• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

الطبخ قبل العلم أحيانا!

الطبخ قبل العلم أحيانا!
أ. عاهد الخطيب


تاريخ الإضافة: 16/5/2017 ميلادي - 19/8/1438 هجري

الزيارات: 4082

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قصة قصيرة من الواقع

الطبخ قبل العلم أحيانًا!

 

دخلتُ بروح معنوية عالية مكتبَ المسؤول عن نشر الكتب، في إحدى دور النشر، الذي تربطني به معرفةٌ من نوع ما، بحكم منشورات سابقة، متأبِّطًا ملفَّ مسوَّدة كتابي الجديد الذي فرغت للتوِّ من تأليفه، وأخذ مني عدة شهور من الجهد والعمل المضني المتواصل لإتمامه على أكمل وجه، كما رغبتُ له أن يكون.

 

رحَّب بي، وجلست بعد السلام والتحايا على كرسيٍّ بجوار مكتبه الواسع الأنيق، المطعَّم بالجلد الفاخر، وجلس هو على كرسيِّه الوثير الدوَّار خلف المكتب، وبادرني بالسؤال:

كم عدد القرَّاء المستهدفين لكتابك الجديد هذه المرة؟

 

أجبتُ بحماسٍ واندفاعٍ:

أكثر من كلِّ المرَّات السابقة - إن شاء الله - فالكتاب موسَّع، ومدعَّم بالصور والرسومات التوضيحية، وبأسلوب جديد، ووسائل مساعدة مبتكرة، وأتوقَّع له بإذن الله أن يَلقى رواجًا واسعًا عن ذي قبل.

 

قاطعني قائلًا:

ولكن فئة القراء هي نفسها كما في الكتب السابقة طلبة الجامعات في تخصصات علمية محدَّدة، أليس كذلك؟

 

أجبت:

بلى، هذا صحيح، وأنت تدرك ذلك تمامًا، فليس من المتوقَّع لرجل الشارع أن يبتاعه، فهو ليس قصةً أو كتابًا في موضوع اجتماعيٍّ أو عامٍّ؛ ليجذب القارئ العادي بطبيعة الحال.

تناوَلَ من على المكتب أمامه كتابًا أوراقُه من القطع الكبيرة، ذا تجليد فاخر بالورق المقوَّى، مغلفًا بورق أملس عليه صورة كبيرة ملونة مثيرة للشهيَّة، ثم انحنى بجسده نحوي، ومدَّ يدَه التي تحمل الكتابَ، وسألني أتعرف ما هذا الكتاب؟!

 

أجبته على الفور:

كما يبدو أنه كتاب عن تحضير الأكل والطبخ.

 

فردَّ قائلًا:

نعم... صحيح، ولكن أتدري أن مبيعاتِ هذا الكتاب في بضعة أشهر تفوق مبيعات كتبك العلمية الهندسية مجتمعةً لعدة سنواتٍ؟

وأن صاحبةَ هذا الكتاب لا تحتاج لعملِ أي شيء آخر لكسب الرزق إن أرادت؛ لأن هذا الكتاب وحده يدرُّ عليها مبلغًا طائلًا كلَّ عامٍ، ونحن نمنحها نسبة مئوية مميزة من مجمل المبيعات، لا يحصل عليها غيرها من أصحاب الكتب المنشورة لدينا.

 

ربما ارتسمت على وجهي ملامحُ الدهشة الممزوجة بالإحباط من هذه المقارنة؛ لأنه على ما أذكر نظر إليَّ مبتسمًا، وقال لي بلهجة تغلب عليها الشفقة والرأفة:

آمُلُ لكتبك أن تحقِّقَ المزيدَ من النجاح بإذن الله في المستقبل.

 

ثم أردف قائلًا - بلهجة تحفيزيَّة؛ في محاولة منه لإعادتي إلى سجيتي عندما نظر في وجهي -:

لماذا لا توسِّع نشاطَك وتكتب في موضوعات أخرى غير العلميَّة والتدريسيَّة؟ فأنت لديك المقدرة لا شك في ذلك.

 

استفقت من ذهولي، ولملمت أفكاري المشتَّتة، واستعدت تركيزي بسرعة، ورددت عليه بلهجة جادَّة يشوبها التهكمُ والأسى:

إن شاء الله، ولكن هذا ما لديَّ في الوقت الحاضر وما أجيد عمله، وليس لي باع في الكتابة عن فنون الطبخ... وغيرها من موضوعات جاذبة لِطَيْفٍ واسعٍ من الجمهور في الوقت الراهن ربما...

 

قاطعني ثانية قائلًا:

لا عليك، سأقوم بنشر كتابك هذه المرة أيضًا، فنحن نشجع العلم ولا ننظر للعائد المادِّي بما يتعلق بالكتب العلميَّة.

 

أجبته:

شكرًا، وجزاك الله خيرًا.

راودني شعورٌ بأنه يطيِّب خاطري، ويسرِّي عني بهذه العبارات، بعد أن تعطَّف ومَنَّ عليَّ بموافقته على النشر، خصوصًا أن ابتسامته أثناء حديثه حملت الكثير من الرثاء، وقلتُ لنفسي مهوِّنًا عليها: لا بأسَ، هكذا خلقني ربي، وهذا مجالي الذي أبرع فيه، ولن أدَّخِر جهدًا في تأليف المزيد من الكتب العلميَّة المبسطة بلغتنا العربية التي يحتاجها طلبتُنا، مهما كان مردودُها المادي ضعيفًا، ومهما كان حجم المثبِّطات، ولا يمنعُ ذلك من محاولة تطوير نفسي في الكتابة خارج إطار تلك المتعلقة بالعلوم الهندسية ما استطعت لذلك سبيلًا، إن وجدت في ذلك إفادة للعموم، وربما أعود إليه يومًا ما بكتاب جيد في موضوع خارج نطاق تخصصي الأكاديمي، ولكن في غير مجال الطبخ الذي تشتد فيه المنافسةُ على ما يبدو، مع أن مجموع ما فيه من كلمات - وجدتها سهلة وبسيطة، بعد أن ألقيت عليه نظرة سريعة - لا تتعدى الكلمات في بضع صفحات من كتابي العلمي المتقهقر خلفه بمراحل، رغم كلِّ ما فيه من معادلاتٍ وحساباتٍ معقَّدةٍ.

 

أمَّا فيما يخص هذا الكتاب، فليس أمامي سوى خيار القَبول بشروط النشر المجحفة بحقِّي؛ بسبب واقع الحال من ضعف المبيعات لهذا النوع من الكتب، ولأني على يقين بأني لن أجد أفضل منها، إن ذهبت لناشر آخرَ، فبضاعتي العلمية مزجاة لا يشتدُّ الطلب عليها عند السَّواد الأعظم من الجمهور.

 

وقَّعتُ عقدَ النشر، وانصرفتُ بحالٍ مغايرةٍ تمامًا لحالي عند القدوم، وهو يربِّت على كتفي مشجعًا؛ ليساعدني على التخلص من الشعور بخيبة الأمل الذي أَلَمَّ بِي.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة