• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

أحقا طلقني؟

أحقا طلقني؟
د. زهرة وهيب خدرج


تاريخ الإضافة: 8/10/2016 ميلادي - 6/1/1438 هجري

الزيارات: 5002

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أحقًّا طلقني؟

 

صدمتني عبارتُه، فقد تسمَّرت في مكاني، وأضحيت عاجزةً عن التلفُّظ بأية كلمة إضافية، وكأنَّ لساني قد قُيد داخل فمي بسلاسلَ من حديد، وأحسست بظلام شديدِ القتامة يلفُّ عيني... لم أتخيل في وقتٍ ما أنه سيقولها فعلًا، وأنه سيتخلى عني هكذا... بكل بساطة يُنهي كل ما يربطني به... صحيح أنني أخذت أصرُخ في وجهه قائلةً: "أنا لم أعُدْ أطيق البقاء معك، لا أحتمل البقاء في بيتك أكثر من ذلك، طلِّقْني... طلِّقني... لا أريدك... طلِّقني، أكرهُ الحياة معك... يكفيني ما أهدرتُه من حياتي برفقتك!".

 

ولكني الآن وأنا في كامل قواي العقلية وكامل هدوئي أقول: كانت لحظةَ غضب، خرجتُ فيها عن طوري، بعد خلاف بسيط ليس هو الأول من نوعه يتعلق بأخته (لن أدخل في تفاصيله)، شعرت به ينحاز لها، ولا يريد أن يسمع مني ما حدَث كما سمع منها، كان في تلك اللحظة يريدني فقط أن أسكتَ وأعتذر منها، وهو ما لم أقبَلْه على نفسي، فرفضت بحدة، واحتدَّ الكلام بيننا، وسيطر الغضبُ والعناد والكبرياءُ على النفوس، فاتَّهَمني بأنني لا أحترمه، وبأنني أكسر كلامه دئمًا، وأُصر على موقفي حتى وإن كنتُ على خطأ.

 

واتهمتُه أنا بدوري بأنه يتجاهلني ويُهدر كرامتي أمام الجميع، ولا يعتبرني إنسانًا لي من الحقوق ما له ولأهله، وادعيتُ أيضًا بأنه يظلمني دائمًا، ويصدِّق أهله ويكذِّبني، ويُنصِفهم على حسابي، وغير مستعدٍّ لأن يجعل لي قيمة أمامهم.

 

كنت أصرخ بعبارات الاتهام، وهو يطلب مني أن أخفض صوتي؛ فليس من الضروري أن يسمع الجيران نقاشاتِنا وخلافاتنا، ولكني صعَّدت من موقفي، وعدت أتهمُه بأنه متسلِّط يريد أن يصادر حقي في الدفاع عن نفسي، قلت كلامًا كثيرًا لشدة انفعالي في تلك اللحظة، وطبعًا لم أعُدْ أذكُره الآن... ولكني لم أكن أقصد ما قلت بالمعنى الحرفيِّ، كنت فقط أريد أن أثيره ليعطيَني فرصة لأن أتكلَّم ويسمع روايةَ الحدث من وجهة نظري مثلما سمِعها من غيري، كما أردت منه أن يتعاطف معي ويشعر بما أحسستُ به من مشاعرَ سلبيةٍ آذتْ نفسي بسبب خلافي مع أخته، قبل أن يُصدر حكمَه عليَّ بالسكوت التام، ويرفض تناول المشكلة مرة أخرى، بل ويصر على اعتذاري لها فوق ذلك كله... طلبتُ منه الطلاق وأصررت عليه، بينما أنا لا أريد الانفصال عنه حقيقة، كنت أريده فقط أن يُنصفني.

 

المشكلة أنني لم أكن أُدرك كم أُحبُّ بيتي، وكم أنا متعلِّقة بزوجي، وكم أُحبه ولا أحتمل البعدَ عنه، نسيتُ تلك المشاعرَ الجميلة التي تربطني به في خضمِّ سوء التفاهم الذي حدَث، نسيت تمامًا أن زوجي إذا سافر أو تأخَّر عني شعرتُ بالضيق والفراغ العميق لا يملؤه أيُّ شخص سواه، ونسيت أيضًا أنني لا أطيق البقاءَ خارج بيتي فترة طويلة، فما إن أخرج لأي سبب حتى تغلبني الرغبةُ في العودة إليه، فأعود باحثةً عن السكينة والراحة والهدوء... ونسيت أن أهلي عندما يلحُّون عليَّ بالمبيت عندهم، وخاصة لعلمِهم بعدم معارضة زوجي لذلك، أنني أرفض بإصرار، وأعود لبيتي ولو في وقت متأخِّر، نسيت كلَّ ذلك وتمسكت بكبرياء، ولم أحاول أن أكون مرنةً، فأتجاوز الخلاف وأخرُج منه سالمة.

 

عندما طلبتُ من زوجي الطلاق، لم أكن أقصد نهائيًّا أنني لا أطيقه كما قلت، بل أقصد أنني لا أستطيع أن أَحْيَا بعيدًا عنه؛ فحياتي من دونه مبتورةٌ فارغة، ولم أكن أعني أنني لا أطيق البقاء في بيتي، أبدًا؛ فأنا أحبه جدًّا، فهو سكني وملاذي، وموطن سعادتي وراحتي وخصوصياتي.

 

ندمتُ جدًّا على ما حدث عندما عدتُ إلى رشدي وجلست إلى نفسي بهدوء، تمنيت لو أنني لم أقل ما قلت، تمنيت لو أنني لم أتفوَّهْ بأية كلمة، يا ليتني اعتذرت منها حتى وإن كنتُ صاحبةَ الحق، لعلوتُ في نظر زوجي وأهلِه حينها، فهم جميعًا يعلمون أنها هي من تفتعل الخلافات دائمًا، يا ليتني تعاملت بعقلانية مع الحادثة السخيفة التي لم تكن تستحقُّ أن أضعها في كِفة وأضع في الكفة الأخرى المقابلةِ حياتي الزوجيةَ؛ فأنا أعلم علمَ اليقين أن زوجي يُحبني، ويحترمني، ويقدِّرني، ولا يبخل عليَّ بشيء، فكيف ضحَّيتُ حينها بكل ذلك وطلبت منه الطلاق، وأخذت أكيلُ له الاتهامات؟ عدت إلى رشدي بعد أن أحدثتُ جرحًا عميقًا داخل نفس زوجي، جرحًا يصعُبُ التخلُّصُ منه بشكل تام، صحيح أنه أعادني إليه مرة أخرى، ولكني أشعُرُ أن زوجي لم يعُد كما كان سابقًا.

 

"الخلافات ملحُ الحياة"، كما تقول جدتي، ولكني تعلمتُ من تجاربي العديدة أنه لا يجب السماح لها أن تتجاوز الحدَّ المعقول، فتكدِّر الحياةَ الزوجية، وتحيلها إلى جحيم لا يُطاق.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة