• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية


علامة باركود

التوحيد عند الشعراء

التوحيد عند الشعراء
أ. د. محمد رفعت زنجير


تاريخ الإضافة: 3/7/2024 ميلادي - 27/12/1445 هجري

الزيارات: 2760

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التوحيد عند الشعراء

 

التوحيد أعظم نعمة أنعمها الله على العبيد، قال تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [محمد: 19].

 

وكلمة التوحيد هي الكلمة الطيبة التي تجلب للمرء سعادة الدنيا والآخرة، وتوفر الأمن والحرية والعدالة لمن آمن بها من أفراد ومجتمعات.

 

والشعر الذي يُعظِّم الله ويمدحه، ويذكر نعمه وفضائله، من أولى واجبات الشاعر المسلم، فقد روى الشيخان عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما مِن أحَدٍ أغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، مِن أجْلِ ذلكَ حَرَّمَ الفَواحِشَ، وما أحَدٌ أحَبَّ إلَيْهِ المَدْحُ مِنَ الله)).

 

ولكن حين نبحث في تراثنا نجد أكثر شعرائنا لاذوا بالمخلوق يمدحونه في حين لا تكاد تجد لهم شعرًا في مدح الخالق.

 

بل ربما رفعوا المخلوق لمقام الخالق والعياذ بالله، وذلك مبالغة في المدح والثناء عليه، ولعل هذا مما أوجد الفساد والاستبداد بعد عصر السلف، فقد تحوَّل معظم الشعر إلى تحفة فنية وشكل جميل، ولكنه أجوف لا حقيقة فيه، ولا صدق في مطابقته للواقع.

 

فهذا العَكَوَّك علي بن جبلة يمدح أبا دلف فيقول كما في (البداية والنهاية):

كلُّ مَن في الأرضِ مِن عَرَبٍ
بين باديه إلى حَضَرِه
يرتجيه نيل مُكرُمة
يأتسيها يوم مُفْتَخرِه

 

"ولما بلغ المأمون هذه الأبيات - وهي قصيدة طويلة - عارض فيها أبا نواس، فتطلبه المأمون فهرب منه، ثم أحضر بين يديه، فقال له: ويحك! فضلت القاسم بن عيسى علينا.

 

فقال: يا أمير المؤمنين، أنتم أهل بيت اصطفاكم الله من بين عباده، وآتاكم ملكًا عظيمًا، وإنما فضلته على أشكاله وأقرانه.

 

فقال: والله ما أبقيت أحدًا حيث تقول:

كلُّ من في الأرض من عَرَبٍ
بين باديه إلى حَضَرِه

ومع هذا فلا أستحل قتلك بهذا، ولكن بشركك وكفرك؛ حيث تقول في عبد ذليل:

أَنْتَ الَّذِي تُنْزِلُ الْأَيَّامَ مَنْزِلَهَا
وَتَنْقُلُ الدَّهْرَ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالِ
وَمَا مَدَدْتَ مَدَى طَرْفٍ إِلَى أَحَدٍ
إِلَّا قَضَيْتَ بِأَرْزَاقٍ وَآجَالِ

 

ذاك الله يفعله، أخرجوا لسانه من قفاه. فأخرجوا لسانه في هذه السنة فمات".

 

ونذكر هنا أيضًا مبالغة ابن هانئ الأندلسي في مدح المعز الفاطمي:

ما شئت لا ما شاءت الأقدار
فاحكم فأنت الواحِدُ القهَّار

قال ابن كثير: "وهذا خطأ كبير، وكفر كثير".

 

ولا ننسى في هذا الباب ما قاله المتنبي:

يا من ألوذُ به فيما أؤمِّله
ومن أعوذ به مما أحاذره
لا يجبر الناس عظمًا أنت كاسِره
ولا يهيضون عظمًا أنت جابره

 

• قال ابن كثير: "كان ابن تيمية ينكر على المتنبي هذه المبالغة في مخلوق، ويقول: إنما يصلح هذا لجناب الله سبحانه.

 

• قال: وكان ابن تيمية يدعو بهما في السجود لما تضمنته من الذل والخضوع"؛ "البداية والنهاية".

 

وقد تنبَّه ابن الرومي إلى أن الإفراط في مدح البشر قد يكون بسبب ضعف اليقين فقال:

وقضاءُ الإله أَحوط للنا
س من الأمهات والآباءِ
غير أن اليقين أضحى مريضًا
مَرَضًا باطِنًا شديدَ الخفاءِ
ما وجدتُ امْرَأً يرى أنه يو
قِن إلَّا وفيه شَوْبُ امْتِراءِ
لو يصحُّ اليقينُ ما رَغِبَ الرا
غبُ إلَّا إلى مَليكِ السماءِ
وعَسيرٌ بلوغُ هاتِيكَ جدًّا
تلك عُلْيا مَراتِب الأنبياءِ

 

ولا شك أن من شعر المديح ما هو جيد ونافع في غرس القيم الفاضلة في نفوس الناس، ولكن الأولى أن يقدم الشاعر مديح ملك الملوك عن كل ما سواه من الوجود.

 

ينبغي إثراء هذا الجانب في الشعر العربي والإسلامي، فهو موجود ولكنه قليل مقارنة بغيره.

 

وبسبب قلة شعر المديح للمولى عز وجل، نقل الصوفية ما قيل في مدح المخلوق للخالق عز وجل، وبخاصة شعر الغزل، وهذا موضوع مهم؛ إذ تم من قديم وما زال مستمرًّا تحويل قسم من شعر اللهو والمجون إلى مجالس الذكر والنشيد، وتحوير المعاني الأصلية للنصوص واللعب بالدلالات اللغوية للألفاظ، وهذا كله لا ينبغي؛ مما جعل شيخ علوم اللغة والبيان وإعجاز القرآن جار الله الزمخشري ينكره أشد الإنكار، فقد جاء في تفسير الكشاف حول عدم جواز استخدام شعر المجون بحق الله تعالى، أو تسمية الله بغير اسمه عند قوله تعالى: ﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾ [المائدة: 54] الآتي:

"﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾ محبة العباد لربهم طاعته وابتغاء مرضاته، وألَّا يفعلوا ما يوجب سخطه وعقابه، ومحبة الله لعباده أن يثيبهم أحسن الثواب على طاعتهم، ويعظمهم ويثني عليهم ويرضى عنهم: وأما ما يعتقده أجهل الناس وأعداهم للعلم وأهله، وأمقتهم للشرع، وأسوأهم طريقة، وإن كانت طريقتهم عند أمثالهم من الجهلة والسفهاء شيئًا، وهم الفرقة المفتعلة المنفعلة من الصوف، وما يدينون به من المحبة والعشق، والتغني على كراسيهم- خربها الله- وفي مراقصهم- عطَّلها الله- بأبيات الغزل المقولة في المردان الذين يسمونهم شهداء، وصعقاتهم التي أين عنها صعقة موسى عند دكِّ الطور، فتعالى الله عنه علوًّا كبيرًا، ومن كلماتهم: كما أنه بذاته يحبهم كذلك يحبون ذاته، فإنَّ الهاء راجعة إلى الذات دون النعوت والصفات. ومنها: الحب شرطه أن تلحقه سكرات المحبة، فإذا لم يكن ذلك لم تكن فيه حقيقة".

 

نسأل الله السلامة والعافية.

 

ومن أجمل صور الإيمان بالله الواحد قول أبي فراس الحمداني:

لَقيتُ نُجومَ الأُفقِ وَهيَ صَوارِمٌ
وَخُضتُ سَوادَ اللَّيلِ وَهوَ خُيولُ
وَلَم أَرعَ لِلنَّفسِ الكَريمَةِ خِلَّةً
عَشِيَّةَ لَم يَعطِف عَلَيَّ خَليلُ
وَلَكِن لَقيتُ المَوتَ حَتَّى تَرَكتُها
وَفيها وَفي حَدِّ الحُسامِ فُلولُ
وَمَن لَم يُوَقِّ اللَهُ فَهوَ مُمَزَّقٌ
وَمَن لَم يُعِزِّ اللَهُ فَهوَ ذَليلُ
وَما لَم يُرِدهُ اللهُ في الأَمرِ كُلِّهِ
فَلَيسَ لِمَخلوقٍ إِلَيهِ سَبيلُ

 

وآخر بيتين يفيضان بالتوحيد الخالص.

 

رحم الله من أحسن من شعرائنا، وسامح الله من قصَّر، والدنيا ساعة فاجعلها طاعة.

 

"وكل ما خلا الله باطل" كما قال أصدق الشعراء لبيد.

 

لا أحد أحق وأولى بالاهتمام والمحبة والشكر والمديح من الله عز وجل.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة