• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

الفأس والكأس

الفأس والكأس
محمد صادق عبدالعال


تاريخ الإضافة: 29/8/2022 ميلادي - 1/2/1444 هجري

الزيارات: 4450

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الفأس والكأس


لما شطأتُ جَدِّي هناك ناديتُه حينذاك، حائرًا ذاهلًا يمشي على جسر الرماد، يتحسَّس كل شبيه وأَضْداد! وهو الساكن بالحنايا والقاطن باليسار، رغم انكساري واعوجاج المسار، متمثلًا في حبه حكمة المنقول عن المقتول بحنين الأرواح "إِنَّ التَّشَبُّه بِالكِرامِ فَلاحُ".. وأَجِدُّ في الندا حتى الصياح:

• يا أيها الجد الذي يقصص عليَّ دومًا من أنباء ما قد سلف، ووحدي المُصغي! ووحدي المُتيَّم والمتهم! هلا عَبَّرت لي عمَّا رأيت من ليلة أمس التي أرَّقتني حتى الصباح! فأشاح منصرفًا:

 

• غدًا أو بعد غد. قلت:

• بل الساعة، والساعة أدْعَى بالجواب! وما أطيق اصطبارًا على التأجيل، ولا أبيتُ من ليلتي تلك حتى أسمعَ التأويل، فالظاهر مما رأيت جمعه سالمٌ، وما يخفيه حدسي مجموع على التكسير! وإن لم تكن مؤوِّلًا لها، فمن لها ياأيها العزيز؟! وكأنَّ النيلَ كان ثالث ثلاثة، فطاش بالأمواج ثم هاج وماج، فضحكنا ضحكة جَدّ ونهر وحفيد، فقلت مبتسمًا:

• لست وحدي من يطلب التأويل! فأشار مضجعًا:

• أصبت مستمعًا.

 

فاتكأت مثلما اتكأ واتخذت من صفصافته القديمة متكأ وشرعت حاكيًا:

• رأيت فيما يرى النائم أني بيوم غير معتاد الطقوس؛ فلا شمس به سطعَتْ سطوعها المعتاد، ولا سحب ركضت بها الريح لتواكب مواكب الشتاء، وقُبَّة السماء العالية قد ظللتها غمامةٌ وَيْكَانَّها القيامة! والحرور يا جَدِّي ما الحرور! كنار كبت تحت الرماد القادم من أصل صَهد القِفار؛ قد كان طقسًا محالًا لكنه الحال! فنادى مضطربًا:

• والناس؟!

• الناس؟!

 

• جُل الناس ورب الناس كأنهم قد أُشرِبوا كأسًا مُتْرَعة من لذَّات خمر العولمة، يستفتحون بعوالم الافتراض وقلوبهم مُفعمة، ويستبشرون بلمع آل، وللسراب نواتج مفجعة! ويسود صمت الخائفين من الواقعة! حتى النيل الذي انتعش تراجع وانحسر يُجافي شُطْآنه ذوات العشق والولَه! لكن جَدِّي سرعان ما انتفض فيضرب بعصاه النهر:

• أتْمِم منامك ياولد!

 

• حتى إذ انشطر النهار وانبرى في العريكة معظمه، كانت سيَّارة قد جاءت مزركشة الجوانب والحواف، عليها من الكؤوس مصاف ذوات ألوان وأطياف، يعلو بها الماء ليروي حلوق العطاش بَيْدَ أنها فارغة، ويُنادي المنادي:

♦ يا أيها الناس، قد جئناكم ببضاعة مُزْجاة وكؤوس مدلاة! ولا نسألكم لقاء الكؤوس التي تاقَتْ لأجلها النفوس أشياءَ عزيزة، فمن كانت له فأسٌ قديمة فَلْيُعيرنا إياها! فقليلةٌ هي البضاعة، فالرابح الرابح مَن يجعلها من متاعه!

 

وكان جَدِّي متكأً فاعتدل، وأبدى عُبوسًا لم أزل أذكره، وكأن القادم ينكره، ولولا النيل والشاطئ لكان آخذًا بتلابيب ثوبي يجرني إليه! ويسأل من فزع:

• وهل كنت فيهم يافتى إذْ باعوا الحقيقة بالسراب؟!

• .........

• كنت فيهم يافتى إذْ باعوا الحقيقة بالسراب!

• .........

• الحقيقة بالسراب؟!

• ...........

• أجِبْ، مَن مِنَّا الآن أحرى بالجواب؟!

 

لم أجد إجابةً ولم تُدركني من الغرق النجابة، فقلت غير عابئ إذْ دوننا اليَمُّ والشاطئ:

• أضغاث أحلام يا صاحب المَناقِب ياقبلة المواجد، يا عُرْوَة الأماجد، رجاءً لا تعاتبْ، وتمضي ككل مرة آسفًا غاضبًا! وما زلتُ أمْدَحُه والشمس تقدحني.. حتى ابتلعت فوهة الغروب صورةً لفأسي المرهون بكأسي الزائف!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة