• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

نيابة الواو عن الفاء

نيابة الواو عن الفاء
د. حجاج أنور عبدالكريم


تاريخ الإضافة: 24/1/2015 ميلادي - 4/4/1436 هجري

الزيارات: 9433

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نيابة الواو عن الفاء

 

من الاستعمالات التي أثبتها بعض النحاة للواو أنها قد تجيء بمعنى الفاء في إفادة التعقيب والتسبب، سواء في الخبر أو الطلب[1]، فإذا قلت: أعطيته وشكر، فإن مثل هذا التركيب يحتمل أن يكون المراد منه هو مجرد الإخبار عما حصل ووقع فقط، ومن ثم تكون حينئذ الواو على بابها وأصلها من الدلالة على مطلق الجمع، كما يحتمل أيضاً أن يكون المراد منه هو الدلالة على التعقيب والتسبب، وعليه تكون الواو فيه نائبة عن الفاء وبمنزلتها.

 

والمتتبع لآيات القرآن الكريم الناظر في أساليبه يجد أن لهذا المسلك في استعمال الواو بمعنى الفاء ونيابتها عنها صدى في كثير من تراكيبه واستعمالاته، سواء بعد الخبر أو الطلب بالاستفهام أو بغيره؛ حيث حمل كثير من النحاة والمفسرين الواو في مواضع كثيرة من القرآن على أنها بمعنى الفاء لسبب من المعنى. فمن وقوعها بهذا المعنى بعد الطلب بالتمني – في رأي بعضهم[2] – قوله تعالى: ﴿ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنعام: 27]، بنصب كل من (نكذب) و(تكون) بأن مضمرة في القراءة المشهورة؛ إذ بقاء الواو على معناها من الجمع والمعية يُدْخِل الأمور الثلاثة في التمني، وهذا ما استبعده بعضهم، لأن التمني يتعلق بالمستحيل وهو الرد والعودة إلى الدنيا، أم اعدم التكذيب والإيمان فليس مما يستحيل ولا يندرج تحت التمني، وإنما كلاهما مترتب أو نتيجة للرد بعد العلم بالحق، ومن ثم فالواو هنا بمنزلة الفاء، كما في قوله تعالى: ﴿ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الزمر: 58]، ومما يؤيد ذلك ويقويه قراءة ابن مسعود وابن أبي إسحاق: "فلا نُكَذب" بالفاء منصوباً في موضع الواو[3].

 

ومن حملها على هذا المعنى أيضاً بعد الطلب بالاستفهام قوله تعالى: ﴿ وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ ﴾ [الأعراف: 127]؛ إذ النصب في المضارع (ويذرك) يتخرج على أحد وجهين؛ أحدهما: أنه منصوب بـ(أن) مضمرة على أنه جواب الاستفهام، وحينئذ تكون الواو – كما يرى بعضهم[4] – نائبة عن الفاء وبمنزلتها، على إرادة التعقيب والتسبب، والثاني: أنه معطوف على (ليفسدوا)، أي ليفسدوا وليذرك. وإذا كان المقصود هو ترتّب ترك موسى لفرعون وآلهته – في ظنهم – على ترك فرعون له، كان الأول أقرب وأرجح.

 

أما وقوعها بمعنى الفاء بعد الخبر، فمنه قوله تعالى: ﴿ وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا ﴾ [البقرة: 35]؛ حيث يرى بعض النحاة والمفسرين أن الواو هنا بمعنى الفاء[5]؛ إذ المعطوف بها هو المتأخر في الزمان، وهو المعنى الكثير الغالب فيها، والدليل على أنها بمعنى الفاء هنا ما جاء في سورة الأعراف من قوله تعالى: ﴿ وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ ﴾ [الأعراف: 19]، مع أن القضية واحدة، وكذلك ما جاء في سورة البقرة بالفاء أيضاً من قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا ﴾ [البقرة: 58].

 

ومنه في الخبر أيضاً قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النمل: 15]، فمن النحاة والبلاغيين من يرى أن الواو في قوله تعالى (وقالا) بمعنى الفاء؛ لأن هذا المقام مقام الفاء، فهو كقولك: أعطيته فشكر، قال الزمخشري: "فإن قلت: أليس هذا موضع الفاء دون الواو، كقولك: أعطيتُه فشكر، ومنعتُه فصبر؟ قلت: بلى، ولكنَّ عَطْفَه بالواو إشعارٌ بأن ما قالاه بعض ما أحدث فيهما إيتاء العلم وشيءٌ من مواجبه، فأضمر ذلك ثم عطف عليه التحميد[6]، فالمعنى إذن على إرادة التعقيب والتسبب، والتقدير: ولقد آتيناهما علماً، فعملا به وعلّماه وعرفا حق النعمة فيه والفضيلة، وقالا الحمد لله. ويؤيد هذا الوجه أن الشكر باللسان إنما يحسن إذا كان مسبوقاً بعمل القلب، وهو العزم على فعل الطاعة، وبعمل الجوارح، وهو الاشتغال بالطاعات[7].

 

نيابة الفاء عن حرفي العطف الواو و(ثم):

من معاني فاء العطف الثابتة لها بأصل الوضع – عند جمهور النحاة – الترتيب والتعقيب والسببية، أما الترتيب والتعقيب فلازمان لا يفارقانها، وأما السببية فغالبة وكثيرة فيها إذا كانت عاطفة للجملة أو المفرد الصفة[8]. والمقصود بالترتيب: تأخر المعطوف عن المعطوف عليه، سواء في المعنى والزمن أو في اللفظ والذكر، فالترتيب نوعان معنوي وذكري. أما التعقيب فالمراد به: وقوع المعطوف بعد المعطوف عليه باتصال وبلا مهلة، وهو في كل شيء – كما يقول النحاة – بحسبه. وأما السببية فمعناها: أن يكون المعطوف سبباً في المعطوف عليه، ولهذا المعنى استعيرت للربط في جواب الشرط. هذا هو المطرد الشائع في استعمال الفاء عند عامة النحاة واللغويين، بيد أن من النحاة والمفسرين من نسب إليها – كما سيأتي – معاني أخرى ليست لها في الأصل، وإنما تجيء فيها نائبة عن غيرها من حروف العطف، وكان من أشهر ما قيل أنها تنوب عنه حرفان: الواو، و(ثم)، وهذا ما نتناوله بالدراسة والمناقشة لبيان ما له من صدى في ضوء النص القرآني.



[1] انظر: اللباب في علوم الكتاب 11/ 347، وروح المعاني للألوسي 13/ 194.

[2] انظر: التحرير والتنوير 21/ 261 – 262.

[3] انظر: المقتضب للمبرد 2/ 25، ومعجم قواعد العربية (معجم النحو)، للشيخ عبد الغني الدقر، إشراف أحمد عبيد، مؤسسة الرسالة – بيروت، ط 3 – 1986م، باب الواو.

[4] انظر: مفاتيح الغيب للرازي 12/ 159، واللباب في علوم الكتاب 8/ 93 – 94، والبحر المحيط 4/ 106، وروح المعاني للألوسي 7/ 128 – 129.

[5] انظر: البحر المحيط 4/ 106.

[6] انظر: الجامع لأحكام القرآن 7/ 261.

[7] انظر: البحر المحيط 1/ 383.

[8] الكشاف للزمخشري 3/ 357.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة