• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

رومانسيات حرب..

عبير غالب ظاظا


تاريخ الإضافة: 15/9/2016 ميلادي - 13/12/1437 هجري

الزيارات: 3636

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رومانسيات حرب..

 

انحنى أيلول على ضريح النهر الممدد في المدينة؛ بين شارعين متقابلين، فسقطتُ من أهداب غيمة خجولة إلى جيب شجرة كبيرة؛ وجدت هناك قصاصاتٍ من ورق الزمن؛ مكتوبة فيها أسماء العشاق الذين قضوا في مذابح الفراق الأخيرة، وبعضَ الرسوم الفحمية لأطفال نُحروا قبل أن يخرجوا من أحلام اليقظة المنيرة إلى ظلام الواقع!

 

ورأيت أيضاً صوراً لأهلي وأبناء الحي والجيران، ولِخيامٍ كثيرة تطفو وتغرق على حدود القارات..

كان الشارع الأمامي محشوًّا في فوهة مدفع، وأما الخلفي فكان معلقاً على جنزير دبَّابة؛ نظرت إلى النهر المصبوغ احمراراً بدهشة وخوف، لمحتُ انعكاساً لسطح البناء المقابل للشجرة.. رفعت رأسي ونظرت؛ كانت ليلى قد أعدت قهوتها، وجلسَتْ بها متأملةً جارتها بثينة وهي تنفض بساطها الرثَّ، كان الجدار الفاصل بينهما قصيراً؛ نادتْها كي تشاركها رشفَة؛ تركَتْ بثينة البساط، واقتربتْ.. وشيئا فشيئا عَلَتْ ضحكاتهما وهما ترويان بعضاً من قصصهما الغرامية ومغامراتهما مع الحبيبين..

 

اتكأتُ على غصنٍ مكسور بجانبي ويدي على خدي، فقد استمتعتُ كثيراً بما سمعت، ورحت أتخيل لو أن تلك القصص قد حدثت معي؛ هل سأكون وقتها على ما يرام؟!

 

آه لو كنتُ مكان ليلى، ولو أن قيساً رتَّل في عينيَّ قوله:

تذكرتُ ليلى والسنين الخواليا...

حينها لن تهمني الحروب المشتعلة في أطراف المدن، ولن أبكي على أطلالِ كُتبي التي احترقت تحت القصف، وسأغفو على أمل أن يجمع الله الشتيتين.... لكن.. بعض الظنون متعبة، ومربكة، ومؤسفة.. فكيف ستلتقي الأطراف بالجسد بعدما بترَتها القذائف؟!

 

نظرتُ إلى بثينة المبتسمة، ثم سرحتُ في الأفق البعيد، كانت طيور النورس منتوفة الريش، تلاحقها غربان ملطخة بالحقد.. هل حلَّ بالنوارس ما كان يخافه جميل على بثينة من خدش الماء للجلود الرقيقة؟!

لكني سرعان ما تذكرت أن أنابيب الماء في المدينة قد فجرتها القنابل، وأن الصنابير قد أتلفها الصدأ..

 

فجأة.. عمَّ المكان صوتٌ أجَش، يصرخ ويقول:

بثينة، انزلي قبل أن أصعد إليكِ؛ ركضت بثينة مرتبكة ونزلت الأدراج، وفور ذلك سمعت بكاءها وهو ينهال عليها بالضرب، ويقول: ألا تعلمين أن زوجها من شارع المدفع، ذاك الشارع الذي يصوب نحونا بنادقه ليل نهار؟!

أظنه شدَّها من شعرها وسحبها إلى غرفة مغلقة.. فلم أعد أسمع صوتهما...

نزلتْ دمعة سخية من عين ليلى في تلك اللحظات، أظنها حزنت على صديقتها وجارتها التي تحبها، أو أنها تذكرت ما يفعله شارع الدبابة بأبناء شارع المدفع!!!

 

مرت بضع دقائق صامتة، وقفت ليلى وهي تحمل صينية القهوة، مشت بخطوات ثقيلة، فإذا برجل ضخم المنكبين، عاقد الحاجبين يصعد إليها ويقول لها بصوته الخشن:

• هل تحدثتِ اليوم مع بثينة؟!

أشارت ليلى برأسها، وكان قلبها يتألم... لا..

بعد الذي رأيت وسمعت، في وطن لم يعد فيه جميل ولا قيس، أمسكت قصاصات الأوراق التي أمامي وكان لا بد من وجود أسماء جديدة بين القوائم التي دوّنها الزمن، أخرجت قلمي وكتبت:

"ليلى؛ بثينة؛ وأنا"..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة