• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

نيابة حروف الجر بعضها عن بعض

فريد لطفي أحمد


تاريخ الإضافة: 1/11/2015 ميلادي - 18/1/1437 هجري

الزيارات: 102948

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نيابة حروف الجر بعضها عن بعض


الأصل في حروف الجر أَن يكون لكلِّ حرف منها مكانٌ يحله، ومعنًى يؤدِّيه حين تركيبه مع غيره؛ لأنَّ الحرف بصِفة عامَّة: هو ما دلَّ على معنًى في غيره، غير أنَّ العرَب تتوسَّع فيها، فتقيم بعضها مقام بعض إذا تقاربَت المعاني [1].

 

وقد ذكر العلماء أنَّ تناوب حروف الجر "بابٌ في العربية دقيق المداخل والمخارج، ويفضي إلى غير قضيَّة، وهو بابٌ يمسك النُّحاةُ منه بطرَف، وأهل البيان بطرف آخر؛ لأنَّه بابٌ يُسَلَّطُ فيه النَّظر على المبنى والمعنى، وللعلماء فيه مذاهب شتَّى، ودروب متباينة، وتأويلات مختلفة، ولكنَّه على ما فيه من عناء ممتع شائق لطيف؛ لأنَّ النظر فيه عمل من أعمال العقل، تنقدح الحقائق للنَّاظر فيه بعد طول تأمل وإمعان نظر" [2].

 

وقد أوردَ اللغويون والنُّحاةُ شواهدَ تلك الظَّاهرة متناثرة في ثنايا كتبهم أحيانًا، وأفرد لها بعضهم أبوابًا مستقلَّة في أحيان أخرى[3].

 

وقد انقسمَ النحاةُ وطال بينهم الخلاف حول قبول نِيابة حروف الجرِّ بعضها عن بعض إلى فريقين:

الأول: ذهب الكوفيُّون وبعض البصريين إلى أنَّ حروف الجرِّ يجوز أن تنوب عن بعضها البعض، وحجَّتهم في ذلك كَثرة الشواهد المسموعة من القرآن الكريم والشعر العربي [4].

 

♦ ومن ذلك: قول الله تعالى: ﴿ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ﴾ [البقرة: 185]؛ أي: لهدايته إيَّاكم.

♦ وقوله: ﴿ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ﴾ [طه: 71]؛ أي: على جذوع النَّخل.

♦ وقوله: ﴿ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ ﴾ [محمد: 38]؛ أي: على نفسه.

 

وقال الشاعر:

وإن يلتق الحيُّ الجميعُ تلاقني ♦♦♦ إلى ذِروة البيت الرَّفيع المُصَمَّدِ[5]

 

أي: في ذروة البيت.

 

وقال آخر:

فإن تسألوني بالنساءِ فإنَّني ♦♦♦ بصيرٌ بأدواءِ النساءِ طبيب [6]


أي: عن النساء.

 

وقد بلغَت شواهد هذه الظَّاهرة من الكثرة إلى الحدِّ الذي قال معه ابن هشام الأنصاري:

"ولو ذكرتُ أحرف الجرِّ ودخول بعضها تحت بعض في معناه، لجاء من ذلك أمثلة كثيرة"[7].


الثاني: ذهب البصريُّون إلى أَنَّ حروفَ الجرِّ لا ينوب بعضها عن بعض، وهذا ظاهرُ كلام سيبويه، وعليه أغلب النُّحاة، وبه قال بعض المحدثين [8].

 

وهؤلاء قد قاسوا حروفَ الجرِّ على أحرف النَّصب والجزم، فكما لا يَجوز في هذه الحروف أن ينوب بعضها عن بعض، كذلك لا يَجوز في حروف الجرِّ أن يحدث تناوب.

 

فإن ورد ما أَوْهم خلاف ذلك، فهو مؤوَّل؛ إمَّا على التضمين، أو على المجاز.

 

فمن الأول: قوله تعالى: ﴿ أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ﴾ [الأنبياء: 52]؛ إذ ضمن (عاكفون) معنى (عابدون)[9].

 

ومن الثاني: قوله تعالى: ﴿ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ﴾ [طه: 71]؛ حيث إنَّ المصلوب لتمكُّنه من الجذع كأنَّه قد صار فيه[10].

 

وقد وصف ابنُ القيم من يقولون بنيابة الحروف بعضها مكان بعض بـ (ظاهرية النحاة) الذين لا يسبرون أغوار المعاني، وانتصر للبصريِّين ومذهبهم، حتى أطلق عليهم (فقهاء العربية)[11].

 

وقد حاول ابن جنِّي أن يتوسَّط، فقال: "ولسنا ندفع أن يكون ذلك كما قالوا - أي: الكوفيون - لكنَّا نقول: إنَّه يكون بمعناه في موضع دون موضِع على حسب الأحوال الدَّاعية إليه والمسوغة له، فأمَّا في كل موضع وعلى كل حال، فلا؛ ألا ترى أنَّك إن أخذتَ بظاهر هذا القول لزمك أن تقول: (سرت إلى زيد) وأنت تريد (معه).؟ وأن تقول: (زيد في الفرس) وأنت تريد (عليه)"[12].


ويمكن أن يقال: إنَّه لم يقل أحد من الكوفيين بتناوُب الحروف في كلِّ حال، وإنَّما اقتصروا على المسموع، وعلى هذا فما ذهب إليه ابنُ جني هو عين مذهب الكوفيين.

 

والذي يلوح لي أنَّ رأي الكوفيين هنا أَيسر وأَقرب للفهم؛ لِما ورد من شواهد في القرآن والشعر وكلام العرب.

 

أما من منعه، فإنه يُرَدُّ عليهم بما يأتي[13]:

أولاً: أنهم لَجؤوا إلى الاستعمال المجازي مع إمكان الاستعمال الحقيقي.

 

ثانيًا: أنَّهم قالوا بالتضمين هروبًا من القول باستعمال حرف مكان حرف، فوقعوا فيما هربوا منه؛ وذلك أنَّ الفعل بمعنى فعل آخر.

 

ثالثًا: عندما يعجزون عن التأويل، فإنَّهم يقولون بالشذوذ، ولا يمكن أن يقال في ما جاء في القرآن وكلام العرب: إنه شاذ.



[1] ينظر: الكتاب (1/ 310)، والأصول لابن السراج (1/ 414)، والمقتضب (1/ 39) (4/ 139).

[2] تناوب حروف الجر في لغة القرآن، ص: (5) د. محمد حسن عواد، دار الفرقان، عمان، الطبعة الأولى، 1402هـ، 1985م.

[3] كما فعل ابن قتيبة حين عقد في كتابه: (أدب الكاتب) بابًا بعنوان: (باب دخول بعض الصِّفات مكان بعض)، ص: (506)؛ لأبي محمد عبدالله بن مسلم بن قتيبة، تحقيق: محمد الدالي، طبعة مؤسسة الرسالة، بدون تاريخ، والخصائص (2/ 306) (الأزهية) ص (277، وما بعدها)، وفِقه اللغة وأسرار العربية (ص 395، وما بعدها)؛ لأبي منصور الثعالبي، شرَحه وقدَّم له ووضع فهارسه: د. ياسين الأيوبي، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، الطبعة الثانية، 1420هـ، 2000م.

[4] ينظر: مغني اللبيب (1/ 152) النحو الوافي (2/ 564، وما بعدها)، ومعاني النحو؛ لفاضل السامرائي (3/ 6، وما بعدها)، ظاهرة التقارض في الدرس النحوي، ص: (47)، د. عبدالله أحمد جاد الكريم، مكتبة الآداب، الطبعة الأولى1423هـ، 2002م.

[5] البيت من الطويل، وهو لطرفة بن العبد في ديوانه، ص: (24)، تحقيق: مهدي محمد ناصر الدين، دار الكتب العلمية، الطبعة الثالثة، 1423هـ - 2002 م، والأزهية ص (274)، وخزانة الأدب (9/ 469)، مقاييس اللغة، مادة (صمد)؛ لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا، تحقيق: عبدالسلام هارون، دار الفكر، 1399هـ، 1979م، المعجم المفصل (2/ 439)، والشاهد فيه: استعمال (إلى) بمعنى (في).

[6] البيت من الطويل؛ وهو لعلقمة الفحل في ديوانه بشرح السيد أحمد صقر، ص: (11)، المطبعة المحمودية بالقاهرة، الطبعة الأولى، 1353هـ، 1935م، وأدب الكاتب، ص: (508)، والأزهية، ص: (284)، والجنى الداني، ص: (41)، والمقاصد النحوية (4/ 1592)، وهمع الهوامع (2/ 338)، المعجم المفصل (1/ 309)، والشاهد فيه: استعمال الباء بمعنى (عن).

[7] مغني اللبيب (2/ 881).

[8] ينظر: الكتاب (4/ 217)، والأصول في النحو؛ لابن السراج (1/ 414)، والجنى الداني، ص: (46) ومغني اللبيب (1/ 152)، ومعاني النحو؛ للسامرائي (3/ 7)، تناوب حروف الجر في لغة القرآن، ص: (5).

[9] ينظر: البحر المحيط (6/ 299).

[10] ينظر: المفصل، ص: (381)، ومغني اللبيب (1/ 152).

[11] ينظر: بدائع الفوائد؛ لابن القيم (2/ 31)، تحقيق: محمد بن إبراهيم الزغلي، عمان، دار المعاني، 1402هـ، 1990م.

[12] الخصائص (2/ 308).

[13] ينظر: اختيارات أبي حيان (2/ 534).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- النحو
محمد الدسوقي - United Kingdom 07-10-2023 07:12 PM

تحليل علمي رائع
أُفَضِّل رأي ابن جني

1- شكر
فريد لطفي - مصر 01-11-2015 01:11 PM

أشكر هيئة الإشراف على الألوكة على نشر مقالي المتواضع

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة