• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

العنصر الثقافي في تشكيل الاستعارة في لغة الحياة اليومية في مصر (2)

د. عيد محمد شبايك


تاريخ الإضافة: 14/2/2010 ميلادي - 29/2/1431 هجري

الزيارات: 13307

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الاستعارات التي نحيا بها


إن الاستعارات التي نحيا بها ونتواصل تتفرَّع عن استعارات كبرى، تشمل جوانب كبرى من جوانب العالم المحيط بنا، فهذا العالم ينظم ويتمثَّل بواسطة تعْميمات استعارية تُمكننا من النظر إلى المجرد من خلال المحسوس، وتمكننا من إسقاط الأبعاد الفضائية على قطاعات غير فضائية[1]، ولكي نفهم كيف أن استعمال العبارات الاستعارية في اللغة اليومية بإمكانه أن يفيدنا بصدد الطبيعة الاستعارية للتصوُّرات التي تُبَيِّن سلوكنا اليومي، فإننا سنتفحص التصور الاستعاري التالي: "الوقت مال"، وعن هذا التصوُّر الاستعاري تتراكَم في لُغتنا اليومية بنيات استعارية؛ مثل:
• إنك تجعلني أضيع وقتي.
• ليس لدي وقت أمنحك إياه.
• كيف تدبر رصيدك الزمني؟
• كيف تستثمر وقتك؟
• وقتي ليس ملكي وحدي.
• الوقت ضاع.
• ليس لدي وقت أخسره.
• الوقت من ذهب.
• حاول أن تكسب وقتك.
• أنفق وقتك فيما يفيد.
• لقد أخذ هذا العمل مني وقتًا طويلاً.
• هل كان الأمرُ جديرًا بأن ترصد له كل هذه الأوقات؟

وعشرات من الأمثلة تتفرع عن هذه الاستعارة الكبرى: "الوقت مال". 

إن الزمن في ثقافتنا عبارة عن بضاعة ذات قيمة، فهو مورد محدود من حيث كمُّه، نستعمله لتحقيق مآربنا، وفي ثقافتنا يتجلى التصور الاستعاري "الوقت مال" بطُرُق مختلفة في التسعيرات التليفونية، وأجور الساعات، وهي تبين بشكْلٍ عَميق سلوكاتنا اليومية الأساسية، بهذا نفهم الزَّمن ونعيشه باعتباره شيئًا يستهلك ويصرف ويُقاس ويستثمر بصورةٍ جيدة أو سيئة، ويتم توفيرُه أو تضْييعه.

إذًا هذه التصوُّرات الاستعاريَّة - "الوقت مال"، "الزمن مورد محدود"، "الزمن بضاعة ثمينة"، "الوقت من ذهَب" - تُشكل نسقًا استعاريًّا واحدًا مؤسسًا على التفريغ المقولي؛ لأنَّ المال يعد في مجتمعنا موْردًا مَحْدودًا، والموارد المحدودة - بدَوْرها - بضائع ثمينة.

هذا مثال على الطريقة التي يُمكن أن تخصص بها الاستلزامات الاستعارية نسقًا منسجمًا من العبارات الاستعارية التي تقابل هذه التصورات[2]؛ بمعنى: أن المجتمعات المتقدمة تنظر إلى الوقت باعتباره قيمة عظيمة يجب أن تستثمرَ خير استثمار، وأن يستغل بدقائقه وثوانيه، وبالتالي فهي تراكُم بنيات استعارية؛ مثل:
• الوقت من ذهب.
• أنفق وقتك فيما يفيد.
• حاول أن تكسب وقتك. 

أما المجتمعات المتخلفة فتعبر عن هذه الاستعارات بمثل هذه البنيات:
• نلعب الورق انتظًار لمدفع الإفطار.
• خذ كل وقتي، فأنا معك حتى الصباح.
• لا تأبه بتبذير الحصة في هذا الحوار. 

ويفهم من هذه البنيات السابقة أن الوقت عملة رخيصة يمكن صرفها دون فائدة ترجى[3]، ويمكن إسقاط التصور التفاعلي على الاستعارة التصويرية؛ بحيث يُمكن للمفهوم الأول أن يبين النسق التصوُّري للمفهوم الثاني - بدوره - أن يبين النسق التصوري للمفهوم الأول، فإذا أخذنا الاستعارة: "الإنسان حاسوب"، فإننا سنعتبر الطرفين نشيطين معًا؛ أي: أن كليهما يبين الآخر، فبواسطة هذه الاستعارة تبدو الآلة إنسانًا، تحسب وتخزن وتقوم بالبرمجة، ويبدو الإنسان - بدوره - آلة، تقوم بعمليات رياضية، وتتذكر وتعتمد على الرموز والتجديد، وعن هذه الاستعارة الكبرى تتفرع بنيات عديدة؛ مثل: 
• خزن الحاسوب المعلومة.
• حاورني الحاسوب فلم أفهمه. 
• فكرت الآلة لحظة، ثم أنجزت المطلوب. 
• كنت حاسوبًا في إنجاز المعادلة.
• استرجعت الواقعة بسرعة.
• خزنت رقم هاتفك في ذاكرتي. 

ويُمكن كذلك، أن نسقط التصوُّر التفاعلي على الطريقة التي ينظر بها الإنسانُ إلى الطبيعة بواسطة الاستعارة: الطبيعة إنسان، وعن هذه الاستعارة الكبرى تتفرَّع بنيات ينظر بواسطتها الإنسان إلى الأرض كأم حنون، وإلى السماء كأنها عيون تبكي، وإلى الربيع كأنه ثغر ضاحك، كما يبدو في البنيات الاستعارية الآتية:
أ - أخذتني الأرض في أحضانها.
ب - يتنفس النسيم بارْتخاء.
جـ - بكَت السماء.
د - ضحك الرَّبيع. 
هـ- صاع الزرْع وجن - إذا نما. 

ثم إن الإنسان كذلك يكتسب مِن خصائص الطَّبيعة وصفاتها، وهكذا نرى البشر يتحاوَرون بحرارة، أو يتصرفون ببرود، ويتعامَلون داخل أجواء معينة، كما توضح البنيات الآتية:
أ - عانقته عناقًا حارًّا.
ب - صافح الصديق صديقه ببرود.
جـ - أجواء العلاقة العربية الغربية لا تبشر بخير. 

إن الاستعارة من الأدوات المهمة جدًّا في مُحاولة الفَهْم الجُزْئِي لِما لا يُمكن فَهْمه كلية، أحاسيسنا وتجاربنا الجمالية، وسلوكاتنا الأخلاقيَّة، ووَعْينا الرُّوحي، ومَجْهُودات الخيال هاته لا تخلو من بُعد عقْلي، فهي تستعمل الاستعارة، وتستخدم ما هو عقلي[4].

ـــــــــــــــــــــ
1] عبدالإله سليم؛ "بُنَيات المشابهة في اللغة العربية" صـ 64.
[2] "الاستعارات التي نحيا بها" صـ 65 - 67.
[3] "بنيات المشابهة" صـ 69.
[4] "الاستعارات التي نحيا بها" صـ 186.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة