• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / قصص ومسرحيات للأطفال


علامة باركود

موسم الحصاد

د. محمد هيثم الخياط

المصدر: من أقاصيص الطبيعة (16)

تاريخ الإضافة: 23/8/2007 ميلادي - 9/8/1428 هجري

الزيارات: 22326

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
كانَ القَمْحُ قد اسْتَغْلَظَ وَاسْتَوَى على سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُرَّاعَ!

وَلَمْ يُصَدِّقْ قَمْحَانُ عَيْنَيْهِ وَهُوَ يَرَى صَدِيقَيْهِ الحَمِيمَيْنِ الجُنْدُبَ وَالجُدْجُدَ يَشُدَّانِ الرِّحَالَ لِمُغَادَرَةِ الحَقْلِ بِسُرْعَةٍ؛ فَقَفَزَ مِنْ سُنْبُلَتِهِ وهُوَ يَصْرُخُ: ((إِيْهِ!! إِلى أَيْنَ أَنْتُما ذاهِبَانِ؟)).

فَقَالَ الجُدْجُدُ وَهُوَ يَتَنَهَّدُ: ((لَنْ نَذْهَبَ قَبْلَ أَنْ نُوَدِّعَكَ.. وَلكِنَّ عَلَيْنَا أَنْ نَرْحَلَ بِسُرْعَةٍ وَنُغَادِرَ هذا الحَقْلَ قَبْلَ وُصُولِ ذلِكَ الوَحْشِ المُخِيفِ!)).

وَقَبْلَ أَنْ يَسْتَفْسِرَ مِنْهُمَا عَنْ مَعْنَى مَا سَمِعَهُ رَآهُمَا يَثِبَانِ وَيَقْفِزَانِ مِنْ نَبْتَةٍ إلى أُخْرى وَيَبْتَعِدَانِ إلى أَنْ غَابَا عَنْ نَاظِرَيْه.

لَمْ يَطُلْ عَجَبُ قَمْحَانَ. فَقَدْ سَمِعَ ضَجَّةً هَادِرَةً، وَرَأى وَمِيضَ شَفَرَاتٍ فُولاَذِيَّةٍ وَأَدْرَكَ أَنَّ (الوَحْشَ) قَدْ دَخَلَ الحَقْلَ... فَوَلّى الأَدْبَارَ، وَلاَذَ بالفِرَارِ، فالأَمْرُ خَطِيرٌ لا يَحْتَمِل التَرَيُّثَ أَوِ الانْتِظَارَ!

اِخْتَبَأَ قَمْحَانُ خَلْفَ حَجَرٍ صَغِيرٍ وَأَخَذَ يَرْقُبُ شَفَرَاتِ الحَصَّادَةِ تَلْتَهمُ السَنَابِلَ، وَالهَلَعُ يَمْلأُ قَلْبَهُ.
رَأى الوَحْشَ يَلْتَهِمُ كُلَّ مَا في طَرِيقِهِ ثُمَّ يَلْفِظُهُ حُزَمًا أَنِيقَةً وَاحِدَة تِلْوَ أُخْرى.
وَلكِنْ مَاذَا جَرى لِرَفِيقَاتِهِ حَبَّاتِ القَمْحِ؟

كَانَتْ تَتَأَلَّقُ تَحْتَ أَشِعَّةِ الشَمْسِ بَعْدَ أَنْ نُزِعَتْ عَنْهَا قُشُورُهَا وَكانَتْ تُلقَى في أَكْيَاسٍ ضَخْمَةٍ.
وَدَفَعَهُ الفُضُولُ إلى اللَحَاقِ بِهِنَّ، فَسَاعَدْنَهُ على تَسَلُّقِ أَحَدِ الأَكْيَاسِ وَانْدَسَّ بَيْنَهُنَّ.
وَلَمْ يَلْبَثْ إلاَّ قَلِيلاً حَتَّى جَاءَتِ الشَاحِنَاتُ وَحَمَلتِ الأَكْيَاسَ وَابْتَعَدَتْ بِهَا.

وَعنْدَ وُصُولِ الأَكْيَاسِ إِلى الطَاحُوْنَةِ دُهِشَ قَمْحَانُ لِسَمَاعِهِ لُغَاتٍ أَجْنَبيَّةً مُتَعَدِّدَةً لَمْ يَكُنْ قَدْ سَمِعَهَا مِنْ قَبْلُ، وقَرَّرَ أَنْ يَجدَ أَجْوِبَةً لِبَعْضِ أَسْئِلَتِهِ؛ فَاقْتَرَبَ مِنْ غَرِيبٍ بَدَا أَنَّهُ خَبِيرٌ ومُهِمٌّ.
عَرَّفَهُ الغَرِيبَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ مُفَسِّرًا: ((إِنَّ القَمْحَ يَأْتِي إلى الطَاحُونَةِ مِنْ مُخْتَلِفِ بِقَاعِ العَالَمِ بَعْدَ أَنْ يَجْريَ فَحْصُهُ طِبِّيًا لِفَصْلِ السَلِيمِ مِنْهُ عَنِ المَرِيضِ. ثُمَّ يَتِمُّ مَزْجُ الحُبُوبِ السَلِيمَةِ بِنسبٍ مُتَفَاوِتَةٍ لإِنْتَاجِ أَنْوَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنَ الدَّقِيقِ)).

ثُمّ بَيَّنَ الخَبِيرُ لِقَمْحَانَ كَيْفَ تُغْسَلُ الحُبُوبُ أَولاً غَسْلاً جَيَّدًا للاِطْمِئْنَانِ إِلى أَنَّهَا أَصْبَحَتْ نَظِيفَةً، ثم تُجَفَّفُ وَتُلْقَى في الغِرْبالِ مِنْ أَجْلِ أَنْ تُنَقَّى، وَيُنْزَعَ عَنْهَا كُلُّ القَشِّ والأَجْسَامِ الغَرِيبَةِ الَّتِي تَكُونُ عَالِقَةً بِهَا.

فَقَالَ قَمْحَانُ لِنَفْسِهِ: ((هذا هُوَ السبب إذَنْ فِيمَا هِيَ عَلَيْهِ الآنَ مِنَ النَضَارَةِ وَالتَأَلُّقِ وَالجَمَال!!)).
ثُمَّ قَالَ لِصَاحِبِهِ: ((وَمَا الّذِيْ يَحْدُثُ بَعْدَ ذلك؟)).

فقَالَ الخَبِيرُ مُوَضِّحًا:
((تُنْقَلُ الحُبُوبُ بالحِزَامِ النَاقِلِ لِتُطْحَنَ في آلاَتٍ ضَخْمَةٍ فَتَتَحَوَّلَ إِلى دَقِيقٍ.
ثُمَّ يُنْخَلُ الدَقِيقُ عِدَّةَ مَرَّاتٍ لِفَصْلِ النُخَالَة عَنْهُ فَيُصْبِحُ طَحِينًا أَبْيَضَ جَمِيلَ المَنْظَرِ)).

ثُمَّ تَابَعَ قَائِلاً: ((إِنّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَغْتَرُّون بالمَظْهَرِ وَيُفَضِّلونَ الدَقِيقَ الأَبْيَضَ وَالخُبْزَ الأَبْيَضَ، مَعَ أَنَّ الطَحِينَ المُحْتَوِيَ على النُّخَالَةِ هُوَ أَكْثَرُ فَائِدَةً لَهُمْ وَأَعْظَمُ نَفْعًا)).

دُهِشَ قَمْحَانُ عِنْدَمَا عَلِمَ أَنَّ القَمْحَ يُزْرَعُ في كُلِّ بِقَاعِ العَالَمِ.
وَزَادَتْ دَهْشَتُهُ عِنْدَمَا أَنْبَأَهُ الخَبِيْرُ أَنَّ الإِنْسَانَ عَرَفَ زِرَاعَتَهُ مُنْذُ عُصُورِ مَا قَبْلَ التَارِيخ، وَمَا زَالَ يَزْرَعُهُ حَتّى اليَوْم!

وَأَرْدَفَ الخَبيرُ قَائِلاً: ((هَلْ فَكَّرْتَ يَوْمًا بِوَفْرَةِ المَآكِلِ الّتي يَدْخُلُ الدَقِيقُ في صُنْعِها؟ مَاذَا كَانَ يَحْدُثُ لِلْعَالَمِ بِدُونِ الخُبْزِ وَأَنْوَاعِ الكَعْكِ وَالبَسْكَوِيتِ؟ وَمَاذَا كَانَ سَيُصِيبُ الإِيطَالِيِّينَ لَوْلا المَعْكَرُونَةُ؟ وَسُكّانَ بِلاَدِ الشَّامِ دُوْنَ البُرْغُلِ؟ وَالفِرَنْسِيِّينَ دُوْنَ الأَهِلَّةِ المُحَلاَّةِ؟ وَأَهْلَ المَغْرِبِ دُوْنَ الكُسْكُسِ؟)).

كَانَتِ الزِيَارَةُ الّتِي قَامَ بِهَا قَمْحَانُ للِطَاحُونَةِ مُثِيرَةً حَقًا. فَقَدْ تَعَلَّمَ أَشْيَاءَ جَدِيدَةً كَانَ يَجْهَلُهَا مِنْ قَبْلُ. وَلكِنْ حَانَ الوَقْتُ لِكَيْ يَذْهَبَ. فَلَوَّحَ لأَصْدِقَائِهِ مُوَدِّعًا وَانْطَلَقَ فِي طَرِيقِ العَوْدَةِ إلى حَقْلِهِ.
لكِنَّهُ ذُهِلَ عِنْدَمَا رَأَى حَقْلَهُ وَقَدِ امْتَلأَ بِنَبَاتِ الذُّرَةِ وَالفِصْفِصَةِ.
وَلَمّا سَأَلَ إِحْدَاهَا عَنْ سِرِّ وُجُودِهَا هُنَاكَ أَجَابَتْهُ بِأَنَّ هذِهِ طَرِيقَةٌ في الدَّوْرَاتِ الزِرَاعِيَّةِ تُهَيِّئُ الأَرْضَ للِمَوَاسِمِ التَالِيَةِ، وتُغْنِيهَا. فَإِنْ كانَ يَرْجُو أَنْ يَنْبُتَ مِنْ جَدِيدٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَذْهَبَ إلى الحَقْلِ المُجَاوِرِ.

مَا إنْ وَصَل قَمْحَانُ إلى الحَقْلِ المُجَاوِرِ حَتَّى هَتَف الجُنْدُبُ وَالجُدْجُدُ قَائِلَيْنِ: ((أَيْنَ كُنْتَ طَوَالَ هذِهِ المُدَّةِ يا قَمْحَانُ؟)) فَقَصَّ عَلَيْهمَا قَمْحَانُ كُلَّ مُغَامَرَاتِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُمَا: ((وَالآنَ أَسْتَوْدِعُكُمَا الله وَسَأَلْقَاكُمَا في العَامِ القَادِمِ)).

وَسَرْعَانَ مَا فَتَحَ لِنَفْسِهِ ثَقْبًا صَغِيرًا في الأَرْضِ وَنَزَل فِيهِ وَاخْتَفى..
قَالَ الجُدْجُدُ: ((لَقَد الْتَحَقَ بِحَبَّاتِ القَمْحِ الّتِي بُذِرَتِ مُنْذُ أُسْبُوْعٍ. هَيّا بِنَا يَا صَدِيقِي الجُنْدُبُ، فَسَنَرَاهُ في الرِّبَيعِ القِادِم إِنْ شَاءَ اللهُ)).




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة