• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

الصياد الصغير

الصياد الصغير
د. أحمد أبو اليزيد


تاريخ الإضافة: 16/1/2021 ميلادي - 3/6/1442 هجري

الزيارات: 6891

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الصَّيَّادُ الصَّغِيرُ

 

يُحْكَى أن صيادًا فقيرًا كان يعيش مع زوجتِهِ وطفلِهِ في كوخٍ صغيرٍ، وكان الصيادُ رجلًا كبيرَ السنِّ لا يَقْوَى على العملِ الكثيرِ - وكذلك زوجته - فكان لا يعمل إلَّا ساعتين من النَّهار، يصطادُ فيهما ما يشاء الله عزَّ وجلَّ، فكان يبيعُ ما يصطادُ من السمكِ حتَّى يشتري ما تحتاجه أسرته، ولأن ما يصطاده كان قليلًا، فقد كان لا يستطيع أنْ يشتريَ إلا الخبزَ والجبنَ، ونادرًا ما كان يشتري اللحمَ والدجاج.

 

كانتْ زوجتُهُ امرأةً قانعةً بما قسم الله عز وجلَّ لها من الرزقِ، راضيةً بما في يديْها، تعلم أنَّ زوجها لا يستطيع أكثر من ذلك، فلا تُحَمِّله ما لا يُطيق، ولكن غلامهما الصغير كان دائمَ الغضبِ، ينظرُ إلى ما يملكهُ أصدقاؤه من الألعابِ، وما يأكلونه من شهيِّ الأطعمةِ والحلويات، فكان يغضبُ على الطعام، ولا يَرْضَى أنْ يأكلَ ويقول متضجرًا: "كل يومٍ نفس الطعامِ، كل يومٍ نفس الطعام"، وكان هذا الصبي كذلك قليل الصبرِ، سريع الغضبِ، لا يقنع بما في يديه من الرزق.

 

لَكَمْ ودَّ الأبوان لابنهما أنْ يسعدَ بالطعامِ الجميل والملابس الجديدة، ولكن هذا قدرهم في الرزق، فأراد أبواهُ أنْ يعلِّماهُ درسًا ينفعه في حياته، فاتَّفق الأبوان مع طفلهما أنْ يذهبَ الغلامُ إلى الصيدِ مع أبيه؛ لأنه الآن اشتدَّ عودُهُ وقَوِيَ على السعي والكسبِ، كان رافضًا الفكرةَ في البدايةِ، ولكن عندما اتَّفق معه والداه أن كل ما يجمعه من الصيدِ له بمفرده، يفعل به ما يشاء، فرِح بشدةٍ أملًا في الحصولِ على المال الذي يستطيع أن يشتريَ به كل ما يريد، ولكن كان في الاتفاق كذلك أنه إنْ لَمْ يستطعْ أنْ يصطاد شيئًا، فليس له أنْ يأكلَ مما يشتري الأب من طعامٍ، فرح الغلامُ بشدةٍ، وقال: هذا أمرٌ يسيرٌ، سوفَ أصطادُ الكثيرَ من السمكِ، وسأشتري الحلوى والعسلَ، وسأجمعُ المالَ، وأشتري اللحم وكل ما أتمنى، ولنْ أحتاجَ إليكما بعد اليوم، ومع هذا السلوك الشائن، والقول غير المهذب، فإنَّ أبويه لم يعاقباه بما قال، بل تركاه حتى تعلِّمه الحياة.

 

وفي صباحِ اليومِ التالي، خرجَ الفتى مع أبيهِ بعدما أعطاهُ الأبُ أدواتِ الصيدِ، فسارا مسافةً طويلةً حتَّى بلغَا شاطئَ البحرِ، فكان الغلامُ في هذا المسير دائمَ الضجرِ من طولِ المسافة وحرارةِ الشمسِ، فلمَّا وصلا إلى البحرِ، اتَّفقَ الأبُ مع ابنهِ أنْ يصطادَ كلٌّ منهما بمفردهِ، وألَّا يتكلما طول الوقت، بدأ الغلامُ بالصيدِ، وظنَّ أنَّ السمكَ سوف يأتي سريعًا، كان يغني مبتهجًا: "يا سمكُ، أَقْبِلْ، أَقْبِلْ... ويا فقرُ، أَدْبِرْ، أَدْبِرْ"، مرَّتْ برهةٌ من الوقتِ، وبدأَ الصبيُّ في التَّمَلْمُلِ، فكان كثيرَ الحركةِ لا يهدأ، فلم يستطعْ أنْ يصطاد، ولو سمكةً واحدةً، فعادَ مع أبيه في نهايةِ اليومِ، وبات من ليلته دون طعامٍ - لأنَّه لم يَصطَدْ شيئًا كما اتَّفق مع أبويه - إلَّا ربعَ رغيفِ خبزٍ أعطتهُ الأمُّ لهُ رأفةً بهِ، فالتقمهُ شَرِهًا.

 

وفي اليومِ التالي، خرج الولدُ مع أبيهِ وفعلَ ما فعلهُ في اليومِ الأول من كثرةِ الحركةِ والصراخِ، فلم يصطدْ شيئًا البتةَ، فأمسَى مهمومًا؛ لأنَّهُ لم يأكل شيئًا الليلةَ البارحة، وهما عائدانِ إلى منزلِهما، قال الأبُ لابنِهِ: "يا بُنَيَّ، إنْ أردتَ أنْ تصطادَ سمكًا، فعليكَ أنْ تكونَ صبورًا، فإن اللهَ يحبُّ الصابرين، والصبرُ يتطلبُ الهدوءَ"، فاقتنع الغلام، وفي المساء أوَى إلى فراشهِ بعدما أعطته أمُّهُ ما أعطته في اليوم السابق رأفةً منها به، وفي صبيحةِ الغد ذهبَ الولدُ مع أبيهِ وقدْ عزمَ أنْ يكونَ صبورًا حتى ينجحَ في هذا اليوم، وعلى شاطئ البحرِ بدأت صنارتهُ في الحركة، ففرح فرحًا شديدًا لَمَّا رأى سمكةً تتعلق بها، فجذبَها بسرعةٍ فسقطت السمكةُ مرةً أخرى في الماء، فغضبَ الغلامُ، فأشارَ إليه والدهُ بيديهِ ألَا تغضَب، ولكنْ عليك بالهدوءِ والسكينةِ، فعاود الصبِيُّ المحاولةَ، وهنا اهتَّزتْ الصنارةُ مرةً أخرى، فجذبها بهدوءٍ، فخرجت له سمكةً صغيرةً، فوضعها في سلَّتِهِ سعيدًا، ولكنه ما لبث أنْ نادى على أبيهِ، وعلى وجههِ علامات الحزن، وقال: "ولكنَّها صغيرة، وأنا أريدُ أنْ أصطادَ أكبرَ من هذا، لماذا أنتَ تصطاد كل السمكِ الكبيرِ وأنا لا؟!"، فلم يَرُدَّ الأبُ عليه، وتركهُ حتى يتعلمَ بالتجربةِ، وعاوَدَ المحاولة، واهتزتِ الصنارةُ مُجددًا، وكانتْ تلك المرة ثقيلةً، فظنَّ أنَّها سمكةٌ كبيرةٌ، ولم يستطعْ جَذْبَهَا، حتى قال في نفسه أنها حوت عملاق، فطلبَ العونَ من أبيهِ، فساعدهُ على جَذْبِهَا، حتى خرجَ له حذاءً عَلِقَ بها وبِبَعْضِ الأعشابِ، غَضِبَ الولدُ غضبًا شديدًا، وقذفَ الحذاءَ مرةً أخرى في البحرِ، فاصطدمَ بسلَّتِهِ، فوقعتِ السمكةُ التِّي اصطادها في البحر، وهنا سقطَ الغلامُ على الأرضِ باكيًا، فاحتضنهُ أبوهُ، وقال له: يا بُنَيَّ، عليك أنْ تقنعَ بمَا قسمهُ اللهُ عزَّ وجلَّ لك من الرزق، عليك فقط أنْ تسعى وتجتهد، ويجب أنْ تتحلى بالصبرِ والقناعةِ، ومع كل هذا يجبُ ألَّا يفْتُرَ لسانك عن الدعاء بالتيسير والنجاح، عاد الابنُ مع أبيهِ، وهنا كافأه الأبُ بالطعامِ لأول مرة منذ يومين، فأعطاهُ الخبزَ والجبنَ، فالتَهَمَهُمَا الولدُ بسرعةٍ، بعدما سمَّى اللهُ على طعامِه، وبعدما فرغَ من الطعامِ، حمِدَ اللهَ تعالى، وقال لأمِّهِ: "ما أجمل هذا الطعامَ يا أمِّي، لقد كنتُ جائعًا حقًّا"، فضحك الجميع، وقال الأبُ مازحًا: "هل أكلت لحمًا يا ولدي؟!".

 

وفي الصباحِ، خرج الأبُ وابنهُ وكان الولدُ عازمًا على النجاحِ بالصبرِ والقناعة، وقد كان، فقد اصطاد في يومِهِ خمسَ سمكاتٍ كبيرات، بعد يومٍ شاقٍّ تحت لهيبِ الشمس، وفي طريقِ عودتِهِمَا بعدما باعا السمكَ جميعًا، استأذنَ الابنُ أباه أنْ يشتريَ شيئًا بمالِهِ، وكان عشرةَ دراهم، فأَذِنَ لهُ الأبُ، ذهب الولدُ إلى الحانوتِ، واشترى جُبْنًا وخبزًا ووَرْدَتَيْنِ، وتبقَّى له درهمان، فخبَّأهما ولم يخبر أباه عما اشترى، وكذلك لم يسأله والده، عادا معًا إلى المنزل، وعندما دخلا أعطى الطعامَ الذي اشتراه لأمِّهِ، فأكلوا جميعًا، ثم قام الولدُ شاكرًا أبويْهِ على ما علَّماه من خلقِ الصبرِ والقناعةِ، وقبَّل الولدُ يدَ أمِّه، ثم يدَ أبيهِ، وأعطى كل واحدٍ منهما وردةً، ثمَ أعطاهما ما تبقى معه من المال، قائلًا: "الحمدُ للهِ ربِّ العالمين".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة