• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر


علامة باركود

بين انشقاق القمر ومشاريع المطر

بين انشقاق القمر ومشاريع المطر
شرف إبراهيم الدسوقي إسماعيل


تاريخ الإضافة: 8/11/2021 ميلادي - 2/4/1443 هجري

الزيارات: 14355

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

"بين انشقاق القمر، ومشاريع المطر"

( قصة قصيرة )

 

ظل الرفيقان عامر وسيف يتطلعان إلى السماء، ولم يبرحا الوادي؛ حيث أوشك ما غرسوه، وما زرعوه على الموت بسبب عدم توفر الماء، وأخذا يتطلعان إلى السماء ويتابعان حركة السحب، وألوانها، ويتبادلان نظرات معبرة عما يدور في عقليهما، وما يُحزن قلبيهما، وربما ما تتبادله الأشجار والزروع من أدعية وأحاديث.

 

ما كان الرفيقان بغافلين عن مشكلة المياه، ولا تأثير مياه البحر المالحة، ولا عن حلول تحلية مياه البحار والمحيطات، ولا عن مشكلة المياه في هذا الوادي البعيد كل البعد عن مصادر المياه المُحلَّاة. فلن ينجو غرس أو زرع ذلك الوادي إلا إذا وَدَقَت السماء.

 

أما عن صلاة الاستسقاء التي قاموا بأدائها مع أهل الوادي، فنظرات عامر وسيف توحي بأنهما صلوا ركعتين خلف الإمام بخشوعٍ؛ فاق خشوعهما في أداء ركعتي صلاة العيد، رغم تشابه الصلاتين في عدد الركعات والتكبيرات، وزاد الخشوع حديث الخطيب عن التحذير من المعاصي التي تتسبب في القحط وحبس المطر.

 

يئس الرفيقان من نزول المطر في نهار ذلك اليوم، وما يئسا أبدًا من رحمة الله، أما الغرس والزرع فالله أعلم بخلقه.

 

عاد الرفيقان إلى المنزل، وأخذا يتابعان الأخبار العالمية على شبكة الإنترنت؛ وتحدثت معظم الأخبار عن فيضانات شديدة جدًّا وأعاصير تضرب أنحاءً كثيرة على سطح الكرة الأرضية.

 

فأما الفيضانات فأصابت ما أصابت، وقتلت من قتلت، فهدمت منازل، واقتلعت أشجارًا، وملأت محطات تحت الأرض، وأزالت محطات من فوق الأرض، وأما النظرات المتبادلة بين عامر وسيف، فإنها تتفاعل كلما استدعاها المقام، فتغنيهما عن الكلام، وأما الجديد هذه المرة فكان ربط أخبار الفيضانات بتغير المناخ ونهاية العالم في القريب العاجل.

 

ذهب الرفيقان، كل إلى غرفته بعد فترة اعتادا فيها يوميًّا على أداء الصلاة، ثم تناول طعام العشاء، ثم ترديد أذكار للتعبد، وقضي كل منهما ليله في طاعة ربه كيفما شاء إلى أن استيقظ من غلبه النعاس منهما على أصوات تصادم حبات الماء والبرد بالأرض وما عليها، ولم يكن موعد صلاة الفجر ببعيد.

 

التقيا في صحن المنزل، وتهيَّئا للخروج إلى المسجد، وكان البرق يصدف بين الحين والأخر. ودفعهما الأمل - في أن يكون المطر سقيا رحمة، وليس سقيا عذاب - إلى الانطلاق خارج المنزل والذهاب إلى المسجد دون تردد، وعدم الخوف من صواعق البرق، وإنما لكل امرئ ما نوى.

 

صلى في المسجد من حضر؛ حتى إذا قرأ الإمام قوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [الشورى: 28]، واختلطت تلاوته بأصوات الرعد ولمحات البرق، ودفقات المطر، تشبثت القلوب برحمة الله، وعبرت دموع البعض عن جلال المشهد، وكان الصدق تامًا بعدها في لحظات السجود وترديد: "سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى...".

 

مرت أيام وأيام، حتى أصبح جنى وادي الرفيقين دان. جلس الرفيقان في صلاة الجمعة يستمعان إلى خطيب المسجد الذي تحدث عن علامات الساعة، وبدأها بالآيات الكريمة قال تعالى: ﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ * حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ ﴾ [القمر 1-5] صدق الله العظيم.

 

وانفعل الخطيب كثيرًا، وارتفع صوته وانخفض، وهو يعدد علامات الساعة، إلى أن وصل للحديث عن مشاهد يوم القامة، وجعل هدفه أن يذكر أدلة من الواقع على قرب قيام الساعة؛ فتحدث عن الأوبئة التي تحدث من وقت لآخر، وعن الكوارث التي تواجه البشرية، ثم تحدث عن الصراع الذي يدور حول مصادر المياه، إلى أن قال:

أيها الناس كذَّب الكافرون والمشركون رسولَ الله في خبر رحلة الإسراء والمعراج، وقالوا: نقطع المسافة من مكة إلى القدس في شهر - والعلم الآن يتوصل إلى مخترعات تقطع المسافة في أقل من ساعتين بكثير، وهذا علم البشر، فما بالك بعلم وقدرة الله! ثم أتم الخطيب خطبته وقضيت الصلاة، وانتشر الحضور في الأرض.

 

في عصر ذلك اليوم، جلس الرفيقان في الوادي آمنين مطمئنين، يستمتعون بما آتاهم الله من فضله، ويحمدونه عليه. إلى أن شاهدوا سحبًا كثيفة؛ مال لونها إلى اللون الرمادي، وكلما مر الوقت زادت قتامة اللون؛ فتوقعوا سيلًا من المطر، وهمُّوا بالانصراف، ونظرات أعينهم تتلاقى مرة، ثم تنظر إلى السحب مرة، ثم تنظر إلى ثمار الزرع والغرس، وكأنها ترسل إشارات لطيفة، أو غير لطيفة إلى العقل والقلب.

 

بدأ المطر ينهمر وذهب الرفيقان إلى البيت، ولم يكفا عن الدعاء، لحظة، وحاولا أن يتابعا حالة الطقس من مواقع الأخبار، فكانت المفاجأة المذهلة صدمة لهما؛ حيث استمعا إلى أحد المحللين وهو يقول:

نجحت محاولات الاستمطار في توفير كميات كبيرة من المياه؛ حيث من المتوقع أن تستمر الأمطار لمدة أسبوع في جميع أنحاء البلاد.

 

تلاقت الأنظار من جديد، فهل كان المقصود الاعتراض على عدم ربط مشاريع الاستمطار بمواعيد الحصاد؟ أم كان المقصود ضرورة دراسة فوائد وأضرار مشاريع الاستمطار؟ أم المقصود أن الدعاء وصلاة الاستسقاء تغني عن مشاريع الاستمطار؟ أم كان التلاقي تعبيرًا عن خوفهم من هلاك المحصول؟ ربما كل ذلك؛ فالنظرات المتبادلة استمرت طويلًا في هذه المرة.

 

مر الأسبوع والأمطار الاصطناعية أو هكذا سمُّوها لم تتوقف، ولم تتوقف معها معاناة الودي بما فيه ومن فيه، حتى توقف المطر وبدأ العلماء يخبرون ويعبرون ويتباهون بإنجازه غير المسبوق، ويعدون من تضرر بالتعويض المناسب.

 

حزن الرفيقان على ما أصاب الوادي، وتصبروا بالتعويض؛ عساهم يجدوا الأمل في المشاريع القادمة، ووجدوا في حديث العلماء مبشرات كثيرة، فأحسوا بأنهم لن يكونوا وحدهم إذا حدث مكروه أو ضرر.

 

مرت الشهور والسنون، وتحول الوادي الى مكان لا تنقطع عنه المياه بفضل مشاريع الاستمطار، وتضاعفت المحاصيل، وقلت فترات نمو الزرع، والحيوانات، والطيور المنزلية بفضل جهود العلماء؛ فامتلأ الوادي بصنوف الزروع والأشجار، وكثرت مزارع الدجاج، والبقر...

 

إلى أن تفاجأ الرفيقان بتعليمات امتثلوا لها على الفور؛ فقد علموا أن هناك قوافل طبية تقوم بعمل فحوصات، نظرًا لظهور أنواع من الأمراض والفيروسات لم تكن معروفة عن ذي قبل، فصارت هذه القوافل حديث العامة والخاصة، ومواقع الأخبار، ومواقع التواصل الاجتماعي، فكثرت التفسيرات وزادت محاولات ربط هذه الأمراض بمشاريع الاستمطار، وزادت الأدلة المعروضة من علماء الاستمطار على براءة مشاريعهم من هذا الخلل.

 

سادت حالة من عدم الأمن، وضاعت حالة النشوى والسعادة التي تبعت زيادة المياه في الوادي، ورغم حالة عدم اليقين التي سادت، بين الجميع، إلا أن الرفيقان لم يجدا في هذه المرة أيضًا حلًّا سوى الذهاب إلى المسجد وأداء صلاة قضاء الحاجة التي يلجأ إليها المسلم وقت الشدائد والمحن؛ ليقضي الله حاجته أو يرفع عنه البلاء.

 

أدى الرفيقان صلاة الحاجة في يوم الجمعة، ثم أدوها ثانية يوم السبت، ثم صاروا يؤدونها في كل يوم، وأخذ عدد من يؤدونها معهم يزداد يومًا تلو الآخر، ولم يستطع العلماء منذ ذلك الحين تقديم أخبار فاصلة عن علاقة مشاريع الاستمطار، وغيرها من المشاريع التي غيرت معالم الكرة الأرضية بالأمراض الناشئة، أو بالفيضانات، أو بعلامات الساعة، ولذلك ظل الرفيقان يؤدون صلاة قضاء الحاجة، وظل عدد من ينضم إليهم في ازدياد.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- جزاكم الله خيرًا. جهد طيب
شرف إبراهيم الدسوقي - مصر 08-11-2021 02:10 PM

شكر جزيلًا فريق العمل. جزاكم الله خيرًا، وجعله في ميزان حسناتكم. وأفاد الله بهذا العمل.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة