه مدن فلسطين مدينة تِلوَ أخرى: يافا، حيفا، عكا، القدس، اقترب أكثرَ وأكثرَ من الساحل، فوجده يعجُّ بالروَّاد.

شبه كبير بيْنه وبين سواحل أوربا، حسب أنَّ الساحل ما بيْن فلسطين وتركيا سيختلف، لم يلحظْ أيَّ فرق، روَّاد الساحل عُراة، أو شبه عراة!!

في ساحل فلسطين، يرطن روَّادُ الساحل بالعِبريَّة، وكأنَّه غدَا خالصًا لبني صِهْيَون، كان يتتبع مواقعَ مسلوبةً من جَسَد الأمَّة، في كشمير، وفي الشيشان، وفي بلاد الأفغان، في العراق، وفي الجولان...

لكن صُوَر الأطفال القَتْلى في غزَّة كانتْ تلاحقه، فعاد بمنظاره إلى غزَّة، صُوَر الأشلاء المتناثرة، والبيوت المهدَّمة، والمدارس المفجَّرة، والمشافي المقصوفة، والمزارع المحروقة.

مرَّت شهور على حرْب غزَّة، بدا كلُّ شيء فيها كبُركان.

فكَّر بالثأر، بالانتقام، ركَّز منظاره أكثرَ، الحفل الآن يُقام، حفل التدشين الأوَّل لكنيس في القُدس الشرقيَّة، استجمع قوتَه، وفي لحظة قرَّر أن يُلْقِي بنفسه فيسقط سقوطًا حرًّا.

سيفاجئ ذاك الجَمعَ الوافِد إلى بلادنا مِن خَلْف البِحار بهجوم مِن خلْف الكوكب، وعندما سيُصبح المكُّوك فوقَ الاحتفال مباشرةً سيُلقي بنفسه، وقد أخرج معه ساعدًا مِن حديد، وَجَده بالقُرْب منه في المكوك، سيُلقي بنفسه، لا أدْري ماذا يحدث؟!

لكني سأروعهم، إنَّها رسالة، هناك مَن يرفضكم، هناك مَن يقول: لا، وفي نفسه؛ لكن ستموت أبا الفضل، ويجيب: لا أحدَ يموت مرَّتين، قذف بنفسه وفي يَدِه حديدتُه؛ ليجدَ نفسه في غرفته، وقد وَقَع مِن على سريرِه.

قامتْ زوجته مهرعةً إليه: خيرًا يا أبا الفضل، ماذا حَدَث لك؟! روَّعتَنا.

جلبتْ له كأسًا مِن الماء.

اشرب يا عزيزي، لن تُرَاعَ، كان التلفاز ينقُل خبرَ تدشين أول كنيس يهودي في القُدس وسطَ تأييد شعبي وحكومي مِن دولة الاحتلال.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- نقد وتقريظ
الفصيحة بنت العرب - من ربى نجد 26-03-2010 04:09 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الله أكبر !
عرض جميل شفى بعض ما يدور في النفس من أحاديث ؛ أولتَه هنا برؤيا ...

أمتعني سوقك الأساليب العربية الفصيحة كـ : " وأناخ بسيارته " و " لن تُرَاعَ " ؛ تشير إلى حب مغروز في النفس لهذه اللغة العظيمة .

لكن سين التنفيس في هذه العبارة " وعندما سيُصبح المكُّوك " أرى أن في تركها بلاغة وبعد عن الحشو ؛ فالسياق دال على التنفيس من دونها .

قصة قصيرة الجمل ، عميقة الأثر ، سريعة الوصول إلى القلب ؛ قوية التعبير ، متماسكة الأجزاء ...

بارك الله فيك ، وفي انتظار جديدك . وأقترح لو قلبت لنا شيئًا من تراثنا عن فلسطين ومصائبنا ؛ وأتحفتنا به !
بارك الله في علمكم .

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة