• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية


علامة باركود

عوامل ازدهار الأدب الأندلسي

عوامل ازدهار الأدب الأندلسي
محمد حمادة إمام


تاريخ الإضافة: 8/4/2017 ميلادي - 11/7/1438 هجري

الزيارات: 85119

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عوامل ازدهار الأدب الأندلسي


تضافرت مجموعة من العوامل أدت إلى انتعاش الأدب الأندلسي، وأسهمت في ازدهاره، من بينها:

أولًا: البيئة الاجتماعية:

أثرت البيئة الاجتماعية تأثيرًا ملحوظًا في الأدب الأندلسي ويقصد بها جماعة الناس الذي يعمرون الأرض، أو يشغلون الفراغ ويملئون المكان أو تربطهم وشائج تضم شتاتهم، وتعطف قلوبهم، وتهذب وجداناتهم وعواطفهم..، وقد أنبأنا التاريخ أن عوامهم من أهل الحرف والصناعات كانوا يتذوقون البيان، وينطقون الحكمة، ويجري على ألسنتهم الرقيق العذب من أنواع الكلام. " [1]


وقديمًا اشار إلى هذا المقريُّ، بقوله: "وأما حال أهل الأندلس في فنون العلم، فتحقيق الإنصاف في شأنهم في هذا الباب أنهم أحرص الناس على التميز، فالجاهل الذي لم يوفقه الله للعلم يجهد أن يتميز بصنعة، ويربأ بنفسه أن يُرَى فارغًا عالةً على الناس، لأن هذا عندهم في نهاية القبح، والعالم عندهم معظم من الخاصة والعامة، يشار إليه ويُحال عليه، ويَنْبُه قدره وذكره عند الناس، ويكرمُ في جوار أو ابتياع حاجة وما أشبه ذلك.. " [2]

وممن سبق المقريَّ في هذا ابن الكتاني أستاذ ابن حزم [3].

حديث يبين مدى جدية الأندلسيين ونشاطهم، واحترامهم لأنفسهم وذويهم، وتأثير ذلك على حياتهم الاجتماعية آنذاك.


ثانيًا: الطبيعة الأندلسية:

وتتمثل في مناخها، وجَوِّها، وجبالها، وتربتها، ونباتها، وأنهارها.

فقد حباها الله - تعالى - بما يجذب إليها الأنظار، ويجمع حولها القلوب والأرواح. يقول المقريُّ: " وقال الرازي. - ما نَصُّه: إن الأندلس في آخر الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة، التي هي معمور الدنيا، فهي موسطة من البلدان، كريمة البقعة، بطبع الخلقة، طيبة التربة، مخصبة القاعة، منبجسة العيون الثِّرار، متفجرة بالأنهار الغزار، قليلة الهوام ذوات السموم، معتدلة الهواء أكثر الأزمان، لا يزيد قيظها زيادة منكرة تضرُّ بالأبدان، وكذا سائر فصولها في أعم سنيها تأتي على قَدْر من الاعتدال، وتوسط من الحال، وفواكهها تتصل طوال الزمان فلا تعدم،.... ومن بحرها بجهة الغرب يخرج العنبر الجيد....، وبها شجر المحلب....، وقد زعموا أنه لا يكون إلا بالهند وبها فقط، ولها خواص نباتية يكثر تعدادها. " [4]

 

ثالثًا: التنافس الأدبي بين الأندلس والمشرق:

كل بلد يسعى جاهدا للمنافسة في الفنون والآداب والعلوم، و" كانت الأندلس تحاول بكل ما تملك، من طاقات خلاقة، وجهود شاقة، أن تكون مستقلة كل الاستقلال عن المشرق، فلا تكون ذيلًا في مؤخرته، ولا ذَنَبًا في عَجُزِه، ولا عالة عليه، ومنذ ذلك اليوم عملت على أن تنافسه في الحضارة، وتسابقه في العمران، وتباريه في النهوض، وتجاريه في الأدب، فلا تتخلف عنه قيد أنملة، ولا تتأخر عنه خطوة، وكانت هذه الروح الجبارة كفيلة بأن تحقق للأندلس معنى الاستقلال الفكري والأدبي.." [5]، فالبلد الواعي الأمين على صحبه، هو الذي يعمل على منافسة غيره، بل وتخطيه وسبقه.

 

رابعًا: وعي الحكام بقيمة الأدب وأهميته:

من كان ذا فكر ناضج، وذهن ثاقب، وذوق رفيع، وطبع أصيل في الآداب، أراح واستراح، وأتى على الماء القراح، ولما كان الحالة كذلك، أدرك كبار رجال الأندلس أهمية الأدب في جذب وتجميع القلوب، والعقول حولهم، لتثبيت دعائم حكمهم، والنهضة ببلدهم، وكان إمامهم في ذلك المشرق، فاستقدموا، واستنبتوا العلماء والأدباء، مغدقين عليهم الأموال، مجزلين لهم العطايا والهبات.

"وكانت هذه السُّنّةُ التي استنها الأندلسيون كفيلة أن تجعل أدبًا رفيعًا، وتراثًا علقيًّا رائعًا، ونتاجًا فكريًّا محترمًا، تشع منه حضارة، ويبتدئ منه تاريخ.." [6].

ولهذا نشطت مواكب الراحلين [7] من العلماء والأدباء والتلاميذ بقصد التزود بالفنون والآداب والعلوم، لرفعة شأنها، ولذا فإننا نجد مَنْ رحلوا عنها، وخبروا غيرها سرعان ما حنوا إلى ثراها، واشتاقوا إلى ذكرياتهم فيها، فعادوا إليها يملؤهم الحنين واللهفة.


يقول ابن سعيد الأندلسي [8]: [من الرمل]

هَذِهِ مِصْرُ فَأَيْنَ المَغْرِبُ؟ ♦♦♦ مُذْ نَأَى عَنِّي دُمُوعِي تَسْكُبُ

... إلخ الأبيات [9].


خامسًا: تشجيع الخلفاء والحكام للعلماء والأدباء:

لقد أسهم هذا التشجيع في تربية فكرهم، والنهوض بهم، وصَقْل أذواقهم ومع نظرهم، وتعمقهم في الفنون والآداب، لم يكن لديهم مدارسُ تعينهم على طلب العلم، بل كانوا يقرؤون جميع العلوم في المساجد بأجرة، وكُلُّ العلوم لها عندهم حَظٌّ واعتناءٌ، إلا الفلسفة والتنجيم، فإنَّ لهما حَظًّا عظيمًا عند خواصهم..، وقد كانوا يطلقون على الكاتب والنحوي واللغوي فقيهًا، حيث كان لَقبًا للعلماء والأدباء الكبار.


أما علم الأدب المنثور: من حفظ التاريخ، والنَّظْم والنَّثْر، ومستطرفات الحكايات، فكان أنبل - علم عندهم، وبه يتَقرَّب من مجالس ملوكهم وأعلامهم، ومَنْ لا يكون فيه أدبٌ من علمائهم، فهو غُفلُ ُ مستثقل.

ولذا كان للشعر عندهم حظ عظيم، وللشعراء عند ملوكهم مكانة ومنزلة، فأسندوا إليهم، واستمعوا إلى إنشادهم في مجالسهم المختلفة، ووَقَّعُوا لهم بالصِّلات والهبات على أقدارهم، إلا أن يختل الوقت، ويغلب الجهل في حين ما، ولكن هذا الغالب[10].


ومن هنا يتبين لنا - بعد هذا العرض - مَدى فطنة الأندلسيين، واتقاد خاطرهم، وشغفهم بالفنون والعلوم والآداب، فتبوَّأ الأدب والأديب، وخاصة الشعراء، المكانة السامية، والمنزلة الرفيعة، لدى الحكام والخاصة والعامة على حَدٍّ سواء.

وأكبر شاهد على ذلك، وأعدله، ما حدَّث به التاريخ: أنه " اجتمع أبو الطيب المتنبي، مع أبي الوليد ابن عيال - لما انصرف من الحج - في مسجد عمرو بن العاص بمصر، فاستنشده لمليح الأندلس: يعني ابن عبد ربه، فأنشده: [11] [من الكامل ]:

يا لؤلؤًا يَسْبي العقولَ أنيقا
ورشًا بتعذيب القُلوب رَفيقا
ما إن رأيتُ ولا سمعتُ بمثله
دُرًّا يعُودُ مِنَ الحياء عَقيقا
وإذا نَظرتُ إلى مَحاسن وَجههِ
أبْصَرْت وَجْهَكَ في سَناهُ غَريقا
يا من تَقَطَّع خَصْرْهُ من رِقةٍ
ما بالُ قلبك لا يكونُ رقيقا

 

فلما أكَمَل إنشادها استعادها، ثُمَّ صَفَّقَ بيديه، وقال: يا بن عبد ربه، لقد تأتيك العراق حَبْوًا.

لقد خاضت تلك العقلية الجبارة، بحسها المرهف، وشعورها الرقيق، غمار الفنون، والآداب، فأبدعت، ونسجت أثوابا من الصور الشعرية الجميلة، خاصة ما يمس شغافَ القلوب، ودقائقَ النفوس - فتفوقت، حتى انبهر بهم المشارقة، ومعاصروهم من أهل أوروبا وغيرها، ممن سمع بهم، وأقرَّ لهم بالتفوق والازدهار، في شتى العلوم والفنون!



[1] انظر تاريخ الأدب العربي في الأندلس د / إبراهيم علي أبو الخشب صـ 73، 74، ط 1 دار الفكر العربي سنة 1966 م.

[2] انظر نفح الطيب حـ 1 /220، 221

[3] انظر " عصر سيادة قرطبة د / إحسان عباس صـ 24، 25

[4] انظر نفح الطيب حـ / 140

[5] انظر تاريخ الأدب العربي في الأندلس صـ 75.

[6] تاريخ الأدب العربي في الأندلس صـ 75

[7] انظر نفح الطيب حـ 2 / 5: 7، صـ 702، فيمن رحلوا عنها - وكانوا حوالي ثلاثمائة شاعرا، أولهم عبد الملك بن حبيب السلمي، وآخرهم ابن الأزرق – أما من رحلوا إليها، فيزيد عددهم عن سبعمائة رجل، أوَّلهم المنيذر - قيل: إنه صحابي - وفي خاتمتهم ابن لبون، انظر نفح الطيب حـ 3 / 655، حـ 4 / 314.

[8] هو " علي بن موسى بن محمد بن عبد الملك بن سعيد، صاحب كتاب " المغرب ". ولد بغرناطة سنة 610 هـ، ورحل منها إلى بر الأندلس، وكثير غيرها من مثل الإسكندرية والقاهرة، وحج سنة 647 هـ وهو شاعر، وتوفي سنة 685 هـ، وقيل سنة 673 هـ بتونس " انظر المغرب في حُلَى المغرب لابن سعيد الأندلسي حـ 2 / 172، 173، تحقيق وتعليق د / شوقي ضيف ط 4. دار المعارف، نفح الطيب حـ 2 / 262: 274، معجم الشعراء الأندلسيين والمغاربة صـ 282، 283.

[9] انظر نفح الطيب حـ 2 / 281.

[10] انظر نفح الطيب حـ 1 / 220: 222.

[11] انظر نفح الطيب حـ 3 / 564، 565، حـ 7 / 51، 52.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة