• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

الغيلم ينتظر وليدا في الحديقة..

الغيلم ينتظر وليدا في الحديقة..
أحمد بلقاسم


تاريخ الإضافة: 18/12/2023 ميلادي - 5/6/1445 هجري

الزيارات: 1469

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الغَيْلَمُ ينتظر وليدًا في الحديقة

 

رمق وليدٌ شيئًا ما يتحرك بين الحشائش التي نَمَتْ في إحدى زوايا الحديقة، التي اعتاد أن يعبُرها ذهابًا وإيابًا إلى المدرسة، دفعه فضوله أن يدنو رويدًا رويدًا من مصدر تلك الحركة؛ ليتأكد ماذا يكون هذا الشيء الذي جعل الحشائش ترقص على حين غِرَّة في هذا الصباح الهادئ الجميل، ما إن رآه فَغَر فاه فرحًا بما رأت عيناه، حتى انحنى عليه بلطفٍ، ومدَّ إليه يديه، فحمله برفق، وجعل يجفف ظهره بكفِّه من قطرات الندى برقة، وهو يهمس له: كم أنت جميل يا صديقي! فكر وليد أن يأخذه إلى المدرسة، لكن محفظته كان لها رأي آخر؛ إذ خيَّبت أمله في تلبية رغبته، بحجة أن حجم صديقه أكبر من أن يكون له مكان بين محتوياتها، ولأن وليدًا لا تعدَمه الحيل في إيجاد الحل المناسب للمسائل المستعصية، فقد ارتأى أن يعيد صديقه بلطف إلى مكانه، ويغطيه بالعشب حتى عودته من المدرسة، لكنه سرعان ما فطِن بأن صديقه قد يمَلُّ الانتظار، فينصرف إلى حال سبيله، ولأن وليدًا لا تعدمه الأفكار النَّيِّرة التي تبدِّد ظلمة الطَّلاسم، فإنه ارتأى أن يعيد صديقه فعلًا إلى مكانه كما خطر بباله آنفًا، فقَلَبَهُ على ظهره ودثَّره بالعشب، ثم ودَّعه قائلًا: "هكذا سأضمن بقاءك في هذا المكان إلى حين عودتي من المدرسة دون أن يعبأ بوجودك أحد، إلى اللقاء يا صديقي الجميل".

 

التحق وليد مسرورًا بالمدرسة، جلس في مقعده فرحًا يعُد اللحظات، يهفو إلى رنين جرس الخروج ليحضُنَ صديقه، ويذهب به إلى المنزل، سأتعهدك بنفسي يا صديقي بالرعاية من إطعام ونظافة، سأكرم وفادتك أيما إكرام؛ قال وليد في نفسه، وعينه على عقارب الساعة، في الوقت الذي كان وليد يستعجل دوران عقاربها معلنة موعد نهاية حصص الفترة الصباحية، حطَّ شحرور فوق غصن شجرة على مقرُبة من المكان الذي يقبَع فيه صديق وليد الجديد، وفي الوقت الذي عنَّ له أن يطلق العِنان لحنجرته؛ لتصدَح بأعذب المعزوفات، لفت بصره شيء من العشب يتحرك في إحدى زوايا الحديقة، على جناح السرعة طار نحو مصدر الحركة المريبة، ليتعرف سببها، توجَّس خِيفةً من حركة العشب المجزوز، لكن سرعان ما استعاد رباطة جأشه، وبمنقاره الذهبي طفق يحمل العشب المجزوز ويلقيه جانبًا، إلى أن ظهر له من تحته صديق وليد وهو يجذِّف برجليه، ودموع الاستعطاف تنهمر من عينيه، دنا الشحرور منه وسأله عما دهاه، بعد لحظة صمت حزينة، تمالك المغلوب على أمره زمامَ نفسه، وقال بصوت متحشرج: إنه ضل طريقه أثناء العودة إلى مأواه، فأدركه الليل في هذه الحديقة الغنَّاء، ولما أحس بالبرودة تنخر مجاذيفه، قرر أن يندس في درعه وسط الحشائش، إلى أن تشرق الشمس فيشُد الرحال إلى أسرته.

 

قاطعه الشحرور قائلًا:

• أراك تتدفق حيوية ونشاطًا، وأنت مستلقٍ على ظهرك تمارس هذه التمارين الرياضية.

• صحيح أنني أحب ممارسة الرياضة يا صديقي، لكن ما أقوم به الآن ليس حبًّا في الرياضة، بل من أجل أن أقف على قدمي.

• هل تريد أن تقول: إنك اصطدمت بعائق ما، أفقدك توازنك فانقلبت على ظهرك؟

• كلا يا صديقي، بل إن ما حدث لي بفعل فاعل.

• من الفاعل؟

• عندما تسللت خيوط الشمس إلى ظهري هذا الصباح، استيقظت من غفوتي، فتوكلت على الله، واستأنفت السير نحو بيتي، فإذا بيَدَينِ بَضَّتَين تمسكانني، وتجففان ظهري من قطرات النَّدى التي كلَّلت ظهري، حمدت الله وشكرته على أن هناك في هذه الدنيا من يهتم بنا نحن معشر السلاحف، ولكن سرعان ما خاب ظني؛ إذ إن صاحب اليدين البضتين بعد أن جسَّني، سمعته يقول: "ستنتظرني هنا يا صديقي إلى حين عودتي من المدرسة"، ولكن...

• لكن ماذا؟

 

• لكنه همس في أذني قائلًا: اسمح لي إن قسوت عليك بعض الشيء؛ لأضمن بقاءك في هذا المكان سأقلبك رأسًا على عقب، وأتبع القول بالعمل، وجاء بحُزمة عشب دثرني بها، ثم ودعني قائلًا: هذا دِثار وغذاء لك، وانصرف لا يَلوِي على شيء.

 

رقَّ قلب الشحرور لحال الغَيلَمِ، تأسَّف لأنه لا يستطيع أن يقدم له يد المساعدة، بينما هو واجم يفكر في الأمر، رأى زوجته مقبلة نحوهما، فأخبر صاحبه بأنها جاءت لتُعْلِمه بأن دوره في احتضان البيض قد حان؛ ليتسنى لها البحث عن قُوتها، ولكن قبل ذلك يا عزيزي، سأدعوها لمساعدتي لإخراجك من المأزق الذي أنت فيه، دون تلكؤ شمَّرت الشحرورة عن ساقيها، وساعدت زوجها لينهض الغيلم، الذي شكرهما جزيل الشكر على جميلهما، ثم ودعهما قائلًا: "أستسمحكما في الانصراف إلى البيت، أنا متأكد أن زوجتي وأبنائي قلقون بسبب غيابي عنهم طيلة هذه المدة".

 

ما إن رن جرس الخروج من المدرسة حتى أطلق وليد ساقيه للريح نحو الحديقة، وكله شغف باحتضان صديقه والذهاب به إلى المنزل، لم يترك مكانًا في الحديقة إلا ومشَّطه بعينيه، وبينما هو يغادر المكان منقبض الوجه، وهو يردد في حسرة: من ذا الذي ساعده على النهوض؟ لماذا لم ينتظرني وقد وعدته باتخاذه صديقًا؟ سمع صوت شحرور يندلق من بين أغصان شجرة باسقة يقول له:

 

• مما لا شكَّ فيه أنك كنت بصدد البحث عن الغيلم أيها الفتى الجميل؟

رفع وليد بصره مشدوها إلى الشحرور، فأجاب:

• أي نعم، أيها الشحرور، وعدته بأن آخذَهُ إلى البيت كي يعيش معي، أين يمكنني العثور عليه؟

 

• هو الآن في بيته مع أسرته، ألَا تعلم أننا نحن معشر الحيوانات نَتُوقُ إلى العيش في حرية، كما تتوقون إليها أنتم معشر البشر؟





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة