• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

ابنة الخال.. منظومة تتكرر (قصة)

ابنة الخال.. منظومة تتكرر (قصة)
نادية كيلاني


تاريخ الإضافة: 10/3/2016 ميلادي - 30/5/1437 هجري

الزيارات: 6908

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ابنة الخال.. منظومة تتكرر


كنَّا نسمِّيها ابنةَ الخال، ونسمِّيه ابنَ العم؛ فابن عمِّ العم عمٌّ، وابن عمِّ الخال خال.

 

وأمِّي التي تحرص على صِلَة الرَّحِم مهما علا ومهما نزل، لا تكفُّ عن تفهيمنا القربى والنَّسب والسلسال والأصل والمنبع، وشجرة العائلة وارتِباطها بالأصول والفروع والعائلات الأخرى.

 

وبيتها المفتوح للقريب والبعيد ومَن يمتُّ بصِلة، فمَن يرجو العلاجَ أو زيارة أولياء الله الصَّالحين أتى إلينا، ومن يريد النُّزهةَ أو الذهاب للحمَّام أتى إلينا، ومَن يحلو له أن يموت في بيتنا مات!

 

وأمِّي تستقبل هذا وذاك بترحابٍ وابتسامة عريضة، وتنهض لتقدِّم الإكرامَ الزائد عن الحدِّ، حتى إننا كنَّا نعترض أحيانًا على الإفراط في الكرَم، فتلقي علينا الآياتِ والأحاديثَ التي تحضُّ على إكرام الضيف والهشِّ في وجه أخيك، وأنَّ البسمة صدَقة والكلمة الطيِّبة صدقة، إلَّا هذه الزيارة.

 

الأمر كان عاديًّا؛ جاءت الخالةُ وابنتها، جرينا عليهما أنا وأمِّي وأختي كالعادة، واحتضنَّاهما، وفرحنا بهما وأسرعنا في تجهيز الغداء، ثمَّ انفردَت الخالة بأمِّي في غرفتها، وكانت ابنتها معنا في غرفتنا، فوجئتُ بأمِّي تقتحم علينا الغرفةَ وتنتزعها من جوارنا وتقول لها في حدَّة:

• اذهبي عند أمِّك.

 

ثمَّ تحذِّرني أنا وأختي بوجهٍ مكفهرٍّ من الكلام معها، وأنَّه علينا تجنُّبها مدَّة بقائهما، كما حذَّرتنا من السؤال عن السبب.

 

لم يكن أمامنا سوى هزِّ رأسينا بالموافقة، ولكن الفضول يَقتلنا، نتساءل حتى لو لم نتلقَّ جوابًا.

• ماذا حدث يا أمِّي، هل مات زوج الخالة؟

• يا ليت.

• مات ابنُها الوحيد؟!

• يا ليت.

• وهل هناك أكثر من هذا؟!

 

اكتفَت بالصَّمت، فالتزمنا السمعَ والطَّاعةَ، رغم التوتُّر الذي نعيشه؛ الخالة حزينة وابنتها شاردة، وأمِّي واجمة، والحال لا يصلح على الإطلاق لأيِّ مجاملة.

 

مرَّ أسبوع على هذا الغموض، لا نعرف سوى ما نراه بأعيننا، أمِّي تخرج بهما كل يوم ويَعُدْنَ ثلاثتهنَّ واجمات، ثمَّ الأكل والنوم، والخروج الباكر، والوجوم والكدر وعدم الفهم.

 

أخيرًا، عرفتُ أنهنَّ يترددن على الأطبَّاء من أجل ابنة الخال التي لا نعرِف علَّتَها حتى عدن بها في غاية الإرهاق.

 

قالت أمي:

• إنَّها عملَت عمليَّةَ استئصال...، وسكتَت.

 

أمضَت الخالة الليلَ بجوار ابنتها تراعيها وتَبكي في صمتٍ، وأمِّي إلى جوارنا تنتفض ومتشبِّثة بنا، ولما كان الصَّباح أخذَت الخالة ابنتَها وسافرتا إلى البلد، عندما قلتُ لأمي:

• إنَّ البنت لا تزال مريضة، دعيها حتى تتحسَّن صحَّتها.

 

هزَّت رأسها بالنَّفي وقالت:

• تستكمل شفاءها بالبلد.

الشيء الغريب أنَّ أمِّي وكأنَّها كانت على موعدٍ مع خروجهما من باب الشقة حتى راحت في غيبوبةٍ طويلة.

 

تناوبتُ وأختي السَّهَر والتمريض لأمِّنا الحبيبة، والصمت يلفُّنا، لكنَّه لم يمنع تساؤل العيون، وهزَّ الأكتاف وقلب الشفاه كلَّما عجزنا عن التفسير، كلما أفاقت سألناها:

• ماذا جرى يا أمِّي؟

 

احتضنتني أنا وأختي، وبكلِّ ضعف الدنيا ظلَّت تعطي أوامرها:

• إذا سافرتما إلى البلد لا تمرَّا على دار هذه، ولا تكلِّما ابنتها، والأفضل ألَّا تسافرا على الإطلاق، ثمَّ سمعتُها تتمتم: (ربنا يكفينا شر المستخبي).

• أريد أن أفهم، وأقتنع، كما عوَّدتِنا يا أمِّي.

• ليس كلُّ ما يعرف يقال.

• خلافات في الميراث؟

• لا تكوني لحوحًا، ثمَّ قرأَت قولَه تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ﴾ [المائدة: 101].

• إذًا في الأمر سوء.

 

عرفَت كيف تخرسني، امتثلتُ لرغبتها وذهبتُ أنا وأختي نمرِّضها، ونشاهدها وهي تنام مقشعرَّة، وتصحو مفزوعة، وتكثر مِن الاستِغفار، وهي تأخذني وأختي في حِضنها وتَبكي، وتدعو للخالة بالصَّبر على بلواها.

 

نفكِّر أنا وأختي بصوت عالٍ.

• وتظنين أنَّ مرض البنت مرض مُعْدٍ، هو سبب حزن أمِّنا لهذه الدرجة؟!

• ربما! فأمِّي لا تكذب، وهي تخاف علينا كثيرًا.

 

لمَّا تماثلَت أمِّي للشفاء قليلًا جلسَت شاردة مُغْرَورقة، ودون أن نسألها قالت:

• ذنب كبير ارتكبتُه، أرجو اللهَ أن يغفره.

• أي ذنب يا أمي؟

• وهل هناك أكثر من قتل النَّفس.

 

أخفَت وجهَها بكفَّيها وراحت في نوبةٍ حارة من البكاء وهي تكمل:

• كُتب عليَّ أن أقتل طفلًا مكتملًا بلا ذنب، كان ينبض أمام أعيننا.

 

فهمتُ أخيرًا، فغرتُ فاهي، أكملَتْ:

• الموعودة بقلَّة الرَّاحة طوال عمرها استدارت وهي تنزف تريد أن تضمَّه إلى صدرها، لم تستطع، واراه الطبيب بسرعة ونهرَتْها أمُّها.

• ابنة الخالة، فعلت هذا؟!

• خدعها ابنُ الحرام ورفض أن يسترها.

• لكن حرام يا أمي! كيف تَشتركين في هذا الذَّنب؟

• الفضيحة شيء رهيب نعايَر به لسابع جدٍّ وسابعِ حفيد.

 

ولكن!

• من أجلِكَ وأجل أختك فعلتُ هذا، لقد لجأتْ إليَّ المسكينة معتقدة أنَّ الخلاص عندي، ماذا كان في يدي غيره، واستأنفَتْ:

• يمهِل ولا يُهمِل.

• ماذا تقصدين؟! أنَّ الله سينتقم منه.

• ليتها تأتي من الله قبل أن يتورَّط أبو البنت في قتله.

• ماذا؟! قتله!

• يستحقُّ! أما رضي أن يُقتل ابنه؟! وأكملَتْ:

• البنت اعترفَت، ذهبوا إليه يرجونه أن يَسترها فرفض، أقسَمَ أبوها أن يقتلَه.

 

انعقد لساني ولسانُ أختي عن الكلام وشُلَّ تفكيرنا، ما هذه القناعة التي تتكلَّم بها أمِّي عن الثأر بعدما ربَّتنا على التسامح؟!

 

وظلَّت الأيام تسلِّمنا لبعضها البعض ونحن نتوجَّس خيفة ونترقَّب أخبارًا سيئة تأتينا من البلدة، حتى بعدما تزوجَت ابنةُ الخال من ابن العمِّ، وأطلَق الرِّجالُ الأعيرةَ النارية وهم يزفُّون شاشة العِرض المُصان!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة