• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

حنين (قصة)

حنين (قصة)
نورا عبدالغني عيتاني


تاريخ الإضافة: 16/5/2017 ميلادي - 19/8/1438 هجري

الزيارات: 6671

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حنين


مسَّني الحنينُ، وعادت بي الذَّكرى لسنيني العشر الأخيرةِ في منزل والدي؛ حيث كنت أحبُّ الانفرادَ بنفسي معظمَ الوقت، في المكان الذي اخترتُه مجلسي ومقرِّي الدائمَ الهادئ، البعيد عن الجلبة والضوضاء.

 

كنت أتَّخِذُ مِن الشرفةِ الكبيرة منزلًا، أقبعُ في بقعةٍ منها، وأفترِشُ فيها أفكاري وأشعاري، كنبة وحاسوب نقَّال، وطاولة صغيرةٌ عالية، أعلى مِن الكنبة بقليلٍ، وجزء من مكتبة صغيرةٍ متواضعة، أضع فيها بَضعةً مني، وأحمِيها بورقِ النايلون خشيةً من المطر المتساقط أيام الشتاء، والشمسِ الحارقة أيام الصيف، تحوي بعضَ كتب الشعر والأدب، ومن ثَم لاحقًا كتب الدين، ودفاتري وأقلامي وأوراقي المبعثرة هنا وهناك.

 

وحدَها الشرفةُ كانت تُشعِرني بالأمان في منزلٍ أحببتُه حدَّ الطفولة، وأحبَّني حدَّ المرح، أعود إليها كلَّ يوم من الخارج، فتُنسيني أذى الخارج، وتمسحُ عني تعبَ النهار وقسوته.

 

حتى في أيام البرد القارس كنتُ أجلِس في نفس المكان، وأقاوِم البردَ والصقيع، وحتى الثلج أحيانًا، مختبئةً خلف ستارة الشرفةِ، متدثِّرة بأكوامٍ من الشالات والسترات وكنزات الصُّوف، وقد أُشعِل الكانونَ في أغلب الأحيان فأدفئ يدي بين الفينة والأخرى، فيما أنا مستغرقة بما أغرق به.

 

أجلس وحدي، أنا ونفسي، وأكتب ما تُمْليه عليَّ ذاكرتي وأيامي، وأُنَمِّقه وأرتِّبه، ثم أدخل لأقرأَه على أمي التي كانت ذوَّاقة للأدب والشعر من الطراز الأول، كانت أمي دائمًا تُحسِن الاستماع، وتصوِّب الأخطاء إن وجدَتْ، أو تقترح بدائل أجملَ مِن الكلمات المزدانة التي تفيض بسرعة وعفوية من جوفِها العَذْب النقيِّ، وكنتُ دائمًا أقبَلُ اقتراحات أمي؛ لأنها كانت ببساطةٍ تفهَمُني وتُحِسُّ بي، على الرغم من كونها صامتةً معظم الوقت، ولا تعبِّر.

 

انقطعت فترة عن القراءة لأمي، فحزِنَتْ وعاتبتني مرة: "ما عُدتِ تقرئين لي كتاباتِك، أم أنك ما عدتِ تكتبين؟".

لم أستَطِعْ حينها أن أُخبِرها بأني أفتقد لسماعها أكثر، لم أستطع أن أخبرَها بأني صرتُ أحبُّ الوحدةَ أكثر من ذي قبل، حتى في كتاباتي، وأني لا أريدُ أن أُثقِل عليها بأحزاني وهمومي التي تفضحُها الكلماتُ، وتُخفِيها البسمات، لكنها كانت دائمًا تعرف ما أُحِسُّ به أكثرَ من أي إنسان، وكانت دائمًا تفهم، وتصمتُ!

اشتقتُ للشرفة.

اشتقتُ لكنبتي وطاولتي القديمة.

اشتقتُ لكتبي وأوراقي المبعثرة المتروكة في خزانة الصالة.

اشتقت لأمي، وإنصات أمي، وقلب أمي!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة