• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / فن الكتابة


علامة باركود

الفكرة ضالة الكاتب (2)

محمد صادق عبدالعال


تاريخ الإضافة: 1/10/2015 ميلادي - 17/12/1436 هجري

الزيارات: 4819

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الفكرة ضالة الكاتب (2)


كنتُ بحمد الله تعالى قد رفعتُ مقالاً (بشبكة الألوكة الكريمة - موقع حضارة الكلمة) بعنوان (الفكرة ضالة الكاتب)، وناقشت الأمر كحوار مع ابنتي الحبيبة (ملَك)؛ إذ تخيلتُها كبرَت وشب عودها وهي تجادلني في أمر الفكرة وهي تقول لي:

 

ألم تُخبِرني ليلة أمس يا أبتِ أنك تقف أحيانًا على مُفترَق طُرُق من الأفكار والموضوعات، التي تَشغَل رأسك، فتَجِد نفسَك على قناعة بخوض فِكْرة وعلى انصراف من التعرُّض لأخرى، وفكرة تُلِح عليك إلحاحًا، وأخرى تَستجدي منها القدومَ ولا تُعيرك انتباهًا؟![1]

 

ومن تلك العبارة سوف أخوض مرة أخرى في القضية وإشكالية الفكرة، والسؤال الذي يُلقي بنفسه على قارعة الفَهم أمامي يقول:

من أين تأتي الفكرة؟

سؤال يطرح نفسه على رأس كل عاقل، وفَهم كل ناقل، وذات كل دارس: من أين تأتي الفكرة؟

الفكرة تأتي من أبسط الأشياء؛ صورة كانت، أو كلمة، أو موقفًا عابرًا لا يُلقي الآخَرون له بالاً، لكن حِس الكاتب المُرهَف وعين المبدع الثالثة التي ترى ما لا يراه العابرون هي التي تربط وتقارن وتمزج وتخلط بين المظاهر الكونية والحالة الإنسانية، ولا تأتي الفكرة لذي رأس فارغ أو عقل غافل؛ إذ إن الفكرة من الفكرةِ والانتباه، لا الغفلةِ والانزِواء، ونبيُّ الله إبراهيمُ عليه الصلاة والسلام حين تأمل في المظاهر الكونية العظيمة خطرَت له فكرة أن للكون العظيم خالقًا أعظمَ!

 

وحديثنا عن الفكرة الأدبية له إشكالية نود أن نَعرضها من باب المناقشة لا فرض الرأي ولا استعراض الجُمَل؛ نسأل أنفسنا سؤالاً:

كيف نحفظ الفكرة المولودة ونقويها حتى تنضج وتشب عن طوق الإنشاء إلى البناء والتشييد؟

ولهذا الأمر نقطتان:

الأولى: عملية (التدوين والحفظ)؛ فلو حدث - ولرُبما حدث - أنْ خطَر ببال أحدنا فكرةٌ لقصة أو قصيدة، ومطلع استهلال رائع، أو موضوع مقال جذاب، وليس بحوزتنا الأوراقُ والأقلام تمنينا لو تكون تلك الأدوات معنا لندون فكرتنا؛ مخافةَ ضياعها في زحمة الأحداث، فتذوب، فلا نستطيع الحصول عليها مرة أخرى.

 

وهذا ما نسميه سرعة التدوين ولو بالرمز أو الأشكال التي لا يفهمها إلا الكاتب نفسه. وأصاب سقراط الفيلسوف حين قال:

ما أثبتته الأقلام لا تدرسه الأيام؛ أي: لا تمحوه ولا تضيعه وأيضاً عزز كلامَه قولةُ العرب: (كل علم فارقَ القرطاسَ ضاع).

 

والثانية (التريث): والتريث ليس ضد سرعة التدوين بل تُدَون لكي تكون في مقدمة مَشاغل الكاتب، لكن التريث يعني الانتظار حتى تنضج الفكرة وتكتمل، حتى إذا أُذن لها بالخروج على الورق خرجت كاملة تعجب القراء وتغيظ النقَّاد الذين يَعيبون على المبدع تصديرَه.

 

وأما أن تعجَل وتُسرع فستَخرج الفكرة إحدى اثنتين: أولاهما مبهمة، أو ناقصة، وعندها سينال من سياط النقاد ما يُقعده عن الكتابة زمنًا!

ومن عوامل ضياع الفكرة عامل (التشتت) وهو من أخطر العوامل التي تُركِس الكاتب في موقعه إركاسًا فلا تسمع له أي جديد، ولعل قصتي المنشورة بشبكة الألوكة والتي تسمى بـ(صيد اليمام) قد عززَت ذلك حين يتشتت الكاتب بين أكثر من فكرة؛ ظنًّا منه أن الأفكار هي مَن تُراوده عن نفسه وتقول له: (هيت لك)! فيقَع فريسة التشتت، فيُمسي من الخاسرين أفكارَه، حين وفقني الله وكتبت:

"أبدَأ بالمقال ففيه الجد والاجتهاد، ومناظرةُ العباد، والمناقشة والمداوَلة؛ فيسطِّر سطرًا أو سطرين ثم سرعان ما تطيش به الفكرة فتُسْلمه إلى هواه، فيخشى أن يُتَّهم بالانحياز لمن يحب فيَرفع سن القلم عن الورق، فتَغيضُ الفكرة رغم فيض الأحبار، فيَنصرف إلى القصة ويقول معللاً لنفسه:

القصة أفضل وتلك أجواؤها، وإنها الأَولى الآن؛ إذ فيها عُنصرَا التشويق والإثارة، علاوة عن ومضَتها الجذابة التي تَبهر القراء، حلَّق في عوالم الطبيعة، واستجدى الشمس العازمة على الرحيل والسُّحب والشجر والماء، فأعرضوا عنه"[2].

 

وأيضا في ثلاثيات الآحاد، الثلاثية الرابعة "الفكرة" المنشورة بشبكة الألوكة تاريخ الإضافة: 5/ 2/ 2014 ميلادية - 4/ 4/ 1435 هجرية، موقع حضارة الكلمة - تطرَّقتُ لهذا الأمر بعون الله وتوفيقه، وكذلك نشرت بكتابي الصادر بعدها بعنوان (وتمرَّد القلم) عن دار النيل للنشر والتوزيع والطبع ص (174):

(ما تقول للكاتب تُحلِّق برأسه الفكرةُ بعد انقطاع دام شهورًا؛ فيفرح بها فرحة العاثر على ضالَّته، الظافر بما تمنَّى، يلتمِس قلمًا وورقة لكنه لا يَجد؛ يَنطلِق مُسرِعًا إلى الدار يأخُذ وضْعَ الكاتب الفَطِن الحاذق حتى يَستلم القلم بين إبهام وسبَّابة ليَرى تلك التي ظفر بها قد فرَّت منه فرارًا، فعاد كما يُقال: بخفَّي حُنين؟!

 

أحدنا ابتسم وقال: حدثَتْ كثيرًا، وما نجوتَ منها - لا أُخفيك سرًّا.

إذًا ماذا تقول؟

أحدنا: هو كاتبٌ أخذَته العزَّة بالفِكرة؛ فظنَّ أنه وحدَه الطارق لها، غير أنها حامَت برؤوس آخَرين، ولكنها ربما تعود له مرة أخرى ساعةَ أن يُعلن على الملأ أنه الفقير إلى ربه، والله المُستعان، وعليه قصد السبيل[3].

 

وهذا ما وصلتُ إليه من فَهم وتفهم أن الفكرة تحتاج إلى التركيز وعدم التشتت، وألا يغترَّ الكاتب أو يظن بنفسه أنه الأسبق وأنه الأكثر غزارة في تَداعي الأفكار، أو أنها تُراوده عن نفسه مُراودة، وهو مَن يُعرض عنها حتى وإن قالت: هيت لك!

 

وهناك إشكالية أخرى في التشتت في أكثرَ من مجال، وهي من عوامل انهيار المبنى الفكري أو تشويه اللبنة الأولى للفكرة الوليدة فتخرج معاقة أدبيًّا؛ فعلى الكاتب أن ينتظر ويتمهل، أم يريد أن يقال حين تقديمه: إليكم الأديب الألمعيَّ الشاعر القاصَّ الناثر... وكل أوسمة الكيانات الأدبية؟!

 

أعني أن تشتت الكاتب بين تلك الأجناس دون تركيز وتعزيز يُعرِّضانه لما لا يُحمد عقباه.

 

فموؤدةٌ هي الفكرة إن لم تجد مَن يرعاها ويسقيها بماء الصبر ورِيِّ المحاياة، ويسدل عليها ظله الثقافي وقت احتدام الشمس ومزاولة السطوع، ويرفعها للنور وقت إطباق الطفل؛ فكم من أفكار عظيمة ورائعة راودت أناسًا كثيرين وجاءتهم حبوًا فما رعَوها حقَّ رعايتها، فأشاحت بوجهها عنهم، وانصرفت لقوم صاروا لها حافظين.

 

وتبقى الإشكالية الأخطر والأصعب وهي مشروعية الفكرة وقَبول المجتمع والشرع لها، فإن كانت الفكرة الناجمة شيطانية أو فيها من شبه التطاول على الثوابت والمعلوم من الدين بالضرورة، أو الذات العلية لله عز وجل، فلتذهَب الفكرةُ أدراجَ الرياح غيرَ مأسوف عليها؛ فالشرع أبقى وأَولى أن يُصان من قلم كل فاجر يبتغي سُمعة وشهرة، وما أكثرَهم في زماننا أولئك المرجفون في العقيدة! والأمثلة كثيرة، على سبيل الذكر رواية "وليمة لأعشاب البحر" لـ (حيدر حيدر)[4].

 

وما نريد تشويه الصفحات بذكرها ولا بذكر أشباهها ولا مثيلاتها في الجَراءة على الله، وعلى الملك كتابها، لكن ما أقوله له: أيها الكاتب المغرور، الذي استهوَتك الأقلام بصرير شياطين الإنس والجن، تذكر يوم تقف أمام ربك، إذا عُرض عليك ما خطَّت يمنيك، وعندها لا يُسأل عن ذنبك المجرمون، وصدق القائل مقالةً تَجري مَجرى الحكمة:

وما من كاتب إلا سيَفنى
ويَبقى الدهرَ ما كتبَت يداهُ
فلا تَكتب بخطك غيرَ شيء
يَسُرك في القيامة أن تراهُ

 

والله المستعان، وعلى الله قصد السبيل!



[1] الفكرة ضالة الكاتب / محمد صادق عبدالعال / تاريخ الإضافة: 18/ 3/ 2014 ميلادية - 16/ 5/ 1435 هجرية.

[2] صيد اليمام / محمد صادق عبدالعال / تاريخ الإضافة: 9/ 9/ 2014 ميلادية - 14/ 11/ 1435 هجرية.

[3] ثلاثية الآحاد الرابعة / محمد صادق عبدالعال / تاريخ الإضافة: 5/ 2/ 2014 ميلادي - 4/ 4/ 1435 هجرية، وأيضًا نشرت بكتاب (وتمرد القلم)الصادر عن دار النيل للطبع والنشر والتوزيع ص 174.

[4] مجلة التوحيد الصادرة عن جماعة أنصار السنة المحمدية / مصر / السنة التاسعة والعشرون / العدد الثالث 1421هجرية - مايو 2000 / ص 24، 25.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة