• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

أشواقُ الأبحدية... وهُتاف الدموع

بدر الحسين


تاريخ الإضافة: 28/12/2007 ميلادي - 18/12/1428 هجري

الزيارات: 7421

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
غرّدَ بُلبلُ نفسي الحبيس، وراحَ يتنقّل من حسّ إلى حسّ ، ففاحت ورود الرحمة و الجمالِ في جوانحي، وأيقظت الشرايينَ الوسنى والأخيلة الناعسة، فتحفّزت مشاعرُ الفرح في أرجاء كياني، صارت كفراشةٍ تائهة تلاحقُ خيوط الضياء ....وكعينٍ عاشقة انسربت روعة الطبيعة في أهدابها، وتغلغلت في أحداقها. كبرادة حديدٍ تنجذبُ نحو مغناطيس

مشيتُ إلى هناكَ حيثُ أرادَ البلبل الجريح...جلستُ فوق مرج العشب الأخضر، وفتحتُ شبابيك نفسي، ونزعتُ القيود عن لغتي فراحت الحروف تتقافز كالعصافير، يُضاحكُ بعضها الآخرَ فتارةً تُنشدُ شعراً، وتارة أخرى تُبوحُ نثراً، وترتفع في الأفق، وترتفع حتى لتكادُ أجنحتها تلامسُ السّحب البيض فتسبّحُ الخالق وتعود...

كانت لغتها ساحرة وهي تحلّقُ في الفضاء، وتغتسلُ بنسائم المساء، وتتندّى برحيق السّحاب..

وكانت تنتظمُ الخميلةَ رهافةُ الإحساس وتناغمُ الأجناس فكلّما غرّدت البلابل فوق الأفنان عبّرت الزهور عن فرحها، وراحت تُحمّل أشواقها أريجاً مندّى...فتصفّقُ الغصون وتطرب، وتَأنسُ السّاقية الحالمة فتضمّ رسالةَ الأصيل، وتُرسلها قصيدةَ عشق عبرَ خريرها المتناغم.....

يا للهِ ما أحلى تلكم الحروف التي تبرُق كاللآلىء، وتسبَحُ كالأفلاك، وتطيرُ كالكناري، وتفوحُ كأوراق الياسمين، وتُمتّع الناظَر كأوراق الزنابق ذات الخضرة الداكنة....وأنا أتساءل كيف أنّ هذه الحروف لم تبرُق ولم تَسْبَح في كياني... هل تحوّل جسدي إلى زنزانةٍ مُخيفة ؟..هل عَقِمَت أفكاري عن بثّ الفرح في ثنايا تلكم الحروف ؟ أم أَنَّ مرآة فكري صَدِئت فلم تَعُد قادرة على تمييز الحُسن الذي يتهلل من قسمات وجهها، وينسابُ روعة من ضفائرها...؟

قرأتُ عشراتِ اللغات في الخميلة فكانت كلّها لغات عَذبة حروفها واحدة ولكنّ معانيها مختلفة، فلغة الضياء هي ذاتها لغة السّحاب ..ولكنّ الأولى توقظُ العيون والثانية توقظ الغصون....

ولغةُ الورد هي ذاتها لغةُ الفراش... لكنّ الأولى تكتبُ العطر والثانية تعشقُ العطر..

ولغة النّسيم هي ذاتها لغة القمر فالأولى ترسمُ الأشواق والثانية تلوّنها بالنور..

وهنا هتفَ الأصيلُ، وأسفرَت الشمس عن وجه حزين، وراحت تُلقي نظرات الوداع الأخيرة على الخميلة الباسمة...

الخميلة بدأت تتوشّحُ بالسّواد، وبدّلَ سكانُها مشاعرَ الأمان بأُخرى من حَذَر، أوت الأطيار إلى الأغصان، وكأنّي بالأغصان تَسعدُ بإيواء الأطيار، والأزهار تأنسُ برفقة الفراش، والساقية ترحّب بغناء الكروان.... والأوكارُ تُخبّىء الأرانب والغزلان....

كانت الخميلة قصّة سلام، وموكبَ محبّة، وآيةَ حُسن بديعة من آيات الله...وقصيدةَ شعرٍ مكتوبةٍ بلغة المحبّة ومداد الطّهر.... موزونة على بحر الصّفاء، قافيتها خدود الزّهر ورويّها جداول ندى الصّباح المتدفّقة....

كانت جلسةً ماتعة، وساعةً روحانيّة وشاعريّة في عالمٍ ليس فيه تنافس ولا تناهب، أحسستُ أنّ نفسي صارت أنقى من حبّات البَرد، وأصفى من البِلّور، زالَ عنها الصّدأ، وتحوّلت خدودها الذابلة إلى أخرى متورّدة، كانت الشرايين تنسابُ في جسمي انسيابَ الفرح في الشفاه، و نبضات قلبي تدقّ بصوت ذي إيقاعٍ شجيّ أشبه برنّة الحُداء....

كانت لحظاتٍ امتزجَ فيها الخيال مع الواقع فازدادَ الخيالُ واقعيّةً، والتقى الحزن مع الفرح فازدادُ الحزنُ نُبلاً، والحَذر مع الأمان فاكتسى الحذرُ بأثواب السّكَن...

وعندما أردتُ العودة، طفقتُ أبحث عن حروفي المتناثرة هنا وهناك، أنزعُ حرفاً تعلّق بضفّة ، وآخرَ ارتمى في حضنِ فراشة، وثالثٌ هاجرَ مع سنا الأصيل... وعندما لم أتمكّن من العثور إلا على بضعة أحرف، ضممتها إليّ و قبّلتها، ثمّ نثرتُها بين ذرات النسيم العليلة.. لعلّها تجدُ لساناً أكثر وفاءً، وقلباً أكثر ذكاءً، وصدراً أكثر اتّساعاً، ونفساً أكثر شفافيةً...

وهأنذا أعودُ بلغة جديدة...لغةٌ شَرود، حروفُها من أسى، ونقاطها من ألم... إنها لغة الدموع ؟؟!!!




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
4- هناك في عالم آخر
تلـ مـ يذ ـهـ ـا لحياه - "قلب المملكة" 05-04-2009 05:20 PM

عبارات جذابه رقيقه حلقت معها الى عالمي الخاص

3- عندما تطلق لنفسك العنان
مؤيد بن صالح البوحنيه - السعودية 30-12-2007 02:44 PM
أطلق لنفسك العنان، وانطلق بين أحضان غابة الخيال، ترتشف من زهورها عطر المحبة و الحنان، وتستقي من نميرها أعذب الألحان...

لله درك أيها الكاتب المبدع لقد نقلتنا في جو من الخيال والجمال ...

ولكم تحيتي الطيبة
2- سحر
نورالأمل - الحجاز 30-12-2007 02:11 PM
كلمات ساحرة تنثر العطر بألوان الطيف



شكراً لك أخي
1- جميل ما قرأت
غدفي - سوريا 29-12-2007 11:03 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

لقد عبر الكاتب عن لغة احس بها في احضان الطبيعة الصافية الطاهرة....والهادئة بلغة تنم عن نفس تحمل لغة عربية صافية اعطته هذه المرونة في التعبيروالكتابة
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة