• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

قلب على قارعة الدنيا!

قلب على قارعة الدنيا!
فاطمة عبدالمقصود


تاريخ الإضافة: 30/9/2024 ميلادي - 26/3/1446 هجري

الزيارات: 750

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قلبٌ على قارعة الدنيا

 

تمر عليك أخبار متتابعة، أو تصافح عيناك أحوالًا هنا وهناك، فتغادر لحظات لتقف على حوافِّ الذكرى، تلك التي تركت ندوبًا في القلب يومًا، فترى نفسك تُردِّد في ألَمٍ: ألَمْ أكن أولى بهذا؟ ألَمْ أحلُم أن أكون هذا الذي تلتفُّ حوله القلوب، وترتفع بذكره الألسنة؟ لِمَ فاتتني تلك الفرصة، ولِمَ لَمْ أُرزَق مثل هذا؟

 

وتتمدد الأسئلة وتخلِّف مزيدًا من الأسى، وسيلًا من حزن مكبوت، تتدفق معه العَبرة عاجزة حيرى.

 

وفي لقطة مقابلة ينالك ما قد رجوتَ وأمَّلت، وربما أتاك على غير موعد، فيهيج القلب، ويعلو الصوت، وترقص الكلمات طربًا: قد فعلتُ، وقد فُزتُ، وقد نِلْتُ.

 

أرأيتَ تلك الانفعالات ودويَّها الحافل في القلب؟ ذلك الهمُّ القابع يتوارى حينًا، ويثور بلا موعد، كلما سَنَحَت فرصة، وتلك الطبول التي تلاحقك وتُزعج مَن حولها بفرحٍ صاخب، أتُراها تتركك سويًّا قويَّ النفس، مطمئنَّ البال؟

 

لقد رأيت ذلك النموذج أمامي مرات عدة، فرحٌ شديد حين يجيء اختبار النعمة، وغمٌّ لا يبرح حين تخدشه البلوى، بل إننا جميعًا لا تخلو أحوالنا من لحظات أسًى ولحظات فرح طاغية، قد تحول بيننا وبين حياة راضية مُؤنِسة.

 

إننا لا نتحدث هنا عن قلوب صمَّاء لا تتأثر فتبكي وتحزن حين يأتي المصاب، أو يفوت الْمُقدَّر، أو أننا نسُدُّ باب الفرح الأصيل في النفس التي خلقها الله مُحِبَّة للفرح والسرور، ساعيةً له، بل نتحدث عن نفوس دأبُها الأسى، وغالب حالها الترقُّب والقلق لِما يأتي وما يفوت.

 

إن أصل تلك الانفعالات ما غلب على النفوس من التعلُّق بالنِّعم الظاهرة القاصرة عن المعنى، والغفلة عن نِعَمٍ حقيقية هي أولى بالتطلع إليها، والحرص على الظَّفَرِ بها؛ لِما فيها من دفء للروح، وسلامة للقلب المتبعثر.

 

إن منشأ تلك الصورة غير المستقرة في النفس هي اقتصار النظرة البعيدة على ذلك الحقل الأخضر الخالب للعيون، لقد احتُبست الصورة هناك، وانحصر النظر إليها، ونمت على جوانبه الْمُنى وأحلام التملك والبقاء.

 

فلو أزحتَ عنك مكبر الصورة، واستبدلت بالعينين الخادعتين عيني القلب المبصر، لَرأيتَ عَجَبًا.

 

فهذا الذي فاتك لم يكن يومًا ليصل إليك، أتريد أن تعرف لماذا؟ ارفع يديك واسأله، فربما أراك من تقديره شيئًا، لكن الأصل أن تحول نظرك لترى ما دلك عليه، ها هي الصورة كاملة أمامك: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [الحديد: 22].

 

لقد قُدرت الأقدار في كتاب الخلق كما شاءت حكمة العليم الخبير، ستسير الأحداث كما أرادها مدبر الأمر، وما عليك إلا أن تمضي في سعيك موقنًا أنك تأخذ ما لك، تأخذه بقدره وبسعيك إليه، فيطمئن قلبك، وتهدأ ثوراته التي تُفجِّرها المصائب والخطوات المقدَّرة.

 

فإذا حملت الآية السابقة في قلبك، فلتتقدم قليلًا، وترفع بصرك إلى ما سبق تلك الآية من وصف يهُزُّ الوجدان لتلك الحظوظ جميعها، ما كان منها في الصِّبا وزمن الفتوة، وما كان فيها في زمن التشاغل والكهولة، كلها معدودة في الوصف كأبلغ ما يكون، أرأيت إلى تلك الدنيا التي تغضب وتفرح ويصيبك الهمُّ لأجلها، أتعرفها حقًّا؟ أتعرف قدرها عند خالقها؟ أترى ذلك الحقل الممتد أمامك قد سلبك النظر وحرمك من التطلع إلى ما وراءه؟ تطَّلع جيدًا لتدرك النهاية المعهودة، إنها كتلك النبتة التي تفرح بها وأنت تبصرها مزهرة مزهوَّة بجمالها، تريد الأيدي أن تمتد إليها راغبة في امتلاكها، يضع هذا يده، وهذا يده، فما يلتفت إلا وقد صارت حطامًا في يده، ويده فارغة منها، أَفَيَلِيقُ بنا أن نخرج صِفْرَ اليدين كما دخلنا؟ لا، فإن من قضى عليها بهذا المصير، أبدلنا باقية نستَبِقُ ونسارع لنَيل حظوظها الدائمة.

 

تلك النظرة المتسقة، ذلك النظر القلبي المتَّزن يَكسِب النفس حصانة من الانفعال الْمُتفلِّت، الانفعال الذي يهدِّد سلامة القلب وهدوءه النفسي، أن تعرف أن لك قَدَرًا لن يُخطئك، وأن تعمل فيه بما تعرف من إحسان حتى يمضي كغيره، فتنال أجره، وتكتسب به فَهمًا ورضًا واطمئنانًا، يزداد ولا ينقص.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة