• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

عربيتنا السمحة.. ونحوُ الفتنة

أ. د. محمد حسان الطيان


تاريخ الإضافة: 3/11/2009 ميلادي - 15/11/1430 هجري

الزيارات: 10279

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
عندما نشرتُ مقالي "نحو الفطرة ونحو الفطنة"، قال لي شيخ من شيوخ العربية الكبار: ولِمَ لم تضف إليهما "نحو الفتنة"؟ هذا الذي فَتَنَ الناس عن العربية، وأبعَدَهم عنها، ونفَّرهم منها بكثرة تعقيداته، وضيق نظرة أصحابه؛ بل أحادية نظرتهم، وقلة اطِّلاعهم على تعدُّد الآراء، واختلاف المدارس، وتنوع المذاهب والمشارب.
 
فمن ذلك منعُهم الفصلَ بين المضاف والمضاف إليه في نحو قولهم: تحقيق ودراسة فلانٍ، وتربية وتعليم الأولاد، مع أنه وارد في كلام العرب، وفي قراءة ابن عامر، وهو أحد القراء السبعة المشهورين، وقد أجازه رهطٌ من أهل النحو واللغة والبصر في العربية كالفرَّاء، وهو من أعظم علماء النحو الكوفيين، وابن جني في "الخصائص" (2/407 - 409)، والفيومي في "المصباح المنير" (ضيف ص 367).
 
قال ابن جني: "وحكى الفرَّاء عنهم: برئت إليك من خمسة وعشري النخَّاسين، وحكى أيضًا: قطع الله الغداة يدَ ورجلَ مَن قاله، ومنه قولهم: هو خير وأفضل مَنْ ثَمَّ، وقوله:
يَا مَنْ رَأَى عَارِضًا أَرِقْتُ لَهُ        بَيْنَ ذِرَاعَيْ  وَجَبْهَةِ  الأَسَدِ
ثم شرح ابن جني علةَ الجر والعامل فيه، لينتهي إلى القول: "والفصل بين المضاف والمضاف إليه كثير، وفيما أوردناه منه كافٍ - بإذن الله".
 
ومن ذلك - والأمثلة كثيرة - منعهم تعديةَ الفعل (وَصَلَ) بنفسه، وقصرهم هذه التعدية على الحرف (إلى)، مع أن هذا الفعل يتعدى بنفسه وبإلى، كما جاء في "القاموس المحيط" للفيروزآبادي: "وصل الشيءَ، وإليهِ وصولاً ووُصلةً وصِْلَةً: بلغَهُ وانتهى إليه"، وكذلك منعهم تعدية الفعل (نبَّه) بإلى، مع أنه يتعدى باللام وإلى وعلى.
 
ومن ذلك منعهم النسبة إلى الجمع، مع أن ذلك كثيرٌ وارد في كلام العرب، كقولهم: الأنصاري، والأخباري، والمدائني، والثعالبي، والملوكي، والعشائري، والجواهري... وما إلى ذلك.
 
ومن ذلك تخطئتهم المذيعين والإعلاميين في مثل قولهم: "هذا وقد أكدت المصادر صدق الخبر"، مع أن الله - سبحانه - يقول: {هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ} [ص: 55]، وكفى بكلام الله دليلاً وشاهدًا.
 
ولو شئت أن أمضي في تتبع الأمثلة لمضيت، ولكنها - والحق يقال - أكثر من أن يحيط بها مقالٌ؛ بل كتاب، فقد أولع بها بعضُ النقاد، وجعلوا يتكثرون منها، ويتزيدون فيها، مما جعل واحدًا من أرباب اللغة والفقه بالعربية - وهو الأستاذ صلاح الدين الزعبلاوي، رحمه الله - يقول: "لا يزال النقَّاد يعيبون كثيرًا من الكلام الصحيح بغير دليل، وفي ذلك مجلبةٌ لارتياب الكتَّاب وتردُّدهم، واختلاط الأمر عليهم، لا يدرون أي قول يأخذون".
 
ويقول أيضًا: "لا يحسن بالناقد أن يقتصر في التخطئة والتصويب على اعتماد نصوص المعاجم؛ بل ينبغي أن يأخذ بنصيبٍ مما جاء في كتب اللغة والتفسير والأدب، وحظٍّ مما جاء في دواوين الشعر وصحف الرسائل ومصنفات القوم؛ إذ لا وجهَ لجمود المعنى في اللفظ، كما يبدو ذلك حينًا في كثير من النصوص المعجميَّة، ومن ثَمَّ كان تعويل كثير من المحدَثين على ظاهر النص، والاستغناء به عن سواه، مخالفًا لأصول ارتقاء اللغة، وتحوُّل معانيها، وتدرُّج دلالاتها، واختلاف طرائق تعبيرها بتحوُّل العصور، وتعاقب الأجيال".
 
ولا ريب عندي أن سَعة علم الأستاذ الزعبلاوي، وتنوُّع موارده ومصادره، أتاح له متَّسعًا من القول، فصدقتْ فيه المقولة المأثورة: "من يعلم كثيرًا، يغفر كثيرًا"، وصدقت في أولئك المحجِّرين غير المتمكِّنين مقولة أبي نواس:
فَقُلْ لِمَنْ يَدَّعَي فِي العِلْمِ مَعْرِفَة ً        عَرَفْتَ شَيْئًا وَغَابَتْ عَنْكَ أَشْيَاءُ
ولو أنهم إذ قصروا اطِّلاعهم على بعض الكتب، ردُّوا الأمر لمن فاقهم علمًا واطلاعًا، لكان للعربية وأهلها في ذلك غَناء وسعة، ولما حكم على كثيرٍ من وجوه العربية المرجوحة بالخطأ، ورحم الله ابنَ جني إذ يقول: "وليس ينبغي أن يطلق على شيءٍ له وجهٌ من العربية قائم، وإن كان غيره أقوى منه - أنه غلط".
 
لقد آن لنا أن نصطنع التيسير منهجًا في حياتنا اللغوية، وآن لنا أن ندفع عن لغتنا ما علق بها من أسباب التعسير والحرج والتعقيد، فلم يَعُدْ من الوفاء باللغة والبِر بها التعجلُ بتخطئة ما كان مرجوحًا من وجوهها، بحجة وجود الراجح والأفصح، أو بحجة التمسُّك بقول عالم من علماء اللغة، وإغفال أقوال آخرين.
 
وإذا كان ربنا - جل وعلا - يقول في كتابه الكريم: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، فأحْرِ باللغة أن ينتفي عنها الحرج، وإذا كان في اختلاف الفقهاء رحمةٌ وتيسير، فأولى باختلاف اللغويين والنحاة أن ينجم عنه التيسيرُ والتوسيع على الناس في أمر لغتهم، وإذا كان رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - لم يُخيَّر بين أمرين إلا اختار أيسرَهما، فأحرِ بنا وبلغتنا أن تتَّسع لهذا اليسر، ولا تضيق ذرعًا بالوجوه المقبولة، وإن كان غيرها أفصح منها وأعلى في ميزان العربية، وإذا كان جوابَ رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - عن كل سؤال سُئله في الحج قولُه: ((افعل ولا حرج))، فليكن جوابنا: "قل ولا حرج"، بدلاً من قولنا: "قل ولا تقل" عن كل ما يحتمل الصحة، ويجيزه بعض النحاة أو بعض المدارس النحوية.
 
ألم يقل رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -: ((إن هذا الدين يسرٌ، ولن يشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غلبه، يسِّروا ولا تعسّروا، وبشِّروا ولا تنفروا))، أليست العربية هي لغةَ القرآن؟! أوَليست العربية من هذا الدين؟! فلِمَ ننفِّر منها؟! ولِمَ نعسِّر أمرها؟!
 
فلنأخذ الأمر على سبيل الجد، وليسعنا ما وسع من كان قبلنا؛ بل ليسعنا ما وسع المجامع من حولنا، ولنستمع إلى عضو من أعضاء مجامع اللغة العربية الذائدين عن اللغة، والفاحصين عن أمرها، والمنافحين في سبيل رفعتها وعلو شأنها، وهو أ.د. محمد شوقي أمين يقول: "إذ لم يعد من البر باللغة الاستمساكُ بأقوالِ من حجَّروا واسعًا من الضوابط، بصريين أو غير بصريين؛ بل اتجه الرأي المستنير إلى مطاوعة الحاجة، وإيثار التيسير، أخذًا بقول وإن كان مرجوحًا، وليكن النحو (بصرفيًّا)، ومزاجًا من نحو البصرة والكوفة، فإن لم يكن عند أحدهما أو كليهما ما يطاوع ضرورة الاستعمال وغرض التيسير، ففي السنة اللغوية – أعني: ما سمع عن العرب الخاص وإن قل - ما يرفع العائق، ويعطي الرخصة، ويعجل الجواز".
 
ثم يختم بالقول: "على هذا الطريق (البصرفي) غير المتزمت في الوقوف عند مذهب الالتزام بحكم مضى عليه المجمع في مراجعة أقيسة اللغة، وأوضاعها، وضوابطها، يدرس في روية، ويفصل عن بينة، ويلائم بين الحفاظ على أصول منعقدة، وضرورات للاستعمال حاتمة؛ حتى تساير اللغة حياة أهلها في تجددها الموصول، وقد أخرج العشرات بعد العشرات من القرارات في التوسع والتيسير، واستعان بها في صوغ ما يراد صوغه من المصطلحات والمواصفات، وإجازة ما جرت به الأقلام من الكلمات والعبارات"[1]  .
 
 
 
 
 
ـــــــــــــــ
[1] "اللغة العربية وكيف ننهض بها نطقًا وكتابة"، د. أسامة الألفي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2004.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
3- ...هذي أوائله
أحمد الطرشان الشيخ - سوريا 11-11-2009 06:49 AM
سعدت والله بقراءة هذا المقال، لانفتاحه وتيسيره مع تمسكه وأصالته، ولاستمتاعي بلغة الكاتب، الأستاذ الدكتور (الأديب) أبي عمار، بارك الله فيك ولا حرمنا من فيوضاتك، ولا شك عندي في أن أمثال هذه المقالات من مقالاتك هي أوائل ما سيصدر عنكم بإذن الله.
2- بين معترضتين
وائل الشامي - kuwait 07-11-2009 09:38 PM
لا فض فوك أبا حسان...وأظنك لا تخالفني إن قلت لا بأس بل يحسن أن ينبه إلى الوجه الأقوى والأكثر فصاحة -إن كان الأمر كذلك- لتكريسه وانتشاره على ما هو أقل منه..
شكر الله لجهدك وجعله في خالص عملك ...
1- جميل
أبو مالك - السعودية 06-11-2009 03:58 PM
كلام جميل ..
الاتباع والبعد عن الابتداع امر مطلوب حتى في اللغة .. لكن إن كان له وجه من الوجوه ، ووردت عليه القراءات ، ونقل عن أحد أساطين العربية ، فلا يسعنا إلا القبول والرضا بما جاؤوا .
مقال يدعو إلى الوسطية في التخطئة والتصويب . بورك في الكاتب .
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة