• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

التحليق في سماء المصدر الرباعي: إبداع (3)

محمد صادق عبدالعال


تاريخ الإضافة: 18/11/2015 ميلادي - 5/2/1437 هجري

الزيارات: 4566

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التحليق في سماء المصدر الرباعي إبداع (3)

الإيجاز والإنجاز


بقيَت لنا التعريجة الأخيرة في رِحلة الإبداع، ونسأل البساطَ ألَّا يكون قد مَلَّ بنا، أو نما له بعضُ ظنٍّ بأنَّنا ندرس فيما لا يجب دَرسه؛ فإنَّ معاوِلَ الهدم أسرَع، وإنَّ روافِع البِناء أَثقل، فنَسأل الذي أَلهمنا البناءَ أن يشحذ عزَائمَنا متى خارَت، ويرفعَ هِمَمنا متى تدَّنَت، ويقوِّيَ ظهورَنا متى أنَّت من شوكات المشكِّكين، وجور المثبِّطين، والله حسبنا ونِعم الوكيل.

 

وقلنا: إنَّه تبقى لنا الإفاضة ببعض السطور في المعيار الثاني من معايير الإبداع؛ ألَا وهو (الإيجاز والإنجاز).

فأمَّا الإيجاز:

فقد عرَّفه البلاغيُّون بأنَّه: "التعبير عن المراد بلَفظٍ غير زائد، ويقابِله الإطناب"، والمختصر من الكلام أو الإتيان بالإفادة دون تَكرار أو إعادة، منعًا لانصرافِ السَّامع وزَيغ عين القارئ، فيستلهِم منَّا ما نريد توصيلَه وينصرف عنَّا وهو راضٍ، ولعلَّ تلك الجزئيَّة ليست بالسَّهلة ولا الهينة إلَّا على المُمتحَنَةِ ألبابُهم، والمختمرة أفكارُهم، والمنشغلة بنور العلم ويقظة المطلع.

 

ونظرة تقنية في صفحات كتَّابنا وعلمائنا الأجلَّاء بموقع "موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنَّة"، ومقال الأستاذة: رفاه محمد علي زيتوني / مدرسة لغة عربية - حلب - تناولَت مفهومَ الإيجاز والإطناب في القرآن الكريم وبعضًا من الأمثلة العظيمة الكريمة؛ ومنها على سبيل الذكر:

 

"ويعدُّ الإيجازُ والإطناب من أعظم أنواع البلاغَة عند علمائها، حتى نقل صاحبُ سرِّ الفصاحة عن بعضهم أنَّه قال: اللُّغة هي الإيجاز والإطناب، وقال الزَّمخشريُّ صاحب الكشَّاف: كما أنَّه يجب على البليغ في مظانِّ الإجمال أن يُجمِل ويوجِز، فكذلك الواجب عليه في موارد التَّفصيل أن يفصِّل ويُشبِع.

 

أولًا: القرآن الكريم:

ومن بديع الإيجاز قولُه تعالى في وصف خمر الجنة: ﴿ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ ﴾ [الواقعة: 19]، فقد جمع عيوبَ خمر الدُّنيا من الصُّداع، وعدم العقل، وذهاب المال، ونفاد الشَّراب.

 

وحقيقة قوله تعالى: ﴿ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا؛ ﴾ أي: لا يصدر صداعهم عنها، والمراد: لا يلحق رؤوسَهم الصُّداع الذي يَلحق من خمر الدنيا، وقيل: لا يفرقون عنها، بمعنى: لا تُقطَع عنهم لذَّتُهم بسببٍ من الأسباب، كما تفرق أهل خمر الدنيا بأنواع من التفريق.

 

وقرأ مجاهد: (لَا يَصَّدَّعُونَ)، بفَتح الياء وتشديد الصَّاد، على أنَّ أصله: يتصدَّعون، فأدغم التاء في الصَّاد؛ أي: لا يتفرقون؛ كقوله تعالى: ﴿ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ ﴾ [الروم: 43]، وقُرئ: (لَا يَصَدعُونَ)، بفتح الياء والتخفيف؛ أي: لا يصدع بعضهم بعضًا، ولا يفرقونهم؛ أي: لا يَجلس داخلٌ منهم بين اثنين، فيفرِّق بين المتقاربين؛ فإنَّه سوء أدَب، وليس من حسن العشرة"[1]..

 

ولقد أوغَل الإمامُ السيوطي رحمه الله في تلك الجزئيَّة مؤكدًا أيضًا على أنَّها من أعظم دلالات البلاغَة في القرآن في تفسيره، وبخاصَّة جزئيَّة: هل بين الإيجاز والإطناب واسطة؟ إذ يقول:

"اعلَمْ أنَّهما من أعظم أنواع البلاغة، حتى نقل صاحبُ سرِّ الفصاحَة عن بعضهم أنَّه قال: اللُّغة هي الإيجاز والإطناب.

 

قال صاحب الكشَّاف: كما أنَّه يَجب على البليغ في مظانِّ الإجمال أن يُجمِل ويوجِز، فكذلك الواجبُ عليه في موارد التَّفصيل أن يفصِّل ويشبع، أنشد الجاحظ:

يَرمون بالخطبِ الطِّوالِ وتارةً ♦♦♦ وَحْيَ الملاحِظِ خيفةَ الرُّقباءِ

 

واختلف: هل بين الإيجاز والإطنابِ واسطة؛ وهي المساواة، أو لا وهي داخلة في قِسم الإيجاز؟

فالسَّكَّاكيُّ وجماعة على الأوَّل، لكنَّهم جعلوا المساواةَ غير محمودة ولا مَذمومة؛ لأنَّهم فسَّروها بالمتعارَف من كلام أَوساط النَّاسِ الذين لَيسوا في رتبة البلاغة، وفسَّروا الإيجازَ بأداء المقصودِ بأقل من عبارة المتعارَف، والإطناب أداؤه بأكثر منها؛ لكون المقام خليقًا بالبَسط.

 

وابنُ الأثير وجماعة على الثاني، فقالوا: الإيجازُ: التعبيرُ عن المراد بلفظٍ غير زائد، والإطناب بلفظ أزيد.

وقال القزوينيُّ: الأقرب أن يُقال: إنَّ المنقول من طرُق التعبير عن المراد تَأدية أصلِه، إمَّا بلفظٍ مساوٍ للأصل المراد، أو ناقصٍ عنه وافٍ، أو زائد عليه لفائدة؛ والأول: المساواة، والثاني: الإيجاز، والثالث: الإطناب، واحترز بوافٍ عن الإخلال، وبقولنا: لفائدة، عن الحَشو والتطويل، فعنده ثبوت المُساواة واسطة، وأنَّها من قِسم المقبول.

 

فإن قلتَ: عدم ذِكرك المساواة في الترجمة لِماذا؟ هل هو لرجحان نَفيها، أو عدم قبولها، أو لأمرٍ غير ذلك؟

قلت: لهما، ولأمرٍ ثالث؛ وهو أنَّ المساواة لا تكاد توجد، خصوصًا في القرآن، وقد مثَّل لها في التلخيص بقوله تعالى: ﴿ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ﴾ [فاطر: 43]، وفي الإيضاح بقولِه:﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ﴾ [الأنعام: 68]، وتُعقِّب: بأنَّ في الآية الثانية حذْفَ موصوفِ (الَّذين)، وفي الأولى إطنابٌ بلفظ السيِّئ؛ لأنَّ المكر لا يكون إلَّا سيئًا، وإيجاز بالحذف إن كان الاستثناء غير مفرَّغ؛ أي: بأحد، وبالقصر في الاستثناء، وبكونها حاثَّة على كفِّ الأذى عن جميع النَّاس، محذِّرة عن جميع ما يؤدِّي إليه، وبأنَّ تقديرها يضرُّ بصاحبه مضرَّةً بلِيغة، فأخرج الكلامَ مَخرجَ الاستعارة التبعيَّة الواقعة على سبيل التمثيل؛ لأنَّ (يَحيق) بمعنى (يُحيط)، فلا يُستعمل إلَّا في الأجسام؛ "الإتقان في علوم القرآن"؛ للإمام السيوطي جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي - حقَّقه وخرَّج أحاديثَه فؤاد أحمد زمزلي.

 

وتلك نَظرة خاطِفة كاشِفة لأسرار العظَمَة الإلهيَّة التي لا يستطيع بشَر أن يخطَّ مثلَها أو يدانيها في الوصول إلى بلاغتها وبيانها السَّامي الرَّاقي، ذلك قولُ الله ألقاه إلينا يعلِّمنا الأدبَ والبيانَ وأسسَ البلاغة، فاعتبِروا يا أولي الأقلام.

 

وأمَّا جزئيَّةُ الإنجاز؛ فهي وَليدة الإيجاز ومتمخضة عنه، موصلةٌ للفِكرة، عابِرة لقارَّات الزَّمن، ومحطَّة وصول للكاتب يَرسو بقرَّائه ببرِّ الأمان قاطعًا مسافات داخليَّة في خلجات نَفسه؛ لكي يَجعل القارِئ يَصِل لغاياته في أبسَط وأيسر الوقت، فإنَّه أعلم بقطَّاع الطُّرُق، وأصحاب الفِرَق، وأخاديد العثرات، التي تَجعل القرَّاءَ في محكات مع قضايا ليسوا لها بعابرين، ولدينا من السنَّة النبوية المطهرة أمثلة كثيرة نذكر بعضًا منها وما نحن لها بجامعين.

ثانيًا: من السنة النبوية المطهَّرة:

روى البخاريُّ في صحيحه وأبو داود في سننه عن أبي مسعود البدري، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّ ممَّا أَدرك النَّاس من كلام النبوَّة الأولى: إذا لم تَستَحِ، فاصنع ما شئتَ))؛ صدق رسولُ الله صلى الله عليه وسلم..

 

نردِّده كثيرًا ونَسمعه من خلقٍ كثيرين، وما اهتمَّ لِمعناه ولا مفهومه البلاغي والبياني إلَّا من كان له قلب، فذلكم النَّبيُّ الأكرم يعرج بِنا إلى مَنطقةٍ خطيرة من الدِّين؛ وهى شُعبة من شعَب الإيمان؛ ألا وهو (الحياء)، وهو القائل فيما مَعناه: ((الحياءُ لا يأتي إلَّا بخَير))، أو كما قال: ((الحياء كلُّه خيرٌ))، من باب التحفيز والتشجيع يردنا ثانية صلى الله عليه وسلم بأسلوب إنشائي: ((إذا لِم تَستحِ، فاصنع ما شئتَ)).

 

ولعلَّ ما يعنينا في المقالَة دلالة الإيجاز والإنجاز في الطَّلَب؛ كمن يقول لولده: إن لم تُصَلِّ فلا تَفعل أيَّ طاعات، ومعلوم الغرَض التوبيخ والتأنِيب لكن أسلوبَ النبيِّ الأكرم الرَّاقي السَّامي في كلِّ شيء حتى تَأنيبه وفي تأديبه يتجلَّى هنا.

 

أتجدون بلاغةً أَسمى من بلاغة نبيِّنا؟ فلِماذا نحن في عزوفٍ عنها، وما أريد الإسهابَ ولا الإطنابَ مع ذلكم الإيجاز والإنجاز النَّبوي الشريف.

 

ومثالٌ أخير من تلك الأمثلة التي لا يَشبع منها ولا يملُّ مِنها كاتبٌ أو قارئ في الحديث الأعظم الذي علَّمه المصطفى لابن عباس:

عن ابن عبَّاسٍ قال: كنتُ خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فقال: ((يا غلامُ، إنِّي أعلِّمك كلماتٍ؛ احفظ اللهَ يَحفظك، احفظ اللهَ تجده تُجاهك، إذا سألتَ فاسأل اللهَ، وإذا استعنتَ فاستعِن بالله، واعلم أنَّ الأُمَّة لو اجتمعَت على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلَّا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك، ولو اجتمعوا على أن يضُرُّوك بشيءٍ لم يضُرُّوك إلَّا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليك، رُفعَت الأقلامُ، وجفَّت الصُّحُفُ))؛ [رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح].

 

رسالة مختصرة لكلِّ إنسان على ظَهر البسيطة، يوقِن بالله ربًّا، ويؤمن بمحمد نبيًّا، يتضلع بالتوكُّل على الله، يلقي أمرَه كلَّه لله، والله خيرٌ حافظًا وهو أرحَم الرَّاحمين، ولن أدَّعي تفسيرًا للحديث؛ حتى لا أقطع على القارئ حلاوةَ الإيجاز والإنجاز بين الطالِب والمطلوب؛ ما أعظم الطالِب وما أيسر المطلوب في مجانبَة كلِّ ما هو حقير مغايِر لِما يَجب أن نكون جميعًا عليه.

 

((رُفعَت الأقلامُ، وجفَّت الصُّحُفُ)) صارتا مضرب مثَل لكلِّ ما انتهى أمرُه وفُرِغ منه وسُلِّم به، إيجاز لا يُدانيه ولا يساويه إنجاز.

 

ثالثًا: الشِّعر:

الإيجاز والإنجاز في الشِّعر؛ أي: قصد لبِّ الموضوع ببلاغةٍ وحسن صِياغة وديباجة غير متكلَّفة، ولا منتقصة للعبارَة أركانها، ومن وجهة نظري الشخصيَّة - وربَّما لا يَختلف معي فيها الكثير - أنَّ الإيجاز في الشِّعر أيضًا: هو كلُّ بيتٍ مختصر مفيد، ظلَّ إلى يومنا هذا وصار مضربًا للمثَل، وحكمةً تَجري على ألسنَة النَّاس، ومن ذخائر الشِّعر العربيَّة حملتُ جملةً منها ليسَت بالكافية لتُشبع نهمي، لكنَّها على سبيل المثال لا الحصر، ولكنِّي لن أنسى ما قطعتُ على نفسي في حقِّ صاحب المعاجم والبلاغة "الخليل بن أحمد الفراهيدي"، الذي قد قدَّمتُ في المقال السابق أنِّي سوف أذكره، فليس من اللَّائق أن نُنكره، وهاتيك بعض من مشادَّةٍ بينه وبين "سليمان بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة" والي فارس والأهواز: عندما استدعى الخليل بن أحمد ليعلِّم ولدَه، فرفض وبعثَ برسالة إلى سليمان بن حبيب قال فيها:

أبلغ سليمانَ أنِّي عنه في سَعةٍ
وفي غنًى غير أنِّي لستُ ذا مالِ
شحًّا بنفسيَ أنِّي لا أرى أحدًا
يموتُ هزلًا ولا يَبقى على حالِ
والرِّزقُ عن قدَرٍ لا الضعف ينقصُه
ولا يزيدك فيه حولُ محتالِ
والفقر في النَّفس لا في المالِ نعرفُه
ومثل ذاك الغِنى في النَّفس لا المالِ

 

فمع هذا الإيجاز والتلخيص ورسالة التَّوبيخ والتأنِيب، يَقطع عليه سليمان الرَّاتب، فيردُّ الخليل قائلًا:

إنَّ الذي شقَّ فمي ضامنٌ
للرِّزق حتى يتوفَّاني
حرمتَني خيرًا قليلًا فما
زادك في مالك حِرمانِي


بَلغَت الكلماتُ من سليمان مبلغًا لم يتوقَّعه الخليل بن أحمد، فبعث سليمان له معتذرًا:

وزلَّةٍ يُكثر الشيطانُ إن ذُكرَت
منها التعجُّبَ جاءَت من سليمانَا
لا تعجبنَّ لخيرٍ زلَّ عن يدِه
فالكوكب النَّحسُ يسقي الأرضَ أحيانَا[2]

 

فسبحان من حرَّك قلبَ هذا الحاكم لكلماتٍ بعث بها إليها شاعرنا الفصيح الخليل بن أحمد، ومن نفس المقال ذكر ابن خلكان في كتابه "وفَيَات الأعيان": (أنَّ الخليل بن أحمد اجتمع ليلة للتدارُس مع ابن المقفَّع، وظلَّا يتحدَّثان حتى طلعَت خيوط النَّهار واستبان الأبيض من الأسود، فلمَّا سُئل الخليلُ صاحب الأدب الجمِّ والخُلق المتواكب مع حصيلة علم:

كيف رأيتَ ابن المقفَّع؟

قال: رأيتُ رجلًا علمُه أكثر من رأسه!

وقيل لابن المقفَّع: كيف رأيتَ الخليل؟

قال: رأيتُ رجلًا عقلُه أكبر من علمه!

 

فسبحان الله! لعلَّنا نتعلَّم، ولعلَّنا نَنتبه لتلك الأخلاق التي زانَت علماء رَحلوا عنَّا؛ فَخُلِّد ذِكرهم، واستدام عِلمهم، حتى انتهى إلينا وإلى أمم من بعدنا.

 

وحتى لا نُطيل فلدينا من الأمثلة الكثير في مسألة الإيجاز في الشِّعر؛ لدينا مثال آخر من الشِّعر القديم، وسوف أنال من التَّقريع والتوبيخ ما يَكفيني في اختيار الأمثلة القديمة، ولا أَعبأ ولن أكترَث؛ فمِن القديم خيرُ مثل، وخير الحكم.

 

♦ "لاميَّة العجم"؛ لمؤيد الدين الطغرائي يقول في بعض منها:

أُعلِّلُ النَّفس بالآمال أرقبُها ♦♦♦ ما أضيقَ العيشَ لولا فُسحةُ الأملِ

أيها الشاعر، أيها الكاتِب، أيها القاصُّ، تعلَّم من حِكمة القدماء الذين تتبرَّؤون منهم، وتَنجرفون إلى الحداثة والركاكة في الوزن وفي الكلمات، كيف صاغ هذا الشاعر الفذُّ وباختصار شديد حالَةً بين اليأس والأمل تتطلَّب من الشاعر منا الأبياتَ الطِّوال.

 

ثمَّ يعود هذا الشَّاعرُ لحالةٍ من إقناع النَّفس بالاستكانة والرِّضا بما آل إليه حاله، فيقول:

لمْ أرضَ بالعيش والأيام مُقبلةٌ ♦♦♦ فكيف أَرضى وقد ولَّت على عجَلِ

 

وله أيضًا هذا العملاق المبدِع فنُّ الحِكمة:

وإن عَلانِيَ مَن دوني فلا عجب
لي أسوةٌ بانحطاطِ الشَّمس عن زُحلِ
فاصبِر لها غير محتالٍ ولا ضَجِرٍ
في حادِث الدَّهر ما يُغني عن الحيَلِ

 

وله أيضًا:

غاض الوفاءُ وفاضَ الغَدرُ وانفرجَتْ ♦♦♦ مسافة الخُلْفِ بين القولِ والعملِ

 

ألَا فانظروا للتَّوظيف الرَّائع للمحسنات البديعيَّة من طباقٍ! وانتقاء الكَلمات، والخروج بحكمةٍ عالية، ودرَّة من دُرر الإيجاز وسرعة الإنجاز.

 

وله أخيرًا - ونحن ما نريد الخروج من بستانه الماتع - وهو يقدِّم نصيحةً غالية، لا ترى فيها تهاونًا ولا إحباطًا، ولا دعوة للتهوُّر:

مُلْكُ القناعةِ لا يُخشى عليه ولا
يُحتاج فيه إلى الأنصارِ والخَوَلِ
ترجو البقاءَ بدارٍ لا ثباتَ لها
فهل سمعتَ بظلٍّ غير منتقلِ
ويا خبيرًا على الأسرار مطَّلعًا
اصمت ففي الصَّمتِ منجاةٌ من الزَّللِ

 

دُرَر هي لا يتذوَّقها إلَّا مَن كان ذا ذائقة عربيَّة أصيلَة، يَستشعر كيف كانت الحِكمة تَنساب على أفواههم انسياب الماء مِن فِي السِّقاء.

 

ومن لاميَّة العجَم إلى نونيَّة البستي، لصاحب الحِكَم ومتجر الأقوال المَأثورة، والقصيدة كلها حِكَم وثوابت إنسانيَّة، ليتنا نتعلَّم منها، ليس فيها خلَل شَرعي ولا جنوح نَحو الشَّطط، داعية إلى الأدب الجمِّ، والإخلاص الأعلى للذَّات العليَّة، والتمسُّك بالمناقب، ونَبذ الكراهية بأسلوب لا يمل ولا يشتِّت، إنجازٌ هو مع إيجاز رائع؛ منها على سبيل الذِّكر، يستهلُّ بها حِكمة عالِية نفسيَّة تَجري على الألسنة ليلَ نهار؛ ولذا أعتبرها إبداعًا غير مسبوق:

زيادة المرءِ في دنياه نقصانُ
ورِبحُه غيرَ محضِ الخير خسرانُ
وكلُّ وجدان حظٍّ لا ثَباتَ له
فإنَّ معناه في التَّحقيق فقدانُ
يا عامرًا لخرَاب الدَّهر مجتهدًا
تالله هل لِخراب الدَّهر عمرانُ

 

♦ ومنها قوله حضًّا على الإحسان إلى الناس:

أحسِنْ إلى النَّاس تَستعبد قلوبهمُ ♦♦♦ فطالما استعبدَ الإنسانَ إحسانُ

 

♦ وقوله:

من يزرعِ الشَّرَّ يحصد في عواقبهِ
ندامةً ولِحَصد الزَّرع إبَّانُ
مَنِ استنام إلى الأشرارِ باتَ وفي
قميصه منهمُ صِلٌّ وثعبانُ
كن ريِّقَ البِشر إنَّ الحُرَّ همَّتُه
صحيفةٌ وعليها البِشر عنوانُ

 

ومع تلك الإجادَةِ والإفادة، والإيجاز والسلامة اللغويَّة والصرفيَّة، لو كان في زمن هؤلاء "جائزة نوبل" ما تورَّعوا أن يَمنحوه إيَّاها، فجزاهم الله عنَّا وعن الأدَب العربي خيرًا، وجعل من أبنائنا وذرِّيتنا مَن يحفظون لِمثل تلك المخطوطات والآثار مناقبَها، ففيها الحِكمة والبيان.

 

وقبل الانتقال للونٍ جديد وتعريجة البساط للعَصر الحديث، استوقفَني بيتُ شِعرٍ غاية في الإبداع؛ لإيجازه وبعده عن الإسهاب والإطناب، وإتيانِه بخلاصه الخُلاصة ولبِّ الأمر، ويا لَيتني أَعرف ذلكم الشَّاعر حين أنشد يَصف زهدَ سيدنا عمر بن عبدالعزيز خامس الخلفاء الرَّاشدين المهديين وزوجه فاطمة بنت عبدالملك بن مروان، التي قيل فيها: "بنت الخليفة، وأخت الخليفة، والخليفة زوجها "، مع هذا الغنى غلب الورَعُ والزُّهدُ عليها خوفًا من ملك الملوك، فوصفهم رحمه الله قائلًا:

قومٌ إذا غَسلوا الثِّيابَ رأيتَهم ♦♦♦ لَبسوا البيوتَ وزرَّروا الأبوابَا

 

لا تعليق أمام هذا التَّجسيم والوصف، وغاية الإنجاز والإيجاز.

 

وبقي السَّرد أو النَّثر، ومنه السِّحر كما أخبر النبيُّ الأكرم صلَّى الله عليه وسلم حين قال: ((إنَّ من الشِّعر لَحِكمةً، وإنَّ من البيان لسِحرًا)).

 

ومن كتابٍ يذخر بالنفائس والروائع والبديع "دُرر الحِكم"؛ لأبي منصور الثعالبي، استقينا أمثلةً متنوعة لعدد من متناثرات الحِكَم والنَّثر الذي يَختصُّ بجزئية الإيجاز والإنجاز في العمليَّة الأدبيَّة الإبداعية.

 

أمثلة:

1 - من الإيجاز الخالص قولٌ لا يُعرف لمن ينسب: "أربعٌ القليلُ مِنها كثير: الوجع، والنار، والدَّين، والعداوة"[5].

ألا ترون في تِلك الأربعة مختصرًا مفيدًا لكلامٍ كثير، وسطور وصفحات طِوال؟! ولو تطرَّقنا بشيء من الإيجاز لا الإسهاب لبعضِها، لوجَدنا معلِّلين قولَ رسولنا صلى الله عليه وسلم يصف ألمَ الأمَّة بعضوٍ واحد في جسَد الإنسان تتألَّم وتَتداعى له جميعُ الأطراف، وكذلك "النَّار" قليلُها كثير، فمن المأثور: معظم النَّار من مُستصغر الشَّرر، وكذلك "الدَّين" قليله همٌّ بالليل ومذلَّة بالنَّهار، و"العداوة" همٌّ وكدَر، وقلَّة راحةٍ، وزوالُ طمأنينة، ألا يستحقُّ القادِم بتلك الأربعة أن يُعدَّ مبدعًا حين أجمل بعد تفصيل قد اختزلَه في ذاكرته، واستحفظ القرَّاء تفسيرَه فيما بعد.

 

♦ ومن نفس الكتاب الرائع، في معنونة باسم: "أوجز رسالة" سُئل جعفر بن يحيى عن أوجز كلام، فقال منصفًا:

قول سليمان عليه السلام في كتابه إلى مَلِكة سبأ: ﴿ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴾ [النمل: 30، 31]، فجمَع في ثلاثة أحرف العنوانَ والكتاب والحاجَة[6]، ألَا يُعدُّ هذا الإيجاز وسرعة الإنجاز إبداعًا مطلقًا؟!

 

ومثال آخر: في ردٍّ رائع بليغ جاء فيه: "قال الفضل بن مروان لرجل عاتبَه:

♦ بلغني أنَّك تبغضني، فلَم ينكر الرجلُ وقال له: أنتَ كما قال الشَّاعر سيدي:

فإنَّك كالدنيا نَهاب صروفَها ♦♦♦ ونوسِعها ذَمًّا ونحن عَبيدُها

 

♦ ومثال آخر:

في معنونة بـ"كيف يكون المقال؟"، حين خطب سويد بن منجوف - وهو تابعي - خطبةً طويلة في يوم للمصالَحة بين متشاحِنين رجاء الصُّلح وابتغاء زَوال الفِتنة، فقام رجل منتفضًا وقال: سيدي، أنت منذ اليوم تَرعى غير مرعاك، أفلا أدلك كيف يكون القال؟

 

فقال: بلى.

فقال بعدما حَمد اللهَ وأثنى عليه: أمَّا بعد، فإنَّ الصُّلحَ بقاء الآجال، وحرم الأموال، والسلام على من اتَّبع السَّلام.

فلمَّا سَمعه القوم، تعانَقوا وتبادلوا الدِّيات[7].

 

ولربَّما جرى الإبداعُ والإيجاز على ألسنة العامَّة أنفسهم ممَّن لَيسوا أهل التخصُّص في الكتابة والأدب، ولعلَّ الكثير يذكر سؤال أمير المؤمنين هارون الرَّشيد لبهلول يَطلب منه الوعظَ، فأوجز وأنجز حين قال له:

يا هارون، بِمَ أعظك؟! هذه قصورُهم، وتِلك قبورهم، أقاموا قليلًا في القصور، ثمَّ ناموا في القبور.

 

ألا تعدُّ تلك المأثورة إبداعًا غير مسبوق، وإنجازًا يستحقُّ الوقوف طويلًا أمامه؟ مختصر مفيد لِمن أراد أن يتَّعِظ أو يَعتبر.

 

♦ مثال آخر من هذا الكتاب الطيب:

قال عبدالملك لأعرابيٍّ: ما تشتهي؟ فقال:

العافية والخمول؛ فإنِّي رأيتُ الشرَّ إلى ذي النَّباهة سريعًا.

فقال عبدالملك:

ليتني سمعتُ تلك الكلمة قَبل الخلافة يا رجل.

ولعلَّ ذلك الرد من الرَّجل يعزِّز أشعارَ المتنبي القديمة في قوله:

ذو العقلِ يَشقى في النَّعيم بعقلِه ♦♦♦ وأخو الجهالةِ في الشَّقاوةِ يَنعمُ

 

♦ مثال آخر وأخير من هذا الكتاب الطيب:

دخل أبو العميثل على طاهر بن الحسين ممتدحًا وقَبَّل يده، فقال:

ما أخشن شاربك يا أبا العميثل! فقال:

أيها الأمير، إنَّ شوك القنفذ لا يضرُّ برثنَ الأسد، فضحك طاهِر بن الحسين وقال: إنَّ هذه الكلمة أَعجب إليَّ من كلِّ شعرٍ، وأمر له بألف دِرهم للشِّعر، وثلاثة آلاف دِرهم لتلك الكلمة[8].

 

♦ مثال آخر يجري مجرى الحكمة: قول ابن الشبل:

يفنى البخيلُ بجمعِ المال مدَّته
وللحوادِثِ والأيام ما يدَعُ
كدودةِ القزِّ ما تبنيه يَهدمها
وغيرها بالَّذي تبنيهِ يَنتفعُ

بالله عليكم، أما ترون في هذا البَيت من إبداعٍ رائع، وتَشبيه وصَل لآذان العامِّي قبل المثقَّف؟ وتِلك منقبة الإبداع: أن تَصل فكرتُك على روعتها لأبسط النَّاس فهمًا!

 

ها قد انتهينا وما استوفينا أمثلةً في الإبداع، سواء الشِّعر أو النَّثر، وما تحليقنا إلَّا مجرَّد إشارات ولَمحات، وما نحن لرَصد الكلِّ بقادرين، وتبقى لنا الجزئيَّة الأخيرة في وَصف الإبداع بالإبداع بمثالين.

 

وصف الإبداع بالإبداع!

نعم قد يوصف الإبداع بالإبداع، ومن يُنكر ذلك فهو جاهل، خاصَّة إذا كان الوصف لمَن علَّمه شَديد القوى، وهو معلِّم البشريَّة كلها مِن لَدن آدم حتى مَبعث رسالته وقيام الساعة، فها هو المبدِع الكريم، أستاذ الأساتذة مصطفى صادق الرَّافعي يَصف البلاغةَ النبويَّة في عدَّة سطور بكلمات مبدعات، وسطور مشرقات، لا يُحسُّ حلاوتها إلَّا الذين أيقنوا واستيقنوا أنَّ محمد بن عبدالله خير البشَر معلمًا، وأكرمهم على الله:

هذه هي البلاغة الإنسانيَّة التي سجدَت الأفكارُ لآياتها، وحسرَت العقول دون غاياتها، لم تصنع وهي من الإحكام كأنَّها مصنوعة، ولم يُتكلَّف لها وهي على السهولة بعيدة ممنوعة.

 

ألفاظ النبوَّة يعمرها قلبٌ متَّصل بجلال خالِقه، ويصقلها لِسانٌ نزَل عليه القرآن بحقائقه، فهي إن لم تكن من الوَحي لكنَّها جاءت من سَبيله، وإن لم يكن لها منه دليل فقد كانت هي من دليله؛ مُحكمة الفصول، حتى ليس فيها عروَة مَفصولة، مَحذوفة الفضول، حتى ليس فيها كَلمة مفضولة.

 

وكأنَّما هي في اختصارها وإفادتها نَبض قلبٍ يتكلَّم، وإنَّما هي في سموِّها وإجادتها مَظهر من مظاهر خواطِره صلَّى عليه ربي وسلَّم.

 

إن خرجَت في الموعظة، قلتَ: أنينٌ من فؤاد مقروح، وإن راعَت بالحكمة، قلتَ: صورة بشريَّة من الروح، في منزع يَلين فينفر بالدُّموع، ويشتد فينزو بالدِّماء، وإذا أراك القرآن أنَّه خطاب السَّماء للأرض، أراك هذا أنَّه كلام الأرض بعد السماء[9].

 

ولعلَّ المُطَّلع على كتب رسول الله إلى ملوك الأرض يَلمس ذلك البيان وهذا السموَّ البلاغي في الخِطاب، ومثال لذلك:

♦ كتابه صلى الله عليه وسلم إلى هوذة بن علي ملِك اليمامة، وفيه:

((بِسم الله الرحمن الرحيم، مِن محمد رسول الله إلى هوذة بن علي؛ سلام على مَن اتَّبع الهدى، واعلم أنَّ دِيني سيَظهر إلى مُنتهى الخفِّ والحافِر، فأَسلِم تَسلَم، وأجعل لك ما تحتَ يديك))، فلمَّا وصلَه الكتاب كتَب في ردِّه للنبيِّ الأكرم:

ما أحسنَ ما تَدعو إليه وأجمله، وأنا شاعِر قومي وخطيبهم، والعرب تهابُ مكاني، فاجعل لي بعضَ الأمر أتبعك[10].

 

لا يجوز لي التعليق بكلمةٍ واحدة سوى سبحان الله، إنَّ في ذلك لَبيانًا عظيمًا.

 

وننتقل إلى المثال الثَّاني في وصفٍ آخر لإبداع أرضيٍّ:

ها هو خالد بن صفوان يصف النَّخلةَ، التي هي من إبداع الخالق عزَّ وجلَّ، فيقول:

هنَّ الرَّاسخات في الوَحل، المطعمات في المحل، تخرج أسفاطًا وعظامًا، وأوساطًا كأنها ملئت رياطًا، ثمَّ تتفرَّى عن قضبان اللجين، مَنظومة باللؤلؤ الزَّين، فيصير ذهبًا أحمر، منظومًا بالزبرجد الأخضر، ثمَّ عسلًا في لحاء، معلقًا في الهواء[11].

 

مثال آخر:

شهادة الوليد بن المغيرة للقرآن:

"إنَّ له لحلاوة، وإنَّ عليه لطَلاوة، وإنَّ أعلاه لمثمِر، وإنَّ أسفله لمغدِق، وإنَّه يَعلو ولا يُعلى عليه"؛ (الحديث صحيح الإسناد على شرط البخاري).

 

ووصف آخر لإبداع بإبداع وحسن إيجاز:

وصف أبو حيان التوحيدي جعفرَ بن يحيى - وكان كاتبًا بارعًا متمكنًا - قائلًا:

"كانت كتابته سوادية، وبلاغته سحبانية، وسياسته يونانية، وآدابه عربيَّة، وشمائله عراقية"؛ ذلك لما سئل يحيى عن أوجز كلام، فقال: قول سليمان عليه السلام في كتابه إلى ملِكة سبأ: ﴿ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴾ [النمل: 30، 31]، فجمع في ثلاثة أحرف العنوانَ والكتاب والحاجة، ألَا يعدُّ هذا الإيجاز وسرعة الإنجاز إبداعًا مطلقًا؟!

 

♦ وأخيرًا، أنهينا السلسلةَ وما انتهينا؛ فالمصدر أكبر مِن أن يَحتكره محتكِر، أو يَنفرد به قلَمٌ أيًّا كان كاتبه، وسيظل المصدر الرُّباعي محلَّ نقاش وجدال، وسجال وعراك؛ أيهم أسبق في الإبداع؟ وأي الكلام إبداع؟ حتى المعايير نَفسها سوف تَختلف وتتباين، لكن الثابت الوحيد والأكيد أنَّ القرآن الكريم هو المَعِينُ الزَّاخر بالإبداع في الوصفِ والصورة، والحكمة والموعظة، وسبحان مَن له الحمد، وبإذن الله لَنا جولة قَصيرة في اعتراضاتٍ على فِكرة التحليق ردًّا على أسئلة معدودات، والله حسبنا، وهو يهدي السبيل.



[1] موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، ومقال الأستاذة: رفاه محمد علي زيتوني / مدرسة لغة عربية - حلب.

[2] أبو عبدالرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري، وهو عربيُّ الأصل من أزْد عُمان، لغويٌّ ومعجمي، ومنشئ عِلم العروض.

نشأ الخليل بن أحمد بالبصرة وتربَّى فيها، وكان مولعًا بالدرس والبحث، وقد لازم حلقات أستاذَيه عيسى بن عمر وأبي عمرو بن العلاء، فأمَّا أستاذه عيسى بن عمر فقد كان إمامًا في العربيَّة والقراءات، وصنَّف كتابَي الجامع والإكمال، وأبو عمرو بن العلاء كان أستاذًا للعربيَّة وإمامًا في دراستها، وقد روى الخليل عن أيوب وعاصم الأحول وغيرهما، وأخذ عنه سيبويه والأصمعي والنَّضر بن شُمَيْل، قال ابن المعتز: "كان الخليل منقطعًا إلى اللَّيث فيما صنَّفه"، وهو أستاذ سيبويه.

والحكايات والمرويات المذكورة في كتاب سيبويه كلها مروية عن الخليل، وكلَّ ما قال سيبويه: وسألتُه، أو قال، من غير أن يذكر قائلَه، فهو يعني الخليل.

[3] الطغرائي 455 - 513 هـ / 1063 - 1120 م؛ الحسين بن علي بن محمد بن عبدالصمد أبو إسماعيل، مؤيد الدين الأصفهاني الطغرائي، شاعر، من الوزراء الكتَّاب، كان يُنعَت بالأستاذ، وُلد بأصفهان، اتصل بالسلطان مسعود بن محمد السلجوقي (صاحب الموصل) فولَّاه وزارتَه، ثمَّ اقتتل السلطان مسعود وأخ له اسمه السلطان محمود، فظفر محمود وقبَض على رجال مسعود وفي جملتهم الطغرائي، فأراد قتلَه ثمَّ خاف عاقبة النِّقمة عليه؛ لِما كان الطغرائي مشهورًا به من العِلم والفضل، فأوعز إلى مَن أشاع اتِّهامه بالإلحاد والزَّندقة، فتناقل الناسُ ذلك، فاتَّخذ السلطان محمود حجَّةً فقتلَه، ونِسبة الطغرائي إلى كِتابة الطغراء، وللمؤرِّخين ثَناء عليه كثير، له دِيوان شِعر مطبوع، وهو صاحب لاميَّة العجم، ومطلعها:

أصالَة الرَّأي صانَتني عن الخطَلِ.

[4] هو علي بن محمد البستي أبو الفتح، ولد في بُست بأفغانستان سنه 360 هـ، قصيدتُه هذه تعدُّ من عيون الشِّعر العربي.

[5] من كتاب "درر الحكم"؛ للثعالبي، تحقيق ودراسة: أ. محمد إبراهيم سليم ص 74.

[6] من كتاب "درر الحكم"؛ للثعالبي، تحقيق ودراسة: أ. محمد إبراهيم سليم ص 44.

[7] من كتاب "درر الحكم"؛ للثعالبي، تحقيق ودراسة: أ. محمد إبراهيم سليم ص 72.

[8] من كتاب "درر الحكم"؛ للثعالبي، تحقيق ودراسة: أ. محمد إبراهيم سليم ص 64.

[9] مجلة الوعي الإسلامي / العدد 255 / 1406 / مقال بعنوان: "قرأت لك؛" البلاغة النبوية ص (34).

[10] مجلة الأزهر الشريف ملحق كتاب: "عطاء الرحمن من شريعة القرآن"، الجزء الثاني / ص56؛ للشيخ مصطفى محمد الحديدي، عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف.

[11] من كتاب "درر الحكم"؛ للثعالبي، تحقيق ودراسة: أ. محمد إبراهيم سليم ص 29.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة