• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / مع الكُتاب


علامة باركود

الإغراق في المدح.. وفي الذمّ!

مصطفى لطفي المنفلوطي


تاريخ الإضافة: 4/12/2007 ميلادي - 24/11/1428 هجري

الزيارات: 20904

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
مصطفى لطفي المَنْفَلُوطي ( 1876 - 1924م )..

أديب مصري بارع.. كتب النثر والشعر وترجم واقتبس بعض الروايات الغربية الشهيرة، بأسلوب أدبي واستخدام رائع للغة العربية. ويُعتبر كتاباه (النظرات والعبرات) مِن أبلغ ما كُتب بالعربية في العصر الحديث.

كتب المنفلوطي للمجتمع وانطلق منه.. وهو من الأدباء الذين كان لطريقتهم الإنشائية أثر في الجيل الحاضر..

ومن أهم كتبه ورواياته: النظرات، والعبرات، والفضيلة (مترجمة)، والشاعر (مترجمة)، ومختارات المنفلوطي، وماجدولين، وفي سبيل التاج.. يرحمه الله.

انتقينا لكم من كتابه (النظرات) هذا المقال الأدبي:


الإغـراق
بين الإغراق في المدح، والإغراق في الذم تموت الحقيقة موتًا لا حياة لها من بعده إلى يوم يبعثون.

يسمع السامع أن زيدًا ملَكٌ كريم، ثم يسمع أنه شيطان رجيم، فيخرج منه صفر اليدين، لا يعلم أين مكانه من هذين الطرفين.

يقولون: إن المشعوذين إذا أرادوا أن يسحروا أعين الناس علَّقوا في سقف من السقوف قطعة من المغناطيس، ووضعوا مقابلها في الأرض قطعة أخرى، ثم يتركون في الفضاء قطعاً من الحديد لا تزال تضطرب بين هذين الجاذبين.

هكذا تضطرب الحقيقة في أيدي المغرقين اضطراب الحديد في أيدي المشعوذين.

الحقيقة بين الكاذب والكاذب، كالحبل بين الجاذب والجاذب، كلاهما ينتهي به الأمر إلى الانقطاع.

لو علم الذي ينصب نفسه للموازنة بين الأشخاص أنه جالس على كرسي القضاء، وأن الناس سيسألونه عما قال، كما يسألون القاضي عمَّا حكم؛ ما طاش سهمُه في حكمه، ولا ركب متنَ الغلوّ في تقديره.

كما أنه يجب على القاضي أن يقدر لكل جريمة ما يناسبها من العقوبة، كذلك يجب على الكاتب أن يضع كل شخص في المنزلة التي وضعته فطرته فيها، وأن لا يعلو به فوق قدره، ولا ينزل به دون منزلته.

ليس بين كتّاب هذا العصر من لم يقرأ في التاريخ القديم متناقضات الحكم على الأشخاص، وليس بينهم مَنْ لم يتمَنَّ أن يكون في موضع أولئك المؤرخين المتطرفين، حتى لا يغلو غلوَّهم، ولا يتطرف تطرفهم في أحكامهم.

أيها الكتَّاب المحزونون، لا يحزُنْكم ما كان، فقد قُضي ذلك الزمان بخيره وشره، ولا سبيل إلى رجوعه ، ولئن فاتكم أن تكونوا مؤرخي العصر الماضي، فلن يفوتكم أن تكونوا مؤرخي العصر الحاضر، وكما أنَّ للماضي مستقبلاً وهو حاضركم هذا، فسيكون لهذا الحاضر مستقبل آت يحاسبكم فيه الرجال على إغراقكم في أحكامكم، كما تحاسبون اليوم رجال الماضي على غلوِّهم في أحكامهم، وتطرفهم في آرائهم.

إنَّ من المتناقض بين أقوالكم وأعمالكم أن تنقموا من المؤخرين المتقدمين ما أنتم فاعلون اليوم، وتأخذوا عليهم ما أنتم به آخذون.

كل كاتب عندكم أكْتَبُ الكتَّاب، وكل شاعر أشعر الشعراء، وكل مؤلف أعلم العلماء، وكل خطيب رئيس الأمة؛ وكل فقيه إمام الدين، فأين الفاضل والمفضول؟ وأين الرئيس والمرؤوس، وكيفَ يكون زيدٌ اليوم أفضل من عمرٍو، ويكون عمرٌو غدًا أفضل منه، وأين ملكة التمييز التي وهَبَكُم اللَّه إيَّاها لتُمَيِّزوا بها بين درجات الناس ومنازلهم؟ وهل بلغ التفاوت بينكم في عقولكم وأذواقكم أن يكون الرجل الواحد في نظر بعضكم خير الناس، وفي نظر البعض الآخر شر الناس؟!

إني حبست الآن قلمي عن الكتابة؛ لأتجرد من نفسي ساعة من الزمان. فتخيلت كأني رجل من رجال العصور الآتية، وأني ذهبت إلى دار من دور الكتب القديمة؛ لأراجع تاريخ أحد عظماء عصركم هذا، فقرأت ما كتبتموه عنه في كتبكم وجرائدكم، فرأيته تارة عظيمًا، وأخرى حقيرًا، ومرة شريفًا، ومرة وضعيًا، ورأيته عالمًَا وجاهلاً، وذكيًّا وغبيًّا، وعاقلاً وممرورًا[1]، في آن واحد فخرجت أَضَلَّ مما دخلت، لا أعرف من تاريخ الرجل أكثر من أنه رجل، أي أنه ذكر بالغ من بني آدم!

أيها القوم: إنكم لا تستطيعون أن تكونوا رجالاً عادلين في أحكامكم وآرائكم، إلا إذا أصلحتم نفوسكم أولاً، وتعلمتم كيف تستطيعون أن تتجردوا من أهوائكم وأغراضكم قبل أن تتناولوا أقلامكم.

أيها القوم:
إن عجزتم عن أن تكونوا عادلين، فكونوا راحمين؛ فارحموا أنفسكم، وأعفوها من الدخول في مآزق أنتم عاجزون عنها، وارحمونا فقد ضاقت صدورنا بهذه المتناقضات وسئمت نفوسنا تلك المبالغات.

ـــــــــــــــــــــــــ
[1] الممرور: المصاب بخبل في عقله. 




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- الكناية
حسين اليعقوب - السودان 19-11-2014 06:32 PM

الكناية :- هي السلام الوحيد التي بها يمكن أن تعيير شخصا ما دون أن يجد الفرصة لمحاسبتك.
نحو : إن من يجيدون الكلام هم العرب
دون أن تقول له أنك لم تجيد اللغة العربية

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة