• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

اصنع الخير وارمه في البحر؛ فسيأتي إليك لؤلؤا

اصنع الخير وارمه في البحر؛ فسيأتي إليك لؤلؤا
أ. د. زكريا محمد هيبة


تاريخ الإضافة: 22/10/2023 ميلادي - 7/4/1445 هجري

الزيارات: 3562

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اصنع الخير وارمه في البحر؛ فسيأتي إليك لؤلؤًا

 

"اصنع جميلًا وارمه في البحر؛ فإذا تجاهله السمك فإن الله يحفظه"؛ (مثل تركي).


فعل الخير موجود في الناس وسيبقى إلى يوم القيامة، تلك طبيعة بشرية، ولا عبرة بما قاله جبران خليل جبران:

الخَيرُ في الناسِ مَصنوعٌ إِذا جُبرُوا
وَالشرُّ في الناسِ لا يَفنى وَإِن قُبرُوا

وهو بالتعود، فمن اعتاد فعل الخير لا ينقطع عنه.


بعض الناس حينما يفعلون الخير تجدهم يتحسسون أرجلهم؛ مخافة أن يقع في أيدي من لا يستحق، وإن وقع ما يتخوفون منه؛ تجدهم ضجرين آسفين من سوء تقديرهم.


افعل الخير ولا تلوي على شيء، ولا يضيرك كثيرًا موطن وقوعه -يستحق أو لا يستحق- فما دمت أنت أهلًا للخير فهذا كافٍ.


واجعل نبراسك في هذا، تلك المقولة الرائعة التي قالها الدكتور صامويل جونسون: "الشكر ثمرة لا تنضجها إلا الرعاية الفائقة؛ ولذلك لا تجدها عند كل الناس".


لما خرج موسى -عليه السلام- من مصر هربًا من قومه، ذهب إلى مدين، وكشأن أي رجل كان مطاردًا من قومه، خائفًا، جوعانًا، مضطربًا، لا مأوى له، فلما دخل المدينة وجد امرأتين تنتظران انتهاء القوم من ورود الماء، حتى يقوما بسقيا أغنامهما، حيث إن أبوهما شيخ كبير ﴿ فَسَقَى لَهُمَا ﴾ [القصص: 24].


فعَل الخير للخير، لم ينتظر جزاءً ولا شكورًا، وهو الذي في مسيس الحاجة إلى أي شيء، ثم جلس في ظل الشجرة يناجي ربه بفقره وعوزه ﴿ ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾ [القصص: 24]، وبينما هو على هذه الحال؛ إذ بإحدى المرأتين اللتين سقى لهما من دقائق ﴿ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ﴾ [القصص: 25].


فكان أول ما تحقق له إزالة وحشته في الغربة، حيث وجد من يثق به؛ فباح له بما عنده، والغريب في مثل تلك الأحوال يحتاج إلى وقت طويل حتى يثق بمن حوله، أما وإنه استشعر في هذا الشيخ ثقة؛ فقصَّ عليه قصته وهروبه من فرعون وقومه، فما كان من الشيخ إلا أن أمَّنه ﴿ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: 25]، ففرعون ليس له سلطان على تلك الأرض.


اقترحت إحدى البنتين على أبيها أن يستأجره، ففيه تجتمع خصال الأجير الحسنة؛ حيث القوة والأمانة ﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ [القصص: 26]، ثم أُضيف إليه بعد الاطمئنان وإزالة الوحشة وجود عمل ثابت يكفيه مؤنة الحياة.


وكشأن أي أب لا بُدَّ أن يتأكد من صحة قول ابنته، وإن كان تفرسه في الرجل لا يخيب، أنَّى لها معرفة قوته وأمانته؟


فكما روى ابن عباس قال: قالت: أما قوَّته، فما رأيت منه حين سقى لنا، لم أر رجلًا قط أقوى في ذلك السقي منه، وأما أمانته، فإنه نظر حين أقبلت إليه وشخصت له، فلما علم أني امرأة صوب رأسه فلم يرفعه، ولم ينظر إليَّ حتى بلغته رسالتك، ثم قال: امشِ خلفي وانعتي لي الطريق، ولم يفعل ذلك إلا وهو أمين، فسُرِّي عن أبيها وصدَّقها وظن به الذي قالت.


قال الوالد الفطن لموسى: ﴿ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [القصص: 27]، فأضاف له فوق ما سبق السكن والاطمئنان.


ترك شعيب -عليه السلام- لموسى الفرصة في أن يختار إحدى البنتين، وترك له الخيار مرة ثانية في الصداق بثمان أعوام وجوبًا، أو عشر تكرمًا منه، وهي سنوات كفيلة بأن تحدث العشرة بينه وبينهم.


وكم كان موسى -عليه السلام- نبيلًا، فقد وفَّى صداق البنت عشر سنوات، ثم صارت له زوجة ﴿ فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا ﴾ [القصص: 29].


دخل القرية خائفًا موحشًا جائعًا، فتحقق له الأمن وإزالة الوحشة، والإطعام، ثم خرج منها بعد سنوات ومعه من يؤنسه، فلم يعاني في حقيقة الأمر الغربة التي هي كربة كما يُقال، كل ذلك لفعل الخير للخير، لا انتظار الجزاء ولا الشكور.


﴿ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴾ [الإنسان: 9].


روي في الأثر، أنَّ المسيح عليه السلام شفى عشرة من المصابين بالشلل في يوم واحد بإذن الله، واحد فقط الذي بادر بتقديم الشكر له، والباقون انصرفوا دونما كلمة امتنان!


هل اهتمَّ المسيح -عليه السلام-بذلك؟ قطعًا لا، وإن كان شكر العباد من شكر الله، لكنه فعل ما فعل لا منًّا ولا انتظار شكر.


والإنسان النبيل تراه إذا فعل خيرًا نسي ما قام به، يحاول تذكره بحيثياته، لكنه لا يتذكر، ويزداد نبله إذا تذكر وادعى العكس؛ كأنه وديع سعادة في "من أخذ النظرة التي تركتها أمام الباب؟" كتب اسمَهُ على الحائط كي يتذكَّر العابرون أنه مرَّ من هنا، كتبَ اسمَهُ وذهب، وحين عاد حاول عبثًا أن يتذكَّر من هو هذا الاسم المكتوب على الحائط.


وفي دنيا الناس كثير هم أولئك الذين يتشككون في هذا المعنى العميق، وأن فعل الخير سيأتيهم مضاعفًا من حيث لم يحتسبوا، انثر بذور الخير وامض، وسيدهشك فعل الأيام.


في أحد الأيام، كان الولد الفقير الذي يبيع السلع بين البيوت ليدفع ثمن دراسته، قد وجد أنه لا يملك سوى عشرة سنتات لا تكفي لسد جوعه؛ لذا قرر أن يطلب شيئًا من الطعام من أول منزل يمر عليه، ولكنه لم يتمالك نفسه حين فتحت له الباب شابة صغيرة، فبدلًا من أن يطلب وجبة طعام، طلب أن يشرب الماء.


شعرت الفتاة بأنه جائع، فأحضرت له كأسًا من اللبن، فشربه ببطء وسألها: بكم أدين لك؟

فأجابته: لا تدين لي بشيء، لقد علمتنا أمُّنا ألا نقبل ثمنًا لفعل الخير.


فقال: أشكرك إذًا من أعماق قلبي، وعندما غادر "هوارد كيلي" المنزل، لم يكن يشعر بأنه بصحة جيدة فقط، بل إن إيمانه بالله وبالإنسانية قد ازداد، بعد أن كان يائسًا ومحبطًا.


بعد سنوات، تعرضت تلك الشابة لمرض خطير، مما أربك الأطباء المحليين، فأرسلوها لمستشفى المدينة، حيث تم استدعاء الأطباء المتخصصين لفحص مرضها النادر. وقد استدعي الدكتور "هوارد كيلي" للاستشارة الطبية، وعندما سمع اسم المدينة التي قدمت منها تلك المرأة، لمعت عيناه بشكل غريب، وانتفض في الحال عابرًا المبنى إلى الأسفل حيث غرفتها، وهو مرتدي الزي الطبي، لرؤية تلك المريضة، وعرفها بمجرد أن رآها.


فقفل عائدًا إلى غرفة الأطباء، عاقدًا العزم على عمل كل ما بوسعه لإنقاذ حياتها، ومنذ ذلك اليوم أبدى اهتمامًا خاصًّا بحالتها.


وبعد صراع طويل، تمت المهمة على أكمل وجه، وطلب الدكتور "كيلي" الفاتورة إلى مكتبه كي يعتمدها، فنظر إليها وكتب شيئًا في حاشيتها وأرسلها لغرفة المريضة. كانت خائفة من فتحها؛ لأنها كانت تعلم أنها ستمضي بقية حياتها تسدد ثمن هذه الفاتورة.


أخيرًا نظرت إليها، وأثار انتباهها شيء مدونٌ في الحاشية، فقرأت تلك الكلمات:"مدفوعة بالكامل بكأس من اللبن"؛ التوقيع: د. هوارد كيلي.


اغرورقت عيناها بدموع الفرح، وفاض قلبها المسرور بهذه الكلمات: "شكرًا لك يا إلهي، على فيض حبك ولطفك الغامر والممتد عبر قلوب وأيادي البشر".

 

مَنْ يَفْعَلِ الْخَيْرَ لا يَعْدَم جَوازِيَهُ
لا يَذْهَبُ الْعُرْفَ بَيْنَ اللهِ والنَّاسِ

فالأنهار طوال الوقت تفرغ ماءها في البحار والمحيطات، دون أن تنظر إلى ما تجود به البحار عليها، ولكن دون انتظار لأي رد. تتبخر مياه البحار وتتحول لمياه عذبة تتساقط على أعالي الجبال؛ فتعود لمجاري الأنهار مرة أخرى.


جاء في الأثر: "إذا وجدت فقيرًا عليه دين كبير، فقسمه إلى ثلاثة أقسام، سامحه في اثنين وأبقِ واحدًا، وعندما تنام وتصحو ستجد هذا خبرًا جيدًا، فالخبز مع قلب سعيد أفضل من الثروة مع كآبة".


على مستواي الشخصي طبَّقت تلك القاعدة في وقت كنت أشعر فيه بضيق شديد، فوجدتني بعدما فعلت، شعرت بإحساس غريب، حين تلمع لمعان عيون من أعطيته، أو تسمع تغيُّر صوته من شجا إلى صوت مفعم بالحياة؛ لأحدث ذلك فيك ما لم يحدثه الأخذ.


فافعل الخير يا صديقي، وحتمًا سيعود عليك أضعافًا في وقت ستكون في مسيس الحاجة إليه، فلن يضيع العرف بين الله والناس، كما أخبرنا الحطيئة قبلًا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة