• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

الشيخ عمر

الشيخ عمر
حسن عبدالموجود سيد عبدالجواد


تاريخ الإضافة: 8/9/2020 ميلادي - 20/1/1442 هجري

الزيارات: 3391

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الشَّيخُ عُمَر

 

حين كنت طفلًا في الرابعة من عمري امتلأت بي شوارع قريتي؛ لعِبًا وشَغبًا وضحكًا وبكاء وصراخًا وصفيرًا.

 

كنت استعد للحياة بشكل متهور؛ فتارة تنقذني أمي من بين براثن قطة داهمتها وهي مستلقية في ظل جدار، وتارة يلقفني أبي عندما أقرر القفز من أعلى جذع نخلة كان أمام منزل العائلة، وتارة ينقذني أحد المارة من الغرق في ترعة قريتنا حين أقرر استعراض مهاراتي في العبور على الفَلْق (قنطرة من جذوع النخل)، فتسعفني قدماي تارة وتخذلني تارات لأجد نفسي ألعب مع القراميط (نوع من الأسماك)!

 

كان لابد من حل سريع وعاجل لهذا الطفل الذي يريد أن يصارع الحيوانات، ويمارس الطيران من فوق جذوع النخل، ويستعرض مهاراته في السباحة والانتحار من وسط القنطرة...

 

(ما تُوَدُوه الكتَّاب)[1]

كان اقتراح أحدهم -سامحه الله- فأضاء الفكرة في ذهن أبويَّ ووجدا في الذهاب بي لكُتَّاب الشيخ عمر -رحمه الله- ملجأ لهما للحفاظ على حياتي.

 

فذهبا بي إلى كُتَّاب شيخنا الجليل آملين أن تخمد جذوة التهور، وأن يهذب القرآن من سلوك الطفل الطائش الذي يرفع الجلباب ويبول في الترعة دون حياء!

 

كان مولانا الشيخ عمر أعذب أهل قحافة صوتًا، وكان في شبابه نشيطًا بشكل ملحوظ جدًّا وحازمًا في التعامل مع تلاميذه لا يتهاون في التحفيظ فوجدت في هذا الكتَّاب قيدًا لم أفلح في الفرار منه، فأقرر تغطية عيني بطاقيتي الصوفية وأجهش بالبكاء لكن لا جدوى..

 

فأضطر للخروج عن المألوف معتقدًا أنهم لن يرونني أو يسمعونني حين أغطي عيني وأغني

(ما اعرفشي ادق الكسبرة.. إلا بقميص المندرة)

 

وتضحك جدتنا الحبيبة أم مولانا حين تسمع صوتي النحيف كنحافتي وأنا لا أراعي مجلس القرآن فأغني لأهرب من القيود.

 

وينسي مولانا حزْمه لبعضِ الوقت ويداعبني ليخفف عني..

 

واستمر الأمر سنة أو بعض سنة، وتمرَّدت على الذهاب للكتاب وهربت أكثر من مرة، وانتقلت بين معظم مشايخ قحافة؛ كالشيخ أحمد الشورى والشيخ على إبراهيم والشيخ أبو رفعت محمود رشوان والشيخ عبد العليم رشوان رحمهم الله جميعًا.

 

لكن يبقى الشيخ عمر هو الأقرب لقلبي وكلما يقابلني يداعبني بقوله: (إيه أخبار الكزبرة يا أبو علي؟).

 

كان مولانا ذائع الصيت يقرأ القرآن بصوت مبكٍ رخيم يرج المكان رجًّا وينتزع دموع سامعيه وإعجابهم، وكان كريمًا بسيطًا يجالس الكبار والصغار في تواضع شديد، فتارة تجده يجالس محمود الشيمي (أحد الحلاقين في قحافة)، وتارة تجده يجالس الشيخ (حسين رمضان حسين)، ويراجع معه حفظ آيات الله.. وتارة تجده بين تلاميذه من حفظة القرآن الصغار.

 

لم يكن يبخل على أهل قريته بمجالسته الطيبة وطيب حديثه وروحه البسيطة المتواضعة.

 

قبل وفاته بأسبوع قابلته - وكان معي اثنتان من بناتي - في مدخل شارعهم فسلم علي وعلى بنتيَّ بحفاوة شديدة وكأنه كان يودعني.

 

في يوم عرفة رحل عنا مولانا الحبيب إثر حادث أليم بدراجته النارية فبكت قحافة لهول المفاجأة.. لكن عزاءنا جميعا أنه ارتقى لربه في يوم عرفة (خير أيام الله)!

 

لا تخف يا مولانا ولا تحزن، فعيدك في الجنة - إن شاء الله - يقال لك: (ارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا)!!



[1] عبارة بالعامية المصرية معناها: «أرسلوه إلى كتَّاب القرية لتعلم القراءة وحفظ القرآن».





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة