• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

شريفة (قصة)

شريفة (قصة)
الزهرة هراوة


تاريخ الإضافة: 24/5/2017 ميلادي - 27/8/1438 هجري

الزيارات: 5347

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شريفة

 

• ينبغي عليَّ أن أعود، ما كان عليَّ أن أُوافق، ما كان عليَّ أن أسمع كلامها.

كيف لي أن أغيب عن بيتي ساعات؟ وكيف سيمرُّ الوقتُ على أبنائي؟

كم كنتُ ضعيفة ساعة قبلتُ بخروجي!

إنَّه اليوم الأول مِن رمضان، ورؤية أولادي يتضوَّرون جوعًا تَزيدني ضعفًا على ضعف.

 

• أربعة؛ مَن يُطعمهم؟ مَن يَكسوهم؟ من يتكفَّل بمصير علاجهم؟

أثقلتني الهمومُ وتكالَبتْ عليَّ.

كنت قانعة بشظف العيش؛ أنزع اللقمةَ مِن فِي لأطعمها صغاري وأتظاهرُ بالشِّبَع راضيةً كل الرِّضا، ويَشتكي جسدي آلامًا عدَّة، متظاهرة بالصحَّة والقوَّة؛ فقط من أجل أبي العيال بألَّا أضيِّق عليه، يكفيه ما يلاقيه حتى يتحصَّل على القوت!

 

بيت به غُرفة واحدة، يفتقر لأدنى مَظاهر الحياة الكريمة؛ هذا ما تمَكَّنَّا مِن الحصول عليه طيلة عشر سنوات عجاف مِن التقشُّف والادِّخار.

وما أن سكنَّاه حتى أُصيب زوجي بحادث كاد يودي بحياته لولا فَضل الله علينا، لكنَّه رغم ذلك أُصيب بإعاقة كُلِّيَّة.

ها قد أُصيب عائلُ الأسرة الوحيد! وليس له تأمين ولا تقاعد؛ مَن يعولنا الآن؟!

 

تذكَّرتُ عملي السابق الذي استَقلتُ منه ما أن بدَأتْ حياتي الجديدة كرَبَّةِ بيت وراعية لأسرتي، فهُرِعتُ إلى مدير المؤسَّسة حاملة شهادتي، لكنَّه أظهر لي عدم إمكانيَّة رجوعي له لأنَّني استقلتُ وتخلَّيتُ عنه بمحض إرادتي، ومع ذلك نظر إليَّ نظرةَ الذِّئب إلى الفريسة، ساوَمني بشَرفي بأنَّه قد يجد حلًّا إن مكَّنتُه من نفسي؛ أسرعتُ للباب خارجة رافضة اقتراحَه واصفةً إياه بأسوَأ الصِّفات، باكية على نفسي وما حدَث لي، داعية المولَى عزَّ وجل أن يعينني ويثبِّتَني على الطَّريق الصحيح.

 

جرَّبتُ كلَّ الحلول، وطرقتُ كلَّ الأبواب، وأنا بذلك أضع رِضا الله أولًا ودائمًا؛ لكننا في زمن الذِّئاب والوحوش المفترسة، التي لا هَمَّ لها إلَّا قضاء نزواتها مستغلَّة ظروف المرأة الماديَّة وحاجتها الماسَّة للمال الحلال الذي تأبى أنفسهم الدَّنيئة إلَّا بتلويثه! فأرجع دائمًا خائبة.

إلى أين أتَّجه؟ أهلي؟! مَن كنت أعولهم ذات يوم ولا يَزالون بحاجة لِمن يعولهم! أم إلى أهل زوجي؟! وأفضَل مساعدة قدَّمتْها لي عمَّةُ الأولاد أن يتمَّ توزيع الأبناء عليهم وأن أعود إلى بيت أهلي تمامًا كما غادرتُه أوَّلَ مرة!

 

أيُّ أمٍّ ترضى بأن تتخلَّى عن أبنائها؟!

رفضتُ طلبَها بأدب شاكرةً لها معروفها.

وعُدتُ أتجرَّع الهمومَ وحدي.

 

• ها هو أبو الأبناء بحاجة لأدوية وعلاج!

• ها هم الأولاد بحاجةٍ للغذاء واللِّباس، وللكتب والأدوات المدرسية.

• وها هي الأفواه الستة بحاجة لِمن يطعمها.

 

قضيتُ عامي الأول أحيك مِن الصُّوف كنزات وجوارب وأغطية، أبيعُها وأَشتري ما أحتاج إليه، لكنَّه عمَلٌ مَوسميٌّ سرعان ما توقَّف بحلول الصَّيف؛ فما العمل وقد ازدادت متطلبات الحياة؟!

يا أيها الناس، يا مَن تتحدَّثون مِن أبراجكم العاجية، ووُلدتُم وملاعق الفضَّة في أفواهكم، هلَّا تنازلتم ورأيتم أمثالَنا؟! مِن النِّساء مَن تقبع في بؤس وشقاء الحياة! مَن تُشَلُّ يدها قبل أن تمدها لطلب الصَّدَقة، وتموتُ هي وأولادها قبل أن تأكل بشرفها!

 

وحَلَّ الصَّيفُ، وحلَّ معه رمضان؛ وأظلمتِ الدنيا في وجهي، وضاقت بي؛ لتأتي جارةٌ لي وتلحُّ عليَّ بأن أرافقها للذهاب لمطاعم الرَّحمة، وتوصيني بأن نغادر المنزلَ باكرًا حتى نجد مكانًا لنا في الطابور؛ لأنَّ الناس من شروق الشمس تتوافد على المطاعم منتظرة لحظة توزيع الوجبة التي عادةً ما تكون قبلَ صلاة العصر.

 

أيُّ بؤسٍ هذا الذي يجعل مِن الناس يتحمَّلون قيظ الصيف، ولفح الشمس، والتمترس عند حائط المطعم الخيري طيلةَ ساعات للظفر ببعض الطعام؟!

بدأ عددُ الناس يتزايد مع مرور الوقت، ومن حينٍ لآخر نسمع أصواتًا تَرتفع من هنا وهناك وشجارًا ينشب؛ لأنَّ أحدهم لم يحترم الدور!

يا له مِن زمن! ويا لها مِن حياة!

 

ويقولون:

• "الفقر يصنع الرِّجال"! لا يرون معاناتهم.

وما إن يبتسم أحدُهم إلَّا وسارعتْ كاميرا الفضوليين بالتِقاط الصُّور مذيلة إيَّاها بأنَّ السعادة لا تُشترى بالمال، مستكثرين عليه تلك البَسمة التي قد تكون عادة من القهر!

ها قد اقترب موعدُ العصر، وها قد سادت روائحُ الطعام الشارعَ الذي كثر فيه أمثالي.

 

وما إن كاد الباب يُفتح حتى قدمت سيارةٌ فارهة تدرك مِن خلالها أنَّ صاحبها من أثرياء البلدة دنت منِّي جارتي قائلة:

• هذا في كلِّ رمضان يأتي - يوميًّا - وهو مَن يفتتح المطعم.

 

قلت:

• تبارك الله! بارك الله في ماله! الحمد لله؛ لا يزال الناسُ بخير.

 

كادت جارتي تقَع على قفاها مِن الضَّحك عليَّ، وهي تقول بصوت متقطع لكثرة الضحك:

• أيتها الساذجة، هل ظننتِ أنه هو صاحب المبادرة الخيريَّة؟!

بالعكس هو يأتي ليأخذ قفَّتين ممَّا لذَّ وطاب، ويتوقَّف كعادته كل مرَّة أمامَ أقرب حاوية قمامة ليرمي الخبزَ فيها وينطلق كالسَّهم!

لم أصدِّق أذنيَّ، ولم أصدق عينيَّ أيضًا؛ ذلك أنَّ الشخص لما نزل كان هو مدير المؤسَّسة التي كنتُ أعمل بها ورفض توظيفي مرةً أخرى!

 

بقيت أردِّد:

• ويحدث أن يزاحم الأغنياءُ الفقراءَ على مطاعم الخير وقفة رمضان!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة